DELMON POST LOGO

محاضرة مملكة هُرمز العربية.. حكاية لم تنتهِ.. 3-3

شجع "توران شاه الرابع" في عام 1521 البرتغاليين على احتلال البحرين من أجل القضاء على خطر الجبور فيها

صفقة جبرية- هُرمزية:

بعد وفاة توران شاه الثاني، اندلعت حرب أهلية مأساوية في هُرمز بين أبنائه الأربعة. أسفرت عن ثلاثة أخوة ميتين، وعن استبعاد جميع أقارب العائلة المالكة الذين ربما يشكلون خطرًا ويدّعون بحقهم في العرش. ثم قام الشقيق الرابع، "سلغور"، بطلب المساعدة من والد زوجته من أسرة النباهنة، التي كانت تسيطر على بعض مناطق عُمان الداخلية. إلا أن العُمانيين لم يكونوا في وضع يسمح لهم بتقديم مثل تلك المساعدة العسكرية البحرية. لذلك، قام "سلغور" بالاتفاق مع أجود بن زامل بحيث تنازل له عن حقوقه في جزيرة البحرين والقطيف مقابل الحصول على مساعدات عسكرية ومبالغ تُدفع بشكل منتظم من قبل الجبور لـ "سلغور". وتأكيدًا لهذا الحدث بأن المصادر البرتغالية والعربية، تتفق على أن كل من البحرين والقطيف كانتا تحت سيطرة الجبور عندما دخل البرتغاليون إلى الخليج لأول مرة عام 1507. ونتيجة لهذا الاتفاق بين الجابين، أرسل الجبور جيشًا وسفنًا لمساعدة "سلغور"، ومرافقته إلى هُرمز لاستعادة سلطته هناك. وعليه، فقد برز تأثير أجود بن زامل في المنطقة بينما أصبح وضع "سلغور" آمنًا في مملكة هُرمز. ويبدو أن هذا الاتفاق بين الجانب الجبري والهُرمزي في تلك الحقبة؛ قد ترك الفرصة سانحة للعرب لزيادة نفوذهم في منطقة الخليج في بداية القرن السادس عشر.

لكن "سلغور" شاه يبدو أن ذاكرته قد شابها القصور حين وصل إلى السلطة في مملكة هُرمز. حيث ابتهج بالعرش الذي عاد إليه، متجاهلًا اتفاقه السابق مع أجواد بن زامل، فعاد يطالبه بدفع الضريبة عن جزر البحرين وخيراتها، مما حدا بأجود لرفض دفعها. تبع ذلك عدد من هجمات الهرامزة الفاشلة على البحرين. كما فشل اتفاق ثان، يعترف بتخلي هُرمز عن البحرين لصالح الجبور مقابل مبلغ سنوي لحل ذلك النزاع.

وفي عام 1511، قام وزير هُرمز القوي خوجة عطا الله، مباشرة بعد وفاة أجود، بشن هجوم ناجح على البحرين. لكنه في ذات الوقت تسبب في وقوع هجمات انتقامية من قبل الجبور على مستوطنات هُرمزية في مناطق عُمان الداخلية القريبة من السواحل الشمالية. وفي عام 1511 اضطر الوزير عطا في نهاية المطاف إلى سحب قواته من البحرين، ليعيد الجزر ثانية إلى الجبور.

وقد خلف (البوكيرك)، المدعو لوبو سواريز (Lopo Soarez)، في منصب نائب ملك البرتغال في الهند فيما بين (1515-1518)، وقد حاول توسيع سيطرة البرتغاليين في الخليج باحتلال جزر البحرين.

ولتحقيق هذه الغاية، تم توظيف الأسلوب البرتغالي المألوف، وهو استغلال الانقسامات السياسية والطائفية في الخليج بين قواه الإسلامية لصالح البرتغاليين. وهنا في هذه القضية، توافرت فرصة ثمينة من خلال النزاع الطويل بين هُرمز والجبور على جزر البحرين. حيث أدعي شاه هُرمز بأن الأمير مقرن بن زامل الجبري، سلطان الجبور في ذلك الوقت، قد أدرج البحرين والقطيف ضمن نطاق مملكته، رافضًا دفع العائدات المتفق عليها سابقًا إلى هُرمز. كما أضاف الشاه في دعواه، استهداف الجبور للحركة التجارية البحرية بين هُرمز والبصرة، وعلى هذا الأساس، شجع "توران شاه الرابع" في عام 1521 البرتغاليين على احتلال البحرين من أجل القضاء على خطر الجبور فيها. كانت الدوافع بجانب هذه القضية، هي طمع الهرامزة والبرتغاليين بثروة البحرين من منتجات زراعية، ومياه عذبة، ولؤلؤ، وهو ما تفتقر إليه هُرمز تمامًا. من جانبه، يبدو أن مقرن كان لديه طموح خفي في العمل على السيطرة على مضيق هُرمز. وفقا لما ذكره المؤرخ البرتغالي (باروش):"سافر الملك [مقرن] إلى مكة المكرمة سعيًا وراء هدفه المتمثل في جلب حرفيين أتراك لبناء سفن من نوع "فوشتا" (fustas)، وأيضًا جنود بحرية يعملون فيها"، وهي عبارة عن سفن صغيرة مجوفة تقارب السفن الإيطالية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ولكنها أكثر رشاقة وأسرع.

بموافقة دييجو لوبش دي سيكيرا (Diego Lopes de Sequeira)، حاكم الهند بين عامي (1518-1522)، قام قائد الجيش البرتغالي في هُرمز، جارسيا كوتينهو (Garcia Coutinho)، بمساعدة ملك هُرمز عن طريق إرسال حملة عسكرية بعدد سبعة سفن ضد البحرين لفرض دفع الجزية عليها. أعطيت قيادة الحملة إلى أنتونيو كوريا (António Correia)، ابن أخ قائد هُرمز (كوتينهو). تكونت الحملة من 400 جندي برتغالي، وعدد 3000 مقاتل هُرمزي ومن العرب أيضًا، تم نقلهم في أسطول مكون من 200 قارب من هُرمز تحت قيادة الوزير شرف الدين الفالي. أبحرت هذه (الأرمادا) الصغيرة من هُرمز في 15 يونيو، ولكن بسبب سوء الأحوال الجوية تشتت السفن في مياه الخليج، فلم يصل (كوريا) إلى سواحل جزر البحرين إلا ومعه جزء فقط من تلك القوة العسكرية البحرية.

الوصف الوحيد للاستيلاء على جزر البحرين في هذه الواقعة جاء من مصادر برتغالية، لذا فالقوة العددية لقوى الصراع هنا من غير المرجح أن تكون دقيقة- ولكن على أي حال، لا بد وأن يكون المدافعين عن البحرين يفوقون بعددهم البرتغاليين وحلفائهم من هُرمز. وقد أعد مقرن الجبري الدفاعات وأتم أعمال حفر خندق على طول الشاطئ أمام القلعة تحسبًا لأي هجوم محتمل، إلا أن قواته الرئيسة بقيت داخل القلعة. كانت قوات الجبور مُختلَطة ومؤلفة من عدد من فرسان العرب، والرماة الفرس، وعدد قليل من الفرسان الأتراك، وحوالي 11,000 – بحسب المصدر البرتغالي- من المقاتلين العرب المزودين بأسلحة مختلفة. صحيح أن قادة جيش مقرن كانوا من ذوي الخبرة والممارسة الحربية؛ لكنهم لم يواجهوا من قبل جيشًا أوروبيًا مسلحًا بشكل جيد مثل الجيش البرتغالي.

- مشاركة جزر البحرين في ثورة الخليج الأولى عام 1521م.

- تمرد البحرين عام 1529م على يد الرئيس بدر الدين الفالي، بسبب قضية عمه شرف الدين الفالي، حتى قال البرتغاليين بملء الفم، كما تشير المصادر البرتغالية: أن بدر الدين قد ألحق بنا أضراراً جسيمة، (muito agravos)،. مما دعا القيادة البرتغالية في هُرمز لارسال حملة (سيماو دا كونها) البرتغالي على البحرين عام 1529 وفشلها في استرجاع الجزيرة بعد التمرد.

- تمرد عام 1602م على يد ركن الدين مسعود الفالي وخسارة هُرمز والبرتغاليين للبحرين نهائياً.

.

صورة تذكارية مع المحاضر