DELMON POST LOGO

رؤيا نقدية للائحة الداخلية – لمجلس النواب 1-2

- مقدمة منهجية – لائحة المجلس الوطني 1973

- برلمان 1973 سيد قراره في لائحته

- ليس من حسن السياسة التشريعية التوسع في مراسيم الضرورة (المراسيم بقوانين)

كتب – د. عباس هلال
تلقيت دعوة المنبر التقدمي مشكورا بحضور الحلقة الحوارية بعنوان التعديلات على اللائحة الداخلية لمجلس النواب السبت القادم بمقر التقدمي، وحسنا ما ذهب إليه المنبر بتنظيم هذه الحلقة لأهمية أولويتها بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب والتي كانت محل محط نقد وجدل منذ صدورها بمرسوم ضرورة المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2002 بتاريخ 23 أكتوبر 2002 قبل انتخابات مجلس النواب بأيام !!! وبمرسوم ضرورة! وفقا للمادة 38 من الدستور. وليس هنا من ضرورة! خاصة قبل الانعقاد بايام !! وليس هناك تدابير لا يحتمل تأخيرها وهو بطلان دستوري أو شبهة دستورية إذا غلبت الروم !! وليس من حسن السياسة التشريعية أو مسلك المشرعين المعتبرين وفقا للقانون الدستوري المقارن، وباعتبار أن القانون الدستوري المقارن أداة للتقدم بتشريعاتنا الدستورية وأداة لحسن تفهم الأنظمة المجودة فيها.
حتى لا نعتبر الموجود لدينا هو أحسن الممكن، وما قيل يقال أيضا في كافة تشريعاتنا والتي يجب أن تكون ذات أبعاد ديمقراطية وإبعاد تنموية مجتمعية ، مرسوم الضرورة ( المرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة صدر فجر انعقاد دور الانعقاد الثاني للمجلس الوطني 22 أكتوبر 1974 وجرى ما جرى بعد حل المجلس الوطني في 26 أغسطس 1975 وقبل ذلك ضربة الاعتقالات الاستباقية في 23 أغسطس 1975 ، وبقينا ربع قرن في بلاء، فالضرورة تقدر بقدرها، هذه هي القاعدة الكلية.
اللائحة الداخلية للمجلس الوطني – البرلمان 1973 كانت بموجب قانون رقم 4 لسنة 1974 بشأن اللائحة الداخلية للمجلس الوطني – بعد الاطلاع على المادة 35 (أ) من الدستور وافق المجلس الوطني على القانون الآتي نصه، وقد صدقنا عليه وأصدرناه!! هكذا كان برلمان 1973 سيد قراره لائحته ( الله يرحم كبير المستشارين المعتبرين الأستاذ الدكتور عثمان خليل عثمان خبير مجلس الامة في الكويت الذي اعد مشروع اللائحة ) ولائحته ديمقراطية دستورية بامتياز بشأن نظام العمل في المجلس وبشأن التشريع والرقابة. فهو أيضا كان سيد تشريعه ورقابته ، كانت متوازنة كسلطة تشريعية مع بقية السلطات التنفيذية والقضائية ففي باب الاستجواب المادة 115 لكل عضو من أعضاء المجلس أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصهم.
ويقدم الاستجواب لرئيس المجلس، والرئيس بدوره يبلغ الاستجواب إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص فور تقديمه، ويدرج في جدول الأعمال التالي لتحديد موعد المناقشة ( لم توجد بدعة لجنة الجدية )، وللاستجواب الأسبقية على سائر المواد المدرجة في جدول الأعمال عدا الأسئلة، إلا إذا قرر المجلس غير ذلك. ويجوز أن يتطور الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة، ويكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ولا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة، وطبعا طرح الثقة تكون بناء على رغبة الوزير (هذا ما فعله الدكتور علي فخرو وزير الصحة عندما تقدمت الكتلة الدينية بمشروع الاستجواب على خلفية إقالة الدكتورة جاتوا باديا من قسم الولادة، كانت الكتلة الدينية تطلق بالون المناورة لسحب الاستجواب في إطار التفاهم معها. لكن الدكتور علي فخرو أبلغ الحكومة برغبته في الدفاع عن نفسه وهذا ما حصل حيث تألق الدكتور علي في مرافعته البليغة والمقارنة والبديعة فسقط الاستجواب) أو بناء على طلب موقع من عشرة أعضاء المجلس.
ومثل ذلك الميزانية والحساب الختامي، بموجب القانون رقم (1) لسنة 1975 بشأن تحديد السنة المالية وقواعد إعداد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها (بعد الاطلاع على الدستور والمواد 90-96 من الدستور وافق المجلس الوطني على القانون الآتي وقد صدقنا عليه وأصدرناه. ومثل تلك المادة 153 من اللائحة الداخلية – يلحق بالمجلس الوطني ديوان الرقابة المالية المنصوص عليه في المادة 97، من الدستور، ويعاون الحكومة والمجلس في رقابة تحصيل إيرادات الدولة وإنفاق مصروفاتها في حدود الميزانية. هكذا تكون الرقابة وهكذا تكون السلطة التشريعية أحد أعمدة الدولة الثلاثة مداميك التشريع والرقابة حافظة للحقوق رافعة من شأن الدولة ديمقراطيا وتنمويا وسياسيا.
فالوزير منصب سياسي ويحب أن يكون رافعة للحكومة وليس عبء عليها سياسيا وإداريا وديمقراطيا، فالأولى بالحكومة أن تطلق العنان لأن الوزير الذي لا يستطيع أن يدافع عن نفسه لا يستحق أن يكون وزيرا،  والوزير الذي لا يوافق على طرح الثقة أو لا يتحمل الاستقالة لتجنب الحكومة الحرج أو الصدام أو الأزمة البرلمانية لا يستحق أن يكون وزيرا.
أما التعديلات التي تزاحمت على اللائحة الداخلية لمجلس النواب منذ 2002 فهي تضعف وتقزم العمل البرلماني وتسحب الثقة الشعبية من تحته ومن فوقه، ولا يجب أن تضيق الحكومة ذراعا وصدرا من لائحة داخلية ديمقراطية، وهل من المعقول أن تكون الجمعيات العمومية لجمعيات النفع العام أكثر صلاحية وأكثر ديمقراطية حتى في ظل قانون الجمعيات لعام 1989 المعسوف!! وتعديلاته الأكثر تعسفا!! وفي الأنظمة الديمقراطية المتواضعة والأقل عراقة ، الحكومة تتكلم والبرلمان والشعب يتكلم ويحاسب فلا يجوز أن تتكلم الحكومة والشعب يصفق!! الشعب مصدر السلطات ومثل ذلك العمل السياسي لا ينمو ولا يتقدم ولا يتأهل في الحياة السياسية إلا بأحزاب ( جمعيات ) يكون لها الصولجان و الهيلمان .
ومثل ذلك مرسوم الضرورة ، المرسوم بقانون بشأن مباشرة الحقوق السياسية رقم 14 سنة 2002 ، وتعديلاته ،
وللحديث بقية بمزيد من التكييف والتأهيل الدستوري المقارن والنظم السياسية.