DELMON POST LOGO

أداء  ٨٥٪؜  من المدارس الحكومية دون الطموح .. لماذا ؟ .. ما الحل ؟

بقلم : محمد الانصاري

اصدرت هيئة جودة التعليم تقريراً مهماً حول تقييم أداء المدارس الحكومية للفترة من سبتمر ٢٠٢٢ حتى يونيو ٢٠٢٣ ، وقد أظهرت النتائج إن اداء حوالي ٨٥٪؜ من المدارس الحكومية دون المستوى المأمول ، فلقد تمكنت فقط ٢٪؜ من المدارس الحكومية من تحقيق تقدير ممتاز في معايير الاداء ، الى جانب ١٣٪؜ من المدارس الحكومية التي حصلت على تقدير جيد ، اما بقية المدارس الحكومية كانت مؤشرات أدائهما دون الطموح و قد توزعت بين تقدير مرضي وغير ملائم ، حيث أن ٣٨٪؜ من المدارس الحكومية كان تقديرها مرضي فقط ،و ٤٨٪؜ من المدارس الحكومية وهي النسبة الأكبر حصلت على تقدير غير ملائم ، ما يعني ان حوالي ٨٥٪؜ من المدارس الحكومية مستواها لا يحقق تطلعات الحكومة والشعب ، وان الملايين التي تصرف في دعم التعليم الحكومي لا تأتي أكلها المخطط له رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة بشكل عام ووزارة التربية والتعليم بشكل خاص .

تَضَمَّنَ تقرير أداء المدارس الحكومية ذاته عددًا من التوصيات لتحسين النظام التعليمي في البحرين ، من أهمها الدعوة إلى تطوير شامل للمناهج الدراسية ودعمها ببرامج تنمية مهنية متطورة ومناسبة لاحتياجات سوق العمل ، وتطوير نظام سياسات التقويم، والاستثمار في الموارد التعليمية والبشرية، بالإضافة إلى تفعيل خطة لبناء نظام تعلم قائم على الكفاءات، وتطوير برنامج مراجعة أداء المدارس ، كما دعت هيئة ضمان جودة التعليم المدارس إلى الاستثمار في تمهين المعلمين، وإعداد ممارسات تقويم دقيقة وفاعلة للوقوف على مستويات الطلبة، مع التأكيد على ضرورة الابتكار في تقديم المناهج، وتطوير ممارسات التعليم.

لقد كشفت نتائج أداء المدارس الحكومية المستوى الحقيقي لكل مدرسة وذلك حسب المعايير العلمية المعتمدة محلياً ودولياً ، حيث أظهرت هذه الدراسة بأن وضع هرم الاداء وبكل أسف مقلوب في معظم المدارس الحكومية ، فبدل ان تكون القاعدة الأكبر في التعليم حاصلة على تقدير ممتاز وجيد ، بينت نتائج الاداء إن غالبية المدارس حصلت على تقديرات غير مقبولة ومرضية ، ويمكن ان نعزي هذا الوضع المتراكم في أداء المدارس الحكومية الى أسباب عديدة ، من أهمها ثلاثة امور بسيطة وواضحة لكنها مهمة ومؤثرة ، ومن دون تصحيحها لن يتقدم التعليم أبداً وهي الآتي:

اولاً اختيار المعلم : حالياً يتم توزيع المتفوقين على الكليات التي تصنف بأنها مهمة ، والأهمية على أساس الأجور التي سوف يتمكن ان يحصل عليها خريجو هذه التخصصات عند التحاقهم بالعمل ، فالطب والهندسة والكمبيوتر هم الأعلى أجراً في القطاع الخاص والهياكل الحكومية ، وبالتالي الأكثر أهمية ، أما من حصلوا على معدلات تعليمية أقل فيتم توزيعهم على الكليات التي يحصل خريجيها بشكل عام على أجور وامتيازات أقل ، ومنها كلية المعلمين ، لذلك أفضل العقول ترفض التخصص في مجال التعليم ، وإذا أردنا أن يكون التعليم عندنا ممتازاً فيجب ان يكون المعلمين من فئة الممتازين ، كما ويجب يحصلون على اجور وامتيازات عالية مقارنة بباقي التخصصات ، ولذلك لابد من تعديل سلم أجور المعلمين و رفع شروط القبول في كلية المعلمين ، و ايضاً رفع شروط القبول في الوظائف التعليمية.

ثانياً تطوير المناهج وأساليب التعليم : مناهج التعليم العلمية والفنية والمهنية الحالية يجب مقارنتها وبشكل مستمر بمناهج الدول المتقدمة ، كما ان أساليب التعليم القديمة تحتاج لتطوير ثوري وجذري ، ولأجل ذلك لابد من الاستفادة من التجارب المتطورة عالمياً مع المحافظة على الأسس الدينية والثقافية والقيمية والتاريخية لمجتمعنا ، والأخذ في الاعتبار زيادة الاهتمام في التعليم المهني والفني على أيدي مختصين قادرين على مواكبة المتغيرات السريعة في العالم ، أما الوضع اليوم بعيد تماماً عن الهدف المنشود ، والمناهج وأساليب التعليم غير قادرة على اللحاق بالتطورات والقفزات السريعة في العلوم الحديثة وفي كافة المجالات.

ثالثاً تعديل انظمة إدارة الموارد البشرية في المدارس والدوائر التعليمية : بحيث تسمح بسرعة التدخل في المدارس التي لا تستطيع مواكبة التطورات العلمية والفكرية والتكنولوجية ، اذ ان أنظمة الخدمة المدنية حالياً تمنع الفصل أو المحاسبة او النقل إلا بعد إجراءات معقدة بسببها لا يمكن التخلص من المقصرين أو غير القادرين على رفع مستواهم ، كما لا تسمح بجزل العطاء للمتميزين ، فالأنظمة القائمة قاصرة و تنظر بأسلوب تقليدي قديم اكل عليها الدهر وشرب في نظام الثواب والعقاب للموظفين بشكل عام والمعلمين بشكل خاص ، فطالما ان الاقدمية و الحضور والانصراف هما المعيارين الرئيسيين في الترقيات سوف يبقى وضع القطاع العام وخصوصاً مؤشرات اداء المدارس الحكومية دون المستوى المطلوب.

ختاماً:

١- كشف مؤشرات الاداء مهمة قامت بها هيئة ضمان الجودة بكل مهنية وشفافية ، اما مسألة تصحيح المسار فيحتاج لخطة واضحة و لجهد مشترك وعمل دؤوب وكبير من وزارة التربية والتعليم.

٢- ضعف مخرجات التعليم مرتبط بشكل مباشر مع ضعف أداء المدارس الحكومية وأيضاً الخاصة ، ولن نتمكن من مواكبة التغيرات السريعة الا بعد ضبط مستوى المدارس.

٣- رفع أجور المعلمين ، تطوير المناهج و وسائل وأساليب التعليم ، تغيير أنظمة الموارد البشرية أعمدة رئيسية من دونها لن نتمكن من تطوير أداء المدارس.