بقلم : محمد الانصاري
ولدت مع هيئة تنظيم سوق العمل سلسلة من الإجراءات والقرارات التي أضرت بالسوق المحلية، و لم تنفع الاقتصاد الوطني ،ولا مبادىء حقوق الانسان ، بل خربت بيت صغار التجار البحرينيين ، و سلبت حقوق أصحاب العمل ،و قطعت أرزاق المواطنين العاملين في السوق ، فضلاً أنها ظلمت العمالة الوافدة الملتزمة ، خصوصاً بعد أن سمحت الهيئة للعامل الأجنبي أن يدخل البحرين من الباب الخلفي ، و أن يخطف لقمة العيش من الخضار و السماك و النجار و الصائغ البحريني ، حتى وصل الأجنبي لينافس أصحاب العمل ويضارب التجار والعمال على حدِ سواء تحت مسميات رسمية كثيرة .
هذه القرارات تم التراجع عن بعضها بعدما تسببت في كوارث وطنية مثل قرار تصريح العمل المرن والذي اصطلح السوق على تسميته الفيزا المرنة ، التي كان يتغنى البعض في فوائدها شعراً ، وسرعان بعدما قرر صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله إلغائها أصبح الجميع يستذكر شرورها ويذمها ، لكن بعض تلك القرارات لا تزال مستمرة ، وآثارها السلبية لم تتوقف ، كما و لاتزال الهيئة من وقت لآخر تخرج بنظريات و فرضيات جديده لا أحد يعلم أساسها ولا من أين جاءت ومن صاحب المصلحة فيها.
حرية انتقال العامل الأجنبي أثناء سريان العقد أحد تلك القرارات المضرة للعموم دون شك ، ولكن ضررها الأكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تصاب بعضها بالشلل بسبب الانتقال المفاجئ لعامل أو أكثر بدون تعويض صاحب العمل ، لا أدري من أعطى الحق لهيئة تنظيم سوق العمل في أن تسمح لنفسها سلب حق صاحب العمل في التعويض ، وعلى أي أساس أعطت الحق لطرف دون آخر في نكث إتفاق مبرم بين جهتين ، لا يوجد أبداً في المفاهيم الحقوقية شيئاً يسند ذلك ، اما ما يكتبه بعض المستشارين المستوردين فهو مجرد نقيق لا معنى حقوقي له.
مصطلحات اخرى بدأت تظهر هذه الأيام بعد إلغاء رخصة العمل المرنة ، وهي عملية تسجيل العمالة و إدخالهم في شكل جديد إعادة تنظيمهم بدل مغادرتهم البلاد ، كما كان مطلب اصحاب العمل والعمال وأيضا عموم المواطنين ، هذه الخطوة يجب أن توضح بشكل ليس فيه لبس للرأي العام ، ويجب أخذ رأي البرلمان فيها ، أمًا إنفراد الهيئة بتسيير هذه القرارات التي تمس كل فرد في المجتمع لوحدها أمر غير مقبول و له عواقب وخيمة ، ببساطة يجب أن لا يشتغل عامل أجنبي في السوق الا من خلال رخصة عمل تصدر تحت مسمى سجل ، والا ماذا أصبح الفرق بينه وبين المواطن ؟!.
يظن البعض أن الممارسات السلبية التي حصلت بسبب بعض اصحاب العمل كافيه لإلغاء نظام العمل المحلي السائد منذ عقود ، و هذه خطه ماكره من الدول المصدرة للعمالة كي تقذف ملايين العمال في بلداننا تحت مسميات حقوق الانسان ، الصحيح هو محاسبة من يقوم بظلم العامل أيً كان العامل او صاحب العمل عبر القضاء ، وذلك من باب العدالة والإنصاف ، اما التخلي عن أمن بلداننا الديمغرافي التدريجي فهو أمر مرفوض تماماً ، سواء تحت مسمى الغاء نظام الكفيل او رخصة العمل المرنة او تسجيل العمالة الوافدة.
ختاماً
ندعو هيئة تنظيم سوق العمل لمراجعة إجراءاتها خصوصاً أمام الصراخ المتزايد من عموم الناس ، كما ندعوها للتخلي عن دور الحارس القضائي لحماية العمالة الوافدة دون المحلية حال النزاع بين العامل وصاحب العمل وحصر الفصل حال عدم التسوية في أجهزة القضاء ، فالهيئة مؤسسة حكومية لتنظيم جلب العمالة اذا استدعت الحاجة ، وليست مؤسسة قضائية للفصل بين أطراف العمل.
اما التسابق لنيل جوائز مكافحة الاتجار بالبشر او غيرها من الجوائز مساعي جيدة ومحل اعتزاز الجميع ، لكن هذه المساعي تصبح لا تعني السوق ولا عموم المواطنين شيء اذا لم تكن تخدم مصالح العمال وأصحاب العمل وإذا لم تساهم في توفير فرص العمل للمواطنين.