DELMON POST LOGO

على خفيف .. ميزانية لا ترتقي بمستوى الطموح ..!

الكاتب
بقلم : علي صالح
واخيرا وبعد انتظار اكثر من خمسة شهور، وهي بدعة بحرينية بامتياز ، صدرت ميزانية الدولة للعامين 2023_ 2024 بمثابة الصدمة ليس لمجلس النواب فحسب بل لشعب البحرين الذي انتظرها طويلا وصبر على وعود وتطمينات نوابه الافاضل بانها ستكون ميزانية الخير العميم وتلبي كل تطلعات المواطن ..
كان ذلك عندما صدر مشروع برنامج الحكومة ( الخالي من الدسم ) وتلقفه النواب وبعد اجتماعات مكوكية وتصريحات نارية ابلغ نواب الشعب الجميع : اطمئنوا لقد تمكنا من تعديل برنامج الحكومة بنسبة 80 % وانه بات الان يفيض بالدسم الذي يصب كله في صالح المواطن من معيشة ووظيفة وسكن ..
وحان موعد التصويت على برنامج الحكومة وجاءت النتيجة المفاجأة بالموافقة على البرنامج بالاجماع ، واعقب ذلك كلمتين الاولى لرئيس لجنة الموافقة على البرنامج الحكومي قال فيها : تلقيت عدة رسائل من زملائي النواب تشكك كلها في تنفيذ الحكومة لالتزاماتها التي وعدت بها اثناء مناقشة البرنامج ، وانني ساكون في حل من هذه الموافقة على البرنامج اذا لم تنفذ الحكومة التعديلات التي وعدت بها في الميزانية العامة القادمة .
والكلمة الثانية جاءت من الحكومة التي ردت فيها على النائب الاول بالقول : اطمئنوا جميع ما عدلتموه وطلبتموه بل واكثر منه سيتضمنه مشروع الميزانية العامة ..
وقبل ان نتحدث عن ماجاء في الميزانية العامة نورد مجموعة من التعديلات التي زعم النواب ادخالها في برنامج الحكومة والتي زادت عن 80% من حجم البرنامج ، اي انهم الزموا الحكومة ببرنامج بديل يصب كله تقريبا في صالح المواطن .
- فرضت لجنة النواب اولوية اولى تتعلق برفع المستوى المعيش يندرج تحتها عدة امور ، وقد اصرت اللجنة الحفاظ على مكتسبات المواطنين في البرنامج باعتبارها قضية جوهرية ، وقد توافقت اللجنة مع الحكومة على تطوير برامج الدعم المالي والاقتصادي لرفع كفاءة توجيه الدعم لمستحقيه مع مواصلة السعي لتحقيق اهداف برنامج التوازن المالي حتى نهاية عام 2024 مع تبني السياسات التي تهدف الى رفع دخل المواطنين بما يحافظ على مكتسباتهم وضمان خلق فرص واعدة لهم .
اللجنة قالت ايضا  : انها  اضافت  عدة  بنود تندررج  تحت  محور رفع مستوى المعيشة تتمثل  في رفع  كفاءة   الدعم والحماية الاجتماعية المقدمة للمواطنين عن طريق الحفاظ على القوة الشرائية للمواطن وتطوير  تقديم الدعم  الحكومي لمستحقيه  وتطوير  المساعدات  الاجتماعية  المقدمة للمواطنين  بما في ذلك علاوة الغلاء.
اللجنة اضافت :  ان هناك  التزاما  ادبيا من الحكومة بشأن اعادة زيادة ال 3%  للمتقاعدين من خلال فتح اعتماد مالي .
وبالاضافة لذلك تحدث نائب رئيس لجنة البرنامج عن تطلعات متوافق عليها بين النواب سوف يتم طرحها اثناء مناقشة الميزانية تتعلق بزيادة شريحة الكهرباء في البيت الاول للمواطنين والاجانب ، وتحويل اعانة المواد الغذائية الى بطاقة تموينية واضافة علاوة جديدة لدعم المحروقات وتعديل علاوتي الاسكان وزيادة دعم الجامعات الحكومية وغيرها الكثير ..
وبعد انتظار اكثر من شهرين صدر مشروع ميزانية الدولة للعامين 2023_ 2024 متضمنا ارقاما مماثلة للتي كانت في ميزانية 21 - 2022 او اقل منها وهو ما اورده في المقارنة التالية :
-  الدعم الحكومي المباشر بلغ 446 مليون دينار للعام 2023  و 448.5 مليون دينار للعام 2024 وهو اقل من العام 2021 والذي بلغ 497 مليون دينار والعام 2022 والذي بلغ  451 مليون دينار .
-  قطاع الحماية الاجتماعية 439 مليون و 754 الف دينار في عام 2023 ومثله في عام 2024 ، وكان في العام 2021 حوالي 435.5 مليون دينار ومثله في عام 2022 .
-  الصندوق الاجتماعي الوطني 19 مليون دينار  في 2023 ومثله في 2024 وهو نفس المبلغ الذي كان في ميزانية العامين السابقين .
-  صندوق الضمان الاجتماعي 21.5 مليون دينار للعام الحالي ومثله للعام القادم وهو نفس المبلغ الذي كان في العامين السابقين .
-  علاوة تحسين مستوى المعيشة للمتقاعدين 132 مليون دينار للعام2023 ومثله للعام 2024 وهو نفس المبلغ في العامين 21 -2022 وكأن المتقاعدين لايزيد عددهم ولا يتأثرون بتطورات غلاء المعيشة .
-  دعم الاسر محدودة الدخل 128 مليون دينار للعام 2023 ومثله للعام 2024 وهو نفس المبلغ في العامين السابقين ، ممايعني انه ليس هناك نية ولا مخصص لزيادة علاوة الغلاء .
-  والحال كذلك مع الدعم الذي يقدم لصندوق النفقة والثابت على مدى سنوات طويلة عند 250 الف دينار للعام .
-  اعانة المواد الغذائية 35 مليون و904 الف دينار للعام 2023 ومثله للعام القادم وهو نفس المبلغ الي كان في العامين السابقين 21-2022 ،وهو مايدل دلالة قاطعة على ان البحرين هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم ترتفع فيها اسعار المواد الغذائية ولم تتأثر فيها اسعار المستهلك ولم يطالها التضخم الداخلي والمستورد من قريب اوبعيد فهي دائما غير وغير ..
-  دعم برنامج الاسكان ( علاوة الايجار ) 57 مليون دينار للعام 2023 ومثله لعام 2024 وهو ذات المبلغ كان في العامين السابقين 21- 2022 .
-  دعم برنامج ( تخفيض الاقساط ) 4 ملايين دينار لكل من العامين ، وهو نفس المبلغ الذي كان مرصودا في العامين السابقين 21 و 2022 .
وهو مايزف بشرى سارة لشعب البحرين مفادها انه على مدى اربع سنوات على الاقل لا توزيع لوحدات سكنية ولا مطالبة لاقساط وايجارات جديدة .
الاعتماد الذي زاد هنا هو حصة الحكومة في نظام التأمين ضد التعطل الذي ارتفع الى 21 مليون دينار لكل من العامين 2023 و 2024 وكان يبلغ 18مليون دينار لكل من العامين السابقين ، وهذه دلالة واضحة على زيادة عدد البحرينيين العاطلين اليوم وغدا .
وهذا ليس كل شيئ من اهتمام الميزانية بتحسين مستوى معيشة المواطنين ، فهذه الميزانية لم تتحدث عن وضع ميزانية للاسرة وبالتالي تحديد خط الفقر ،ولا عن وضع حد ادنى للاجور مرتبط بتطور اسعار المستهلك ومستوى التضخم الذي قال عنه البنك الدولي انه تجاوز 12.5 % على اساس سنوي وصمتت الحكومة ولم تعترف بما قاله البنك الدولي .
ذلك ان التضخم ارتفع في العالم كله ، في الدول النامية والغنية والدول الديمقراطية وغير الديمقراطية ، في البلدان التي وصل فيها التضخم الى9% خرجت المظاهرات تطالب برفع الاجور بنسبة 25% في القطاعين العام والخاص ، اما عندنا فلا صوت يعلو على صوت الحكومة ، والاسعار مسيطر عليها والتجار متعاونين ، والمواطنين ماعندهم سالفة يشتكون من كل شيئ !
المفاجأة المزدوجة لاصحاب السعادة النواب الذين ركضوا ووافقواعلى برنامج عمل الحكومة الانشائي بالاجماع هي ان الخبير الاكتواري يقول ان المتقاعدين لن ترجع لهم  علاوة ال 3% الا بعد 13عاما على الاقل وبعد تحقيق الصناديق التقاعدية لفوائض مالية وهو خيال وبالتالي ليس امام النواب الا الزام الحكومة بفتح اعتماد مالي بمبلغ 16 مليون دينار لتمويل العلاوة سنويا ،وهو ما قد توافق عليه الحكومة  او ترفضه .
وسبب الرفض المتوقع ان الحكومة الرشيدة ستكون مشغولة خلال العامين الحالي والقادم وربما بعد ذلك بالاقتراض وبتسديد القروض وفوئدها التي تقترب من المليار دينار سنويا ، وبالتالي سيكون بند الديون وشرباكتها على راس اولوياتها ، وبالتالي على المواطن الذي يبحث عن تحسين مستوى معيشته اوالحصول على وظيفة واعدة ان يمش بوزه من هذه الميزانية .