DELMON POST LOGO

كنتم تظنون الحرب نزهة

بقلم: محمد الأنصاري
مؤشرات الحرب الروسية الأوكرانية تتجه نحو التوسع والتصعيد، فكل يوم تصب الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي الزيت على النار، تحت مسمى دعم أوكرانيا وحماية القيم الغربية، وكل يوم استعداد روسيا لضربة نووية يقترب أكثر فأكثر، فصبر الدب شارف على الانتهاء.
بدأت الحرب بين روسيا وأوكرانيا لأسباب معروفة لدى الجميع، وهي رغبة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي في الانضمام إلى حلف الناتو، رغم علمه أن من شروط الاتفاق الذي سُمح بموجبة لأوكرانيا بالانفصال من الاتحاد السوفيتي، ضمان حياد أوكرانيا وعدم انضمامها للعدو التاريخي للروس وهو حلف الناتو.
الوضع في نقاط التماس يزداد تشنجاً، والدول المجاورة للبلدين المتحاربين ينغمسون في نار الحرب كلٌّ لجهة، وللأسف يجرون شعوبهم والعالم لانهيار اقتصادي ومواجهة غير محمود عقباها، وكلما تعقدت الأمور في أوروبا التي تسببت في الحربين العالمية الأولى والثانية ازدادت الاحتمالات للانزلاق من دون سيطرة لحرب واسعة تدمر العالم، وتحرق الأخضر واليابس، فكما قال المتنبي:
كلُّ الحوادثِ مَبْدَأَهَا من النظر … ومُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ اَلشَّرَر
كانت أوروبا وأميركا متحفظة في البداية على دعم أوكرانيا بالدبابات أو هكذا كانت تصرح على الأقل، إلا أن أمريكا قامت قبل أسبوعين بإعلان نيتها تزويد أوكرانيا بدبابات "إبرامز"، هذا الإعلان جرَّ ألمانيا الأكثر تعقلاً لتقديم فخر صناعتها في مجال الدبابات حيث قالت الحكومة الألمانية إنها سترسل ١٤ دبابة من طراز "ليوبارد- ٢" إلى أوكرانيا، كما أعطت برلين الضوء الأخضر لعدد من الدول الأوروبية الأخرى التي ترغب في إرسال دبابات "ليوبارد- ٢" ألمانية الصنع إلى أوكرانيا، وقد رحبت بريطانيا أيضاً بهذا الإعلان، ومن جانبها التزمت الأخرى بإرسال ١٤ دبابة من دباباتها.
لم يتوقف هذا الدعم الأوروبي الأمريكي عند هذا الحد، فأمريكا أعلنت تحفظها على دعم أوكرانيا بالطائرات الحربية، إلا أن صيغة التحفظ الناعمة كانت فخا في حد ذاته، ما قاد إنجلترا لإعلان نيتها عن دعم الأوكرانيين بالطائرات الحربية لمواجهة التفوق الروسي الجوي في سماء أوكرانيا، كما تدور حالياً نقاشات علنية حول إمكانية إعادة النظر الأمريكية لقرارها حول دعم أوكرانيا بالطائرات، إلى جانب تقديم باقي الدول الأوروبية الطائرات التي تحتاجها أوكرانيا لمعادلة التفوق الجوي الروسي.
روسيا من جانبها لم تتوقف عن الحشد في بيلاروسيا لفتح جبهة جديدة، كما لا يُستبعد دخول الصين كداعم علني لروسيا، فضلاً عن دعم كوريا الشمالية وإيران، وكل من هؤلاء لهم دافعه، وكلهم يجتمع في رغبته واحدة وهي منع عودة الأحادية القطبية من جديد، والتصدي لهيمنة أمريكا التي ترغب في التوسع قرب الصين وكوريا، وبهذا الصراع يتجه العالم كله نحو الحرب العالمية الثالثة، كنتيجة لرغبة لا فائدة منه سوى أمجاد شخصية، أو صراعات ضررها أكبر من نفعها بكثير.
ختاماً:
١- لا بد من توقف زيلنسكي عن محاولة الانضمام لحلف الناتو، والإيفاء بشروط انفصال أوكرانيا من الاتحاد السوفيتي، فكما يقول المثل "إلي أوله شرط آخره نور".
٢- ضرورة انتباه أوروبا بأن النار ليس لديها القدرة على التمييز إذا وصلت، بل إنها تحرق الأخضر واليابس، وأوروبا ليست بعيدة عن الحرب العالمية الأولى والثانية.