DELMON POST LOGO

الاجتياح  الصهيوني لرفح بضوء امريكي

بقلم :عبد النبي العكري

يبدو واضحا ان قوات الكيان الصهيوني تمهد لاخر اجتياح عسكري لاخر محافظه لقطاع عزه وهي محافظه رفح والتي تضم مدينه رفح في اقصى جنوب القطاع وترتبط برفح المصريه عبر معبر رفح . وقد شهد القطاع عمليات قصف جوي وبري وبحري ترتب عليها تدمير مايزيد عن  85% من المباني من مكاتب وسكن ومدارس ومستشفيات ومساجد وخدمات وغيرها بما في ذلك تلك العائدة للانروا ومؤسسات الأمم المتحده والبنيه التحتيه من شوارع وشبكات الكهرباء والماء والمجاري والاتصالات وغيرها وخسائر بشريه مذهله تجاوزت 100 الف من الشهداء والمفقودين تحت الركام وجرحى ,ممايتسبب في النزوح المستمر باوامر "اسرائيليه " لما يدعى باماكن امنه  ولا مكان امن في غزه .لكن موجات النزوح الكبرى تمت بفعل العمليات البريه "الاسرائيليه "لمنطقه تلو أخرى في قطاع غزه.

جرت موجات  النازحين من اقصى شمالي القطاع  باتجاه الجنوب عبر مختلف مدن ومخيمات وقرى القطاع مثل بيت حانون وجباليا وغزة والزاهرة  والبريج والمغازي ودير البلح وخزاعه والسعديات  وخان يونس تكرارا مع تقدم عمليات الجيش الصهيوني من شماليي القطاع باتجاه الجنوب واحيانا من غرب القطاع الى شرقه ومن فتره لاخرى يامر الجيش الصهيوني مواطني غزه بالرحيل عما يعتبره ارض معركه الى مايدعوه مناطق امنه ,رغم انها غير امنه حتى تكدس مايقارب من  مليوني نازح في خان يونس ورفح .لكن قياده العدو اعتبرت ان خان يونس هي معقل حماس وقواتها ولذلك شنت حمله بريه مدعومه بقصف جوي ومدفعي على خان يونس مما اضطر بعض  سكانه وغالبيه النازحين الى النزوح الى رفح اخر بقعه متاحه من قطاع غزه  اذ ان دونها الجدار العازل مع مصر والقوات المصريه المرابط خلفه.

رفح والاجتياح البري الصهيوني

تبلغ مساحه محافظه رفح 35 كلم 2  وهي اصغر محافظه من حيث المساحه والسكان ( 265 الف) في عام 2022. وفي ظل غياب إحصاءات رسميه والنزوح المستمر فانه يقدر ان عدد النازحين اليها يقدربما يزيد عن 1.2 مليون أي ان مجموع النازحين  وسكان رفح يقدر ب 1.5 مليون . وحيث ان معظم مباني رفح قد دمرت فان غالبيتهم تعيش في خيام بدائيه  من البلاستيك حيثما تتوافر أراض خاليه والبعض يعيش في المباني المهدمه .وبالتالي فان هؤلاء يتكدسون في سابقه تاريخيه لامثيل لها في النزوح اثناء الحروب.

وبالطبع فانه نتيجه حرب الاباده الصهيوينه فقد دمرت كافه المرافق من محطات الكهراء وشبكه المياه والصرف الصحي  وانهيار المنظومه الصحيه والاغاثه في ظل الحصار  على امدادات الغذاء والادويه والوقود والغاز والكهرباء والماء ,فان جموع السكان تعيش في مجاعه حقيقيه وتلجا لاكل علف الحيوانات وشرب المياه الملوثه والتبرز في حفر مستوره مع الافتقار تماما لمياه الاستحمام والغسيل .ومع افتقاد الرعايه الصحيه فقد انتشرت الاوبئه كالملاريا والاسهالات والامراض الجلديه .

ومما يسهم في تفشيها الازدحام الشديد وبروده الشتاء والامطار وافتقاد التدفئه مما يفاقم الامراض التنفسيه والرئويه بل والموت بردا لكثير من الأطفال .من الواضخ ان الوضع كارثي وليس امام هؤلاء النازحين أي افق لخروجهم من هذه المحنه اوالنزوح الى أي مكان اخر يلجأؤؤن اليه .

في ظل هذا الوضع الكارثي تستمر قوات العدو الصهيوني في عمليات القصف الجوي والبري والبحري ومن ذلك عمليه فجر الاثنين 12 فبراير2024 والتي استهدفت اختطاف رهينتين "إسرائيليتين " كانا بحوزة مواطنون .

لكن العمليه لم تقتصر على ذلك بل رافقها وتبعها عمليه قصف رهيبه ترتب عليها تدمير مسجدين وعدة عمارات واستشهاد اكثر من 70 مدني.

وهكذا تستمر عمليات القصف لمدينه رفح والمخيمات وتجمعات النازحين مع استمرار الحصار الشامل.لكن الأخطر هو إصرار حكومه نتياهو المعلن باجتياح محافظه رفح  بريا  مما ينذر  بعمليه اباده لاسابق لها في الحروب المعاصره وما يتجاوز المذابح المرتكبه في سياق حرب الاباده هذه منذ 7 اكتوبر 2023. فما هو تعاطي حلفاء الكيان الصهيوني تجاه هذه المجزره المرتقبه ؟ وما هو موقف الأمم المتحده والمنظومه العربيه والاسلاميه والعالميه ؟

الحصانة الغربيه للكيان المحتل

ترتب على  عمليه الاقتحام الصهيوني لخان يونس نزوح مئات الالاف من النازحين الفلسطينين الى رفح , في حين  افصحت حكومه نتنياهو ان الهدف القادم للعمليه البريه هي محافظه رفح وان تحقيق اهداف الحرب يتطلب انهاء وجود حماس في رفح كاخر ملجأ لها كما يقول قاده العدو و"تحرير " الرهائن "الإسرائيليين" بالقوة  في حين يقتل العديد منهم بفعل القصف الصهيوني .ويضيف نتنياهو ان "إسرائيل" ستبقي احتلالها لغزه وستفرض سيطرتها الامنيه  على قطاع غزه , بل ان سيطرتها الامنيه ستشمل كامل فلسطين المحتله بما في ذلك الضفه الغربيه والقدس ,وانها لن تسمح لادارتها من قبل السلطه الفلسطينيه بل ستعين لادارتها اداره مدنيه فلسطينه تابعه لها . وفي هذا السياق يجري التداول في المفاوضات التي تقودها أمريكا ويشارك فيها الكيان الصهيوني  ودول عربيه توطين فلسطينيي غزه في سيناء المصريه وبلدان عربيه أخرى .ويطرح قياديون صهاينه عوده الاستيطان الصهيوني لقطاع غزة.

لاشك ان الاجتياح البري الصهيوني لمحافظه رفح يثير قلقا شديدا لدى الشعب الفلسطيني والشعوب العربيه واحرار العالم وينذر بنكبه ثانيه.

كما انه يثير قلقا لدى الأمم المتحده عبر عنه  الأمين العام انطونيو جوتيرش وكبار مسؤولي الأمم المتحده مع معرفتنا بتقويض التحالف الأميركي للأمم المتحده واخرها العمل لتقويض الاونروا بتوجيه صهيوني ضمن هذا المخطط.

كما ان الدول العربيه خصوصا تلك المنخرطه في  المفاوضات عبرت لفظيا عن معارضتها للعمليه العسكريه البريه "الاسرائيليه " لمحافظه رفح  وتخوفها مما سيلحق بالمدنيين من خسائر في الأرواح ومعارضتها لتهجير الفلسطينيين الى خارج قطاع غزه ومن ذلك سيناء المصريه .

وذات الموقف اتخذته عده دول مع تفاوت في التاكيدات .لكن ذلك لم يستتبعه موقف اواجرءات عقابيه بحق الكيان الصهيوني بمن فيهم الدول العربيه المطبعه مع الكيان الصهيوني.

اما  الدول الغربيه بقياده أمريكا والمتحالفه مع العدو الصهيوني فان موقفها مخز لابعد الحدود .الولايات المتحده عبرت عن انتقادات لبعض عمليات جيش العدو بانها لم تراع القانون الدولي المتعلق بالحروب في التعاطي مع المدنيين الفلسطينيين.لكن الولايات المتحده وبلسان وزير خارجيتها بلنكن  اكدت على تاييدها "لإسرائيل " في القضاء على حماس  وضمان ان لاتشكل غزه تهديدا لامن "إسرائيل" مستقبلا, وبالتالي فانها تعارض الدعوه لوقف فوري لاطلاق النار,وفي ذات الوقت وفي عمليه خداع مكشوفه فانها تدعوا الى الحرص على سلامه المدنيين ,وهي تدرك حجم الدمار والاباده بحق المدنيين الفلسطينيين الذي الحقته "اسرائيل" خلال اكثر من اربعه اشهر من الحرب ,وفداحه الخسائر في الأرواح التي ستلحقها بالمدنيين من جراء الحمله البريه ضد رفح.في ذات الوقت فان الحشد العسكري الأميركي لحمايه الكيان الصهيوني مستمر بعمليات عسكريه متواصله وامدادات الاسلحه الاميركيه للكيان الصهيوني مستمرة والاعتمدات الماليه الفلكيه ستعتمد من قبل  الكونجرس والدعم السياسي والدبلوماسي مستمر. ويتماثل الموقف البريطاني مع الموقف الأميركي في شراكتهما الاجراميه مع الكيان الصهيوني.

اما الدول الغربيه الأخرى المتحالفه مع العدو الصهيوني فهي وان دعت بلهجه مخففه الى عدم قيام "إسرائيل" باجتياح محافظه رفح ووقف تدريجي لاطلاق النار وعدم تهجير الفلسطينيين، فانها لم تطالب بوقف فوري لاطلاق النار وانسحاب القوات الصهيونيه من غزه وانهاء احتلالها  .كما انها لم توقف امداد "إسرائيل"بالاسلحه  واستمرت بمشاركتها في الحشد العسكري بقياده أمريكا ودعم  الكيان الصهيوني سياسيا ودبلوماسيا ووقف تمويل الاونروا ، شريان الحياه لللاجئين الفلسطينيين وخصوصا أبناء غزة الان .

وفي المحصلة فان الموقف الغربي بقيادة امريكا هو تحصين الكيان الصهيوني من المسائلة والعقاب والاستمرار بدعم العدو الصهيوني واجندته لهذه الحرب وهو مايشجعه للمضي  في مخططه الاستئصالي للشعب الفلسطيني, في ظل التخاذل للغالبيه من الدول العربيه والاسلاميه والدول الأخرى.

احباط المخطط الصهيوني

المخطط االصهيوني المدعوم غربيا خطير لكن هزيمته رهن بصمود المقاومه الفلسطينيه في غزة ودعمها بعمليات محور المقاومه وما تلحقه بخسائر كبيره بقوات العدو الصهيوني وخسائر كبيره للكيان الصهيوني  الى درجه عدم تحمل هذه الخسائر ومن ذلك تصفيه ألاسرى الصهاينه بسبب عمليات العدو العسكريه مما خلق تمردا وانشقاقا في المجتمع الصهيوني.

كما انه رهن بصمود  الشعب الفلسطيني في غزه في مواجهه حرب الاباده وخطر التهجير القسري. وبالطبع فان ذلك يتطلب اسناد الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل والشتات ودعم الشعوب العربيه واحرار العالم.وهذا موضوع اخر يتطلب المعالجه والتحليل .