DELMON POST LOGO

أوروبا عرابة الإنسانية.. تمنع الدول والمنظمات من إنقاذ حياة المهاجرين

بقلم : محمد الانصاري

قدرت الاسوشيتد برس إن أكثر من ٥٦ ألف إنسان وقعوا ضحية الغرق أو الضياع في الطريق بسبب محاولات الهجرة عبر البحر لأوروبا بين عامي ٢٠١٤ و ٢٠١٨ ميلادية ، ما يعني ان ما يزيد عن ١٠ آلاف إنسان يموتون سنوياً بسبب الإجراءات غير الإنسانية التي تتخذها أوروبا ضد الفارين من الحروب والقمع والارهاب في بلدانهم ، والتي كان سببها الرئيسي الخطط الامريكية والأوروبية للسيطرة على النفط والموارد الأخرى في قارتي آسيا وأفريقيا على مدى ما يزيد عن قرن ونصف من الاستغلال والاستعمار و المؤامرات و التخريب في بلداننا.

بمجرد التعرف على جنسيات الضحايا المهاجرين نفهم جيداً لماذا قاموا بالفرار من مناطقهم ، ومن الذي يقف وراء تدمير بلدانهم ودفعهم للهجرة ، إن معظم ضحايا الغرق في البحر او الضياع في الصحاري هم من الصومال و لبنان و مصر و السودان و فلسطين وسوريا وتونس والعراق و رواندا و غيرها من الدول التي لعبت أوروبا وامريكا دوراً واضحاً في تخريبها وتدميرها من الداخل ، من أجل السيطرة على موارد الذهب الأسود و المواد الخام التي تمتلكها هذه البلدان ، أو بسبب الخلافات الجيوسياسية أو الأيديولوجية مع القوى الكبرى في العالم.

قام الأوروبيون والامريكان بدعم داعش في سوريا والعراق و جماعة الشباب في الصومال و دعم تقسيم السودان الى شمال وجنوب و التسبب في اندلاع حرب بين الأطراف في الشمال ، والاغرار بصدام حسين لغزو الكويت و إشعال الفتن في مصر و الجزائر و تشجيع الثورات في العديد من الدول ، ودعم طالبان للعودة إلى افغانستان و قصف ليبيا والدخول في رواندا ، بل ذهبوا لأكثر من ذلك لدرجة تشجيع وتمويل المتطرفين حتى في البلدان الحليفة على خلق الأزمات و القلاقل بغية ضمان حاجة تلك الدول لهم بشكلٍ دائم ومستمر.

لم تكتفي أوروبا والولايات المتحدة الاميركية بخلق تلك الأزمات في المنطقة بل أجبرت الحكومات في شمال افريقيا على التخلي عن دورها الإنساني في مساعدة الراغبين في الهجرة ، وفرضت على تلك الدول استحداث قوانين تعاقب وتسجن بموجبها الضحايا و الفارين من الحروب والارهاب وبعد ذلك تعيدهم الى بؤر الفتن دون رحمة ورأفة ، وبشكل خالي من الإنسانية و الإحساس ، كما تعمل أوروبا على الحد من عمل المنظمات الإنسانية وخفر السواحل للدول المطلة على المتوسط وتبعدهم عن المياه الإقليمية، وهو ما يؤدي إلى عدم تمكن الجهات المعنية من إنقاذ المهاجرين وغرق الكثيرين منهم.

ان أوروبا رغم إمكاناتها المالية وحاجتها للعمالة و الشباب أغلقت أبوابها في وجه هؤلاء المساكين ، في حين ان دول فقيرة تستضيف ملايين المهاجرين بحفاوة وإنسانية وكرم ، إن الاردن ولبنان تستضيفان ملايين العراقيين والسوريين والفلسطينيين ، و سوريا تستضيف ملايين الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين ، ومصر تستضيف ملايين السودانين والسوريين و الأفارقة ، والخليج تستضيف ملايين العرب من العديد من الدول ، لم يغلق أحد بلده في وجه ضحايا الارهاب والحروب و المجاعات سوى أوروبا وامريكا ،وهم أغنى دول العالم حتى وصلت بهم ان تفرض الولايات المتحدة الامريكية بجبروتها على دولة محدودة الموارد مثل المكسيك وبالقوة ، ان تبني جدار عزل على حسابها لتمنع مواطنيها الفقراء من الهجرة لامريكا .

ان ايطاليا منعت المنظمات الإنسانية من العمل على مساعدة الضحايا في حال تعرضهم للغرق او الضياع ، كما قامت إيطاليا واليونان بإعادة الألف من هؤلاء الفارين الى البحر ما تسبب في موتهم دون رحمة في العديد من الحوادث الموثقة ، وهاهي أوروبا مجتمعة تعرض تمويل تونس التي رفضت علناً خطة أوروبا لقمع المهاجرين ومنعهم من محاولات الهروب من الجحيم ، وبالمقابل تقوم أوروبا بتمويل حرب شيطانية كبيرة في أوكرانيا بمليارات الدولارات ، لتخلق أزمة هجرة جديدة و بؤرة فقر اخرى ، كما فعلت في ليبيا والعراق الغنيتين ، وكما فعلت قبل ذلك في الصومال و السودان وغيرهم.

ختاماً

١- يجب على أوروبا ومن نفس منطلقات حقوق الانسان التي تدعوا بها عدم قمع اللاجئين لأراضيها واستقبالهم حتى تنتهي الحروب والمجاعات في بلدانهم الأصلية ، كما يجب على الولايات المتحدة الامريكية التعامل بإنسانية مع المكسيكيين الذي يدخلون امريكا بحثاً عن عمل.

٢- لم تقم كل من امريكا وأوروبا بالالتزام بتعهداتها لمساعدة الحكومات غير القادرة على تحمل أعباء ملايين اللاجئين عندها ، كما هو الحال في لبنان والاردن ومصر.

٣- على الغرب الكف عن إزدواجية المعايير عند تطبيقها لمبادئ حقوق الإنسان وخصوصاً عندماً تتحدث عن مساعدة الفئات المضطهدة و ضحايا العنف والارهاب والمجاعات.

٤- على الدول مساعدة هؤلاء اللاجئين المساكين للوصول لبر الأمان بدل قمعهم و فرض الحصار عليهم ، وليس مقبولاً ابداً لعب دور حارس حدود أوروبا على حساب أشخاص ملهوفين وهاربين من الدمار الواقع في بلدانهم بأسلحة وتدبير غربي.