DELMON POST LOGO

الزبارة حق .. وما ضاع حق وراءه مطالب

بقلم : محمد الانصاري

عندما نتحدث عن الزبارة فإننا لا نتحدث عن مساحة جغرافية محتلة فقط ، بل هو تاريخ و موطن ، و أرض بناها و عمَّرها أهلها الذين أُخرجوا منها جبراً ، من دون وجه حق ، و بذلك غصب بالاحتلال والعدوان دار من دور أهل البحرين ، ولم يحدث ذلك في العصر الجاهلي ، و لا من مشركي قريش الذين قاموا بتهجير المسلمين من مكة ، ولا في الزمن الذي كان يحكمه قانون الغاب ، بل كل ذلك حدث قريباً في عام ١٩٣٧ ميلادية ، تحديداً قبل نكبة فلسطين بعشرة أعوام فقط ، حيث هجمت قوات عسكرية بالسلاح والعتاد ، على قطعة من الأراضي البحرينية ، واحتلوها ، وطردوا اهلها من بيوتهم ، وصادروا ممتلكاتهم ، ونفوهم قسراً عن دارهم ، واقتطع بذلك حبة من عقد اللؤلؤ.  
تأسيس الزبارة :-
تأسست الزبارة رسمياً عام ١٧٦٢ ميلادية على يد المغفور له باذن الله تعالى الشيخ محمد بن خليفة ، ثم نمت سريعاً في المساحة وعدد السكان لِما اتسم به مؤسسها وابنائه ومن حوله من حنكة وأخلاق وشجاعة مكنتهم من الانتصار على منافسيهم حتى صارت الزبارة حاضرة المنطقة.
ولكي يعمق وشائج المحبة مع قبائل المنطقة ، تزوج الشيخ محمد بن خليفة في نفس العام من احدى كريمات آل بوكوارة ، التي انجبت له " علي " في عام ١٧٦٣ م ثم " ابراهيم " ، وهكذا وبالتوافق أصبح للشيخ محمد بن خليفة إمرة الزبارة ، ثم استمر في تعمير الزبارة فبنى فيها قلعة على الماء الذي يستقون منه وسماها "صبحا" على اسم قلعة العتوب في الهدار التي بناها جدهم المغفور له باذن الله تعالى الشيخ فيصل ، وهو من (جميلة وائل) من عنزة.
لمن تعود ملكية الزبارة ومن هم أهلها الحقيقيون:
هذا السؤال يطرح نفسه ، حيث ان الزبارة حالياً مرسومة ضمن خارطة دولة قطر ، في حين ان البحرين تطالب بها ، كما انه تم استبدال اهلها الحقيقيين بسكان جدد ، و هناك محاولات لطمس هويتها التاريخية ، فلمن تعود ملكية الزبارة تاريخياً و شرعياً و قانونياً ؟ و ما هو وضع و حكم هذه المنطقة حالياً ؟
اولا : من هو الأسبق او الأقدم تاريخياً على شبه جزيرة قطر بشكل عام وفي الزبارة تحديداً بشكل خاص :-
١- تواجد أسرة ال خليفة في الزبارة : ان أول أمراء آل خليفة الكرام في الزبارة هو جدهم الأكبر الأمير محمد بن خليفة بن فيصل الجميلي التغلبي الوائلي ، وهو أمير قطر وايضاً مؤسس مدينة الزبارة ، وُلد في موطن الجميلات ، ثم انتقل إلى الكويت ثم إلى قطر لينتهي أميرا على أهل قطر في عام ( ١٧٦٢ م ) حتى توفي عام ( ١٧٧٦ ميلادية ).
٢- اما تواجد أسرة ال ثاني في الزبارة : في عام ١٨٤٨ ميلادية وصلت أسرة آل ثاني إلى الدوحة قادمة من فويرط بزعامة محمد بن ثاني الذي ولد في فويرط، وبعد وفاة والده ثاني بن محمد أصبح هو زعيم قبيلته في فويرط.
وبذلك تواجد ال خليفة في شبة جزيرة قطر و تحديداً في الزبارة يسبق وصول ال ثاني لها بأكثر من ٧٠ سنة ، فلمن تكون الأحقية في المكان ؟
ثانياً : من هو مؤسس مدينة الزبارة و من هم سكانها حتى ١٩٣٧ الذي تم الهجوم عليهم وتهجيرهم منها غصباً ؟
يجمع المؤرخين بمن فيهم كتاب تاريخ قطر الرسمي المعتمد ، بأن المغفور له الشيخ محمد بن خليفة هو من أسس الزبارة ، و ان العوائل التي هجرِّت منها في عام ١٩٣٧ ميلادية نزحت الى جزيرة البحرين ، حيث وفدوا على أهلهم وأبناء عمومتهم وهم لايزالون مقيمين فيها ، وهنا وفي هذا المقال المقتضب لا يسع الوقت ولا المقام لشرح وتبيان تفاصيل وإثباتات ما نقوله ، حيث أن المؤرخين كفوا واسهبوا في شرح ذلك ، وكتب التاريخ عجت بتفاصيل ما جرى من اعتداء و طرد ومصادرة للممتلكات ، وللراغب في الاستفاضة يمكنه البحث أكثر.
ثالثاً : لمن ملكية الزبارة بحسب الشريعة الاسلامية ؟
يتفق الفقه الاسلامي وبالإجماع في القاعدة " الأرض لمن عمرها " وهذا الفهم جاء من الحديث النبوي الشريف حيث قال ﷺ: من عمَّر أرضًا ليست لأحد؛ فهو أحق بها رواه البخاري في الصحيح ، ويقول ﷺ: من أحيا أرضًا ميتة؛ فهي له ، و من المستقر و الواضح ان ارض الزبارة كانت مساحة لا يملكها احد ، وقد استقروا فيها ال خليفة وعوائل عربية اخرى استقراراً كافياً لثبوت الملكية ، في وقت لم تكن هناك دولة ولا حكومة مركزية ، لذلك وبحسب الشرع فإن أرض الزبارة لاتزال ملكيتها لم تفصل شرعاً عن ملكية أصحابها الأصليين ، والتي اخذت منهم جبراً حتى تعاد لهم ، وهي الان ارض مغصوبة لا يجوز استعمالها من الأشخاص او الجهات الاخرى دون رضا ملاكها ، ومجمل فقهاء الامة تستشكل في الصلاة او الإقامة او حتى المرور في الارض المغصوبة.
رابعاً : حكم الزبارة في الشريعة بصفتها ارض مغصوبة حالياً :
عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
اليوم الزبارة وضعها الشرعي أرض مغصوبة من سكانها الأصليين ، حيث اخذت بعد العدوان على الناس بأكل أموالهم بغير حقٍّ، وفي اللغة يقال: غصب أرضه، وغصب ماله، إذا أخذه بغير حق، وذلك من المحرمات العظيمة، ومن كبائر الذنوب، فإنَّ الله جلَّ وعلا حرَّم على الناس دماءهم وأموالهم وأعراضهم ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في حديث سعيد هنا: مَن ظلم شبرًا من الأرض طوَّقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين.
الواقع والمفروض في الزبارة :-  
١- المفروض ان تعيد السلطات القطرية الأراضي والممتلكات في الزبارة لاصحابها ، وان تعوض المتضررين ، خصوصاً ان بعض العوائل عاشت ظروفاً قاسيةً جدا بسبب تهجيرهم من بيوتهم دون سبب او ذنب ، كما ان اغلبهم لايزالون على أمل في العودة لديارهم ، وان كان اي نظام في العالم يدعو لحق الفلسطينين للعودة لأرض اغتصبتها اسرائيل ، فالاولى ان تطالب بعودة اهل الزبارة لبيوتهم في ارض اغتصبها نظام عربي يعلن بأنه داعم للحقوق.
٢-اما الواقع إن نظام قطر ينكر على الزباريين حقهم في العودة لبيوتهم وأملاكهم ، ويدعم زعزعت الامن في البحرين لشغل حكام البحرين عن المطالبة بأراضيهم وممتلكاتهم وممتلكات العوائل الاخرى ، و هذه الخطة على أساس ان لو سكت ال خليفة سوف يسكت الباقون ، وهذه الفرضية خاطئة لان الزبارة بخيراتها و ما فيها وما عليها لكل اهلها من البحرين ، وهي مقاطعة مثل المحرق او المنامة او سترة ، لا يملك أحد التنازل عنها ، و سوف يظل اهل الزبارة و شعب البحرين وراء هذا الحق ولن يضيع حق وراءه مطالب.