DELMON POST LOGO

على خفيف .. الديمقراطية التي نريد

الكاتب

بقلم : علي صالح

لبى التشكيل الوزاري الاخير بعض التطلعات الشعبية فقط ولم يلب الكثير مما هو مأمول ، لبى الطموح باعطاء الشباب والمرأة الفرصة لتحمل المسؤولية واثبات الوجود والمساهمة في عملية البناء الوطني.
لكن هذه الخطوة لا تؤتي ثمارها الا اذا وقفت على ارضية صلبة هدفها تحقيق التقدم العملي وليس الشكلي ، فالروح الشبابية مطلوبة ولكنها تحتاج الى الخبرة كي تنتج وكي تستفيد من اخفاقات وبعض نجاحات الذين سبقوا ومكثوا في مناصبهم الوزارية مابين عشرين وخمسين سنة .
وبدون الخبرة المرتبطة بالمؤهل والتخصص فاننا نعيد تكرار تجارب الوزارات السابقة وبالتالي تضييع سنوات اخرى من المحاولات والاخطاء  بعيدا عن النقد والمحاسبة والتصحيح والتغيير اسوة بما يحدث في الدول الاخرى ومنها دول مجاورة .
وجميع هذه الخطوات التصحيحية والتطويرية لاتثمر الافي اجواء عمل ديمقراطية يوازن فيها الوزير بين تنفيذ قناعاته وقناعات الحكومة بصفة عامة ، ويلتزم بتنفيذ خطط عمل تنموية شفافة يتم تقييمها سنويا وبعد اربع سنوات وهي المدة الافتراضية لبقاء الوزير في الوزارة .
كما يلتزم الوزراء جميعا بحضور الحوارات والندوات والمناقشات العامة التي تتعلق باختصاصاتهم والتي تقام في المجالس والجمعيات وان يحرصوا جميعا على حضور جلسات مجلسي النواب والشورى باعتبارهم اعضاء معينين في المجلسين يمثلون الحكومة ، ويتداخلون في الموضوعات التي تدخل في اختصاصاتهم .
وفي جميع هذه المحافل يحرص الوزراء على عرض افكارهم ورؤاهم بواقعية والاستماع الى ملاحظات ابناء الشعب وممثليه وتقبل انتقاداتهم ومتابعتها ، والحال كذلك مع السلطة الرابعة واعني بها الصحافة واجهزة الاعلام المرئية والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي .
وعلى ذكر السلطة الرابعة فقد مرت هذه السلطة بسنوات عجاف على مدى تاريخ مجالس الوزارات السابقة خلال العشرين سنة الاخيرة على الاقل دفعت بها الى ان تصبح بعيدة جدا عن مكانتها الى جانب السلطات الثلاث ، والى ان تغدوا سلطة ناطقة باسم السلطة التنفيذية ودافعة عنها وملمعة لها ، وتصل الامور بها الى ان تصبح سلطة مهمشة فلا القراء يقبلون على صحفها ولاالمشاهدين يكترثون بتلفازها ولا المستمعين يهتمون بما تبثه اذاعتها .
وبالتالي فان الحكومة الجديدة مطالبة بأن تعيد النظر في وضع الاعلام من الاساس وبصورة شاملة ، وهي اعادة ابعد كثيرا من استبدال وزير باخر الى اعلام مقروء ومرئي ومسموع لا يتبع الحكومة ، اعلام ينطلق من تطلعات الشعب ويعبر عن اراء وارادة المواطنين جميعا دون استثناء ولا انتقائية ، اعلام ينطلق من مبدأ حرية الرأي والتعبير ومن حق الحصول على المعلومات وحق الاختلاف وحق النقد .
ومثل هذه الاستقلالية باتت مطلوبة وملحة للاعلام البحريني حتى يتحقق الفرق بين اعلام الشعب واعلام الحكومة وحتى تقول الحكومة ان الصحافة واجهزة الاعلام المختلفة هي مستقلة من حيث التبعية ومن حيث التعبير والتمثيل وهي متطلبات ملحة للانتقال الديمقراطي.
فالدولة الديمقراطية ليس لديها وزارة اعلام ولا قانون صحافة واعلام ولا صحافة ولا اذاعة وتلفزيون، انما تقوم الحكومة كغيرها من الهيئات والمؤسسات بتقديم نفسها والدفاع عن مواقفها مقابل ما تقوله الجهات المعارضة والمختلفة معها من مواقف واراء تخضع كلها لتقييم الصحفيين والكتاب ومقدمي البرامج في اجهزة الاعلام المختلفة والمتعددة .
وبتحقق هذه النقلة تستطيع البحرين ان تدعي انها بدأت تحلق بجناح واحد من جناحي الديمقراطية ، اما الجناح الاخر الذي بدونه لاتستطيع التحليق في فضاء الديمقراطية فهو جناح الحقوق السياسية والتي تشمل حق تأسيس الاحزاب وجمعيات المجتمع المدني والتمتع بحق الترشح والانتخاب ونظام انتخابي حر ونزيه ودوائر انتتخابية عادلة وهيئة مستقلة للانتخابات ورقابة محلية ودولية على الانتخابات وصولا الى مجلس نواب للشعب بصلاحيات غيرمحدودة للتشريع والرقابة وتعديل للدستور يجعل من هذا المجلس السلطة الاولى المتخبة والممثلة للشعب .
وتعزيزا لهذا الجناح من الديمقراطية فانه لامكان لحل الاحزاب او الجمعيات السياسة وجمعيات المجتمع المدني ولا حق للحكومة او اي جهة في منع او عزل اي مواطن وعدم تمكينه من ممارسة حقوقه السياسية ، اما قضايا العنف والارهاب فهي بعيدة تماما عن ممارسة الديمقراطية .
وبهذا فعندما تتمكن الديمقراطية من الطيران بهذين الجناحين يتنفس شعب البحرين الصعداء ويتقدم بين الشعوب مفاخرا بتحقيقه الاصلاح الشامل واقامته دولة الحقوق والقانون والمساواة ونيل المطالب الشعبية المعبر عنها في تلك الهيئات والوسائل والمحافل الديمقراطية .