زارت البحرين مؤخرا الدكتور رفيعة عبيد غباش ، رئيس جامعة الخليج العربي سابقا ، واهدتني كتاب تابين اخيها المفكر الدكتور حسين غباس ، الذي قدم الكثير في نضالاته وفكره على مدى 57 عاما قضاها الف منها العديد من الكتب اهمها موسوعة النبي محمد "ص" .
تقول الدكتور رفيعة في تابين اخيها بالكتاب " غيابك المفج وانت في قمة عطائك الفكري جعلني ادرك ان لك اسرة كبيرة ممتدة على خارطة الوطن العربي وخارجها ، اقتربوا منك وبادلوك الفكر والمعرفة والعمل الانساني، فاحبوك وافتخروا بك حتى .. اوجعتهم برحيلك كما اوجعت اسرتك في الامارات " .
توفى الدكتور حسين بسبب فيروس في الرئة بعد عملية جراحية ناجحة بالقلب ، في 21 من يوليو 2020 بالامارات والناس مشغول بالجائحة التي عصفت العالم عن عمر 57 عاما .
يقول صديقه عبد النبي العكري ، ان الدكتور حسين ينتمي الى عائلة غباش الوطنية العريقة والتي قدمت الامارات وللخليج وللعرب ، شخصيات مرموقة من السياسيين والاكاديميين الاطباء والادباء وذوي الاختصاصات مخلفة من رجال ونساء .
وقال عرفت المرحوم حسين في مراحل مختلفة من حياته ، التقيته في واشنطن عندما كان دبلوماسيا في سفارة بلاده في واشنطن ، وفي ذات الوقت يحضر الماجستير في جامعة واشنطن ، ولكن تركه منصبه الدبلوماسي وانتقل الى باريس وتعلم اللغة الفرنسية وحضر الدكتوراة ودرس اللغة ايضا ، واسم اطروحته " عمان الديمقراطية الاسلامية" ويعتبر مصدر اساسي في تاريخ عمان.
ثم توجه الى التأليف ، واهم كتبه كتاب " محمد قراءة حديثة في سيرة رسول النور السلام " الذي ترجم الى عدة لغات .
كان للمرحوم نشاطات سياسية وطنية مبكرة ، وكانت العائلة تعاني من هجوم المخابرات عنه وعن كتبه ،
بعد انطلاق الحركات السياسية في الخليج من الكويت الى عمان مرورا بالبحرين ، انضم الشباب الطامح للتغير لديها ، ذهبوا الى مناطق ظفار وعمان وعدن والى كل مكان كان للبريطانيين قواعد فيه ، وقد شارك غباش في كل التجارب ، وهو امر تعتز عائلة غباش به وتفتخر ، ومن ثم استقر الدكتور حسين في سوريا واكمل الثانوية العامة وتم قبوله في جامعة دمشق العريقة .
بعد نضجه السياسي ، ترك الفكر اليساري واتجه الى الصوفية والف عدة كتب عنها اهمها كتاب عن الرسول محمد بعد ان تبأوه سفيرا لبلاده في اليونسكو بباريس ، وتدريس اللغة الفرنسية في جامعة القديس يوسف ببيروت .
كان الدكتور حسين يتبنى الفكر اليساري قبل تحوله الى الصوفية نتاج رؤية في المنام وبسبب اية النور الذي وضعها في جيبه منذ ذلك الحين اصبح متدين بالطريقة الصوفية والف عدة كتب عن تلك الحقبة التالية من حياته وعاش في اسبانيا يدرس دور العرب في الاندلس .
فقد كان الدكتور حسين غباش في مرحلة شبابه الاولى ينتمي الى حزب العمل العربي مطلع السبعينات من القرن الماضي وفي عام 1971 ساهم في الاحتجاجات عندما اعلن الانجليز مغادرة الخليج ، وقامت السلطات هناك بحملة ضد الحزب ، سافر على اثرها الى راس الخمية .
كان حزب العمل العربي ذو التوجهات ليبرالية يسارية " ليست ماركسية " ، وتحالف الحزب مع الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي ، بعد سفره القسري الى راس الخيمة غادر الى سوريا وحصل على تحصيله العلمي هناك في الفترة 1971-1973 حيث كانت دمشق تحتضن كل المناضلين العرب .
تعاون غباش مع الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي في القسم الاعلامي وسافر الى عدن وتطوع هناك لفترة ، وشارك في مهرجان برلين للشباب في اغسطس 1973 ، ثم انتقل الى بريطانيا.
وعندما مسك احمد خليفة السويدي وزارة الخارجية بالامارات العربية المتحدة عمل على احتواء المناهضين للانجليز والذين في المنافي ، وكان الدكتور حسين غباش احدهم ،فالتحق بسفارة بلده في لندن ، ثم واشنطن ، ثم باريس ، واستغل تلك الفترة للتحصيل العلمي ايضا فحصل على شهادة الماجستير في واشنطن والدكتوراه في باريس ثم تقاعد وبدأ التدريس في جامعة القديس يوسف ببيروت ومن ثم انتقل للعيش في اسبانيا .
وبالرغم من تغيير توجهه من النضال الى الصوفية ومن الكفاح الى الدبلوماسية ، لم تنقطع علاقاته باصدقاءه المناضلين .
بداية التحول الى التصوف ، التعمق الى الدين الاسلامي ، عمل الكتاب ، عن محمد ، اثار ضجة كبيرة ، محمد رسول السلام
كتاب ضمن مشروع ضخم ، يقدم النبي كانسان ، وبتسامح ، بعضر مختلف عن التقليدي ، التسامح بين الاديان والثقافات والاديان وطبع بعدة لغات ، ضمن مشروع ، يطبع ويوزع مجانا.
يمتاز غباش بهاجسه لوطني حتى وفاته ، ومن جل اهتماماته الديمقراطية والوحدة العربية وفلسطين ووحدة الخليج ، التركيبية السكانية في الخليج ، وتمتاز كتبه التي الفها بالعمق وتشمل البنية الثقافية ، ليس في الامارات بل في الخليج ، وكان كاتب نشط في مجلة الازمنة العربية في الثمنانيات وكتب في جريدة الخليج الاماراتية ، ويركز في كتاباته العميقة عن التاريخ وعلم الاجتماع والاديان .
من مميزاته الجميلة انه عندما كان في فرنسا ، لم يكن منغلق في الجامعة ، كان على تواصل مع الاشخاص مع المهتمين بالقضايا العربية ، لجنة المناصرة لدعم الديمقراطية في الخليج ، وكذلك الحال في واشنطن ، بجامعة جورج تاون .
ورغم تحولاته الفكرية الان انه لم يغب عن باله القضايا المركزية الخليج وفلسطين والسيطرة الاجنبية بالوطن العربي .
تجربة الدكتور حسين غنية ثرية وملهمة وهو يمثل منارا تنير الدروب ويهتدي بها في هذا الزمان .
الجانب الاخر من حياة المرحوم حسين غباش انه ذو يد بيضاء ويتبرع للكثير من الفقراء والمساكين بغض النظر عن جنسية وديانة المحتاج في انحاء العالم ،،، وبدون اعلام ... لقد خسر الوطن العربي والاسلامي شخصية وطنية بغياب الدكتور حسين ،،، له الرحمة والمغفرة .. كان عطاءه غنيا اينما حل ، ولكنه استعجل الرحيل .