DELMON POST LOGO

اقتصاديون : ارتفاع اسعار النفط سينعكس ايجابا على الميزانية وسلباعلى تكلفة المعيشة .. وطرق بديلة لتنمية موارد التقاعد

في لقاء رمضاني جمعني مع المصرفي خالد جناحي ، والكاتب المؤلف ميرزا القصاب ، حول كتابه الاخير " دول الخليج ما بعد النفط " ، وكانت النقاشات تتمحور حول البطالة المتوقعة ونظام التقاعد والتزامات الحكومات الخليجية على الخدمات الاساسية في هذه الدول مثل الصحة والتعليم .
وقد تطرقا الى تاثير الغزو الروسي الى أوكرانيا والتي ساهمت في ارتفاع اسعار النفط الى فوق المئة دولار وستسهم في رفع ميزانيات دول مجلس التعاون ، بالمقابل سوف ترتفع اسعار البضائع خصوصا المستوردة منها وهي نسبة كبيرة  وتخلق تضخم بالبحرين ودول المجلس ، لان اموال النفط تدخل في ايرادات الدول مع ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية المستوردة والمتضرر الاول هو  المواطن ، وعندما توقف الحرب ، سوف تنخفض اسعار النفط الى سعر ربما 40 دولار فقط ، والاسعار التي ارتفعت لن تنخفض.
مشكلة صناديق التقاعد
ما تطرحه هيئة التأمينات الاجتماعية من توقعات افلاس الهيئة عام 2030 اذا لم تكن هناك معالجات حقيقية ، لم تكن تبالغ ، وان اهم ثلاث عوامل ساهمت في ذلك هو اطالة عمر المواطن البحريني " الخليجي عموما " من 70 سنة كما كان في السابق الى اكثر من 80 عاما ، ما يعني استهلاك اكبر من ثروات الصندوق ، وعدم النجاح الاستثماري في ادارة اموال الصناديق ، وبعض تدخلات الدولة غير المرغوبة ، والمميزات التي يتم دفعها من قبل الصندوق للمتقاعدين كبيرة جدا مقارنة بباقي الصناديق في العالم.
وللعلم فان العجز الاكتواري لصندوق التقاعد يشمل على ما لا يقل عن 2.5 مليار دينار ساهم  التقاعد المبكر الى 10000 موظف حكومي في تعزيز هذا العجز وحسابيا يجب شمل هذا الرقم في عجز ميزانية الدولة و ليس صندوق التقاعد.
وهناك علاقة بين البطالة وصندوق التقاعد ، والملاحظ في البحرين تراجع توظيف العمالة البحرينية وخاصة في القيادات العليا بالمؤسسات الاقتصادية والمالية خاصة  بعض البنوك والمؤسسات الكبيرة بعد الخبرة الطويلة في مجال المصارف والصناعات التي تميزت بها البحرين .
هذا التوظيف ينعكس سلبا على ايرادات صناديق التأمنيات الاجتماعية بسبب خفض من الاشتراكات ، بالاضافى الى توجه القيادات الاجنبية في تلك المؤسسات بعدم دعم البحرنة .
مثلا في سويسرا هناك نظام التقاعد مكون من قسمين ، الاول ان الشخص العامل يدفع 5 % من راتبه شهريا حتى عام 65 عاما ، بعدها الحكومة السويسرية تدفع له راتب شهري مقطوع مبلغ 2500 فرنك سويسري ، بغض النظر عن الراتب الذي يستلمه او حجم الاستقطاع .. والقسم الاخر بان هناك صندوق خاص للتقاعد يدفع له العامل وصاحب العمل ويدار الصندوق من جهات ذو خبرة استثمارية وبشكل احترافي  من قبل مجلس ادارة متخصص وتكون الحكومة رقيب على ذلك ، ويدفع الى المتقاعد بناءا على حجم راتبه واستقطاعاته .
فالمعضلة الكبرى في البحرين هو النمو السكاني الكبير ، كان عدد سكان البحرين عام 2017 ، حوالي 1.37 مليون نسمة ، وعام 2030 سيكون 2.14 مليون نسمة ، وعام 2050 سيصبح عدد سكان البلاد 3.17 مليون نسمة .
هذه الارقام مخيفة، تضغط على البنى التحتية والمرافق العامة  والصحة والتعليم والشوارع والاسكان ، وتخلق بطالة .
حسب احصائيات موثقة ، حجم المصاريف على التعليم في البحرين عام 2018 حوالي 1.1 مليار دولار من المتوقع ان  تقفز عام 2030 الى 2.2 مليار دولار ، و7 مليار دولار عام 2050 .
الصحة ، تكلف عام 2018 حوالي 900 مليون دولار ، ترتفع الى 1.4 مليار دولار ، و3.2 مليار دولار عام 2050.
الانفاق العسكري في البحرين  ، عام 2016 بلغ 1.4 مليار دولار ، يرتفع الى 2.8 مليار دولار في 2030 ، ثم 7 مليار دولار عام 2050.
في الوقت الذي بلغ الدين العام الى اجمالي الدخل القومي حوالي 128 %  عام 2020 ، الدخل المتوقع في 2022 يبلغ  2.457 مليار دينار، والمصاريف في نفس العام 3.569 مليار دينار " حسب الميزانية المرصودة "
ولكن وبسبب ارتفاع اسعار النفط ، وبحسبة بسيطة حول ايرادات الدولة ، و اذا احتسبنا ان في 2022 البحرين تنتج و تبيع 200 الف برميل يوميا  بسعر 100 دولار ،  فدخل الدولة من البترول سيكون  2.75 مليار  دينار ، يضاف اليه تحصيل ايرادات القيمة المضافة  VAT  بقيمة 500 مليون دينار ، ويضاف اليه دخل الرسوم والمداخيل الاخرى بقيمة 175 مليون دينار ، ويصبح مجموع اجمالي ايرادات الدولة لعام 2022 سيكون 3.5 بليون دينار تقريبا.
وبذلك البحرين ستغطي معظم المصروفات في 2022. و لكن إذا كان هناك ركود إقتصادي عالمي فالطلب على معظم مواد الخام سينخفض بما معناه ان سعر برميل سينخفض. ناهيك عن تداعيات نهائية الحرب الروسية الاوكرانية. فمن المتوقع ان سعر برميل البترول ان ينخفض قبيل او في ربيع 2023 الى أسعار ما تحت 70 دولار و قد تصل الى 40 دولار.
وعن السنة المقبل 2023 ، واذا احتسبنا دخل البترول على قيمة (المتوسط) 70 دولار و ان  باقي بنود الدخل تكون كما هي في 2022 فمجموع الدخل بيكون 2.6 بليون دينار. و حتى لو افترضنا ان المصروفات ستخفض بنسبة 10% فسيكون هناك عجز في الميزانية.
وقالا ، بان هذه الارقام والتحديات الى اصحاب القرار بدول مجلس التعاون وليس للبحرين فقط ، خصوصا البحرين وعمان والسعودية، من المحتمل ان تتحول الى دول فاشلة اقتصاديا اذا لم يتم وضع خطط مستقبلة من الان .البحرين قبل الانفتاح السعودي كانت بوابة الخليج " والسعودية " تحديدا ، ولم تكن كذلك الان.
ان دول مجلس التعاون صرفت الكثير من الاموال على الامن والدفاع ، وعندما غزا صدام الكويت تم اللجؤ الى امريكا وتم انفاق اكثر من 3 ترليون دولار منذ 1970 حتى الان .
وبعيدا عن احجية الامن والاستقرار والاستدامة ، لانها معادلة مقلوبة ، والصحيح هي الاستدامة هي من تخلق الاستقرار وبالتالي سيتم حفظ الامن .
خالد جناحي
ميرزا القصاب مؤلف كتاب " ما بعد النفط "