DELMON POST LOGO

"جينات" الصهيونية : الإبادة الجماعية والسرقات

بقلم : عبدالله جناحي

الحركة الصهيونية وكيانها المصطنع في فلسطين، وقبلهما اليهود في أوروبا، كانوا معروفين ببخلهم من جهة، واستغلالهم مالياً للشعوب الذي عاشوا في كنفها من جهة ثانية، واشتهروا بالغدر والخديعة من جهة ثالثة، وبالسرقة من جيرانهم والمحيطين بهم من جهة رابعة. وكان من المعروف تاريخياً بأن اليهود هم الشعب الذين تعمدوا في العالم أن يعيشوا في مناطق وأحياء مغلقة خاصة بهم، سواء بإرادتهم وبتخطيطهم، أم بإجبارهم على هذه العزلة المفروضة عليهم من حكومات تلك الدول، كما حدث في بعض المدن الإيطالية التي عزلت اليهود في "غيتوهات"، وأول هذا الغيتو كان في مدينة البندقية في عام ١٥١٦م -غيتو: تعني بالإيطالية المنطقة المعزولة، ولقبت الأحياء اليهودية في أوروبا بهذا الاسم-.

ولكل هذه الأسباب أو بعضها، كانت الحكومات الأوروبية تطرد اليهود من ديارها على شكل نزوحات جماعية إجبارية، ففي فرنسا تم طردهم في عام ١٠٨٠م، ومن التشيك عام ١٠٩٨، وتم طردهم من إيطاليا عام ١١٧١، وتم طردهم ثلاث مرات من إنجلترا ابتداءً من ١١٨٨م. وهكذا معظم دول أوروبا. وحتى بعد إعلان كيانهم الصهيوني في فلسطين في عام ١٩٤٧م كانت فرصة تاريخية لجميع الدول الغربية للتخلص من اليهود من خلال فتح باب الهجرة الجماعية، وتقديم كافة التسهيلات والاغراءات لتشجيعهم على الهجرة، بما فيهم الدول الشيوعية كالاتحاد السوفياتي ومنظومة المعسكر الاشتراكي. ولأن طبيعة "السرقة" و"النهب" و"القتل" و"الإبادة الجماعية"، جزء أصيل في عقيدتهم الدينية التوراتية من جهة، وشرط لازم في مبادئ الحركة الصهيونية من جهة أخرى. فعلى صعيد العقيدة اليهودية، هناك كثرة من النصوص التوراتية التي يدعو فيها رب اليهود "يهوه" بالقتل والتعذيب والإبادة الجماعية للرجال والنساء والأطفال والحيوانات وحرق المزروعات وتدمير البيوت في مصر وأرض كنعان الفلسطينية.

وعلى صعيد "جينة" السرقة في دماء اليهود قديماً، يشير التوراة في سفر الخروج بأنه بعد رضوخ فرعون مصر بالسماح لليهود الخروج والتوجه إلى أرض كنعان-فلسطين- قال لهم موسى وبتشجيع من ربه يهوه بأن يخدعوا المصريين ويسرقوا منهم الذهب والفضة، رغم أنهم عاشوا معهم أكثر من أربعمائة عام. فلنقرأ  هذا النص: {وأخيراً يرضخ فرعون ويسمح بخروج بني إسرائيل جميعاً مع غنمهم وبقرهم وجميع أمتعتهم. وقبل أن يغادروا مساكنهم قال لهم موسى أن يستعير كل واحد منهم من جاره أدوات فضية وذهبية وثياباً، وقد زين الرب للمصريين إعارة جيرانهم اليهود فأعطوهم ما طلبوا فسرق الإسرائيليون المصريين ورحلوا تحت جنح الليل، وكانت إقامتهم في مصر أربعمائة وثلاثين سنة}!!. (سفر الخروج:) المصدر: كتاب "آرام دمشق واسرائيل في التاريخ والتاريخ التوراتي" فراس السواح.

كان هذا في الماضي السحيق لأجداد الصهاينة المعاصرين الذين ما أن "سرقوا" فلسطين، ومارسوا بحق الشعب الفلسطيني -رجالاً ونساءً وأطفالاً- القتل والإبادة الجماعية، وحرق المزارع وتدمير المساكن، وبالضبط كما دعا يهوه في التوراة. ما أن سرقوا فلسطين في ١٩٤٧ حتى جاء دور سرقة سيناء مصر وجولان سوريا وجزء من جنوب لبنان وذلك في حرب ١٩٦٧م، ورغم اتفاقيات "السلام" مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، إلا أن الكيان الصهيوني لا يزال "يسرق" المزيد من أراضي الضفة الغربية وغزة، و"سرقة" المياه من الضفة الشرقية والنيل، و"سرقة" النفط والغاز من بحر سوريا ولبنان وغزة. فهل بعد كل ذلك نضع - ليس احتمالاً بل يقيناً- بأنه سيأتي الدور على بقية الدول المطبعة ضمن الاتفاقيات الإبراهيمية في الخداع والغدر والسرقات الصهيونية لثروات وشعوب الوطن العربي.

إن ساعة الصفر التي تمارسها المقاومة الفلسطينية في غزة لهي فرصة تاريخية لجميع الأنظمة العربية بدعمها وتوسيعها لتشمل الضفتين، لتكون بداية ساعة اندماج ووحدة عربية جديدة. نكون فيها نواة لقطب عربي في عالم القطبية بدل القطب الأمريكي الواحد، هذا العالم الجديد الذي بدأ المخاض لولادته في قادم السنوات.