DELMON POST LOGO

المنع من السفر حالياً .. ومستقبلاً الجلد والرجم لمخالفين للأنظمة و الإجراءات

بقلم : محمد الانصاري
رغم التطور الكبيرة في إجراءات الربط بين الوزارات سواءً من خلال نظام هيئة تنظيم سوق العمل او نظام سجلات او الانظمة الاخرى ، إلا انها من جانب واقعي أصبحت ألماً و وبالاً على الناس و المستثمرين على حدِِ سواء ، لم يتصور المجتمع أبداً بان هذه الانظمة الدقيقة سوف يكون فيها سلبيات بهذا الشكل ، لكن المشكلة الحقيقية ليست في انظمة الربط بحد ذاتها ، وإنما المشكلة تكمن في العقليات التي تشغل وتدير وترسم وتنفذ وتتابع إجراءات هذه الهيئات والوزارات ، وهي عقليات لاتزال تعمل عكس توجهات وتوجيهات الدولة وتطلعات المواطنين .
فأذا أخذنا على سبيل المثال هيئة تنظيم سوق العمل ، نجد انه إذا إنتهى جواز سفر عامل واحد في شركة بها ١٥٠٠ عامل ، يقوم نظام الهيئة ومن دون إنذار أو تدرج بوقف جميع معاملات الشركة ، وعلى إثر هذا الاجراء تدخل الشركة في إرباك حتى تنتهي عملية تجديد الجواز التي قد تمتد ٣ أشهر اذا كان العامل من احدى الدول الأفريقية التي ليس لديها سفارة في البحرين ، اما اذا قرر أحد العمال ومن دون سبب ترك العمل لمكان غير معلوم فلا يمكن إتخاذ اي إجراء ضد هذا العامل ، وبعد ٥ سنوات إذا قرر المغادرة ، تقوم الهيئة بإجبار صاحب العمل على دفع تذكرة العودة لهذا العامل الذي لا يتذكر صاحب العمل أسمه أو شكله ، من خلال وقف معاملات صاحب العمل حتى جلب التذكرة.
اما اذا تقدم عامل واحد فقط بشكوى لدى هيئة تنظيم سوق العمل ، وقبل التحقيق و حتى قبل سماع وجهة نظر صاحب العمل ، تقوم الهيئة احياناً بوقف معاملات الشركة بشكل كامل ، وهذه الصلاحية موجودة لدى القسم المعني يستخدمها موظف هيئة تنظيم سوق العمل متى شاء ، وعلى سبيل المثال شركة يعمل فيها أكثر ١٠٠٠ عامل ، وهي تعمل أكثر من ١٠ سنوات دون مشاكل ، فقط تقدم عامل بشكوى ضد الشركة ، وهذه الشكوى بسيطة وقابلة للحل الودي اذا صحت ، و مع ذلك تقوم الهيئة بوقف جميع معاملات هذه الشركة حتى الانتهاء من إجراءات التحقيق ، وحتى تقوم الشركة بالإذعان لطلبات الموظف الذي قام بوقف المعاملات .
اما هيئة الكهرباء والماء فان مستأجرين العقارات لا يمكنهم التقدم بمعاملاتهم لتوصيل الكهرباء الا بعد أخذ موعد عبر برنامج مخصص لحجز المواعيد ، وبعد انتظار لعدة أيام ، يصدم المستأجر عندما يتحدث مع موظف خدمات المشتركين في هيئة الكهرباء والماء ، بسبب رفض الأخير توصيل التيار الكهربائي ، بحجة ان صاحب العقار لديه فواتير غير مدفوعة في إحدى عماراته ، وعندما يقوم المستأجر بالتواصل مع صاحب العقار ، ويقوم صاحب العقار بدفع الفواتير ، يرجع المستأجر للهيئة من خلال نفس برنامج حجز المواعيد ليصدم مرة أخرى بان فواتير جديدة صدرت على مالك العقار في عمارة أخرى ، و هذا المسلسل قد يمتد لأسابيع خصوصاً اذا كان المالك لديه أملاك كثيرة.
واذا صدرت مخالفه على فرد او شركة من وزارة البلديات فهناك بدعة جديدة يفكر فيها بعض الأعضاء في المجالس البلدية ، هذه البدعة تم الحديث عنها مطولًا في وسائل الإعلام و اجتماعات المجالس البلدية ، حيث تم اقتراح منع المخالفين للأنظمة البلدية من السفر و حرمانهم من الترشح للمجالس البلدية و مجلس النواب هذا فضلاً عن الغرامات و وقف المعاملات ، وكل هذه العقوبات قد تكون لمخالفة بسيطة كانت تحل وتنتهي في الماضي بشكلٍ ودي ومن دون اي عقوبات مبالغ فيها.
هناك عشرات الأمثلة الأخرى في باقي الوزارات و الهيئات التي تجعل الناس يتخوفون من الاستثمار في البحرين بسبب تصرفات متشددة يقوم بها أفراد ومسئولين في الأجهزة المختلفة ، وقد بلغت هذه الإجراءات لدرجة التندر عليها و تناقل قصصها بين الناس ، فهل سوف يفكر بعضهم في عقوبة الرجم أو الجلد في إحدى الميادين المزدحمة من باب تعزير المخالفين ، أم سوف نشهد في الأيام القادمة تحركاً رسمياً بإتجاه ضبط عملية الإجراءات العقابية ، انطلاقاً من هدفها الأسمى وهي سياسة الإصلاح والبناء بدل سياسة العقاب والتشدد.
ختاماً :
١- ضرورة مراجعة إجراءات الهيئات والوزارات وإعادة هندستها لكي تكون أكثر جذباً للاستثمار و تحقق رضى أكبر للمواطنين.
٢- ضرورة عدم وقف معاملات الشركات والاكتفاء بتوجيه ملاحظة او إنذار ، فاذا لم تتم معالجة المخالفة من قبل الشركة مع عدم وجود أسباب لذلك عندها يتم وقف معاملات الشركة جزئياً وتدريجياً حتى تصل للوقف الكلي.
٣- ضرورة التوقف عن تشديد العقوبات و الغرامات المنفرة والاتجاه نحو التفاهمات الودية مع المواطنين والمقيمين والمستثمرين.
٤- توجيه السفارات للدول المصدرة للعمالة بوقف الاتصال المباشر بالمواطنين أو أصحاب العمل ، و منع مندوبي السفارات من الإتصالات المباشرة التي يقومون بها للناس بغرض ترهيبهم والتي تخالف الأعراف الدبلوماسية.