DELMON POST LOGO

العقوبات البديلة والسجون المفتوحة .. يشمل الجميع بمن فيهم المعارضين

بقلم : محمد الانصاري

لقد كثر الحديث موخراً عن تكهنات وسيناريوهات عودة البحرين للحياة السياسية الطبيعية ، وسوف لن أغطي عيني بغربال وأقول ان كل شيء طبيعي ، وان الحياة وردية ، لكن ايضاً يجب ان نكون منصفين و لا نغفل الكثير من الخطوات المهمة التي قامت بها الحكومة للعبور الى بر الأمان ، على المستوى السياسي و الحقوقي و الاقتصادي والاجتماعي ، ولابد ايضاً أن نكون واقعيين ولا نتوقع أنَّ هناك زراً سحرياً يمكن الضغط عليه متى ما شئنا العودة الى ما قبل ١٤ فبراير ٢٠١١ ، لكن في نفس الوقت من الضروري ان نكون متفائلين ، حيث انه من الممكن اذا عملنا سوياً لخلق بيئة نجاح ايجابية ان نعبر بالبحرين الى وضع سياسي مستقر ومستدام افضل بكثير مما كنا علية قبل ٢٠١١.
يعتقد الكثير واشاركهم الرأي ان قانون العقوبات البديلة الصادر في ١٩ يوليو ٢٠١٧ و التعديلات علية التي صدرت بمرسوم ٢٤ لعام ٢٠٢١ لتعديل القانون الاصلي للعقوبات البديلة ، و ثم استحداث فكرة السجون المفتوحة و تبني ولي العهد شخصياً هذه الفكرة كلها دلالات واثباتات واضحة على رغبة الدولة للوصل بالجميع الى مرحلة الاستقرار المستدام والمتوافق علية.
ولأجل فهم مبسط لتلك الخطوات التي تعتبر تمهيد من أجل خروج جميع من تبقى في السجن والانخراط في الحياة الطبيعية ، قمت بأختصار المراحل التي مرت بقانون العقوبات البديلة و أهم بنودها لإعطاء صورة شاملة حول الخطوات التي مرَّت بهدوء وإستقرار في هذا الملف الهام والحيوي ، فعندما ننظر للصورة الكلية نطمئن ان البحرين متجهة نحو إستقرار سياسي تدريجي وبخطى ثابتة ومتزنة وحكيمة.
صدر قانون العقوبات البديلة في ١٩ يوليو ٢٠١٧ وقد قوبل هذا القانون بترحيب كبير من شريحة واسعة من المواطنين والمقيمين فضلا على الإشادة والترحيب من المجتمع الدولي ، وهذا القانون ينشق الى قسمين قسم معني بالمحكومين وتسمى بالعقوبات البديلة ، و القسم الاخر معني بالمحبوسين احتياطاً ممن لم تصدر ضدهم أحكام قضائية بعد وتسمى بالتدابير البديلة ، وللمزيد من معرفة هذا القانون نبين الآتي:
اولاً :العقوبات البديلة و هي إحدى العقوبات المنصوص عليها في القانون، والتي يجوز للقاضي أن يقضي أو يأمر بها بدلاً عن العقوبة الأصلية التي تصدر بحق المحكومين وهي الاتي :
‌أ) العمل في خدمة المجتمع.
‌ب) الإقامة الجبرية في مكان محدَّد.
‌ج) حظْر ارتياد مكان أو أماكن محدَّدة.
‌د)التعهُّد بعدم التعرُّض أو الاتصال بأشخاص أو جهات معيَّنة.
‌ه)الخضوع للمراقبة الإلكترونية.
‌و) حضور برامج التأهيل والتدريب.
‌ز) إصلاح الضَّرر الناشئ عن الجريمة.
ثانياً : التدابير البديلة وهي بيد عضو النيابة العامة أو القاضي كبديل عن الحبس الاحتياطي لمن لم تصدر ضدهم احكام قضائية ، والمقصود بها إحدى التدابير المنصوص عليها في المادة (18) من نفس القانون وهي :-
‌أ) الإقامة الجبرية في مكان محدَّد.
‌ب)  الحضور لمركز الشرطة في أوقات محدَّدة.
‌ج) حظْر ارتياد مكان أو أماكن محدَّدة.
‌د) التعهُّد بعدم التعرُّض أو الاتصال بأشخاص أو جهات معيَّنة.
‌ه) الخضوع للمراقبة الإلكترونية.
مراحل تطور قانون العقوبات البديلة :
مر قانون العقوبات البديلة حتى الان بثلاثة مراحل تطويرية وهي حسب الآتي:
المرحلة الاولى : صدور القانون ١٨ لعام ٢٠١٧
١- للمحكوم اذا لم يتجاوز الحكم عن سنة ان يستفيد مباشرةً من قانون الاستبدال.
٢- في حين اشترط ان يقض المحكوم نصف المدة عند عقوبته بالحبس او السجن اذا المدة تجاوزة السنة.
المرحلة الثانية : صدور مرسوم 24 لسنة 2021
( اسقاط شرط نصف المدة ) ، حيث سمح هذا التعديل للجهة المعنية بوزارة الداخلية أنْ تطلب من قاضي تنفيذ العقاب أنْ يستبدل بالعقوبة الأصلية المحكوم بها قبل البدء في تنفيذها عقوبة بديلة أو أكثر ، بشرط ألا يكون في ذلك خطر على الأمن العام.

المرحلة الثالثة: السجون المفتوحة

وهو في الواقع صدور القرار رقم (10) لسنة 2022 بتعديل جدول برامج التأهيل والتدريب المرافق للقرار رقم (36) لسنة 2018 بشأن تحديد برامج التأهيل والتدريب للمحكوم عليهم بعقوبات بديلة ، حيث أصدر وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف قرارًا بشأن إضافة برنامج السجون المفتوحة لبرامج التأهيل والتدريب للمحكوم عليهم بعقوبات بديلة وإجراءات تنفيذها.
وقد أعلنت البحرين عن جملة من الإجراءات تستهدف توسيع نطاق العقوبات البديلة بالتوازي مع البدء في تنفيذ برنامج السجون المفتوحة، حيث وجهة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظة الله ورعاة بتنفيذ برنامج السّجون المفتوحة خلال الأشهر القادمة، وأكّد أنّ هذه البرامج تأتي في سياق مواصلة تطوير المنظومة التشريعيّة، بما يرفد المسيرة التنمويّة في البلاد.
وتأتي الإجراءات بعد أشهر قليلة من إصدار العاهل البحريني جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم حفظة الله ورعاة مرسوما يقضي بتطبيق قانون العقوبات البديلة، وإسقاط شرط قضاء نصف المدة الذي اشرنا له سابقاً .

شمول المعارضين المحكومين :

لا يوجد في قانون العقوبات البديلة و تعديلاته او في القرارات المنظمة ما يمنع ان يشمل المحكومين المعارضين في قانون العقوبات البديلة ، وإنما وجب فقط التأكد من عدم تشكيلهم خطر على الامن والمجتمع ، وهذه المسألة ممكن التفاهم حولها في إطار تعهدات متفق عليها لمن هم مستعدين للاستفادة من هذا القانون والخروج للمجتمع والانخراط في الحياة الطبيعية.
الادارة العامة لتنفيذ الاحكام والعقوبات البديلة :
و بغرض تسريع وإنجاح مشروع العقوبات البديلة والسجون المفتوح فقد تم اختيار فريق من المختصين ، على رأسهم مدير عام طموح و حسن السيرة عرف عنه خلقه الحميد و جده في العمل وهو سعادة الشيخ خالد بن راشد ال خليفة ، كما تم تشكيل مجموعات عمل في مختلف المحافظات يديرون ملفاتهم بأسلوب ونمط مدني راقي و متعاون ، وفي هذا الخصوص فقد تحدثت مع العديد من المستفيدين من خدمات هذه الادارة وقد أثنوا جميعاً على الفريق ، في إشارة واضحة لوجود رغبة حكومية جادة في ان يكون هذا القانون باباً مفتوحاً لعودة المحكومين لمجتمعهم بشكل منتظم ومدروس.

نصيحتي

ان الخطوات المتخذة حتى الآن تنبىء بتفائل الراغبين في الخروج من النفق الضيق الى سعة العمل المشترك ، أمّا المشككين و المترددين فيضيع وقتهم وجهدهم ، وفي الأخير لن يجدوا مخرجاً الا بالعودة لهذه المبادرات الوطنية لمن يريد التفاهم على معادلة تضمن فوز وانتصار الجميع.
كما أقول من جالس يقدح من رأسه الخطط و الأحلام والتصورات حول واقع و مستقبل الحياة السياسية في البلد دون علم ، ويخاطب الناس في وسائل الإعلام حول مشاريع الدولة وكأنه جالس معهم ، كل ما قلته في مقابلاتك خيال غير مرتبط بالواقع تماماً ، البحرين قيادة وشعب بسنتها وشيعتها وجميع أطيافها السياسية راغبين في انجاح التجربة الديموقراطية رغم كل الصعوبات والتحديات.