DELMON POST LOGO

راشد الجودر يسرد تاريخ الدراما في تلفزيون البحرين بجمعية تاريخ واثار البحرين 3-3

أهم سمات المرحلة تراجع مستوى الأعمال الدرامية وقلة عددها وتراجع دور التليفزيون لتحل محله مؤسسات الإنتاج الخاصة المحلية

قال المؤلف والكاتب راشد الجودر ، في سرده لتاريخ الدراما في تلفزيون البحرين بجمعية تاريخ واثار البحرين ، ان هناك انقطاع عن عمل الدراما منذ 2016 ، وتخلي تلفزيون البحرين عن الإنتاج احد اهم الأسباب ، وان تاريخ الدراما في التلفيون منذ تاسيسه عام 1973 ينقسم الى ثلاث مراحل وسرد في هذه الحلقة المرحلة الثالثة والأخيرة "

المرحلة الثالثة :

هي مرحلة التشتت وغياب المعايير، والتراجع عن كثير من المكتسبات التي تحققت خلال الفترة السابقة. وفيها تراجع دور التليفزيون، لتحل محله مؤسسات الإنتاج الخاصة المحلية في إنتاج الأعمال الدرامية. وإقتصر دور التلفزيون حينها على تمويل إنتاج تلك الأعمال، مع توفير الأجهزة والمعدات، وإستعانة تلك المؤسسات بعدد من الكوادر الفنية من العاملين بالتليفزيون. وذلك قبل أن تتمكن بعض المؤسسات الخاصة من إمتلاك الأجهزة والمعدات الخاصة بها.

بدأت المرحلة الثالثة في عام 2005 أنتجت مؤسسة بنت المملكة للإنتاج الفني، مسلسل (عذاري) تأليف أحمد الفردان، ومحمد القفاص، ومن إخراج محمد القفاص. وظهرت خلال ذلك المسلسل، وما أحاط به من ظروف إنتاجية ومشاكل، بعضا من الإرهاصات التي شكلت لاحقا أهم السمات للمرحلة الثالثة من عمر الدراما، والتي إستمرت لحوالي عشر سنوات، وإنتهت في حوالي عام 2016.

وكان من أهم تلك السمات التي بدت واضحة للمهتمين بشؤون الدراما، ولجمهور المشاهدين، هو تراجع مستوى الأعمال الدرامية، وقلة عددها، والذي لم يتجاوز سبعة عشر عملا. وكان لذلك التراجع أسبابه التي من أهمها هو توقف تليفزيون البحرين عن إنتاج الأعمال الدرامية، وفتح المجال أمام مؤسسات الإنتاج الفني الخاصة لتولي عملية الإنتاج، وإكتفى التليفزيون حينها بتوفير التمويل اللازم للإنتاج. وبحكم طبيعة عمل تلك المؤسسات، فقد انصب اهتمامها على الجانب التجاري، وتحقيق الربح على حساب المضمون والمستوى الفني.

وأدى ضعف الإمكانيات الإنتاجية لدى مؤسسات الإنتاج الخاصة، سواء المادية منها أو الإدراية الى تدني مستوى الأعمال التي تم إنتاجها حينها، نتيجة لدخول عدد من الأفراد غير المؤهلين. منهم ممثلون دخلوا مجال الإنتاج والتأليف، إضافة الى بعض القنوات الفضائية الخاصة، والمستثمرين، ممن إستعانوا بكتاب ومخرجين مبتدئين، وعدد من الممثلين، والممثلات ممن يتميزن بجمال المظهر، وبالوسامة، مع شبه إنعدام للموهبة والثقافة والإلتزام. فتحولت الدراما حينها الى سوق مفتوح للسلع الرخيصة، والى مهنة كل من لا مهنة له. وأصبحت قيم ومعايير السوق هي المتحكمة في مستوى الأعمال الدرامية التي تم إنتاجها حينها. دون مراعاة لأية قيم أو مبادئ أو أخلاقيات. وهو ما إنعكس سلبا على مستوى الذوق العام لدى جمهور المشاهدين.  

كذلك كان لأجهزة ومعدات الإنتاج الإلكترونية الحديثة دروها المزدوج. حيث أنها من جهة ساهمت في جعل العمل أكثر سهولة مع إختصار للوقت وصنعت للدراما أجمل الصور. إلا أنها للأسف عجزت عن تقديم مضمون يرتقي الى نفس مستوى الصورة. ذلك أن الكاميرا وحدها، ليست هي من يصنع الصورة الجميلة والمعبرة، وإنما هو ذلك الإنسان الفنان والمبدع الذي يمسك بها ويحركها، إضافة الى المخرج الذي يوجهها. ويقال عن الصورة أنها بألف كلمة، إلا أن ما تضمنته مسلسلات تلك المرحلة من صور، كان الألف منها لا يعادل حرفا في الكلمة. وقس على ذلك بقية الأجهزة اللازمة للإنتاج الدرامي من أجهزة مونتاج وإضاءة وصوت وغيرها.

وكذلك كان الحال بالنسبة للإخراج الذي يفترض فيه أن يعبر عن رؤية فنية وثقافية وإلتزام، فإذا به في العديد من المسلسلات يعبر عن الخواء والإفلاس الثقافي والفكري. وكان للنصوص بموضوعاتها التي غلبت عليها الإثارة والسطحية والتهريج، وخاصة تلك الأعمال التي تناولت مشاكل وقضايا الأسرة، وبعض الظواهر الطارئة على المجتمع، كظاهرة المخدرات والعنف، والعلاقات غير السوية، والفساد في المجتمع، دون إهتمام كاف بمعالجة تلك الموضوعات والقضايا ضمن رؤية فنية موضوعية. كان لتلك النصوص دورها في تدني مستوى الأعمال الدرامية. فحينما يتحول المؤلف الى ترزي يفصل للمنتج ما يرغب فيه، دون إلتزام بقضايا وطنية أو إنسانية، ولا بقيم ولا مبادئ، فحينها لا يتوقع من الدراما أن تشهد أي تطور أو تميز.

أما التمثيل، فإن مما يثير الإستغراب بشأنه هو أن الممثلين الذين ساهموا في نجاح الأعمال الدرامية خلال المرحلة الثانية، كانوا هم نفس الممثلين الذين شاركوا في أعمال المرحلة الثالثة، مع مشاركة لعدد من الممثلين والممثلات الشباب. وحجة أولئك الممثلين هي أن المشاركة في أعمال دون المستوى أفضل من التوقف عن التمثيل.

كذلك يمكننا القول بأن الأحداث السياسية والأمنية التي شهدتها البحرين خلال العقدين الماضيين، وبلغت ذروتها في عام 2011 وما نتج عنها من احتقان طائفي، كان لها إنعكاسها السلبي على مجمل النشاط الثقافي والفني، ومنه الإنتاج الدرامي التليفزيوني.

ومن المسلسلات التي تم إنتاجها خلال المرحلة الثالثة، مسلسل (أكشن 123) لأمين صالح ومن إنتاج هيئة الإذاعة والتليفزين. ومسلسل (حنين السهارى) لنفس المؤلف، وتم إنتاجه من قبل مؤسسة مرادي آرت، بتمويل من التليفزيون. وأخرج الأول منهما أحمد الفردان. وكان الثاني من إخراج محمد سلمان.  إضافة الى فيلم تليفزيوني واحد، كان بمثابة الشمعة وسط العتمة. وكان بعنوان (أيام يوسف الأخيرة) عن قصة للكاتب عبدالقادر عقيل وسيناريو وحوار أمين صالح ومن إخراج محمد جناحي. وكذلك مسلسل (أهل الدار) من إخراج أحمد المقله، وكتب حلقاته كل من أمين صالح وعيسى الحمر وشاركت شخصيا بكتابة عشر من حلقاته، إضافة الى مسلسل (برايحنا) من إخراج جمعان الرويعي. ومسلسل (القناص) لجمال الصقر وإخراج رائد الدرازي. ومسلسل (بلا رحمة) و (لحظة ضعف) و (لعنة امرأة) وجميعها من تأليف الممثلة زينب العسكري، إثنان منهما من إخراج محمد سلمان، وأخرج الثالث المخرج الكويتي يوسف حموده. وكذلك مسلسل (ملامح بشر) تأليف محمد القفاص وأحمد الفردان، ومن إخراج محمد القفاص. ومسلسل (الفجر المستحيل) تأليف معصومه المطاوعه، وإخراج ياسر الناصر. ومسلسل (سوالف طفاش) بأجزائه الثلاثة. والتي تم إنتاجها في الأعوام 2008، 2009، و2015. وكان آخر عمل تم إنتاجه في عام 2016 هو مسلسل (حزاوينا خليجية) الذي أخرجه جمعان الرويعي، واشترك في كتابة حلقاته سبعة من كتاب الدراما في دول الخليج العربية.

وإذا ما أردنا أن نلتمس العذر للعاملين في تلك المسلسلات من كتاب ومخرجين وممثلين ومنتجين، في المستوى غير المرضي الذي ظهرت به بعض الأعمال الدرامية في تلك المرحلة، فسنجد بأن هناك عوامل موضوعية ربما كان لها إنعكاسها على مستوى تلك الأعمال. منها تذبذب الأوضاع الاقتصادية خلال العقدين الأول والثاني من القرن الحالي، والتي نتج عنها -فيما يبدو- تقليص الميزانيات المخصصة للإنتاج الدرامي بالتليفزيون، برغم أن الميزانية المخصصة لوزارة الإعلام كانت قد إرتفعت في عام 2006 من إثنا عشر مليونا، لتصل الى أكثر من ثمانية وعشرين مليونا في عام 2015. مع ارتفاع في تكلفة إنتاج الدراما، نتيجة لإرتفاع أجور عدد من الممثلين والممثلات، وبعض الكتاب، والمخرجين، والفنيين.

وأخيرا أقول بإن ما شهدته المرحلة الثالثة من تدني في مستوى الأعمال الدرامية، لا يعني أن كل ما إنتج خلال تلك الفترة من مسلسلات كان سيئا، فبعض من الأعمال كان على مستوى جيد من حيث النص والإخراج والتمثيل، كتلك الأعمال التي كتبها أمين صالح، وأخرج أحدها أحمد المقله. إلا أن رائحة العفن -فيما يبدو- كانت أقوى من رائحة الزهور المتناثرة هنا وهناك.

ويبقى الأمل قائما لإستعادة الدراما التليفزيونية البحرينية لمكانتها التي كانت عليها، إذا ما توفرت لها الظروف الملائمة لعودتها والتي من أهمها الإدارة الجيدة، والتخطيط السليم. والإرادة السياسية التي تمتلك القناعة بأهمية الدراما التليفزيونية كقوة ناعمة لها دورها الإيجابي في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وحتى السياسية منها. فالفن الملتزم بقضايا الإنسان والوطن له قدرة على المساهمة في عملية التنمية الشاملة، وعلى إصلاح ما تخربه السياسة.

رئيس الجمعية عيسى امين كان اول المتداخلين ، حيث قال ان التراجع في هذا الدولة شمل العديد من القطاعات بما فيها القطاع الطبي ، كيف كانت البحرين الأكثر تقدم في الخليج ، بل ان اكثر من 50 طبيب يدرسون تخصصات استشارية في اوربا وامريكا وباقي العالم ، والان العدد بالاصابع ويدرسون في الرياض وعمان وكراشي ، ما يعكس الانحسار في هذا القطاع وانهيار البناء الهرمي الذي تم بناءه خلال 50 عاما خلت.. نامل المرحلة الرابعة لا يتوصل الانحدار ، والسؤال الكبير لماذا ؟

وردا على سؤل قال الجودر بان انتاج تلفزيون البحرين عرض في مصر وهي مركز للاعمال الفنية ، وذات مرة وتلفزيون البحرين يعرض مسلسل " البيت العود " سألني وزير الاعلام حينها : ماهو جديدك من مسلسلات ، قلت له مسلسل يكلف كثيرا ، وكان رد الوزير لا تهتم بالمال ، انه متوفر ! ، لذى كان الإنتاج قويا .

وعن عدم الاستفادة من اعمال الادباء والفنانين في اسرة الادباء  والكتاب البحرينية قال ، اول هناك محظور سياسي ، بسبب ممارسة العديد منهم بالشأن العام ، لا تستخدم أعمالهم في تلفزيون البحرين مع استثناء عدد منهم مثل خلف احمد خلف وعبد القادر عقيل ومحمد عبد الملك وامين صالح وعلي الشرقاوي.