DELMON POST LOGO

ضربة معلم يا وزيرة .. تحويل الأراضي الزراعية الى استثمارية

بقلم : محمد الانصاري
شكلت قضية المحافظة على الأراضي الزراعية مشكلة كبيرة ومعقدة لدى الحكومة في العقود الخمس الماضية ، خصوصاً بعد ظهور عشرات المصانع وعزوف الأبناء عن الزراعة ، وقد قام غالبية ملاك الأراضي متعمدين بتبوير أراضيهم بهدف خلع صفة الزراعية عنها ، تمهيداً لتعديل او تغير تصنيفها بغية رفع سعر الأرض ، وجعلها قابلة للاستثمار و البناء ، حيث ان الاراضي التي تم تصنيفها في الحزام الأخضر لم يكن يسمح ببنائها و الاستثمار فيها ، وبالتالي كانت قيمتها السوقية أقل بكثير من غيرها.  
عملت الحكومة هذه المرة بطريقة مختلفة ، حيث أنها قامت بابتكار فكرة جديدة سوف تسهم في المحافظة على المساحات الخضراء ، كما وتسمح في نفس الوقت بالاستثمار في الاراضي الزراعية دون تبويرها ، وبذلك ضربت عصفورين بحجر واحد ، حيث انها حافظت على طبيعة الأرض ، وراعت مصلحة المستثمر ، وقد أدى ذلك لتعديل سعر قدم الأراضي لقيمة جديدة منصفة بعد ان كانت لا تسوى شيء قبل القرار.
صدور قرار وزير الاسكان والتخطيط العمراني رقم (١١٦) لسنه ٢٠٢٣ بشأن تعديل تصنيف المناطق الزراعيه في مختلف المحافظات ، دفع سوق الأراضي الزراعية الى الأعلى ، كما شجع ملاكها على تنفيذ مشاريع خضراء مفيدة للأمن الغذائي ، هذه المشاريع سوف تساهم خلال العقد القادم في زيادة الاعتماد على الزراعة المحلية ، كما سوف تزيد حجم الاستثمارات في الثروة الحيوانيه ، وهذا القرار عدّل أمور كثيرة من أهمها الآتي :
اولا: غيَّر القرار تصنيف العقارات الزراعية (  AG ) في مختلف مناطق مملكة البحرين الى مناطق زراعية استثمارية ( AGI ) ، وقد انعكس ذلك بالفعل في نظام تصنيف الأراضي الرسمي ، وهذا يعني تعديل مفهوم الزراعة في البلد من مهنة تقليدية إلى عمل إستثماري.
ثانياً : سمح التخطيط الجديد ببناء نسبة 30 % للبيوت المحمية والمشاتل ، وهذا شكل واضح للمحافظة على الزراعة بالطرق العلمية الحديثة ، كما سمح بنسبة 30% للوحدات السكنية الخاصة ، ونسبة 30 ٪؜ لبناء الحظائر و الاسطبلات المكملة والمرتبطة بالزراعة وتنمية الثروة الحيوانية .
ثالثاُ: سمح القرار بتخصيص نسبة 10 %  من مساحة الارض للاستعمال التجاري ، وهذه التعديلات سوف تشجع الملاك على المحافظة على أراضيهم الزراعية والاستثمار فيها بعد ان اصبحت تساوي اضعاف ثمنها قبل القرار ، وصارت بالإمكان أن تسهم في خلق فرص عمل في الأقسام التجاريه فضلاً عن الاقسام الاخرى .
ختاماً
١- قامت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بواجبها المطلوب في تصنيف الأراضي الزراعية وبشكل منصف وطموح ، والكرة الان في ملعب باقي الأجهزة المعنية بالتنمية الزراعية والحيوانية ، كي تستكمل مشوار تنمية الثروة الزراعية والحيوانية ، عبر مشاريع وخطط مشتركة مع القطاع الخاص .
٢- سقط المبرر الوحيد خلف تبوير الأراضي الزراعية ، والذي كان السبب في إختفاء مساحات خضراء شاسعة من البلد ، حيث اصبح قيمة الأراضي الزراعية بعد التعديل الجديد يساوي او يزيد عن قيمة الأراضي الاعتيادية خصوصاً بعد اضافة شريحة تجارية للأرض.
٣- لم يكن هذا التعديل وليد الصدفة ، كما هو ليس بعمل فردي ولا خارج سياق التنسيق بين مختلف الوزارات ، سوف يجني الكثيرين ثمار هذا القرار ، ومن أهم وأكثر الناس استفادة هم المزارعين و مربي الحيوانات و المستثمرين في الأراضي الزراعية وملاكها.