DELMON POST LOGO

على خفيف .. ازمة الاسكان المزمنة

الكاتب

بقلم : علي صالح

يبدو ان الحكومة تواجه مأزقا في متابعة وحل الازمة الاسكانية وفي الايفاء بوعدها الوارد في برنامج الحكومة (  2019- 2022 ) والقاضي بانجاز 25 الف وحدة سكنية وتمليكها للمواطنين حسب الاقدمية .
ويتجلى ذلك بوضوح من خلال الحملة الاعلامية التي اعلنتها الحكومة وروجت لها وزارة الاسكان وبنك الاسكان والتي تركز على تقديم تسهيلات مالية وعقارية تدفع بالمواطنين الذين ينتظرون سنوات طويلة  تتراوح من عشر الى 25 سنة واكثر الى التحول لبرنامج التمويلات الاسكانية الجديدة .
ومما يدل على هذا التحول ومن ثم اعتماد المواطن في حصوله على السكن اللائق على هذا البرنامج الجديد ماورد على لسان الحكومة والوزارة من انهما بطرح هذا البرنامج  تعملان على ( مواصلة المساعي لصياغة حلول مبتكرة للاسكان تضمن الاسراع بوتيرة الانجاز عبر تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص للقيام بدور رئيسي في توفير الخدمات الاسكانية للمواطنين ) ٠
اكثر من ذلك تقول وزارة الاسكان ( ان الهدف من هذا التعاون مع القطاع الخاص تقديم خدمات تمويلية ميسرة ونوعية للمواطنين المدرجة طلباتهم على قائمة الانتظار بالوزارة الى جانب المتقدمين بطلبات اسكانية حديثة وذلك من خلال تسريع تلبية الخدمات الاسكانية )
وبعبارة اخرى فالحكومة والوزارة وبعد صمت اربع سنوات تقول للمواطنين المنتظرين بعشرات الالاف على اعتاب مبناها المحصن : لاتنتظروا حولوا انظاركم نحو شركات التطوير العقاري والبنوك التجارية ونحن من جانبنا سندعمكم !
ذلك ان الحملة الاعلامية التي تروج لها الوزارة وبنك الاسكان تحاول التغطية على فشل ما وتعويضه بحلول وبدائل اكثر تعقيدا امام اصحاب الطلبات القديمة من ذوي المداخيل المحدودة والمتوسطة والذين حاولوا التعامل مع مزايا ومع تمويلات بنك الاسكان والبنوك التجارية الاخرى وعجزوا اما لان مداخيلهم اقل مما هو مطلوب او لان اعمارهم لا تتوائم وشروطها والفوائد المزدوجة التي يدفعها المواطن للوزارة والبنك التجاري المكمل للقرض او لثمن العقار .
وحتى تثبت الحكومة والوزارة عكس هذا التصور فعليهما ان تعودا بنا الى ما قبل 23 سنة ماضية عندما كانت تعلن في اواخر كل سنة في بيان تفصيلي اعداد المواطنين الذين تقدموا للحصول على مساكن خلال العام وتوزيعهم على مناطق البحرين المختلفة ومن ثم العدد الكلي الذي وصلت اليه الطلبات وعدد واسماء الذين حصلوا على الوحدات السكنية والقسائم والقروض في شهر ديسمبر من ذلك العام وعدد الذين تقدموا بطلبات جديدة واضيفواالى مجموع المتقدمين من قبل والفترات والتواريخ المتوقع حصول كل دفعة على طلباتها وفقا للاقدمية.
ورغم البون الشاسع بين عدد الذين يضافون الى قوائم الانتظار وعدد الذين تلبى مطالبهم في الحصول على وحدة سكنية او قرض او قسيمة فان الجميع وقتها كانوا يشعرون ان حكومتهم تتعامل مع توفير السكن لهم باعتباره حق من حقوق الانسان نص عليه في الدستور والقانون تماما مثل الحق في التعليم والصحة والعمل والضمان الاجتماعي وغيرها من الحقوق .
والتزمت الحكومة ممثلة في وزارة الاسكان بتلبية حق توفير السكن بالنسبة لمدينة عيسى ومدينة حمد وامتداداتهما وبعدها اختفت الشفافية واصبحنا نسمع عن مشروعات بناء مدن جديدة مثل شرق الحد وشرق سترة ومدينة خليفة ومدينة سلمان التي اعلن عنها قبل اكثر من 25 عاما باعتبارها بندقية البحرين ، قالوا لنا مؤخرا انهم يستعينون بشركات التطوير العقاري لتوفير المزيد من المساكن بها .
ومع ان الحكومة تعلن عن رصد ملايين الدنانير لتمويل بناء هذه المدن فقد واصلت الحكومة الحصول على تمويل خليجي لبناء المدن الاسكانية الى جانب مشروعات البنية التحتية مثل الطرق والمطار والمجاري والمدارس والكهرباء والماء وغيرها من المشروعات التي هي مسؤولية الحكومة وحدها تمولها من الايرادات العامة وميزانية المشاريع التي اثبتت تقارير الرقابة المالية انه لايصرف منها اكثر من 45% والـ 55% تذهب في خبر كان .
وللعلم فان الدول الخليجية الشقيقة تدعم مشروعات البحرين الاسكانية منذ منتصف السبعينيات واورد هنا وعلى سبيل المثال تصريح لوزير الاسكان البحريني عام 1976 قال فيه ان الحكومة رصدت للاسكان في تلك السنة مبلغ 40 مليون دينار وان الشقيقة السعودية قدمت دعما للاسكان في البحرين بمبلغ 100 مليون دولار .
في تلك المقابلة الصحفية قال وزير الاسكان ايضا ان الوزارة بما هو متوفر لها من الاموال والدعومات ستتمكن من انجاز المشروعات وتلبية طلبات المواطنين الاسكانية في غضون عشر سنوات اي في عام 1986 .
وها نحن بعد 36 عاما على ذلك الموعد والذي لحقت به وعود كثيرة مماثلة لانصارح مواطنينا بحقيقة وحجم الازمة الاسكانية ونقول لهم انها اصبحت اكثر تعقيدا اليوم ، فالمارشال الخليجي الذي بدأ تقديممه في عام 2011 ولمدة عشر سنوات بمبلغ 10مليارات دولار قد انتهت مدته ، والدعم الذي حصلنا عليه بعد ذلك من الدول الخليجية ذاتها في عام 2018 ومن اجل تحقيق التوازن المالي في عام 2022 وتم ترحيل الى عام 2024 وايرادات الخدمات الاسكانية التي يدفعها المواطنون شهريا ومنذ سنوات طويلة كسداد للاقساط والايجارات وغيرها هذه المبالغ يتم تحصيلها لكنها لا تدخل الموازنة العامة للدولة ، اي انها لا تخصص ولا تصرف على المشروعات الاسكانية
فاذا عرفنا ان المواطن الذي يحصل على الخدمة الاسكانية اليوم يدفع ربع راتبه كايجار اوقسط والى جانبه يدفع كذلك فوائد على قيمة البيت اومبلغ القرض لمدة 20 سنة وبما يساوي 60% من القيمة الاصلية للبيت او القرض ، فما بالك لو استمع المواطن لنصيحة الوزارة واشترك في واحد من برامج التمويلات الاسكانية الجديدة والتي لايستطيع المواطن تلبية متطلباتها الباهضة الا اذا اقترض من وزارة الاسكان او بنك الاسكان ومن ثم تكملة دفع التكلفة بالاقتراض من بنك تجاري ودفع الفوائد والاقساط هنا وهناك ، هذا اذا استطاع المواطن المحتاج الافلات من شرط العمر المناسب والمطلوب.
فمتى تتخلى الوزارة عن الهروب للامام وتبلغ المواطنين بحقيقة الازمة الاسكانية وأنها مسؤولة دستوريا وقانونيا واجتماعيا عن توفير السكن لهم وليس شركات التطوير العقارية والبنوك التجاريه.