DELMON POST LOGO

حرب الاباده الصهيونيه على غزه تقويض للشرعيه الدوليه

بقلم : عبد النبي العكري

في يوم الجمعه 3-11-2023 أي بعد 28 يوما من حرب الاباده الصهيونيه للشعب الفلسطيني في غزه وعملياتها العسكريه في باقي فلسطين المحتله,قامت القوات الصهيونيه بارتكاب جرائم حرب لاسابق لها و بتنفيذ تهديداتها باستهداف المستشفيات والاسعاف الطبي وقصفت مدخل  مستشفى الشفاء المزدحم بالجرحى وسيارات واطقم الإسعاف وكذلك محيط المستشفى الإندونيسي في قطاع غزه الذي اضحى حقل رمايه للقوات الصهيونيه.وفي ذات اليوم قامت بقصف مئات النازحين الراجلين على طريق غزه البحري في طريقهم لجنوب القطاع بعد ان نصحتهم بذلك من خلال المناشير الملقاه.وتتويجا للمجازر فقد قصفت المقاتلات الاسرائيليه مدرسه اسامه بن زيد والتي لجأ لها الالاف من اللاجئين  في بدايه الليل حيث يتواجد اكبرعدد منهم استعدادا  للنوم. وفي جميع هذه المجازرتحولت جثث المئات من الضحايا الى أشلاء.

وتتزامن هذه  الجرائم البشعه والتي لاسابق لها في تاريخ الحروب مع زياره وزير الخارجيه الأميركي انتوني بلنكن الثالثه للكيان الصهيوني ,حيث اجتمع مع حكومه الحرب المصغره برئاسة نتنياهو وصرح قائلا "لقد اجتمعت مع القياده الاسرائيليه اليوم  وان لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب وضمان عدم حدوثه مره أخرى ,وقد ناقشنا الخطوات التي يتوجب اتخاذها لحمايه المدنيين" .ومعنى ذلك ان الولايات المتحده والتي هي شريك إسرائيل في هذه الحرب ,مسؤؤله عن هذه الجرائم وهي جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيه . فما هي طبيعه الحرب الصهيونيه الحاليه على غزه وعمليتها القمعيه في باقي فلسطين المحتله من وجهه الشرعيه الدوليه

تعطيل الشرعيه الدوليه ..

هناك مواقف ذي دلاله خلال الحرب الصهيونيه الحاليه التي بدات في 7-10-2023 .عمدت أمريكا وحلفائها الى تعطيل انعقاد مجلس الامن لاطول فتره ممكنه  .وعندما انعقد المجلس قدمت البرازيل مشروع قرار يدين فيه الانتهاكات ضد المدنيين والالتزام بوقف لاطلاق النار, وتنهي الحصار وتوقف الحرب وتتيح اغاثه الضحايا في غزه .لكن حلفاء الكيان الصهيوني ,الأعضاء الدائمين , الولايات المتحده والمملكه المتحده وفرنسا(المتمتعين بحق النقض) واخرين مثل اليابان عارضوا المشروع واسقطوه  .وتكرر ذات الشيء مع مشروع القرار الروسي حيث جرى اسقاطه لاحقا.

في هذه الجلسه تحدث الأمين العام للأمم المتحده انتونيو جوتيرش" فادان عمليه حماس ضد المستعمرات المحيطه بغزه والتي تسببت بسقوط ضحايا بينهم مدنيون ", لكنه  دعى الى" وضع هذه العمليه في سياقها التاريخي المتمثل بالحصار الإسرائيلي على قطاع غزه طوال 16 عاما ,وفشل المجتمع الدولي في وضع حد لمعاناه الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي طوال 56 عاما , ودعى الى تنفيذ قرارات الشرعيه الدوليه المتعلقه بالقضيه الفلسطينه ".

.وما حدث للأمين العام معروف ولاسابق له في تاريخ الأمم المتحده اذ طالبت إسرائيل باعتذاره علنيا او الاستقاله,وبعدها عمدت الدول الغربيه الكبرى الى تهميشه في هذه الازمه.

اثر فشل مجلس الامن قام الأردن برئاسه مجموعه من الدول بالدعوه لاجتماع الجمعيه العامه للأمم المتحده لمناقشه الازمه وأصدرت قرارها بالدعوه لايقاف الحرب وانفاذ فوري لوقف اطلاق النار وفتح ممرات للاغاثه .ورغم عدم ادانته للمعتدي الصهيوني , الا ان 14 من الدول الغربيه عارضته,فيما امتنعت 55 دوله من اتباع الغرب عن التصويت وفاز القرار باغلبيه 112 من الدول . ومره أخرى رفض الكيان الصهيوني وحلفاؤه الغربيين القرار, في احتقار واضح للشرعيه الدوليه, واستمرارلسياسه الكيان الصهيوني مدعوما بالغرب في رفض قرارات الشرعيه الدوليه منذ قيام الكيان في 14 -5-1948 حتى اليوم.

لكن الولايات المتحده لم تكتف بذلك بل عمدت الى محاوله إضفاء الشرعيه الدوليه على حرب الاباده الصهيونيه فدعت الى اجتماع لمجلس الامن  حيث طرحت مشروع قرار" يدين حماس لماتعتبره غزوا لإسرائيل ,وتفعيل القانون الدولي الإنساني بالقيام بهدنه انسانيه محدوده لاعمال الاغاثه في غزه ",ولكن دون المطالبه بوقف للحرب ووقف لاطلاق النار, مما يعني تبن كامل للموقف الإسرائيلي.هذا على الرغم من الشهادات التي تقدم بها ممثلوا منظمات وكالات الأمم المتحده العامله في غزه مثل الاونوروا واليونسف والمهام الانسانيه واليونسكو ومنظمه الصحه العالميه وغيرها والذين اوضحواحجم وابعاد الكارثه التي حلت بالشعب الفلسطيني في غزه من قبل الحرب الصهيونيه والخسائر الجسيمه التي لحقت به في الأرواح والمباني والتحهيزات والامدادات وما لحق بهذه الوكالات والمنظمات من استهداف للارواح والتجهيزات وانتهاك لحصانتها ".وقد استخدمت كلا من روسيا والصين حق النفض لاسقاط المشروع الأمريكي والذي عارضه غالبيه أعضاء مجلس الامن .

لكن الخطوره تتمثل في إصرار أمريكا وحلفائها في تعطيل دور مجلس الامن في صيانه السلم والامن الدوليين,وذلك بإيقاف الحرب الاسرائيليه ,حرب الاباده على غزه وترك الشعب  الفلسطيني دون حمايه في مواجهه الغول الإسرائيلي الذي يحضى بدعم كامل من قبل أمريكا وحلفائها . وكذلك تعطيل موسسات الأمم المتحدة المعنيه الأخرى مثل مجلس حقوق الانسان والمفوضيه الساميه لحقوق الانسان والامانه العامه والأمين العام للأمم المتحده في القيام بدورها تجاه الشعب الفلسطيني في غزه والأراضي المحتله مما يشكل تقويضا للشرعيه الدوليه والنظام الدولي .

كما ان الكيان الصهيوني يتعمد شل بل تدمير وكالات الأمم المتحده والمنظمات الدولية مثل الاونروا المعنيه بتقديم خدمات التعليم والتطبيب والاغاثه  للاجئين الفلسطينين في غزه وهم 70% تقريبا من سكانها  من خلال استهداف عامليها ومقراتها وبنيتها ووقف امداداتها ,وهذا الاستهداف والاجرءات طال أيضا مكاتب وخدمات الوكالات والمنظمات الأخرى مثل  اليونسف واليونسكو والصحه العالميه والمساعدات الانسانيه والصليب الأحمر .

من الواضح ان الحرب الاسرائيليه على غزه لاسابق لها كحرب اباده  بكل معنى الكلمه,حيث تستهدف  قطاع غزه ذا المساحه 370 كلم 2 فقط يسكنه 2.3 مليون انسان حيث عمدت إسرائيل الى بناء جدار عازل ونظام انذار متطور  حوله , وفرضت حصارا محكما على القطاع .وعندما بدأت الحرب عمدت الى قطع الماء والكهرباء والادويه والغذاء والوقود ,في حين ان القطاع يعتمد كليه على امدادات ذلك من الخارج.وبعدها شنت إسرائيل حربها جوا وبرا وبحرا على كل ماهو قائم على الأرض ومستهدفا جميع السكان بلا تمييز استنادا الى منطق ان السكان يحتضنون حماس او ان مقاتلي حماس موجودون في الأماكن المستهدفه او ان انفاق حماس موجوده تحت الأهداف المستهدفه , بمعنى ان كل شعب غزه وبنيه غزه مستهدفه .

حجم الخسائر والدمار مخيف حيث انه حتى تاريخ 31-10-2023 فقد تجاوز القتلى 10الاف والمفقودين 2 الف والجرحى 20 الف وتم تدمير اكثر من 50% من المباني والبنيه التحتيه والأرقام في تزايد مخيف في كارثه لاسابق لها في تاريخ الحروب.

من الواضح ان هدف الحرب ألاسرائيليه هو تصفيه المقاومه وتدمير غزه تماما والحاق اكبر قدر من الاباده بشعبها واجبار من تبقى منهم على النزوح الى سيناء مصر .ومن الواضح أيضا ان الغرب بقياده أمريكا مشارك وداعم لإسرائيل في هذا المخطط ,فالى جانب المشاركه العسكريه الفعليه والدعم السياسي , فان موقفه هو  انفراد إسرائيل بحربها في غزه ومنع إيقاف اطلاق النار ,ومنع امتدادها إقليميا لنصره المقاومه بالاستعداد للتدخل عسكريا .

ان ماتقوم به إسرائيل لاسابق له في الحروب لكن ذلك يحضى بدعم الغرب وتبريره.وبالمقابل فان هذه الحرب العدوانيه الصهيونيه والدعم الغربي يتم في ظل تخاذل عربي رهيب  ولم يترتب عليه حتى التراجع عن التطبيع مع الكيان الصهيوني او المس بالمصالح الغربيه ومرتكزاتها العسكريه والامنيه والاقتصاديه في بلداننا ولا حتى استدعاء السفراء العرب لدى الكيان الغاصب وابعاد سفرائه في البلدان المطبعه.العكس هو الصحيح فالعلاقات المتشعبه مع الكيان الغاصب وحلفاؤه الغربيين لم تمس,ووزير خارجيه أمريكا بلنكن يجول ويستقبل في البلاد العربيه اثر كل زياره للكيان المحتل في تفهم للدور الأمريكي في دعم العدو الصهيوني.