DELMON POST LOGO

حرية انتقال العامل الوافد اثناء سريان العقد .. انتهاك لحق صاحب العمل

بقلم : محمد الانصاري

في الاول من شهر أغسطس من عام ٢٠٠٩ قبل أكثر من ١٣ عام ، دخل قرار وزير العمل البحريني رقم (٧٩) لسنة ٢٠٠٩ حيز التنفيذ ، هذا القرار عرف بإسم قرار " حرية انتقال العامل "،  وجوهر هذا القرار هو السماح للعامل الوافد بالانتقال أثناء سريان العقد من صاحب عمل الى آخر دون موافقة صاحب العمل الأصلي ، رغم التزام صاحب العمل بجميع مواد قانون العمل البحريني وبنود عقد العمل مع العامل ، لتكون سابقة خطيرة لتشريع قانون يسمح لأول مرة لطرف دون آخر بخرق بنود عقد رغم التزام الطرف الثاني به نصاً وروحاً .
قامت هيئة تنظيم سوق العمل التي تبنت واصرت على إصدار القرار بتسويق هذه الفكرة من منطلق انها إجراءات تهدف لحماية حقوق العمال ، وقد عللت رأيها بأن هذه الشريحة هي الأضعف في المجتمع ، كما قالت ان القرار يراعي مبادىء منظمة العمل الدولية ، فيما غفلت ان القرار يظلم حق إنسان أو طرف آخر ، وهو صاحب العمل الذي لم يبخس العامل حقه و أعطاه اجره حسب العقد المتفق عليه دون ان يظلم منه شيئاً ، بل في احيانِِ اخرى يصل الضرر ليعم عموم الناس ، اذا كان العامل مدرساً في جامعة أو مدرسة ، او مهندساً او فنياً في مشروع حيوي يعتمد كلياً على هذا العامل ، عندها سوف يتجاوز الضرر من صاحب العمل ليصل للمجتمع.
تنفيذ هذا القرار تم تجميده لمدة 3 أعوام ، بسبب حجم الاعتراضات الشعبية الكبيرة التي صاحبت التطبيق في ذلك الوقت ، ثم للأسف بدء العمل به في عام ٢٠٠٩ ، وقد استند القرار للمادة (٢٥ ) من القانون رقم (١٩) لسنة ٢٠٠٦ بشأن تنظيم سوق العمل ، الذي سمح للعامل الأجنبي بالانتقال إلى صاحب عمل آخر من دون موافقة المنشأة التي يعمل فيها ، وقد نصت المادة على أن «يكون للعامل الأجنبي - من دون موافقة صاحب العمل - حق الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر وذلك من دون الإخلال بالحقوق المقررة لصاحب العمل بموجب أحكام القانون المنصوص عليها» ، مع العلم بأن هذا النص مهلهل جملةً وتفصيلاً ، حيث ان النصف الأول للمادة تتضارب مع النصف الثاني لنفس المادة ، وتفسيره وتطبيقة بهذا الشكل أضر بصاحب العمل وأخلَّ بالحقوق المنصوص عليها في عقد العمل و الانظمة المحلية و الدولية ، حيث انه من المستهجن صدور قانون يجيز لطرف مخالفة عقد مبرم وصحيح يضر بمصالح الطرف الاخر.
ان تنفيذ هذا القرار لم يتوقف رغم إصرار غرفة تجارة وصناعة البحرين على موقفها الرافض له ، حيث بين أصحاب الأعمال والمجتمع بشكل عام موقفهم الرافض لهذا الموضوع بشكل صريح وواضح ، وقد طالبت مؤسسات المجتمع المدني و أصحاب الرأي بضرورة وضع ضوابط لتنفيذ هذه المادة ، حيث أجمع المجتمع على أن تكون بنود العقد المبرم بين صاحب العمل و العامل الوافد اساس تستند إليه الجهات المعنية في هيئة تنظيم سوق العمل للسماح للعمالة بالتنقل.
ان حرية انتقال العامل بهذه الإجراءات الحالية أضرت كثيراً باستقرار العمل ، وهزت انشطة و مشاريع مهمة وحيوية لأصحابها ، و هي في رأيي المتواضع انتهاك لحق صاحب العمل ، حيث أن العامل الوافد يسمح له بترك العمل والانتقال دون ان يكون صاحب العمل قد أخلّ ببنود العقد ، لكن اذا قرر صاحب العمل إنهاء عقد العمل يتم إجبار صاحب العمل على دفع أجور المدة المتبقية من العقد ، وهذا الاجراء يجب ان يطبق على الطرفين بالمثل وإلا أصبح تطبيقاً غير دستوري.
ختاماً :
المطلوب من الجهات المعنية مراعاة العقد المبرم بين أطراف العمل ، ومن الضروري ان يعاد صياغة القرار المذكور بحيث يسمح للعامل بالانتقال من صاحب عمل لاخر فقط في حال اخلال صاحب العمل ببند جوهري من العقد ، أو عند انتهاء العقد الذي لا يتجاوز في اي حال من الأحوال مدة سنتين.