DELMON POST LOGO

راشد الجودر يسرد تاريخ الدراما في تلفزيون البحرين بجمعية تاريخ واثار البحرين 1-3

غالبية الموضوعات التي تم تناولها في بداية تلفزيون البحرين ركزت على القضايا الاجتماعية دون إهتمام كاف بقضايا الوطن والإنسان

قال المؤلف والكاتب راشد الجودر ، في سرده لتاريخ الدراما في تلفزيون البحرين بجمعية تاريخ واثار البحرين ، ان هناك انقطاع عن عمل الدراما منذ 2016 ، وتخلي تلفزيون البحرين عن الإنتاج احد اهم الأسباب ، وان تاريخ الدراما في التلفيون منذ تاسيسه عام 1973 ينقسم الى ثلاث مراحل ونبدأ في الحلقة الأولى بالمرحلة الأولى "

يبدأ حديثه بمقدمة قائلا : بسم الله الذي خلق فأبدع، وصور فمنح للجمال من الكمال ما يعجز عنه كل من سواه. وسلام عليكم جميعا وجوها تكتسي بالجمال وقلوبا تفيض بالمحبة. وعيونا تلتقط صور الجمال بأشكاله المختلفة. ومنها تلك الصور التي تصلنا عبر شاشة التلفزيون، تحمل شكلا من الإبداع، وقدرا من ثقافة الصورة، هما نتاج تفاعل الإنسان المبدع مع الكلمة، ومع أجهزة إلكترونية متنوعة، ليصنع منها تلك الصور الجميلة التي تمنحنا قدرا من المتعة والمعرفة.

والدراما التليفزيونية، هي واحد من أرقى أشكال البرامج التليفزيونية، الأكثر إنتشار وتأثيرا في الجماهير، وفي توجيه سلوكهم، ورصد أوضاع المجتمع. وهي في نشأتها ولدت من رحم الفنون الدرامية التي سبقتها من مسرح وإذاعة وسينما، لتكتسب بعد حين من الزمان خصوصيتها وتميزها. وكان للدراما بتليفزيون البحرين، الذي بدأ بث برامجه يوم التاسع من شهر سبتمبر عام 1973 مساهمتها الملحوظة في توفير قدر من المتعة لجمهور المشاهدين، الى جانب نوع من ثقافة الصورة. وبحلول هذا العام يكون قد إنقضى حوالي سبعة وأربعون عاما منذ أن بدأ التليفزيون في تصوير أول أعماله الدرامية في عام 1977. إلا أن العمر الفعلي للدراما بتليفزيون البحرين هو في حدود تسعة وثلاثون عاما. حيث توقف التليفزيون عن إنتاج أية أعمال درامية بعد عام 2016 بحسب إرشيف تليفزيون البحرين. وتم خلال تلك المدة إنتاج حوالي مائة وسبعة أعمال درامية، تنوعت ما بين تمثيليات ومسلسلات. ويمكننا تقسيم تاريخ الدراما بتليفزيون البحرين الى ثلاث مراحل، إستنادا الى طبيعة مشاركة التليفزيون في الإنتاج الدرامي، وما نتج عن تلك المشاركة، إضافة الى بعض العوامل الأخرى.  

المرحلة الأولى: هي مرحلة التأسيس، التي إمتدت لحوالي عشر سنين، بدءا من عام 1977. وإقتصر دور التليفزيون فيها على توفير الأستديو مع تجهيزاته المختلفة، من كاميرات وإضاءة، وميكرفونات، وديكور، وأجهزة التسجيل والمونتاج. إضافة الى الفنيين العاملين على تلك الأجهزة. وغالبية الأعمال التي تم إنتاجها حينها كانت من إنتاج مؤسسات إنتاج خاصة، أردنية وكويتية وبحرينية.

وكان من أهم سمات تلك المرحلة، هو عدم وجود الكوادر المتخصصة في مجال الدراما التليفزيونية، التي تختلف في الكثير من جوانبها عن أنواع الدراما الأخرى. وهذا مما أتاح لعدد من العاملين في مجال الدراما المسرحية والإذاعية والسينما من كتاب وممثلين، بشكل خاص، وفنيين، لكي يكونوا روادا في مجال الدراما التليفزيونية، برغم أن معظمهم لم يكونوا حينها يمتلكون الخبرة الكافية في مجال الدراما التليفزيونية. وإختلف الأمر قليلا بالنسبة للمخرجين الذين كان معظمهم من العاملين بالتليفزيون، ويمتلكون خبرة في مجال برامج التليفزيون غير الدرامية. والتي أتاحت لهم من الإمكانيات ما ساعدهم على إخراج الأعمال الدرامية. وكانوا هم الأقرب للتعامل مع الدراما التليفزيونية من غيرهم من المخرجين في مجالي الإذاعة والمسرح.

وكذلك كان الحال بالنسبة للفنيين المشتغلين في مجال التصوير والإضاءة والصوت والمونتاج  والديكور، والذين لم يسبق لهم العمل في مجال الدراما التليفزيونية. إلا أنهم ونتيجة لخبرتهم في مجال البرامج التليفزيونية، فقد تمكنوا خلال فترة قصيرة من التعامل بحرفية مع الأعمال الدرامية، التي لم تكن حينها كافية من حيث المضمون والمستوي، لتشكيل وترسيخ هوية مميزة للدراما البحرينية، ولا ساهمت بشكل كاف في تعزيز حضورها وتأثيرها. أو خلق التفاعل المطلوب مع جمهور المشاهدين، برغم جودة بعض الأعمال نسبيا.

المعايير العلمية والموضوعية لتقييم النصوص الدرامية، لم تكن حينها قد تبلورت بما فيه الكفاية، لعدم وجود جهة مختصة بتقييم النصوص. ما أدى لإنتاج عدد من الأعمال لم تكن بالمستوى المطلوب. فتقييم النصوص حينها كان يعتمد على وجهة نظر بعض من المسؤلين الإداريين، والذين بدورهم يستعينون ببعض المعدين والمخرجين بالتليفزيون لتقييم النصوص.  

أول مسلسلين تم تصويرهما على التوالي في تليفزيون البحرين كان في عام 1977 وهما، مسلسل (قطار عام 2000) من تأليف الكاتب الأردني يوسف أبو ريشه. وحمل الثاني إسم (مهنة المتاعب) وهو من تأليف الكاتب اللبناني مروان النجار، وقام بإخراجهما المخرج اللبناني إنطوان ريمي، وشارك في تمثيل المسلسلين مجموعة من الممثلين اللبنانيين والأردنيين، منهم جوزيف نانو، وعبدالمجيد مجذوب، وإلسي فرنيني، وناهد حلبي، وليلى كرم، وأحمد الزين. أما من البحرين فقد شارك في التمثيل في أدوار ثانوية كل من الممثل المرحوم جاسم شريده، والمخرج المسرحي ، عبدالله يوسف، ومحمد البوسطه. إضافة الى عدد من الفنيين المساعدين في مجالات الصوت والإضاءة والتصوير والديكور، أما عملية التسجيل والمونتاج فقد توليت شخصيا القيام بها. والمسلسلين كانا من إنتاج المركز العربي للإنتاج الفني بالمملكة الأردنية، لمؤسسه عدنان عوامله.

وفي العامين التاليين 1978، 1979 تم تصوير عملين آخرين، من تأليف الكاتب المصري  وحيد حامد، ومن إخراج إبراهيم الشقنقيري، وهو مصري. الأول منهما كان بعنوان (ربيع ضائع) والثاني بعنوان (سبع صنايع) وهو من إنتاج الكويتي عبدالأمير التركي. والممثلون جميعهم كانوا من مصر. وشارك في تصويرهما من البحرين كل من عبدالله المعاوده، وعبدالنبي الفردان، وفي هندسة الصوت توفيق العليوات وحسن فزيع، وعلى الشتر، وأحمد عاشور، ومن الإضاءة عبدالله جميل وعبدالرحمن جلال. وقمت شخصيا بعمل المونتاج للمسلسلين.

مؤسسات الإنتاج الكويتية الخاصة، وبمشاركة من بعض الكوادر البحرينية، كانت لها مساهمة ملموسة في التمثيليات والمسلسلات التي تم تصويرها في تليفزيون البحرين في تلك المرحلة، حيث تم في عامي 1979، 1980 تصوير أول مسلسل وتمثيلية كويتيان. المسلسل كان بعنوان (الوفاء) من إخراج أمير الشايب، وسيناريو وحوار مكي القلاف. ومن إنتاج مسرح القلاف الكويتي. أما التمثيلية فكانت بعنوان (ربيع لكل الفصول) من جزئين، تأليف جاسم الزايد، وإخراج كاظم القلاف، وبمشاركة عدد من الممثلين البحرينيين، أمثال إبراهيم بحر، وأمينه القفاص. ليتبعهما في عام 1981 قيام الشركة الشرقية للإنتاج الفني بدولة الكويت، بإنتاج مسلسل (مليون في العسل) تأليف الكاتب المصري أبو أسامه إسماعيل، ومن إخراج محمد أباظه. وفي عام 1983 قام المخرج الكويتي كاظم القلاف بإخراج مسلسل (الصمت في قلوب مغلقة) للكاتب الكويتي إبراهيم الجرواني، وسيناريو وحوار الكاتب المسرحي يوسف السند.

كما تولى المخرج الكويتي حسين الصالح في عام 1983 إخراج مسلسل (لقاء مع الماضي) سيناريو وحوار منيره العليوات، ومسلسل (دروب لا تعرف الشوك) تأليف وسيناريو وحوار محمد البهدهي. ليتبعهما في عام 1984 إنتاج ثلاثية (خفايا ضمير) لجاسم الزايد، وإخراج يوسف حموده.

وكان أول مسلسل بحريني تم تصويره في تليفزيون البحرين في عام 1978، بكوادر بحرينية من الكاتب والمخرج والممثلين والفنيين، هو مسلسل (بغاها طرب) مكون من سبع حلقات، وكتبه الفنان محمد الجزاف، وأخرجه خالد الجودر. وكان من إنتاج مسرح الجزيرة البحريني.

وبلغ عدد الأعمال الدرامية التي تم تصويرها وإنتاجها خلال المرحلة الأولى، حوالي واحد وعشرون عملا دراميا. عشرة منها لا تندرج ضمن الأعمال الدرامية البحرينية، بالرغم من مشاركة بعض الممثلين البحرينيين في تلك الأعمال، إضافة الى عدد من الفنيين. حيث أن الأسس الثلاثة الرئيسية التي تمنح العمل الدرامي هويته البحرينية، وهي النص والإخراج والتمثيل، كانت كلها غير بحرينية. مع ذلك فإن الإشارة الى تلك الأعمال العربية والخليجية في إطار الحديث عن تاريخ الدراما بتليفزيون البحرين تظل لها أهميتها لما أتاحته من فرصة للكوادر البحرينية لإكتساب الخبرة والمهارة في مجال الدراما التليفزيونية.

أما الموضوعات التي تم تناولها في تلك المرحلة، فكانت في غالبيتها تركز على القضايا الاجتماعية. وعلى الكوميديا أحيانا، دون إهتمام كاف بقضايا الوطن والإنسان. بإستثناء عدد قليل من التمثيليات التي قام عبدالله يوسف بإخراج إحداها، وهي تمثيلية (العطش) في عام 1983 والتي كتب قصتها الكاتب خلف أحمد خلف، وكتب لها السيناريو والحوار كل من الكاتب أمين صالح، والشاعر على الشرقاوي. وكانت معظم الأعمال التي تم إنتاجها حينها عباره عن تمثيليات مكونة من جزء واحد أو جزئين. ومن إنتاج مؤسسات خاصة. فمن بين واحد وعشرون عملا تم إنتاجها في تلك المرحلة، كان هناك أربعة عشر عملا من إنتاج المؤسسات الخاصة، البحرينية والكويتية. ثلاثة منها فقط مكونة من سبع حلقات.

ونتيجة لتلك الظروف وإهتمام مؤسسات الإنتاج الخاصة بالجانب المادي على حساب المضمون والمستوى الفني، فقد تولى تليفزيون البحرين حينها إنتاج أربع مسلسلات، كل منها يتكون من عشر حلقات. وقد شهدت سبعة من الأعمال التي تم إنتاجها في تلك المرحلة حضورا أكبر للكوادر البحرينية. وبعض منها يمكن القول بأنها كانت بحرينية بالكامل، نصا وإخراجا وتمثيلا. إضافة الى العمليات الفنية. منها مسلسل (رحلة العمر) الذي تم إنتاجه في عام 1980 ضمن مسابقات رمضان. وكتبه معد البرامج بالتليفزيون أحمد عبدالله، وكتب له السيناريو والحوار الإذاعي سعيد الحمد، وأخرجه حسن عيسى. وفي العام نفسه تم إنتاج تمثيلية (فجر يوم آخر) عن قصة للكاتب خلف أحمد خلف، وسيناريو وحوار عيسى الحمر، ومن إخراج المصري فتحي السبع. الذي أخرج في عام 1983 تمثيلية (الرحلة 83) تأليف صلاح فؤاد.

وفي عام 1984 تم إنتاج تمثيلية (وعادت الإبتسامة) لنور الدين حمد، وشارك في كتابة السيناريو راشد نجم. وأخرجها المخرج الإذاعي عبدالواحد درويش. ليتبعها في عام 1985 إنتاج عملين. الأول حمل عنوان (من الغلطان) من تأليف يوسف السند وإخراج حسن عيسى. ثم (شعراء العرب) الذي كتبه المذيع بتليفزيون البحرين المرحوم عبدالوهاب عطا، وأخرجه جاسم جابر، المقيم حاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت آخر الأعمال التي تم إنتاجها في عام 1986 تمثيلية (بداية من جديد) التي كتب لها السيناريو راشد نجم، وأخرجها عبدالله يوسف. تبعها البرنامج الدرامي (كاتب ومسرحية) لقحطان القحطاني، وأخرجه أمير الشايب. وهذا النوع من البرامج الدرامية، التي قدمت عبر مسابقات رمضان، وبرغم غلبة الجانب الدرامي عليها إلا أنه من الصعب إعتبارها أعمالا درامية مكتملة. إذ إقتصرت الدراما فيها على بعض المشاهد. مع ذلك تظل لها قيمتها، في إطار الخبرة المكتسبة للكتاب والممثلين والمخرجين والفنيين.

وبعض من التمثيليات التي تم إنتاجها في المرحلة الأولى، كانت مستوحاة من قصص وروايات لبعض كتاب القصة والروائيين البحرينين المعروفين، من أمثال محمد عبدالملك وخلف أحمد خلف.

ومن كتاب الدراما التليفزيونية البحرينيون في المرحلة الأولى، محمد الجزاف، وسعيد الحمد، ومنيره العليوات، ومحمد البهدهي، ويوسف السند، وعيسى الحمر، وأمين صالح، وراشد نجم، وقحطان القحطاني، وأحمد عبدالله.