DELMON POST LOGO

المحفوظ في ندوة اسرة الادباء والكتاب : لاتوجد استراتيجية للانتقال التدريجي نحو صحافة الفيديو وتمكين الصحفيين من التدريب

المحفوظ : فقد الراديو تاثيره على الجمهور ولا مستقبل للخبر عبره دفع BBC  الى غلق محطتها العربية .. وأغلقت بعض الصحف
دعا الباحث الإعلامي الصحفي حسن محفوظ الصحف المحلية  لاهتمام بتدريب الصحفيين على هذا الشكل الجديد وأن تتجه أكثر نحو المحتوى المرئي سواء في إنتاج قصص جديدة أو أشكال جديدة في المحتوى.
لان " هناك تحولات كبيرة في القطاع الإعلامي قادمة للأسف أن إعلامنا وصحفنا غير مستعدة لها، إلى جانب الجمهور يتغير تقريبا كل عقد الجمهور وتتغير مفهومه في تلقي المعلومة، المؤثرين وبعض المنصات الصحفية هي من تساهم في تشكيل تفكير الشباب وهذا الجيل.".
وقال محفوظ في محاضرة له أقامتها أسرة الأدباء والكتاب ندوة بعنوان "صحافة الفيديو.. عصر جديد للصحافة والاعلام" مساء امس " في اعتقادي لازال هناك تناقض واضح بين الواقع الإعلامي الجديد وما يدرس في الجامعات المحلية في تخصصات الإعلام على حد علمي. وهذا يجرنا إلى تساؤل هل مناهجها قادرة أن تخرج طلبة قادرين أن يتعاملوا مع الواقع الإعلامي الجديد".
موضحا بانه في التجارب البحرينية لصحافة الفيديو أبرز تجربتين هي تجربة صحيفة البلاد وصحيفة الأيام وأخبار الخليج والوطن أقل نوع ما في إنتاج المحتوى الصحفي لصحافة الفيديو ، لكن الصحف لازال اهتمامها وجهودها يتركز على المحتوى المقروء أكثر من المحتوى المرئي على الرغم من تراجع جيل القراء.
لكن الاهتمام متواضع وعلى حد علمي لايوجد استراتيجية للانتقال التدريجي نحو صحافة الفيديو وتمكين الصحفيين من التدريب على هذا الشكل الجديد، وما نراه اليوم من الشباب في بعض الصحف هو بمجهودهم الخاص .
وعن تاريخ تطور الاعلام بدءا من الصحافة قال ، في عشرينات القرن الماضي عندما ظهر الراديو توجس أصحاب الصحف من هذه الوسيلة الجديدة واعتبروا أن الراديو خطر يهدد وجود الصحف وأن لا مستقبل للصحف بعد الراديو، وانقسم الجمهور بين قراء ومستمعين قادرين على التعامل مع الراديو والاستماع إليه.
في منتصف الخمسينيات عندما بدأ التلفزيون ينتشر في أمريكا وأوروبا وبدأت محطات التلفزة ببث بعض الأخبار بالصوت والصورة، بدأ معها قلق الصحف ومحطات الراديو من أن التلفزيون يمكن أن يشكل خطر على الراديو والصحف لكن في الواقع توجه بعض من جمهور الصحف و الراديو للتلفزيون وظهر جيل جديد لا يعرف سوى التلفزيون وكبر مع التلفزيون وأصبحت الصحافة التلفزيونية هي مصدرهم للأخبار ومتابعة أحداث العالم،
في البحرين بدأ التلفزيون ينتشر في عقد السبعينيات والثمانينيات وأصبح الناس تتابع أحداث العالم بشكل محدود من خلال الصحافة التلفزيونية عبر القنوات الأرضية
لكن زاد هذا الاهتمام في مطلع التسعينيات، عندما بدأ البث الفضائي في الخليج من خلال سي إن إن والفضائية المصرية وأم بي سي حتى ظهور بي بي سي عربي لفترة قصيرة وأصبحنا نتابع أحداث غزو الكويت وحرب الخليج والبوسنة والهيرسك ومن ثم ظهرت قناة الجزيرة في العام ١٩٩٦ وهذا أحدث نقله نوعية في الصحافة التلفزيونية والأخبار ومتابعة أحداث العالم وبرز جيل جديد وهو جيل الفضائيات.
التحولات نحو الرقمنة
في بداية الألفية بدأ الإنترنت ينتشر وأحدث نقلة كبيرة في قطاع الإعلام والصحافة وبدأت الدول الكبيرة تدخل لمنطقة الشرق الأوسط عبر مواقع قنواتها الإخبارية الناطقة بالعربية على اعتبار أن الإنترنت أصبح يلعب دور كبير في تشكيل الوعي الجمعي لشعوب المنطقة، وبدأت القنوات الإخبارية العربية بفكرة المواقع الإخبارية.
وظهرت أول تجربة عربية للصحافة الإلكترونية وهي صحيفة إيلاف، وهذه المرحلة اعتبرت بداية لعصر جديد للصحافة وانتهاء عصر الحاجز المكاني والزماني للخبر الصحفي، وأصبح الخبر متاح في أي وقت، وهذا العصر له جمهوره وهو جمهور المستخدمين للإنترنت وله أسلوبه في الكتابة الصحفية، وبدون شك أثر بشكل كبير على جمهور الصحافة الورقية وجمهور الراديو وجمهور الصحافة التلفزيونية.
الصحف لم تتجاوب في بداية الأمر واعتبرت أنها هذا يهدد وجودها لكنها ادركت لاحقا بضرورة أن يكون محتواها موجود على الإنترنت لأن هناك جمهور جديد ومعلن جديد على الإنترنت وأنعكس هذا التحول حتى على القنوات الإخبارية.
وعندما بدأ الربيع العربي في بعض البلدان فرضت الأحداث المتسارعة فيها ظهور شكل جديد من الصحافة وهو صحافة المواطن ولاشك أن سرعة الإنترنت وانتشار بعض البرامج والتطبيقات ساهمت على انتشار صحافة المواطن من خلال الناشطين المنتشرين هذه البلدان وأصبح الخبر والحدث ينتشر في العالم أسرع من القناة الإخبارية لأن في القناة لابد يمر على معايير معينة للتأكد منه قبل البث، وأجبرت القنوات لخيار ما يعرف بصحافة الموبايل الذي يقوم عليه صحفيي ومراسلي القنوات الإخبارية في إنتاج بعض موادهم الإخبارية بصورة سريعة وإرسالها للقناة.
بعد تجربة صحافة الموبايل وصحافة المواطن مع الصعوبات المالية التي تمر على وسائل الإعلام وتغيير مفهوم هذه الأجيال لتلقي المعلومة والتطور الكبير الذي طرأ على القطاع التكنلوجي والاتصال انتشر شكل جديد من الصحافة وهي صحافة الفيديو وصحفيو الفيديو وأكثر حرفية ومهنية من صحافة الموبايل
وحقيقة هذا الشكل موجود في أمريكا وأوربا منذ الثمانينيات ولكن تحت أسماء مختلفة مرة يسمونه الصحفي الشامل ومرة صحفي الفيديو ومرة الصحفي المستقل أو صحفي الشنطة وهو شخص واحد ينتج مادة وثائقية وإخبارية أو صحفية بدل ما ينتجها طاقم عمل مكون من ثلاثة أو أحيانا خمس أفراد
وهؤلاء يسافرون للكثير من الدول ويتعاونون مع أكثر من وسيلة إعلامية ويبيعون عليها موادهم، بعيدا عن الرقابة بعيدا عن التعقيدات التي تواجه الطواقم الإعلامية إضافة إلى الجانب المادي
وقاموا بتغطية أحداث كبيرة لصالح قنوات كبيرة مثل سي إن إن وبي بي سي وغيرها ، ووأهم الأحداث اللي غطوها هي أحداث :
سقوط جدار برلين.
وحرب الخليج الأولى
حرب افغانستان
ويمكن أحد اسباب إنتشار صحافة الفيديو هو ارتباط الناس في الفيديو أكثر للتعبير عن رغباتهم وعرض يومياتهم، ويجب أن نعترف أن المحتوى لم يعد يقتصر على الصحفيين بل أصبح الناس قادرين على صناعة محتوى لذلك هذا اللي دفع المحطات الإخبارية للإهتمام أكثر في صحفي الفيديو من خلال الوظائف ودورات التدريب وغيرها ودفع أيضا شركات الكاميرات يأخذ في الإعتبار صحفيي الفيديو
ومع إنتشار الفيديو في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي الذي صار يعلب دور كبير في تشكيل الوعي الجمعي للمتابعين على هذ المنصات هو أكثر تأثيرا من الصور والنصوص، أدركت القنوات والصحف أن المحتوى المرئي وهو المؤثر أكثر للجمهور، خاصة في الأزمات أو في القضايا الخلافية التي تأخذ جدل في الرأي العام خاصة مع ظهور جيل واسع وكبير يعتمد على المحتوى المرئي في تلقي المعلومات ومتابعة الأحداث
لذلك أغلقت بعض الصحف التي لم تتحول لصحافة الفيديو وأغلقت بعض محطات الإذاعة لأن جيل قراء الصحف تراجع إلى حد كبير ومعه مستمعي الإذاعة أمام البدائل الحديثة التي يستخدمها الجيل الجديد
وخير مثال على ذلك أن إغلاق راديو البي بي سي عربي وهي من أهم المحطات الإعلامية في العالم العربي ويحظى بثقة عالية جدا في الشارع العربي لكن مع هذا لم يستطيع البقاء أمام هذا التحول نحو صحافة الفيديو في المنطقة صحيح موضوع الإغلاق له علاقة بالجانب المالي للمحطة.
ولكن لايمكن أن نتجاهل أن أحد أسبابه تعود إلى تراجع مستمعي الإذاعة لصالح صحافة الفيديو أو إلى المحتوي المسموع وهو البرودكاست وهو أيضا أصبح القائمين عليه يحولونه إلى محتوى وهو جزء من صحافة الفيديو.
وبالتالي نحن نعيش في عصر صحافة الفيديو أصبحت فيه المحطات الإخبارية والصحف تنتج محتواها الإخباري وحتى الراديو أصبحوا ينتجون موادهم لصحافة الفيديو وبثها عبر منصاتهم اتجهت نحو جهور الإنترنت ونشاهد أ مقطع واحد يشاهدها في وقت قصير ملايين المشاهدين والمتابعين.
وبالتالي إذا أرادت هذ الوسائل أن تطيل أمد بقاءها فعليها أن تتكيف مع الواقع الإعلامي الجديد وأن تغير من نمط محتواها، لأنها تخاطب جيل لايعرف الصحف الورقية ولا الراديو ولا التلفزيون .  لا يعرف سوى الشاشة الصغيرة وهي شاشة الموبايل.
وهذه الوسائل بما فيها المحطات الإخبارية كانت هي من تفرض الأجنبية اليومية لتوجيه الرآي العام، أصبح الرآي العام هو من يفرض أجندته وهذه الوسائل باتت تدرك أن الخبر لم يعد حكرا على القناة تتحكم في وقت نشره وماذا تنشر، الخبر يصل للجمهور ربما قبل لا يصل للقناة.
وأعتقد أن هذه الوسائل فقدت التأثير على الجمهور وبات هناك مؤثرين أخرين يخاطبون الجمهور الجديد ، ويمكن هذا اللي دفع بي بي سي أن ترى أنه لا مستقبل الخبر لأن الخبر ينتشر بشكل سريع جدا في وسائل التواصل الاجتماعي قبل لا يصل للقناة وبالتالي هي ذهب للإهتمام بالوقوف على ما بعد الخبر وهو التحليل وإنتاج بعض الحلقات النقاشية وهذه ربما وجودها في تطبيق البودكاتست أفضل بكثير لبي بي سي من حيث عدد المستمعين والانتشار وغير مكلفة مقارنة بالراديو.
أما عن المنصات الإخبارية الخاصة التي تحمل أسماء صحفيين مستقلين فهذه الصفحات لازالت بعيدة عن صحافة الفيديو، لان هذه المنصات تنقل محتوى ولا تصنع محتوى وللأسف لم تتطور طوال الخمس أو السبع سنوات الماضية.