DELMON POST LOGO

على خفيف .. البحريني قرار لا خيار

الكاتب

بقلم : علي صالح

عندما اعلن عن مشروع اصلاح سوق العمل قبل 16سنة اصبح شعار ( البحريني الخيار الافضل ) يتردد على السنة المسؤولين في وزارة العمل وهيئة سوق العمل وصندوق العمل ( تمكين ) وكافة الجهات المناط بها التوظيف في الحكومة ، بالاضافة الى الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة .
اعتمد مشروع اصلاح سوق العمل على الغاء نسبة البحرنة وعلى فتح باب المنافسة بين العامل البحريني والاجنبي بعد زيادة رسوم استقدام العمالة الاجنبية وبالتالي زيادة تكلفة الاجنبي مما يجعل العامل البحريني الخيار الافضل في سوق العمل من حيث التكلفة .
لكنها ماهي الاسنوات قليلة حتى انتهى زمن البحرنة ، وعملت الحكومة على اصدار القرارات المتتالية لانقاص رسوم العمالة الاجنبية وتقديم اعفاءات بها لهؤلاء واولئك حتى انفتح الباب على مصراعيه امام استقدام وتوظيف العمالة الاجنبية بتجارة التأشيرات او تجار البشر الذين اغرقوا البلاد بالعمالة السائبة وبالتالي انقلب شعار البحريني خيار افضل الى الاجنبي خيار افضل .
وتتويجا لشعار سوق العمل الجديد اصدرت هيئة سوق العمل ما يسمى بنظام الفيزا المرنة الذي جاء من اجل ايقاف ملاحقة العمالة السائبة والتي تجاوز عددها 50 الف عامل سرحهم المقاولون والشركات وتجار التأشيرات ، ومن ثم تم تحويلهم الى اصحاب عمل يوظفون عمالة اجنبية جديدة ومن ثم ينافسون المؤسسات والشركات البحرينية الصغيرة و يعززون هدف الاجنبي خيار العصر في البحرين .
وهيئة سوق العمل وبالتالي الحكومة ضربت بهذا النظام مرة اخرى شعار البحريني الخيار المفضل مقابل حفنة من الدنانير تدفعها العمالة السائبة مقابل حصولها على الفيزا المرنة ، اعقبها حصولها على مئات الدنانير من الذين يطبقون نظاما ثان اسمه الاقامة الذهبية التي تمكن اصحاب العمل من الاجانب من تمديد اقامتهم واعمالهم في البحرين هم وعائلاتهم وعمالهم الاجانب طبعا لعشر سنوات او اكثر ، وهو نظام اخر يعزز من جعل الاجنبي الخيار الافضل ومن منافسته للشركات البحرينية الصغيرة والمتوسطة .
تمخضت هذه التطورات عن بلوغ عدد العمالة الاجنبية في البحرين خلال الربع الاول من العام الحالي 468 الف و247 عامل مقابل 149 الف و 984 عامل بحريني ، اي ان نسبتهم تصل الى  76% من مجموع العمالة يحولون الى بلدانهم اكثر من 100مليون دينار شهريا وبما يساوي 40% من الموازنة العامة للدولة ، عدد هائل ومتزايد من العمالة الاجنبية يقابله بطالة بحرينية مزمنة .
هذا الواقع الذي يزيد كل يوم تعقيدا جعل مقولة البحريني الخيار الافضل التي ترددها المؤسسات الحكومية ويرددها القطاع الخاص بشركاته المختلفة لاطعم ولا مردود لها على ارض الواقع ودفع الاتحاد العام لعمال البحرين الى ان يرد عليها بمطلب او شعار اكثر واقعية واثر قرب من امال وتطلعات القوى العاملة البحرينية ، هذا الشعار هو : البحريني قرار لاخيار .
وهو ما يعني ان الخيار مهما كانت درجته من الافضلية يبقى قرارا يتخذه صاحب العمل حسب مصلحته الخاصة وليس حسب المصلحة الوطنية ، اضف الى ذلك ان الحكومة بقراراتها سالفة الذكر قد جردت خيار البحريني من اي اشكال الالزام والمساندة .
اما اذا ارادت الحكومة ان تأخذ بشعار اتحاد العمال المتمثل في ان توظيف البحريني في القطاعين العام والخاص هو قرار تتخذه الدولة ويمثل توجهها وسياستها فعليها ان تتخذ الخطوات التالية :
1- ان تحل الهيئة العامة لسوق العمل باعتبارها بدعة غير موجودة في اي دولة اخرى في العالم ، وباعتبارها المساهمة والمسؤولة مباشرة عن وصول العمالة الاجنبية الى 76% من اجمالي العمالة في البحرين ومن ثم جعل الاجانب الخيار الخيار الافضل وباجور متدنية تصل في متوسطها الى 149دينار شهريا حسب اخر احصائية لهيئة التامينات الاجتماعية .
2- دمج الجهات المعنية بالتوظيف من الداخل والخارج في وزارة واحدة تسمى وزارة القوى العاملة يناط بها وحدها التوظيف في القطاعين العام والخاص تحت شعار البحريني قرار ، اي ان الاولوية دائما للبحريني - نص دستوري - وانه لايحق لاي جهة ان توظف احدا الا من خلال وبعلم وموافقة وزارة القوى العاملة .
3- ان تقوم الوزارة المعنية بالاعلان عن فترة انتقالية تحدد بموجبها فترة ثماني سنوات للاجنبي للبقاء في البلاد تلتزم خلالها الجهة الموظفة له باعداد ومن ثم توظيف بحريني محله .
4- التزام الحكومة والقطاع الخاص بابلاغ وزارة القوى العاملة عن احتياجاتها المستقبلية من العمالة المؤهلة والمدربة قبل عامين على الاقل تقوم خلالها الوزارة بالاتفاق مع الجهات المعنية بالتأهيل والتدريب بتوفير تلك الاحتياجات ، وبالتالي يتحقق التنسيق بين جهات التعليم والتأهيل ومتطلبات سوق العمل ومن ثم انتفاء الحاجة لجعل الاستقدام من الخارج الاولوية في سياسة التوظيف .
5- قيام الحكومة ممثلة في وزارة القوى العاملة بوضع حد ادنى للاجور اسوة بما هو معمول به في اغلب دول العالم يرتبط باحتياجات ميزانية الاسرة البحرينية ، ويشمل العاملين في القطاعين العام و الخاص والمتقاعدين و المنتسبين للضمان الاجتماعي ، هذا الدخل او الاجر يراه الاتحاد العام لعمال البحرين لا يقل عن 700 دينار وتراه جهات اقتصادية وبحثية اخرى في حدود 800 دينار شهريا .
فاذا اخذت الحكومة  الموقرة بهذه الحلول الخمسة اصبح توظيف البحريني في وطنه قرار تلتزم تلتزم به هي وتلتزم به جميع جهات التوظيف الاخرى ، واذا لم يؤخذ بها غدا البحريني خيار سلطة .