DELMON POST LOGO

الذكرى 56 الخامس من يونيو – حزيران 1967 – اكبر من هزيمة – زلزال !!

- اين اللاءات الثلاث في الخرطوم المنكوبة بجرائم العسكر- عمق حوض النيل !

- وبيروت بلا رئيس ولا حكومة !! اين الشام !! وأين بغداد وأين ليبيا !؟

كتب – عباس هلال
يعتبر العدوان الاسرائيلي على مصر وسوريا والاردن في 5 يونيو – حزيران 1967 تحولا مزلزلا وخطيرا ومرعبا في الصراع العربي الاسرائيلي ، ادى الى انكسار وخلل في توازن القوى . ومهما اختلفت التسميات .. نكسة .. هزيمة .. فهو زلزال اتى على الاخضر واليابس ليس فقط على الجيوش والانظمة العربية ، وانما امتد عميقا على نفسية وايدلوجية القوى الشعبية والقومية التي هي الاخرى ربما فرضت عليها التحولات فرضا نحو الاشتراكية – الماركسية ، والحركات الاسلامية وتفجر وعيا عارما لدى الجماهير العربية .
جامعات ومراكز ابحاث ودراسات وابحاث ومؤتمرات وتحليلات على المستوى العالمي والعربي والفلسطيني اشبعت حرب الايام الستة بحثا لم يحصل له مثيلا او رديفا رغم التحولات التي انتهت الى حرب 6 اكتوبر 1973 واعادة الاعتبار جزئيا للجندي العربي رغم نتائجها السياسية المعاكسة !!.
كان عام 1966 ومطلع 1967 خياليا في الرومانسية على كافة المستويات ، فكانت القاهرة تزهو بصواريخ القاهر والظافر ، واغنية الاطلال لام كلثوم تعكس رومانسية نهر النيل على ارجاء الوطن العربي ، وفيما كان الزعيم جمال عبد الناصر ( صاحب المشروع التحرري الوطني والاجتماعي ) مسورا ومحاطا بقائد القوات المسلحة المشير عبد الحكيم عامر !! وسطوة المخابرات برئاسة صلاح نصر !! والاتحاد الاشتراكي الاحادي المترهل .. فيما ظهرت على السطح الخلافات بين اجنحة حزب البعث الحاكم في سوريا – القيادة القومية – اللجنة العسكرية ، فانقلاب 23 شباط – فبراير 1966 بقيادة صلاح جديد ( واصبح نور الدين الاتاسي رئيسا لمجلس الرئاسة ). وانطلاق ولادة  منظمة التحرير الفلسطينية وبهرجة الصحف القومية والاغاني الوطنية الحماسية .
تصاعت التصريحات بين سوريا واسرائيل على خلفية العدوان المتكرر نهاية 1965  واستمراره في 1966 ، وتهديدات الرئيس امين الحفاظ ( قبل الانقلاب ) !! تصاعدت في ابريل -مايو ووقوف عبد الناصر مع سوريا باغلاق مضايق تيران على خليج العقبة .
كان صباح الخامس من يونيو – حزيران 1967 ذروة  النشوة لدى الجماهير العربية التي خرجت على وقع بيانات احمد سعيد من صوت العرب باسقاط وتدمير القوة الجوية الاسرائيلية !! وقتها كنا نؤدي الامتحانات في المرحلة الثانوية ، واستمرار انطلاق مظاهرات البشرى والتبشير في ارجاء الوطن العربي ومن ضمنها البحرين ، لكن الصدمة السريعة والمريعة والمروعة اكبر من قدرة الجماهير  اكبر من طاقات الجماهير رغم خروج الجماهيرة مرة اخرى رفضا لاستقالة او تنحي الرئيس عبد الناصر وتأيدا له.. انهيار مشروع وآمال واحلام .
سقوط سيناء والقطاع والجولان والضفة الغربية – القدس !! وآثاره المدمرة واللاجئين والنازحين كان بركانا على العقل السياسي العربي والعسكري والعقل البشري .
وصدور قرار مجلس الامن في نوفمبر – تشرين الثاني 424 ونصه عدم جواز اكتساب الاراضي بالقوة ومطالبة الاطراف بانهاء حالة الحرب ! فيما دخلت الانظمة العربية ووفودها في ارتباك حول الصياغة بالانجليزية للنص والتي تمسكت بها اسرائيل بالانسحاب من اراضي !! .. اراضي احتلت ، قرار ملغوم بصياغة ماهرة بين اللبس والغموض استطاعت اسرائيل والقوى الدولية الداعمة لها تمريره ، فيما انشغلت الوفود العربية والدوائر القانونية في تفسيره وتفنيده !! مقدمة القرار ليس كنهايته .. عدم اكتساب الاراضي بالقوة .. والانسحاب من اراضي ! وانشغل البحث والجدل على اسباب اندلاع الحرب  فيما المعلوم حجم  الاعتداءات العسكرية والمتوالية طوال 1966 وآثارها العميقة .
التحولات الشعبية والقومية العميقة : هي الاخرى كانت على مستوى حركة القوميين العرب والفكر القومي الناصري نحو التحول للاشتراكية – الماركسية ، وبداية انطلاق المد الاسلامي السياسي كردة فعل معاكسة !! لكن الاهم ايجابا وايجابيا انتفاضة حركة الشباب في الجامعات المصرية قاطبة ما بعد الهزيمة وما بعد مرحلة حكيم ونصر وصولات الى 1968 ولازالت تموج رغم هيكلة الاتحاد الاشتراكي وقرار عبد الناصر بتعيين د. مفيد شهاب رئيسا لقطاع الشباب رفضا لقرار عبد الناصر ورفضا لاعادة توطين اليمين وتدوير المشلكة !! واشتد زخمها استلهاما من حركة الشباب في فرنسا واسقاطهم لاقوى رئيس ! الجنرال ديغول بطل التحرير !! كما يحسب لها في 1972 في مرحلة اللاحرب واللاسلم ضد الرئيس السادات .
وبقى الوضع ساكنا على المستوى الشعبي في سوريا رغم تعطش وغضب الجماهير ، نتيجة احتفالات النظام بالنصر رغم استقالة عبد الناصر واقراره بالهزيمة وسقوط الجولان
تحت تبرير ان الهدف من العدوان هو اسقاط النظام التقدمي !! في دمشق ولم يسقط !! كان سلاح الجو الاسرائيلي الميراج الفرنسية .. هتافات ومظاهرات ، ميراج طيارش هرب !! مهزوم من نسر العرب .. ديغول خبر دولتك باريس مطرح خيلنا !
وفي وقت قصير اعاد عبد الناصر او شرع في بناء القوات المسلحة مستعدا لحرب الاستنزاف ووصول حزب البعث في العراق للحكم بانقلاب 17 تموز 1968 ( عاشت العراق نوعا من الانفتاح وحرية العمل السياسي ، والنقابي في عهد عبد الرحمن عارف ابريل 1966 – تموز يوليو 1968 ) وتصاعدت الحملات الاعلامية بين بغداد والقاهرة على مبادرة روجرز وايضا حملات اعلامية بين بغداد ودمشق – وتصاعد المقاومة الفلسطينية في معركة الكرامة ، ومع التحولات ظهرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش وبعد سنة الانشقاق الجبهة الديمقراطية بقيادة نايف حواتمة وتصاعد خطف الطائرات ، وظهور جبهة التحرير العربية ( تابعة لبغداد ) وبعدها الجبهة الشعبية – القيادة العامة بقيادة العقيد احمد جبريل ( الجيش السوري ) ! وجماعة ابو نضال مرة اخرى في بغداد - وياسر عرفات على سرك الانظمة الجهورية والملكية.وبعد ذلك فتح الانتفاضة بقيادة العقيد ابو موسى ( دمشق ).
طبعا عندنا في البحرين كانت التظاهرات الداعمة اولا ، ومن ثم ضد تنحي عبد الناصر ومطالبته بالمواصلة خاصة لازالت جمرة شعلة انتفاضة مارس 1965 وذكراها المتجددة لم تنطفئ وخلقت هزيمة حزيران تحولات عميقا في الفكر والسياسة والادب ، تحولا في رفع  الصوت والنقد والمطالبة بالتغيير والتمرد الداخلي واحيانا التمرد المجتمعي وانقلابات ، ونكسة اخرى تمثلت لاحقا في حرب ايلول الاسود !! تركت اثارا مدمرة وحزينة .
والان وبعد 56 عاما وبعد ظهور اكثر من ثلاثة اجيال من الشباب العربي .. ماذا كان حالنا ؟! تطبيع واختراقات درماتكية ، وعواصم الجيوش العربية تشهد سحلا وقيدا وتكبيلا وتحجيما وابتلاعا لغضب واحلام وآمال الجماهير العربية .
وفي عام 1996 ، بصفتي عضوا عاملا في المؤتمر القومي العربي وعلى هامش اجتماع الامانة العامة ببيروت ، تقدم الاخ المرحوم حسين مجلي ابا شجاع ( ابرز نقباء المحامين في الاردن والشخصية القومية العتيدة )بورقة وافق مجموعة عليها من ضمنهم عمر زين وفيصل جلول وانا .. الخ حول توصيف الاحداث القومية ومن ضمنها هزيمة 5 يونيو حزيران 1967 وايلول الاسود 1970 ، وحرب 6 اكتوبر 1973 ، لكن المشكلة ان الكثير من اعضاء المؤتمر لازالوا واجهات لهذه الانظمة .
هذه هوامش بذكرى الهزيمة هوامش الشاعر نزار قباني هوامش على دفتر النكسة .دخلنا بمنطق الطبلة والربابة بالعنتريات التي ما قتلت ذبابا .. منع من دخول القاهرة ودمشق فدخل قلوب الجماهير من اوسع الابواب.
والان وبعد مرور 56 عاما وبعد ظهور أجيال اكثر من ثلاثة أجيال من الشباب العربي .. ماذا كان حالنا ؟!السودان يحترق بلد اللاءات الثلاث ، والعمق الاستراتيجي لحوض النيل ! وبيروت بلا رئيس وبلا حكومة !!؟ واين شام الياسمين ؟ واين بغداد قلعة الاسود ،؟ وأين ليبيا عمر المختار !!؟ اين ؟ اين ؟ ، تطبيع واختراقات درما تيكية ...
ورغم كل ما تقدم : ما اضيق العيش لولا فسحة الامل.
حرب 1967

الشعب قال لا للتنحي
صلاح جديد
الحرب الاسرائيلية العربية الثالثة