DELMON POST LOGO

بين الشيخ القطان والسيد الغريفي قروناً من المحبة والتسامح و المصير المشترك

بقلم : محمد الانصاري

ان مسئولية القيادات السياسية و رجال الدين وأصحاب الرأي ليست كمسئولية عموم الناس ، لذلك على هؤلاء ضبط خطاباتهم والتأني في إختيار مفرداتها ، و مراعاة إننا في زمن مختلف عما كنا عليه قبل عشر سنوات مضت ، فاليوم كل شيء مرصود و مراقب من آلاف الكميرات والهواتف النقالة الذكية التي هي بأيدي البر والفاجر ، وإن أسماع الناس و أنظارهم متحفزة لأي مقطع او قول غريب.

لقد أثارت تصريحات فضيلة الشيخ عدنان القطان في خطبة الجمعة قبل ١٠ أيام مشاعر البعض ، خصوصاً انه رجل عرف عنه الحكمة والوسطية والاعتدال ، كما عرف عنه سعيه الدائم للخير ونزع فتيل الفتن و الخلافات في الأمة الإسلامية بشكل عام و الوسط البحريني على وجه الخصوص ، وقد استغل البعض هذا اللبس في جملة ربما لم يوفق الشيخ في صياغتها وتوضيحها حول زيارة الأضرحة والقبور ، لينهالوا بعشرات الردود التي انقسمت بين المعترضة والمؤيدة والمثيرة ، ولو نظرنا في تلك المواقف بالعقل والمنطق لوجدناها كفيلة بإشعال الفتنة الطائفية في بلد ينعم أهلها بنعمة الإسلام.

كان رد سماحة السيد عبدالله الغريفي من جانب آخر بيناً وواضحاً في إزالة اللبس ، حيث قدم توضيحات معتدلة و منهجية وبخطاب محترم ، فأغلق الباب أمام الذين يبحثون عن سبب لنشر الفوضى و الخلافات والفتن بين ابناء الشعب الواحد ، وأنهى بخطابه هذا السجال العقيم ، فلا يوجد شخص في هذا البلد يستفيد من توتير الأجواء ، خصوصاً اذا كانت لأسباب دينية وطائفية ، فالجميع في معادلة كهذه خسران ومتضرر ، كما أن أخلاقنا تفرض أن نحسن الظن ببعضنا ، فكيف برجل فاضل حفظ لسانه في فترة كانت الصفاقة سمة الخطاب من غالبية الأطراف ، فلم ينظم لجوقة التخريب التي تظهر على شاشات الفضائيات المأجورة والصحف الصفراء ولم يؤيدها أبداً .

لقد عشنا في هذا البلد قروناً من التسامح والألفة و المحبة ، تشارك الأجداد والآباء في خيراتها واقتسموا لقمة العيش عندما كانت اللقمة شحيحة والعيش ضنكاً ، وتصاهروا و تزاوجوا وتكافلوا في الأفراح والأحزان ، و قد أثمرت هذا الأرض كنوزاً ثمينةً من العلوم و الآداب على يد علمائها وشعراءها و قادتها من جميع الطوائف، وقد كانت مقصداً لطالبي العلم و الباحثين عن الرزق ، فقد جاء في أسطورة دلمون أرض الخلود .. ان الغراب فيها لا يتعب ولا يناله الكبود .. والأسد لا يفترس فطعامه على البساط ممدود .. وأهلها دوماً أصحاء وعن الأمراض في صدود .. فلا العين ترمد وألم الرأس غير موجود .. فالمرأة لا تكبر و هي نظرة ولون خدها الورود .. والرجل دائم الشباب بالكهولة غير موعود .. أرض خضرة وماؤها العذب يملأ الخلجان والسدود.

نحن نعلم جيدا ونؤمن بأن الله عز وجل يثيب من سعى خيراً في وطنه و عمل على جمع أبناء بلده على قلب رجل واحد ، كما واثقون بأن الوطن سيذكر من ساهم في وحدة صفوفه وبناء حضارته ، ولا نجد اية شجاعة وبطولة في صب الزيت على النار  عند الفتن والخلافات ، فالامة لن تحقق أية مكاسب من صَدْع جمعها ، وسوف يضع التاريخ كل فردِِ منا في محله الصحيح ، ولن يستمر حال المتكسبين من الحروب ، فإلى الله مردهم ليحاسبهم بما فعلوا ، وكذلك الناس ترفضهم وتلفظهم ولا تضع لهم مكانة ولا منزلة.

ختاماً

١- البحرين واحة التسامح ولن نسمح لأحد ان يقسمنا أو يفرقنا ، فنحن بإذن الله معتصمون بحبله سائرون على هدي نبيه صلى الله عليه واله وصحبه وسلم.

٢-السيد الغريفي ومن معه ، والشيخ القطان ومن معه إخوة في الدين والوطن نسأل الله ان لا يفرق بينهم.

٣- خاب ظن من أراد السوء وزرع الفتن فشعب البحرين أوعى من هذه المحاولات الفاشلة ، وهو شعب غير قابل للقسمة على إثنين او أكثر.