DELMON POST LOGO

حرب غزه وتقويض دور منظمات الأمم المتحده(1-2)

عبدالنبي العكري

ترتب على نكبه فلسطين في 1948,نزوح مايقارب 750 الف فلسطيني, أي  نصف سكانها حينئذ الى البلدان المجاوره لفلسطين أي الأردن و لبنان وسوريا وكذلك النزوح ضمن فلسطين ذاتها وخصوصا الضفه الغربيه وغزه , وتحولهم الى لاجئين.

وبالطبع فان هؤلاء اللاجئين بحاجه ماسه للاغاثه والمساعدات وبناء حياتهم من جديد بعد ان فقدوا كل شيئ من أسباب الحياه واضحوا من سكنه الخيام.

ورغم قرار الأمم المتحده رقم 194  بتاريخ11-12- 1948 بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعوده الى ديارهم ,الا ان "إسرائيل "حالت دون ذلك حتى اليوم .

في ضوء لذلك اصدرت الجمعيه  العامه للأمم المتحده قرارها رقم 302 بتاريخ 8 ديسمبر 1949 بتاسيس وكاله الأمم المتحده لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (الاونروا) لتعمل كوكاله متخصصه ومؤقته لاغاثه اللاجئين الفلسطينيين, على ان تجدد ولايتها كل ثلاث سنوات لغايه إيجاد حل عادل للقضيه الفلسطينيه .وتقرر ان يكون مقرها الرئيسي في  فيينا وعمان ولها مكاتب فرعيه في القدس وغزه, ومفوضها العام حاليا السيد فيليب لازاراني ونائبه السيده ليني ساوننرز منذ مارس 2020.

بالطبع فقد تعطل الحل العادل, واستمر معه اللجؤ من 3 سنوات حتى 75 سنه, وتدفق مزيد من اللاجئين بفعل حروب "إسرائيل " على الفلسطينين ودول الجوار مثل حرب 1956 وحرب 1967 واجتياح لبنان في 1982 ,والحروب المتكرره على غزه ,وسياسه التهويد والاقتلاع في الضفه والقدس المحتله .وتضاعفت اعداد اللاجئين الفلسطينيين لتتجاوز 6 ملايين.

سوف نركز في مقالنا هذا على اللاجئين في غزه وكيف تعامل الكيان الصهيوني في حرب أكتوبر 2023 على غزه مع الاونروا وبقيه المنظمات والوكالات الدوليه التي تقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في غزه.الى جانب الاونروا واهمها الصليب الأحمر الدولي ومكتب الامم المتحده للشؤؤن الانسانيه وبرنامج الأمم المتحده للمستوطنات البشريه وبرنامج الأمم المتحده الإنمائي وبرنامج الغذاء العالمي واليونسكو وهيئات اغاثه خاصه التي سنتناولها في مقال تال.

من المعروف ان وكاله الاونروا والمنظمات الدوليه الأخرى تتمتع  بالحصانه للعاملين فيها ومنشئاتها وممتلكاتها واعمالها بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الانساني,وملزم للدوله التي تقع هذه الوكالات والمنظمات في الأراضي تحت سلطتها.وبالنسبه لحاله غزه فان المسؤليه تقع على الكيان المحتل وسلطه الاداره المحليه للحكومه الفلسطينيه. فكيف تعامل الكيان المحتل معها؟

من المهم التأكيد انه منذ قيام الكيان المحتل فانه لم يحترم اوينفذ أي من قررات الأمم المتحده او يلتزم بالقانون الدولي بكل تفرعاته.

وفي حربه على الشعب الفلسطيني في غزه وحملته على الفلسطينيين في فلسطين المحتله ككل ,فقد انتهك بوحشيه هذه القوانين والقرارات وحصانه هذه  المنظمات وقوض دورها وعملها تماما في سابقه لم تحدث قي سائر الحروب والنزاعات المسلحه المعاصره .

ومنذ  الأيام الأولى للحرب ,واثر كلمه الأمين العام للأمم المتحده انتونيو جوتيرش في مجلس الامن لمناقشه هذه الحرب," بضروره النظر في معاناه الفلسطينيين طوال 56 عاما من الاحتلال والقمع الإسرائيلي وضروره وضع حد لمعاناتهم"  فقد طالبت إسرائيل باستقالته , ومنعته من دخول قطاع غزه عند معبر رفح والغت جميع تاشيرات السفر الى الكيان او فلسطين المحتله بما فيها غزه ومنهم  نائب الأمين العام للشؤن الانسانيه مارتن جريفس والمفوض السامي لحقوق الانسان فولكر تورك.

وفي اخر تصريح له بتاريخ 7-11-2023 حول دور الأمم المتحده في غزه ذكر الأمين العام "ان 93 من موظفي الوكاله قد قتلوا وعبر عن فزعه للكارثه التي حلت بقطاع غزه والذي تحول من اكبر سجن مفتوح في العالم  الى اكبر مقبره مفتوحه في العالم, وطالب بوقف فوري لاطلاق النار,وفتح المعابر الى غزه وتمكين الأمم المتحده وغيرها باعمال الاغاثه وعلاج المصابين"

وبتاريخ 8-11-20234 صرح مفوض وكاله الغوث  فيليبي لازراني لوكاله سويس انفو " إن سكان شمال قطاع غزة يعيشون "جحيما على الأرض".

فقصف الطيران الإسرائيلي مستمر وكل شيء مفقود: الماء والكهرباء والدواء والوقود والطعام. حتى مؤسسات الأونروا، التي يجب أن تكون قادرة على توفير الحماية لهؤلاء الأشخاص، مستهدفة، لقد أصيب أكثر من 50 منشأة وسقط عشرات القتلى والجرحى.

ونحن بحاجه الى وقف  اطلاق نار انساني وفوري"لايزال هناك ما بين 250 ألف و350 ألف شخصا في مدينة غزة، والكثير منهم في مدارس الأونروا"، مشيرا إلى أن هذه المدارس "لم تسلم من هجمات الجيش الإسرائيلي". ففي الأسبوع الماضي، تعرّضت أربع مدارس تابعة للأمم المتحدة تأوي نازحين إلى قصف بالطائرات أسفر عن مقتل 23 شخصا وإصابةالعشرات .

واكد على تقطع الاتصالات مع موظفي الاونروا في قطاع غزه .وتناقص  سريع في مخزون الاونروا من  الاغذيه والادويه".واعلن عزمه بزياره غزه بغضون أيام لاكنه لم يفصح عن عدم قيامه بذلك طوال شهر من الحرب فهل هو ممنوع أيضا بقرار إسرائيلي؟"

وبتاريخ  6-11-2023  اصدر  نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، ورئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، والمديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) كاثرين راسل وآخرون بيانا مشتركا عبروا فيه "عن هول الكارثه التي يشهدها القطاع واسفهم  لمقتل العشرات من موظفي الاونروا  وطالبوا بوقف استهداف المدنيين , ووقف فوري لاطلاق النار , وانهاء الحصار ومباشره اعمال الاغاثه "،وذكرت الأونروا بتاريخ 29-10-2023 أنها فقدت الاتصالات مع معظم موظفيها العاملين في قطاع غزة، نتيجة قطع "إسرائيل" للاتصالات والإنترنت والكهرباء.

ولتبيان اهميه دور الاونروا في غزه وتبعات الحرب عليها نذكر بعض الحقائق.

- يبلغ عدد موظفي الوكاله في غزه مايزيد عل 13 الف موظف وموظفه من مختلف التخصصات الحيويه مثل أصحاب المهن التعليمية والصحيه والتموين والاداره وغيرها.

 - يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في غزه 1.3 مليون حسب سجلات الوكاله وتقدم لمعظمهم خدمات صحيه وتموينيه و تعليميه لابنائهم  وغيرها ويمثل اللاجئون 70% من سكان  غزه

- يوجد  في غزه 8 مخيمات مثل  جباليا  والشاطئ  والنصيرات ودير البلح والمغازي والبريج وخان يونس تتمركز فيها غالبيه منشئات الاونروا وتقديم خدماتها.

- تدير الوكاله 183 مدرسه تشمل المراحل الثلاث الابتدائيه والمتوسطه الثانويه والصتاعيه وبها 278 الف طالب وطالبه

-تققدم الاونروا خدمات الرعايه الصحيه لغالبيه اللاجئين من خلال 22 مركزا صحيا ودعم عدد من المستشفيات في القطاع.

وبسبب الحرب فقد لجا مئات الالاف من اللاجئين وسكان غزه الذين هدمت بيوتهم الى منشئات الاونروا من مدارس ومراكز صحيه واداريه والتي يقع عليها عبئ توفير متطلبات حياتهم من إيواء اطعام وماء ورعايه صحيه

الاعتداءات على الاونروا وتقويض عملها ..

1- طالت إجراءات الحصار الإسرائيلي المحكم من قطع للكهرباء والماء وامدادات الادويه والوقود  والاغذيه والتجهيزات الاونروا كما غيرها ما اعاقها من القيام بمهامها حتى العجز وتحولت لماوى للنازحين,كما انعكس الحصار الإسرائيلي على تراجع سريع في مخزونها من الاغذيه والادويه وغيرها.

2- تجاهل العدو الصهيوني تماما الحصانه التي تتمتع بها منشئات الاونروا وتجهيزاتها من مدارس وعيادات طبيه  ومكاتب ومخازن وسيارات, حيث تعرضت هذه للهجمات والقصف الإسرائيلي حيث استشهد وجرح المئات من اللاجئين الى مدارسها ومن ضمنهم موظفوا الاونروا كما لحق دمار شديد بمدارس  ومكاتب ومنشئات للانروا .

3- تعرضت بعض مخازن  الاونروا للقصف الصهيوني وترتب عليها تدمير لمخزونها من الاغذيه والاجهزه والتجهيزات حيث شعب غزه بامس الحاجه اليها .

4- تعرضت منظومه الاونروا  اللوجستية للإدارة والاتصالات والمواصلات والنقل وغيره للخلل الشديد  بفعل إجراءات الحصار الاسرائيليه الشامله,وحرب الاباده ضد شعب غزه,بما ترتب عليها من من دمار هائل وخسائر بشريه ضخمه ونزوح اكثر من مليون من بيوتهم ومناطق سكناهم  ولجؤ ربع مليون تقريبا الى مدارس الأونروا , الى انهيار الخدمات الاساسيه للانوروا من تعليم وصحه واغاثه , بحيث تحولت الى محاوله  اغاثه اكثر من ربع مليون من اللاجئين في مدارسها .

لقد عكست التغطيات الاعلاميه المباشره الماساه التي تعيشها الاونروا في غزه وترتب عليها مفاقمه ماساه الشعب الفلسطيني في غزه الذي يعتمد على الاونروا للتخفيف من معاناته بسبب الحصار والاعتداءات الإسرائيلية المتكرره.كما ان كبار المسؤؤلين في الاونروا عكسوا هذه الأوضاع  في مقابلاتهم وتصريحاهم الاعلاميه يوميا.

وبالنسبه لمنظمات الأمم المتحده والمنظمات الدوليه الأخرى فقد عانت من الحصار الإسرائيلي الشامل واستهدافها بالاعتدائات الاسرائيليه وانعكاس الحرب على غزه سلبيا على أدائها لمهماتها وهو ماسنتناوله في حلقه أخرى .

المسؤؤليه في تقويض الاونروا ..

من المهم التأكيد ان استهداف منظات الأمم المتحده وخصوصا الاونروا الأكثر التصاقا باللاجئين الفلسطين ,واحباط جهودها وتقويض مهامها في غزه ضمن مهام حرب الاباده على غزه ,لم يكن قرارا  إسرائيليا في خرق فاضح للقانون الدولي فقط ,ولكنه قرار للدول الغربيه الحليفه لها بقياده الولايات المتحده الاميركيه تحت شعار"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها "وهي  بذلك تتحمل ذات المسؤؤليه في خرق القانون الدولي والمشاركه في اباده الشعب الفلسطيني وهدر دمه وانسانيته حيث كان بالأمكان الحد من ذلك لو سمح للانرواء وغيرها  من منظمات الأمم المتحده المعنيه بالقيام بدورها الإنساني والعمل في ظل وقف لاطلاق النار ورفع الحصار والسماح بتدفق الامدادات كما طالب بذلك الأمين العام جوتيرش.

فبالاضافه للدعم المطلق للكيان الصهيوني ,فقد تبنت دول الغرب الموقف الصهيوني بالكامل,فاحبطت وقف اطلاق النار وقيام منظمات الاغاثه الدوليه بواجباتها في مجلس الامن  وتبنت ذات الموقف منفرده ومجتمعه, بالتغاضي بل بالتبرير أحيانا,لانتهاك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحده ,بمنع الاونروا والمنظمات الدوليه الأخرى من القيام بواجباتها,وانتهاك حصانتها,وخرق فاضح للقانون الدولي والإنساني في استهداف المدنيين  ومساكنهم  والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس ,بحجج واهيه ومنها تواجد مقاتلي المقاومه وسط المدنيين وفي الأماكن المدنيه.

ان محصله هذه السياسه كارثيه فقد تجاوزت اكثر من 12 الف شهيد و الاف المفقودين و 30 الف جريح تقريبا وسويت بالأرض مايزيد عن 60% من مباني غزه وبنيتها التحتيه,وما زالت أله الاباده الصهيونيه مستمره بهدف تسويه كل ماهو قائم بالأرض والمضي في الاباده وطرد فلسطيني غزه من وطنهم.

يوما ما ستتم محامه المجرمين الصهاينه المسؤؤلين عن هذه الجرائم امام محكمه العداله الانسانيه , ومعهم أيضا قاده الغرب الذي شاركوا في هذه الجريمه او تواطأو في تنفيذها.