نتعلم من الحرب التي تدور في اوكرانيا درساً مهماً عند التعامل مع الغرب وعلى رأسهم أمريكا ، وهذا الدرس هو ان جميع الوعود التي تأتي من الدول الغربية الصديقة او الحليفة او حتى العظمى هي مجرد كلام ، ولا يجوز التعامل معهم الا من منطلق المصالح ، فنكون ايجابيين اذا وافقت مصالحنا ومصالح شعوبنا مصالحهم ، اما اذا لم توافق مصالحهم مصالح دولنا وشعوبنا يجب ان نحافظ على مصالحنا ونضرب تحالفاتنا معهم كما يفعلون هم دائماً عرض الحائط.
واضح للجميع ان الولايات المتحدة الامريكيه دعمت صعود رئيس جمهورية موالي لها في اوكرانيا ، وبعد حملة من وسائل الاعلام ومنصات التأثير الامريكية بلع الشعب الاوكراني الطعم واختاروا من جلب لهم الدمار بسبب إصراره على الانضمام للمعسكر الغربي المتمثل في تحالف " الناتو " ، بالاضافة الى الانضمام للاتحاد الاوروبي.
الولايات المتحدة الامريكية و الاوروبيين خدعوا الشعب الاوكراني ورئيسهم _ على افتراض انه ليس شريك في اللعبه _ عندما وعدوهم بالحماية و التدخل للدفاع عن المصالح الاوكرانية اذا حدث اي غزو او هجوم روسي ، ويمكن لاي مراقب مراجعة التناقض في التصريحات الصادرة من الناتو قبل وبعد الحرب في اوكرانيا ، ان الولايات المتحدة الامريكية و حلف الناتو والاتحاد الاوروبي جميعهم جالسين يتفرجون و يقدمون للاوكرانيين الفتات _ مجرد الفتات _ حيث ان وعودهم لم تكن سوى فخ لجلب روسيا الى داخل اوكرانيا. بهدف استنزاف الروس في حرب طويلة و جعلها تحت حصار اقتصادي طويل جداً يفسفس ثرواتها ، ويجعلها في مواجهه مع الشعب الروسي ، و يضعفها وذلك على غرار ما فعلوه في فترة الثمانينات في افغانستان.
كشف الامريكان سبب هذا الفخ مبكراً ، عندما تكرر في الاعلام الامريكي تخوفهم من تطوير روسيا لاسلحتها النوعية ، ورجوع روسيا قويه ولاعبة اساسية من جديد في الشرق ، بالتزامن مع توجه العديد من الحلفاء الشرق اوسطيين الى الاتجاة الروسي والصيني في مشتريات اسلحتهم الجديدة ، وبذلك سحبت روسيا و الصين البساط من المنتجين الامريكيين و الاوروبيين ، ولم تهتم الولايات المتحدة الاميركية ولا الاتحاد الاوروبي بعواقب هذا الفخ المعد لروسيا على الاوكرانيين بل قاموا باستعملوهم طعماً دون مبالاة في العواقب المحتومة على الشعب الاوكراني .
الخداع الامريكي ليس جديداً فقبل حوالي ٣٠ سنة خدعة السفيرة الأمريكية في العراق أبريل غلاسبي صدام حسين قبيل غزو الكويت و أعطت "الضوء الأخضر" فعلا للرئيس العراقي لغزو الكويت ، وهنا نريد ان نستعرض بشيء من التفصيل ما سبق ونشر في مختلف الصحف الغربية عن تصريح السفيرة الامريكية في العراق للرئيس العراقي ، وقد استخلصتُ هذا الفهم مما نشر تحديدا في الصحف في منتصف سبتمبر 1990، و بدقة اكبر أثناء تحضير الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب للائتلاف الدولي من اجل تحرير الكويت، حيث مررت دوائر حكومية عراقية بروتوكول ( نص ) المحادثة بين الرئيس العراقي صدام والسفيرة الأمريكية أبريل غلاسبي إلى مراسل شبكة ABC-News ، كما نشرت نفس السياق صحيفة نيويورك تايمز في 23 سبتمبر 1990 ما قالت إنه نص المحادثة ، وقد رفضت وزارة الخارجية الامريكية التعليق على البروتوكول المنشور في تلك الفترة ، وطبقا للنسخة العربية وهي الأصلية والتي تم تمريرها والتي نشرتها الصحيفة الامريكية فإن السفيرة الأمريكية غلاسبي قالت لصدام حسين: "لا نملك أي رأي حول الصراعات العربية/ العربية، مثل خلافاتك الحدودية مع الكويت". وقد تابعت السفيرة "كنت في السفارة الأمريكية في الكويت في أواخر الستينيات، كانت التعليمات خلال هذه الفترة هي أنه ينبغي لنا ألا نعرب عن رأي بشأن هذه المسألة".
اما في النسخة الإنجليزية من البروتوكول التي نشرته مؤسسة مارجريت تاتشر في وقت لاحق، قالت أيضًا: ليس لدينا أي رأي حول الصراعات العربية/ العربية مثل نزاعك مع الكويت" وقد اضافت السفيرة "وجهني الوزير بيكر إلى التأكيد على التعليمات التي أعطيت لأول مرة للعراق في الستينيات من القرن الماضي بأن قضية الكويت ليست مرتبطة بأمريكا".
وببساطة شديدة اي شخص يفهم ان الخلافات مهما كانت كبيرة او صغيرة بين العراق والكويت شأن خاص بين الدولتين ولن تتدخل في هذا الامر الولايات المتحدة الامريكية ، وهذا بالفعل ما شجع صدام حسين على غزو الكويت ،وهذا تماماً ما حصل مع فلولوديمير زيلينسكي الذي سُوق له بان الغرب سوف يقف معه ضد روسيا في الشدَّه ، ما شجعه على التحدي و استدراج روسيا للحرب ، فتفاجأ عند الجد بان لا احد يقف معه كما تفاجأ صدام حسين بان امريكا جمعت العالم ضدة ، المصلحة الامريكية هي التي جعلت امريكا تجمع الكرة الارضية ضد صدام و نفس المصلحة هي التي جعلت امريكا والناتو و الاتحاد الاوروبي لا تريد التدخل في اوكرانيا.
هذه المقاربة العراقية الكويتية و الروسية الاوكرانية تجعلني و بالفم المليان انصح شعوب و حكومات المنطقة ان تضع مصلحة بلدانها اولاً وان لا تنخدع بوعود العم سام الكذوب ، فمصلحة الوطن اولى و رحم الله الزعيم المصري حسني مبارك فقد قال " المتغطي بالاميركان عريان ".