- من ليل المحرق وكحل عين المحرق انشد الشاعر الكبير الصديق علي عبد الله خليفة ، "وتظل دربك بالخطى مزحومة / وتظل انت كهذه الارض التي في حضنها الدامي ارتميت "
كتب : عباس هلال
هذه سطور ( نهفة صدر ) في صباح يوم السبت الاول من يوليو – تموز قصيرة لملحمة نضالية وكبيرة لعمر قصير مضى عليها نصف قرن ولازالت جمرة شعلتها مضيئة في ذاكرتنا الوطنية .
ذكرى استشهاد المناضل العتيد محمد بونفور في الثاني من يوليو – تموز 1973 . لعمر قصير في المعتقلات والمخابئ والملاحقة والمطاردة .
كان الخبر صاعقا ونحن في تجمعات النشاط الصيفي للاتحاد الوطني لطلبة البحرين ، في يوم شديد الحرارة ( في تموز الماء بغلي بالكوز ) بلهيب الشمس الحارقة والرطوبة الخانقة ، وبالتحديد في فناء المدرسة المقابلة للمستشفى الامريكي ( دائرة الكهرباء سابقا ) تنادينا ذهابا وكان التجمع امام نادي الخليج بالمحرق ولم تتح لي الفرص لمتابعة الحدث نظر لسفري في اليوم التالي راجعا الى بيروت – شتورا وتركيا للمشاركة في فعاليات اتحاد الطلاب العالمي ، تابعت الحدث بعد عودتي للنشاط الصيفي في 10 أغسطس.
للشهيد محمد بونفور دورا بارزا في الستينات ومطلع السبعينات في خلق وتأسيس الخلايا السرية السياسية والحزبية ابرزها الحركة الثورية التي كانت اكثر اتساعا من الايدلوجيا حتى عام 1972 وبعد ذلك الجبهة الشعبية وله دورا لافتا في نادي الجزيرة بالحالة ، اسم بونفور ساطع رياضا ، شقيقه عيسى بونفور لاعب الوسط بنادي المحرق والشهيد صانع الألعاب نادي الحزيرة ) .. انطلاقة العنفوان البارزة كان في انتفاضة مارس 1965 وتم اعتقاله سنة وسبعة شهور ، كان مناضلا فذا وعتيدا لم تشغله عن نضالاته السياسية والعمالية المستمرة ومن غير هوادة الجدليات السياسية القائمة منذ انتفاضة مارس 1965 والبيانات هل باسم جبهة القوى القومية او جبهة القوى التقدمية وتاريخ الانطلاقة 5 مارس ، او 9 مارس رغم ايمانه بــ 5 مارس ، مناضلا عماليا ورفيقا للفقراء والعمال اينما حل ، في البا وبابكو والمطار.
في حديث حضرته مع الاخ العزيز الصديق والتربوي والاديب والكابتن محمد عبد الملك( ابا جابر ) بالنادي العربي عام 1968 وفي محضر كلامه تجربته مع محمد بونفور واحمد حارب ( مناضلا لا يشق له غبار ) في قوله عن بونفور ليس لانه لم يكمل تعليمه فهو في عمق الوعي السياسي رجل عمل حق ، رجل ميدان متفرغا للتحركات اليومية .
اول مرة التقي مع الشهيد بونفور كان في صيف 1971 في الباص التقليدي للمرحوم سلمان الحسن والد الصديق المرحوم عبد العزيز الحسن ابا سلمان ، حيث كان هذا الباص ( البست ) وسيلة نقل لنا في النشاط الصيفي لعدة فعاليات ، وكان على امل نلتقي في الحورة لاحقا .
كان بونفور ارادة نضالية حديدية حالمة بمطالب وآمال سياسية وعمالية مقاوما للانتداب الانكليزي وحالما بعمل سياسي ديمقراطي علني ابان الاستقلال رغم انحيازه تنظيميا للكفاح المسلح ، رفيق الفقراء ونصير وظهير العمال اللامع ، زاهدا ومتعففا متمسكا بحياته البسيطة مناضلا بحجم وطن ،مناضلا كبير بعمر قصير فعمره النضالي طويل رغم المعتقلات والمخابئ والملاحقة والمطاردة والاغتيال مدرسة نضالية واقعية ملهمة . نصف قرن على رحيله وجمرة شعلته النضالية لازالت مشتعلة مضيئة ، في ذاكرة الوطن ، ذاكرة النضال ، ذاكرة العمال ، ذاكرتنا الوطنية . ملحمة قصيرة وتفاصيلها كثيرة وكبيرة عمره 28 عاما ، وظل اسم بونفور وصور بونفور في كل أسابيع الخليج وفي كل المناسبات وفعاليات لجان التضامن ، ملتقيات بونفور ، معسكر بونفور.
لست المهادن في جذور الملح / عاكفا / هل يكبر في ظلالك غير الدم / غريب ومزدان بالطين / بهي في صخب الموت .. الاخت الصديقة الشاعرة فوزية السندي ام وليد – ديوان استفاقات