DELMON POST LOGO

من مستعد لحمل راية الحرب على الفساد و المخدرات ؟

بقلم : محمد الانصاري

تشهد جهود وزارة الداخلية تصاعداً ملحوظاً في مواجهة أمرين خطيرين على المجتمع ، اولهما مكافحة المخدرات وإيجاد سبل العلاج للمبتلين بهذا الداء ومعاقبة المجرمين الذين يجمعون ثرواتهم من جلب السموم للبلد ، والأمر الثاني محاربة الفساد والمفسدين و المتكسبين بشكل غير مشروع ، والذين يقومون باستغلال مناصبهم لخدمة مصالحهم الشخصية ، ولاسيما المسئولين في الوزارات والهيئات الحكومية أو الشركات التي تمتلك الدولة أسهماً فيها.  
رغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة الداخلية وباقي الجهات ذات الصلة ، ورغم حملات التوعية المستمرة في كافة وسائل الإعلام ، الا انه لا يزال الشراكة المجتمعية الحقيقية المرجوة من الناس قاصرة ، ولايزال الكثيرين من افراد المجتمع يتحاشون التبليغ عن تجار المخدرات رغم توافر المعلومات عندهم ،كما ويخافون التبليغ عن المسئولين الفاسدين رغم وجود ضمانات السرية والأمان ووعود الدولة بحماية المبلغين عن الفساد بل ومكافأتهم .
يعزوا البعض تجنب التعاون الشعبي لمواجهة هذين المرضين الخطيرين والمعديين الى سببين وهما :-
١- الخوف الذي يسكن في قلوب وأذهان الناس على أنفسهم وعوائلهم من إنتقام المبَلغ عنهم، وهذا الخوف ليس في محله ، لأن هولاء المجرمين أجبن من أن يقوموا عمل ضد الشجعان المتصدين لهم ، فهم لا يتجرأون الا على من يخافهم ، كما ان مثل هذه القضايا يتم التعامل معها بسرية تامة.
٢- يتحاشى البعض الدخول في مثل هذه الأمور حرصاً على الوقت ، وبعداً عن التعب والمشقة الذي قد يحصل بسبب الإجراءات الرسمية ، وهذا العذر أيضا لا مبرر له ، لانه حالياً تم تخصيص أرقام هاتف للتبليغ ، و الجهد والوقت المبذولين أقل بكثير من الوقت والجهد الذي يبذلهما اي شخص في طلب وجبة من مطعم.
لكن وللأسف بين الخوف و الحرص ضاع النهي عن المنكر في أوضح صوره ، وأصبح الناس معظمهم الا من رحم ربي من سكان حارة " كل من ايدو إلو ".
ان المهمتين المذكورتين من المسائل المتفق عليها شرعياً وأخلاقيا ، فلا أحد يختلف حول أهمية وضرورة مواجهة الإدمان والمخدرات ، ولا حول مسألة حتمية عقاب من يجلب هذه السموم للبلد ، و العالم مجمع ان المدمنين طريقهم الأولى العلاج وليس العقاب، الا انه وللأسف الشديد لايزال الدور الشعبي في محاربة المخدرات غائباً حتى على مستوى التوعية والإرشاد في الخطب الدينية وبرامج الأندية ومؤسسات المجتمع المدني.
كما اننا جميعاً متفقون على أهمية خلع كل عنصر فاسد في أجهزة الدولة ، حيث ان الجميع يحفظ الحديث الشريف "الراشي والمرتشي في النار " ، ورغم ذلك يتبجح البعض أنه استطاع تمرير  معاملة ممنوعة من خلال موظف فاسد بطريقةِِ ملتوية ، و أكثر ما يؤلم احترام الناس لأشخاص متخصصين في ترتيب السهرات و الجلسات الخاصة لبعض الموظفين الذين سولت لهم نفسهم قبول الحرام ، دون أن يقوم أحد بالتصدي لهذا المنكر بالطرق القانونية.
ان مكافحة المخدرات ومحاربة الفساد واجب على الجميع، رغم الحاجز النفسي الوهمي المسيطر على الكثيرين ، فكم مرةً أسمع من الناس كلاماً محبط ، حيث يقول البعض " انني اعلم ان فلان فاسد لكن لا اريد قطع رزقة !! " ، في حين يطالب بتطبيق حكم الشرع وقطع يد السارق وجلد الزاني ، هذه الازدواجية التي لابد من علاجها.
ختاماً لكي لا يفهمني الناس خطأً ، فإني لا ادعوا أحد للتجسس على الآخرين ، ولا أدعوا لتعقب عيوب الناس ، فالله ستار واوصانا بالستر ، كل ما أدعو له في حال معرفتك بان المجتمع يتعرض لخطر الوقوع في شرك المخدرات بسبب شخص لا تسكت وبلغ عنه ، و اذا واجهت موظف او مسئول فاسد طلب منك رشوة لا تسكت بلغ عنه ، من باب النهي عن المنكر الذي هو واجبات الدين.