DELMON POST LOGO

علي العرادي في ندوة جمعية الاداريين : استطاعت البحرين توفير بيئة تشريعية ملائمة ومنظومة متكاملة لتقدم المرأة ومشاركتها سياسياً

مبادئ العدل والمساواة والتمكين الاقتصادي للمرأة في البحرين انعكست على التشريعات الأخرى كقانون العمل في القطاع الأهلي

قدم عضو مجلس الشورى علي عبد الله العرادي ورقة عمل بعنوان " موقع المرأة في مملكة البحرين من التنمية الشاملة تشريعيا وسياسيا"والتي نظمتها جمعية الإداريين البحرينية مؤخرا بقاعة صفية كانو ، ولاهمية الورقة دلمون بوست تنشرها " :

إن الإنجازات المتعددة والرائدة التي حققتها المرأة البحرينية في شتى المجالات تعد ثمرة للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه،  والذي بدأ بتمكين المرأة البحرينية سياسياً ومنحها حقوقها الكاملة بموجب ميثاق العمل الوطني الذي تم إطلاقه في عام 2001م، إذ كان للمرأة البحرينية دور فاعل في مناقشة وإقرار مسودة الميثاق من خلال مشاركة 6 سيدات في اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع الميثاق، أي حوالي 13% من مجموع أعضاء اللجنة، كما بلغت نسبة مشاركة المرأة في التصويت على الميثاق 49% من إجمالي المشاركين مما يؤكد دور المرأة وتفاعلها الإيجابي مع المرحلة الجديدة التي شكّلت مسيرة التحديث السياسي للدولة.

كما جاءت التعديلات الدستورية عام 2002 لتؤكد مشروعية حقوق المرأة البحرينية، فأقرت نصوصاً تبين تمتع المواطنين بحق المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة، وكفلت حماية الأمومة والأسرة، وأفردت بنوداً تنص على التزام الدولة بكفالة حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل في مختلف الميادين، فضلاً عن إقرار حق المشاركة السياسية من خلال ما تضمنته الفقرة (هـ) من المادة (1) من الدستور التي نصت على أن "للمواطنين، رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح، وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون. ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح إلا وفقاً للقانون."

وعليه فإن ذلك اوجب التزام على السلطة التشريعية عند سن القوانين بمراعاة اعمال هذه المبادئ والنصوص الدستورية، فلا يصدر أي قانون يخالف أي من الحقوق التي كفلها الدستور للمرأة وإلا كان معيباً لمخالفته الدستور وقابلاً للإبطال بعد إحالته إلى المحكمة الدستورية.

بعد ذلك تم تأسيس المجلس الأعلى للمرأة عام 2001م ليشكل علامة فارقة ونقلة حضارية متميزة في تاريخ ومسيرة دعم وتمكين المرأة البحرينية، ليكون الصوت المعبر الذي تستطيع من خلاله المساهمة في النهضة الوطنية الشاملة وترسيخ منجزاتها باعتبارها شريكاً فاعلاً في المجتمع، إذ ساهم في تحقيق نقلة نوعية على كافة المستويات، وبالأخص تعزيز دورها في صنع القرار، فأصبحت المرأة البحرينية اليوم مثالاً رائداً لنتاج تمكين المرأة وتقدمها.

برنامج عمل الحكومة للأعوام 2023-2026 وضع ضمن اهدافه تعزيز تقدم المرأة البحرينية وإسهاماتها في الحياة العامة والاقتصاد الوطني كأحد أهدافه الاساسية، وعلى سبيل الخصوص مواصلة الجهود الوطنية الموجهة لتعزيز مشاركة المرأة البحرينية في التنمية الوطنية من خلال تفعيل وتطوير سياسات ومبادرات النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين.

على المستوى التشريعي، فقد كفل المشرع البحريني حماية وتعزيز حقوق المرأة من خلال إصدار العديد من القوانين الداعمة للمرأة، منها على سبيل المثال ما يأتي:

- القانون رقم (19) لسنة 2017 بإصدار قانون الأسرة.

- القانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري.

- القانون رقم (35) لسنة 2009 بشأن معاملة زوجة البحريني غير البحرينية وأبناء البحرينية المتزوجة من غير بحريني معاملة البحريني في بعض الرسوم المقرَّرة على الخِدْمات الحكومية.

- تعديل القانون رقم (18) لسنة 2006 بشأن الضمان الاجتماعي، بما يضمن مساواة أبناء البحرينية المتزوجة بأجنبي مع البحرينيين في المساعدات الاجتماعية.

- القانون رقم (34) لسنة 2005 بإنشاء صندوق النفقة، وتعديله بموجب القانون رقم (33) لسنة 2009 بما يضمن انتفاع أبناء المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي من الخدمات التي يقدمها صندوق النفقة شريطة إقامتهم في مملكة البحرين.

- القانون رقم (21) لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (11) لسنة 1975 بشأن جوازات السفر، والتي ألغت شرط الحصول على موافقة الزوج لاستخراج جواز سفر الزوجة، أي يسمح للمرأة المتزوجة بطلب جواز سفر دون الحاجة إلى إذن من زوجها.

- القانون رقم (11) لسنة 2004 بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين.

- بالإضافة إلى التزام مملكة البحرين بالعديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، كالمرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتعديلاته، والمرسوم رقم (11) لسنة 2000 بالتصديق على اتفاقية العمل الدولية رقم (11) لسنة 1985 الخاصة بالتمييز في الاستخدام والمهنة.

- أن مبادئ العدل والمساواة والتمكين الاقتصادي انعكست على التشريعات الأخرى كقانون العمل في القطاع الأهلي والذي نص في المادة (29) منه على أنه "تسري على النساء العاملات كافة الأحكام التي تنظم تشغيل العمال دون تمييز بينهم متى تماثلت أوضاع عملهم." والمادة (39) "يحظر التمييز في الأجور لمجرد اختلاف الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. ويُحظَر التمييز في الأجور بين العُمال والعَاملات في العمل ذي القيمة المتساوية".كما ساهمت الأنظمة والقرارات أيضاً في تعزيز موقع المرأة في التنمية الشاملة من خلال إلزامية إنشاء لجان تكافؤ الفرص والذي أدى لإنشاء أكثر من 100 لجنة للتوازن بين الجنسين في القطاعين العام والخاص، بالإضافة لتبني الموازنة العامة لمنهجية "إدماج احتياجات المرأة لضمان عدالة إتاحة الموارد، والتمكّن من قياس العائد من الاستثمار في المرأة لرفع مساهمتها في الناتج القومي، والتقليل من اعتمادها على خدمات الدولة."، فضلاً عن القرارات التي استهدفت مساواة المرأة والرجل في العلاوة عند الزواج، ومعاملة المرأة الدبلوماسية معاملة الرجل الدبلوماسي فيما يتعلق بالبدلات والعلاوات، وتطوير معايير انتفاع الفئة الخامسة من الخدمات الإسكانية وغيرها من القرارات.

كيف يمكن النهوض بهذا المستوى لتتمكن المرأة من ممارسة دورها السياسي والتشريعي بعمق أكبر؟

إن الدعم المستمر الذي تحظى به المرأة البحرينية ساهم في تقدمها لنصل إلى مرحلة نؤكد من خلالها أن مملكة البحرين تجاوزت مراحل "تمكين" المرأة وانتقلت إلى مرحلة أكثر تقدماً، حيث نستشهد بما ورد في الخطاب الملكي السامي لجلالة الملك المعظم في افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الخامس بأننا "متجاوزين (بذلك) مرحلة التمكين والدعم والمطالبة بالحقوق، إلى مرحلة نشهد فيها حضوراً متقدماً ومسئولاً للمرأة البحرينية، تتمتع فيها بحقوقها الإنسانية كاملة وتعمل مع أخيها الرجل على قاعدة من الشراكة المتوازنة في البناء التنموي".

كما يؤكد ذلك صدور الأمر الملكي رقم (17) لسنة 2019 والمتضمن استبدال مسمى "جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للمرأة لتمكين المرأة البحرينية" إلى "جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لتقدم المرأة البحرينية".

إن عملية تقدم المرأة في المجالات السياسية والتشريعية لا تقتصر على جهة واحدة، بل تتطلب تعاون مؤسسات الدولة والتي لعبت دوراً بارزاً في نشر الوعي والثقافة السياسية والقانونية، وإدماج احتياجات المرأة عن طريق برامج ومبادرات عديدة لعل أبرزها تدشين المجلس الأعلى للمرأة للدليل الخاص لأعضاء وعضوات البرلمان بهدف دعم دورهم الرقابي والتشريعي للتأكد من حسن سير تطبيق التشريعات والبرامج الوطنية ذات الصلة بموضوعات المرأة بما في ذلك تأكيد وتطوير النموذج البحريني للتوازن بين الجنسين بالإضافة لبرنامج الإرشاد الوطني للمرأة والذي يهدف لدعم المبادرة الحكومية للتوازن المالي، تيسير الانتقال الآمن لريادة الأعمال/للقطاع الخاص، استدامة مساهمة المرأة في الاقتصاد الوطني، التوعية بالخيارات والفرص وتشجيع المشاريع الريادية المبتكرة بالإضافة لدعم المرأة وتهيئتها للدخول في العمل السياسي واستثمار الخبرات المكتسبة لديها للمساهمة تشريعياً وسياسياً وتسليط الضوء على المرأة كقائدة ونشر وتنمية الوعي السياسي لديها.

لابد كذلك من الإشارة الي قيام  المجلس الأعلى للمرأة ومعهد البحرين للتنمية السياسية بدور مهم في هذا الخصوص من خلال تنفيذ برنامج المشاركة السياسية للمرأة الذي يستهدف تدريب المرأة البحرينية وتوعيتها بأهمية وأثر المشاركة في الحياة السياسية بما من شأنه إعداد الكوادر المتخصصة والقادرة على المشاركة في الشأن العام.

ومع ذلك فإن مسيرة تقدم المرأة البحرينية تتطلب المزيد لأننا اكثر طموحاً، مما يتطلب البناء على الإنجازات المتحققة من أجل استدامة النجاحات وتعزيز إسهامات المرأة في المسيرة التنموية، فالتعاون بين مجلسي الشورى والنواب والمجلس الأعلى للمرأة مستمر ودائم، إذ تُعقد الاجتماعات التنسيقية بشكل دوري لمتابعة أولويات القوانين التي تتطلب المراجعة والتعديل لإدماج احتياجات المرأة، ومتابعة تنفيذ القوانين، ورصد أية فجوات تشريعية ذات علاقة مباشرة بالمرأة البحرينية، لذلك فإن أعضاء السلطة التشريعية لن يألوا جهداً في دراسة التشريعات، وتقديم الاقتراحات بقوانين التي تستهدف إنفاذ احتياجات المرأة البحرينية وإزالة أي فجوات، وتفعيل الأدوات والصلاحيات الرقابية في هذا الشأن.

التنمية الشاملة هي عبارة عن عملية مجتمعة تهدف إلى إيجاد مجموعة من التحوّلات الهيكلية وذلك بتوجيه جهود الأفراد الواعية وتسخيرها من خلال تحفيز الطاقة الإنتاجية لديهم، ما واقع ذلك في مجتمعنا البحريني، كيف تسهم التشريعات والقوانين في تحقيق ذلك؟

تُشكل مملكة البحرين نموذجاً تنموياً رائداً على خريطة العالم حيث تمحورت خطتها الوطنية على التنمية الشاملة في جميع المجالات ومنها المجال: التعليمي، الاقتصادي، السياسي، الصحي، الثقافي ومجالات الخدمة المدنية والأمن الوطني والخدمات العامة، كما صدرت الرؤية الاقتصادية 2030 والتي "كرست الاستدامة، والتنافسية، والعدالة، بهدف مضاعفة دخل الأسرة الحقيقي بحلول 2030" وتبنت المملكة العديد من السياسات والاستراتيجيات لتنويع الاقتصاد ورفع المستوى المعيشي للمواطنين وتحقيق التوازن بين النواحي الاقتصادية والاجتماعية.

كما يعد بناء التشريعات هو أحد مقاييس نجاح التنمية، حيث تساهم في تحقيق الأهداف التنموية عبر وضع أسس وقواعد الإجراءات المراد تأديتها لذلك، ودليل على ذلك هو ميثاق العمل الوطني الذي حققت المملكة بموجبه العديد من الإنجازات الديمقراطية والسياسية والاقتصادية بالإضافةالى الدستور والذي أكد مبادئ التنمية الشاملة ونص في الفقرة (أ) من المادة (10) أن: الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه التنمية الاقتصادية وفقا لخطة مرسومة، وتحقيق الرخاء للمواطنين، وذلك كله في حدود القانون."

التنمية الشاملة هي عبارة عن عملية مجتمعة تهدف إلى إيجاد مجموعة من التحوّلات الهيكلية وذلك بتوجيه جهود الأفراد الواعية وتسخيرها من خلال تحفيز الطاقة الإنتاجية لديهم، ما واقع ذلك في مجتمعنا البحريني، كما تلعب التشريعات الوطنية دوراً في تحديد أسس ذلك وفي مواكبة المسيرة التنموية للمملكة في شتى القطاعات والمجالات، حيث تساهم في تحقيق الإصلاح الجذري المنشود والتطلعات التنموية المُبتغاة.  

فعلى سبيل المثال، تحفز بعض التشريعات الاقتصاد الوطني كالقوانين المنظمة للقطاع العقاري والخاصة بحفظ حقوق المستثمر، كما يعمل بعضها على تنشيط المجال التجاري في المملكة وذلك من خلال إصدار التشريعات الخاصة بالسجلات التجارية ومزاولة الأنشطة التجارية مما يجعل المملكة بيئة جاذبة للاستثمارات.

وتعمل بعض التشريعات على إنعاش السياحة من خلال تنظيمها وتحقيق الأمن والأمان وحماية الحقوق في البلد حيث تتعلق بمكافحة الإرهاب، ووضع العقوبات. وتتعلق بعض التشريعات بتحسين المستوى المعيشي للمواطن كقوانين الضمان الاجتماعي والقوانين التأمينية والتقاعدية بشتى أنواعها. أما على النطاقين الصحي والتعليمي وبالنسبة للموارد البشرية، فإن بعض القوانين تنظم تلك المجالات بما يكفل تحقيق الأهداف المرجوة منها.

ما هي المستجدات في المجال التشريعي والسياسي ؟

استطاعت مملكة البحرين أن توفر بيئة تشريعية ملائمة ومنظومة متكاملة لتقدم المرأة ومشاركتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على قدم من المساواة مع نظيرها الرجل وبتكافؤ الفرص بينهما، وعلى الرغم من ذلك، فإن السلطة التشريعية في دراسة مستمرة للقوانين النافذة واحتياجات كافة فئات المجتمع بهدف التطوير المستمر للمنظومة التشريعية.

ونلحظ نتيجة ذلك بتمثيل النساء نسبة 23% من أعضاء السلطة التشريعية بمجلسيها الشورى والنواب في الفصل التشريعي السادس، ونسبة 22% من المناصب الوزارية بالإضافة لتمثيلها 43% من القوى العاملة الوطنية بواقع 56% في القطاع الحكومي و35% في القطاع الخاص و44% من رواد الأعمال و17% من مجالس إدارة الشركات في القطاع الخاص.