DELMON POST LOGO

حكم العسكر – الانقلابات العسكرية في البلاد العربية

- وعساكر كتبت على ثكناتها : الويل للاحرار من الجزار

- سوار الدهب معصم السودان وشرفه العسكري الرفيع

- الواجهة الحزبية وصراع الاجنحة والتصفيات وخراب البلدان

كتب – عباس هلال  
عاشت بلادنا العربية منذ مطلع القرن العشرين على خطوات الدولة القطرية الحديثة بعد سقوط دوله الخلافة العثمانية   1924 الرجل المريض، وما سبق ذلك من قيام الثورة العربية وتقاسم بريطانيا وفرنسا تقسيم المقسم سايس بيكو 1916 ، ووعد بلور المشؤوم 2 نوفمبر 1917. و ما ان وضعت الحرب العالمية الاولى أوزارها حتى اصبحت البلاد العربية تحت الاستعمار او الانتداب (البريطاني الفرنسي ) وتأسيس الجيوش العربية الحديثة ، وقيام حرب فلسطين 1948 وما ترتب عليها ( عام النكبة ) من انهزام الجيوش العربيه وحصول التقسيم (عام النكبه) حتى بدأت وتيرت الانقلابات العسكريه باسم فلسطين وفق سلسلة متـتالية واصبح العسكر في اداره هذه الدول.
البداية من سوريا الرائدة في الانقلابات العسكرية حيث بدا الانقلاب العسكري الاول على الحكومة المدنية من قبل الضابط في الاركان حسني الزعيم ، ورفض السياسي الشهير فارس الخوري التعاون مع الزعيم بتشكيل الحكومة قائلا لحسني عبارته المشهورة  لقد أذقت العسكر الطعم الحلو للسلطه ولن يتركوها ابدا ابدا !! ، بينما السياسي محسن البرازي وافق على تشكيل الحكومة مع الزعيم واعدم معه بعد اقل من ثمانية اشهر ولا يخفى الدور السري الذي لعبه رجل الاستخبارات والدبلوماسية مايلز كوبلن في هذا الانقلابات ( لعبه الامم) وفق متابعات عضو مجلس قياده الثورة في مصر احمد حمروش في مذكراته الشهيرة ( الواقعه في ثلاثة كتب، عبد الناصر والعرب ، عبد الناصر والناس ، خريف عبد الناصر، وهى رغم طباعتها المكررة نافذه دائما بعكس مذكرات اقرانه البغدادي ومحي الدين وهيكل و نصر والبقيه( وكالة تاس الروسية( .
هكذا بدأت الانقلابات العسكرية في سلسله و وتيره سريعة تلاه انقلاب الحناوي على الزعيم، ثم انقلاب الشيشكلي على الحناوي… فانقلاب عبد الحميد السراج وجاسم علوان ثم انقلاب المقدم عبد الكريم النحلاوي علي عبدالحكيم عامر حاكم الاقليم الشمالي للوحدة في 28 سبتمبر 1961 والانفصال. فانقلاب اللجنة العسكرية بقياده صلاح جديد ومحمد عمران و المير في 8 مارس 1963، وتشكيل مجلس الرئاسة برئاسة لؤي الاتاسي و بعد اربعه اشهر برئاسة الفريق امين الحافظ ، فانقلاب اللجنة العسكرية على القيادة القومية في 23 فبراير 1966 ومجلس رئاسة جديد برئاسة الدكتور نور الدين الاتاسي ، رافق ذلك كالمعتاد تصفيات و احكام بالإعدام وسجون ومنافي ، فانقلاب حافظ الاسد وزير الدفاع في 17 نوفمبر 1970 وقد عايشت هذا الانقلاب بسبب تواجدي في الشام طالبا في الحقوق .
ولم تكن مصر بعيدة عن مسرح الأحداث وأيضا بعد النكبة وبسبب النكبة انقلاب 23 يوليو 1952 من قبل مجلس قياده الثورة و عزل الفريق محمد نجيب ، وسيطرت جمال عبد الناصر الكاملة و الذي بدا بمشروع  انحيازه للفقراء والتعليم والتصنيع والسيادة الوطنية على كافه المقدرات ودعم حركات التحرر في البلاد العربية وافريقيا ، فاندفعت الجماهير في مصر والبلاد العربية لعبد الناصر مما جعل انقلاب 23 يوليو 1952 يقترب من مفهوم الثورة ، فانقلاب السادات على ما يسمى مراكز القوى  في 1971، وبقى الجيش المصري مسيطرا ومطبقا على السلطة وكافه مقدرات مصر القيادية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية ، استمر المنوال مع حسني مبارك حتى انتخاب اول رئيس مدني محمد مرسي في عام 2012 فانقلاب الجيش بقياده وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي.
قيام ثوره 14 تموز في العراق ( انقلاب اعضاء مجلس قيادة الثورة بقيادة عبد الكريم قاسم ( ماكو زعيم إلا كريم ) و تشكيل مجلس السيادة برئاسة اللواء الركن نجيب الربيعي وما رافق ذلك من صراعات دموية لكن هو الاخر كان اقرب الى الثورة بانحياز عبد الكريم للفقراء والسيادة الوطنية والتصنيع والتأميم ، فانقلاب الفريق عبد السلام عارف و البكر في 8 شباط  فبراير 1963 ، فانقلاب تشرين على البكر وحزب البعث 1963 واغتيال عارف في 1966 فيما عرف بسقوط طائرته في القرنه ، ثم انقلاب البكر والعقيد سعدون غيدان وعماشّ و التكريتي (انقلاب البعث على الفريق عبدالرحمن عارف في 17 يوليو تموز 1968 فانقلاب البعث على الداوود و عبدالرزاق النايف في 30 تموز 1968، و قد عايشت  هذه الفترة بسبب وجودي في بغداد.
استمر الصراع على السلطة فيا عرف بمؤامرة رئيس الامن ناظم كزار في حزيران 1973 و مقتل وزير الدفاع محمود شاكر و الإصابة الخطيرة لوزير الداخليه سعدون غيدان واعدام كزار ومحمد فاضل وحشر رجل البعث القوى و العقل المفكر عبد الخالق السامرائي في المؤامرة حشرا حتى اعدامه فيا عرف بأحداث قاعه الخلد في 26 يوليو 1979 مع محمد عايش والحمداني و غانم عبد الجليل و المحجوب وعبدالحسين المشهداني الشمري والبقية ( ويحسب للبعث تحقيق تنمية مشهودة في السبعينات في التأميم و التعليم و العلوم و الفنون و الاقتصاد )
ولم تكن ليبيا بعيدة بانقلاب النقيب معمر القذافي على الحكم السنسوسي عام 1969 . و مثل ذلك الجزائر منذ انقلاب أبو مدين على بن بله واستمرار الصراعات وسيطرة الجيش وواجهته جبهة التحرير الجزائرية. لم تكن السودان منذ انقلاب الفريق ابراهيم عبود 1958 بعيده عن مسرح الانقلابات فانقلاب جعفر النميري ثم الحكم المدني بعد تسليم الفريق سوار الذهب ( نعم ذهبا بـ 24 قيراط) السلطة ، فانقلاب عمر البشير في عام 1989 ولا زالت في خضم أحداث انقلاب عبد الفتاح البرهان (هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) !!؟
عاشت اليمن مراره الانقلابات العسكرية وصراع تصفيه الأجنحة منذ حكم سالم ربيع علي ومعركه 1986 في الصراع على السلطة مع جناح عبد الفتاح اسماعيل وقبل ذلك انقلاب المقدم عبد الله السلال في الشمال 1961 وما تلا ذلك من انقلابات متلاحقة دموية انقلاب الحمدي فالغشمي وانقلاب المقدم علي عبد الله صالح 1978.
و عاش لبنان في ظل حكومة عسكريه منذ تشكيل العماد فؤاد شهاب الحكومة العسكرية من قبل بشاره الخوري 1952 ومجيئ كميل شمعون ثم الحرب الاهلية 1958 على اثر حلف بغداد ، وحكومة العماد عون في 1989 من قبل الرئيس امين الجميل و احتلال قصر بعبدا والسيطرة عليه ، ضد حكومة سليم الحص المدنية والوطنية على نهاية الحرب الأهلية ولازال لبنان يعيش مرحله PROXY صراع الوكلاء!!
لم تكن موريتانيا الشهيرة و الاثيرة بالانقلابات العسكرية المتواليه بعيدا عن المشهد, ومثل ذلك انقلاب الفريق زين الدين بن علي على بورقيـبة 1987 ” الانقلاب الطبي ” ، وثورة الياسمين 2011 ولا زالت ليلى تونس مريضة تحت انقلاب قيس السياسي .
هذه بانوراما سريعه لما عانته بلادنا العربية من سلسله الانقلابات العسكريه على مدى 71 عام فضاعت مقدرات و امكانيات التنمية والتطور الديمقراطي.
يبدا الانقلاب بالبيان رقم (1) من الإذاعة باسم الشعب و على ما يسمى بالخيانة او انحراف في القياده وضياع مقدرات الشعب وانتفاضت كوادر الحزب الباسلة مع القوات المسلحة وهل هوله؟؟!!
الحكم الابدي للقائـد العسكري ، القائد الضرورة وينهي اما بانقلاب مضاد أو اغتيال أو وفاه حتى لو عاش في عمر نوح الف الا خمسين !!؟ .
اقتراب مفهوم الثورة للانقلاب 23 يوليو 1952 في مصر نتيجة ارتباطه بمشروع اجتماعي وصناعي وسيادي و تحرري فاندفعت الجماهير في مصر والوطن العربي في الالتفاف معه. و مثل ذلك انقلاب 14 تموز 1958 في العراق رغم الصراع بين ناصر وقاسم.
عايشت شخصيا انقلاب 17 تموز 1968 في بغداد حتى 30 تموز بإقصاء وزير الدفاع الداود بعد ابتعاثه للأردن لتفقد الحامية العسكرية العراقية في الاردن ، ارغام الفريق عبد الرزاق النايف رئيس الوزراء على مغادره القصر الجمهوري من على طاوله العشاء الى المطار لمنفاه في لندن فاغتياله بعد عشر سنوات.
كما عايشت انقلاب 17 تشرين الثاني نوفمبر 1970 ( الحركة التصحيحة) في سوريا بعد استقالة الرئيس نور الدين الاتاسي واعتقال القياده اللواء صلاح جديد و يوسف زعينّ و نور الدين الاتاسي ، وحل القيادة القطرية وتعين قياده جديدة، واصبح الفريق اول حافظ الاسد رئيس للحكومة و وزيرا للدفاع وتعيـن نقيب المعلمين أحمد الخطيب رئيسا  للدولة حتى انتخابا12- 13 اذار مارس 1971 وتعيين العامد مصطفى طلاس وزير للدفاع 1972.
تبدا الانقلابات العسكرية باسم فلسطين وتحرير فلسطين ثم تبدا القبضة الحديدية على مفاصل السلطة والمجتمع و الدولة وتحت الشعار الذهبي لا صوات يعلو فوق صوت المعركة ( ميكافلي ،الغاية تبرر الوسيلة) فضاعت الدول وتلاشت الديمقراطية وانعدمت أو انتهت مأ تم انجازه من تنمية.
وتفرغت الجيوش العربية للداخل وفـق مقولة فارس الخوري لحسني الزعيم لقد أذقت العسكر الطعم الحلو للسلطة ولن يتركوها ابدا ابدا!!
تقاسمت الانقلابات العسكرية فضائل الثورة الفلسطينية ظلت فتح علي السيرك مع الأنظمة حتى هزيمه حزيران يونيه 1967 فتأسست الجبهة الشعبية من القوميين العرب وبدعم من عدن ، فانقلاب أو انشقاق نايف حواتمه الجبهة الديمقراطية 1969 ، الى الجبهة الشعبية القيادة العامة للعقيد أحمد جبريل ، وفتح الانتفاضة ابو موسى ، في دمشق ، وجبهة التحرير العربية واجهة بغداد، و حماس تيار اخوان المسلمين ، وهكذا استطاعت الانقلابات العسكرية اللعب مع الفصائل الفلسطينية لعبة القط والفار.. و ربما حرب اكتوبر  تشرين الاول 1973 كانت مرحلة ايجابـية في بداياتها للجيوش العربية.
وها نحن نعيش حاليا انقلاب السودان على الحكومة المدنية و الحراك الشعبي المدني ، و كأنه لسان حال الفريق عبدالفتاح البرهان للمدنينين ( هاتو برهائكم إن كنتم صادقين ) !!!؟
ولا زالت عبارة السياسي السوري الشهير فارس الخوري للعماد حسني الزعيم لقد أذقت العكسر الطعم الحلو للسلطة  فلن يتركوها إبدا إبدا !! ؟، هذا قدر الجمهوريات العربية مع الأنقلابات العسكرية ، ويا قلبي لا تحزن.
عبد الكريم قاسم
عبد الناصر
صدام والبكر