DELMON POST LOGO

لماذا توقف برنامج العمل اللائق في البحرين ؟! وإلى متى ؟

بقلم – محمد الانصاري

جرت الرياح التي تسير " ببرنامج العمل اللائق "  في البحرين منذ الأحداث المؤسفة لفبراير ٢٠١١ بما لا يشتهيه ربان السفينة و عمالها ، كما ضُربت الحركة العمالية ، وأُكلت يوم أُكل الثور الأبيض ، وصاروا الناس الى فسطاطين ، فسطاطُ مالوا الى هؤلاء وفسطاطٌ مالوا الى هؤلاء ، وتغيرت أولويات الجمع ، ومضت عشرة أعوام ونيف ، هرم فيها الكبير ، وشاب فيها الصغير ، والآن أصبحت الظروف مواتية من جديد لإعادة إحياء المشروع ، بل أصبحت ضرورةً لضمان إستمرارية حياة الناس بكرامة .
تحدثنا في المقال السابق عن الأهداف الإنمائية للألفية ، واتفقنا على مدى أهميتها ، كما اتفقنا إن هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها الا عبر برامج وخطط تشترك فيها الدولة مع كامل مكونات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، في برامج وطنية محلية ، جنباً الى جنب الخطط و البرامج العالمية التي تنبثق من الأجهزة و المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
و من أقوى البرامج التي دعمتها الأمم المتحدة من خلال منظمة العمل الدولية في سبيل " القضاء على الفقر " هو برنامج العمل اللائق ، و هذا البرنامج يساهم بشكل غير مباشر في تحقيق أهداف اخرى منها  " تعزيز المساواة بين الجنسين " وهو الهدف الثالث من الأهداف الإنمائية ، وايضاً في تحقيق الهدف الخامس وهو "تحسين الصحة النفسية " .
العمل اللائق وسيلة لتحقيق تطلّعات الأفراد في حياة كريمة ، وسبيل الناس من أجل الوصول لآمالهم المعلّقة على فرص العمل المناسبة ذات الأجور العادلة ، وضمانة للموازنة بين الالتزامات والحقوق ، وتحقيق للاستقرار العائلي ، والتطور الذاتي ، والعدالة والمساواة بين الجنسين ، و وسيلة لإيصال صوت العمال ، والاعتراف بدورهم ، و العمل اللائق إذا ما نظر له بجوانبه المتعدّدة فهو السبيل للاستقرار والسكينة في المجتمعات ، و يؤدي بالنتيجة الى ضمان مصالح الحكومات و أصحاب العمل والعمال.
وقد دعمت مملكة البحرين برامج منظمة العمل الدولية منذ انضمامها للمنظمة عام ١٩٧٧ ، ومع بدء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم ، وتحديداً في عام ٢٠٠٠ نفذت الحكومة بالتعاون مع المنظمة برنامجاً تجريبياً للعمل اللائق ، واستمر  التعاون مع المنظمة في الازدياد ، ففي عام ٢٠١٠ أصبحت مملكة البحرين أول دولة في مجلس التعاون الخليجي تتبنى برنامجاً وطنياً للعمل اللائق مدته ثلاث سنوات حيث غطى البرنامج الفترة من ٢٠١٠ إلى ٢٠١٣.
في عام ٢٠١١ انتكس برنامج العمل اللائق نتيجة الظروف التي مرَّت بها البحرين في تلك الفترة ، وكان  لتوقف البرنامج ارتدادات كثيرة وكبيرة على التعاون بين أطراف الإنتاج ، حيث قالت منظمة العمل ان البحرين تمر بظروف داخلية يجعل السير قدماً في المشروع مستحيلاً ، أمًا أطراف الإنتاج وهم الحكومة وأصحاب العمل والعمال في تلك اللحظة كانت لهم أولويات غير متوافقة ، وكانت الاهتمامات تتركز في الأمور السياسية والأمنية .
و بحمد الله استطاعت البحرين و بتظافر جهود الجميع قيادةً وشعباً أن تطوي صفحة الأزمة ، وأن تستبدلها بروح الانطلاقة التي يحذوها الأمل بمستقبل زاهر لأبناء هذا البلد المعطاء ، حيث يواكب تطلعات المواطنين حركة التنمية والازدهار التي تشهدها البلد في كل مكان.
ينتظر المواطنون ولاسيما العمال أن تبدأ الحكومة ممثلةً بوزارة العمل المشاورات الثلاثية تمهيداً لاستئناف برنامج العمل اللائق ، ومن حسن الطالع إستمرار سعادة وزير العمل السيد جميل بن محمد علي حميدان في منصبة وهو العارف بدهاليز منظمة العمل و أسباب وكيفية إستئناف البرنامج وأهميته ، حيث يتفق الجميع على ضرورة ادراج العمل اللائق ضمن برنامج عمل الحكومة للسنوات الاربع القادمة ، آملين سماع خبر عقد أول أجتماع تمهيدي بهدف إحياء البرنامج .