سيد عبد الله الغريفي كان اول المثمنين لخطوة عاهل البلاد بالعفو وطالب بتصفير السجون
" تختلف صياغة عبارات المطالب الشعبية ونوعها عبر تاريخ المطالبات الوطنية من السلطة، بدءا من المشاركة في مجلس التعليم عام 1934، إلى عضوية البلدية، وعدالة القضاء ومساواة الضرائب إيقاف المظالم، تفعيل الدستور والحرية وتكافؤ الفرص ... وما إلى ذلك كالملكية الدستورية والحكومة المنتخبة ( المطالب التي رفعت في 14 فبراير 2011 ) ، ولعل في المستقبل تأتي مصطلحات أخرى بحسب التطورات الدستورية والتشرعية والسياسية.
ولكن في المحصلة المواطن له حق يجب أن يستجيب له الحاكم في كون الشعب له سيادة ( مصدر السلطات ) يجب أن لا تُنتقص تأتي على صورة شكلية لا نفع فيها ولا نكهة، والبحرين ببساطة تلتف حول قيادة الدولة حينما تشعر بأن تطلعاتها الوطنية محط الاهتمام الجدي والتنفيذ. "
بهذه الخلاصة اختتم الناشط السياسي مجيد ميلاد ندوته التي كانت بعنوان " قراءة في الإفراجات والتطلعات الوطنية " مؤخرا بمجلس سماحة الشيخ عبد الأمير الجمري ، وأشاد بخطوة عاهل البلاد بالعفو عن 1584 محكوم اكثر من 600 كانوا محكومين بتهم متعلقة "بالشغب " وقال " المطلوب من الحكومة التعجّل في اطلاح سراح البقية لا سيما المرضى وكبار السن والصغار والشيخ علي سلمان، وعلى المعارضة أن تقف سريعًا موقفًا إيجابيًا كعادتها من خطوات السلطة الايجابية بما يعزز خطوات بناء الثقة بين الطرفين تمهيدًا لبرنامج سياسي شامل يؤدي لاستقرار البحرين وزدهارها."
وزاد : في كل مجتمع تطلعات ومتطلبات أيًا كان ذلك المجتمع، سواء كان مجتمعًا دينيا أو غير ديني، مجتمعًا عربيا أو غيره، مجتمعًا متطورًا صناعيا أو غير صناعي، التطلع الوطني إن لم يوجدْ ففي المجتمع خللٌ ما، ونفسُ المجتمع ينقسم تطلعه لأقسام بحسب المواطنين واختصاصاتهم، فالمختصون في التجارة والمشتغلون فيها يتطلعون لمجتمع تجاريٍّ متطورٍ لأقصى درجة من الربحية والنشاط، وكذا المختصون في الزِّراعة والمختصون في الصناعة وما إلى ذلك يأملون بحسب اختصاصهم، ولكن كلهم يعوزهم التطلع على المستوى الوطني لا الخاص فيما هم مختصون فيه، وهو ما نسّميه التطلعات الوطنية، ففي النتيجة أنَّ التطلعات الوطنية تشمل في ثمارها كل مواطن أيًا كان، وأهم منْ يجب عليه أن يحظى الوطن بتطلعاته الوطنية لعموم المواطنين هو حاكم تلك البلد، ثم يأتي من بعده المسؤول الأكبر فالأكبر، وحرصُ الحاكم على تحقيق تلك التطلعات الوطنية وانجازها هي ضمان الاستقرار والهدوء وازدهار الوطن، وإلا سيبقى ذلك الحاكم تحت ضغط مختلف القطاعات في ضرورة تبنّي تلك التطلعات الوطنية والدفع بها إلى الإمام وانجازها، ذلك ما يخرج رؤى 2030 أو 2050 أو غيرها في مختلف البلدان،
وأضاف ميلاد ، توجد عدة قراءات وتحليلات لتلك الإفراجات تأرجحت بين الإفراط والتفريط منها :
* إمّا رسالة إيجابية الى إيران وهدفها تحسين العلاقات معها،
* أو أنها مناورة لجسّ نبض أطراف المعارضة الوطنية،
* أو عملية تقليل من الاكتظاظ الكبير في السجون البحرينية جراء الأعداد الهائلة الموجودة فيها،
* أو عملية مُخاطبة لمن يهمّه أمر البحرين من الحقوقيين والمنظّمات الدولية وعواصم القرار من أجل تبييض صفحة النظام،
* أو أنها مقدّمة لإفراجات ثانية .
ولكن الأهم أن البحرين بحاجة الى إعادة الثقة السياسية المفقودة والانفراج الأمني دون قيود، وتوسعة الافراجات يعيد الحسابات الخاصة بعملية بناء الثقة التي تعزز من خلال انفراج قانوني أيضًا حيث يشمل إلغاء العزل السياسي كذلك.
وتطرق ميلاد الى نظرة تحليلية شاملة على قائمة أسماء المفرج عنهم بالعفو الملكي ، اذ ان 23 % أسماء باللغة الأجنبية ، 3 % أسماء غير عربية مكتوبة باللغة العربية ، 5 % أسماء عربية لعوائل غير معروفة أنها من البحرين ، 9 % أبناء العوائل من الأخوة أهل السنة 9% ، و60 % أبناء عوائل الشيعة وعددهم 900 جنائيين وسياسيين.
كما سرد ميلاد التصريحات الإعلامية التي صدرت منذ الثامن من ابريل قبل عيد الفطر المبارك بيومين أولها وكالة انباء البحرين ، والتي نشرت نص المرسوم الملكي بالعفو شاملا عدد من المحكومين في "قضايا الشغب" والقضايا الجنائية، وذلك بمناسبة اليوبيل الفضي ، ومن التصريحات اللافتة خلال تلك الفترة :
أ) التصريح الأول: أن المرسوم واللفتة الانسانية .. ثم إنّ هذا القرار الأبوي الناظر إلى أهمية تماسك النسيج الوطني يكشف عن رؤية حكيمة وإنسانية لجلالته حفظه الله، حيث إن المجتمعات تنهض بالتسامح، وإصلاح النفوس، والعفو والإحسان. المعارضة تقول نفس الكلام بالإشارة لما تبقى من السجناء.
ب) التصريح الثاني: وأشار رئيس جامعة البحرين، إلى أن العفو يعد أحد المداخل الأساسية لتحقيق الاستقرار، إذ يشجع على المراجعة الذاتية، التي تفضي إلى اندماج المحكومين في الحياة، ليمارسوا أدوارهم في التنمية المستدامة بإيجابية ومسؤولية، وهذا بالضبط ما نتمناه اليوم بما يشمل بقية المحكومين .
التصريح الثالث: إن جلالة الملك المعظم يولي إعلاء قيم ومعايير حقوق الإنسان أهمية كبرى من خلال قانون العقوبات البديلة وبرنامج السجون المفتوحة، واليوم من خلال العفو الملكي الشامل وهي ترجمة للحفاظ على الحقوق الشخصية والمدنية ومراعاة مبادئ العدالة وسيادة القانون واعتبارات صون الاستقلال القضائي والتوفيق بين العقوبة من جانب والظروف الإنسانية والاجتماعية للمحكوم عليهم من جانب آخر. (والله المعارضة والشخصيات وأهالي السجناء لا تقول غير هذا، اطلقوا سراح سجناء البحرين.).
ث) التصريح الرابع: وأن تتاح الفرصة للجميع للمشاركة في العمل الوطني، وسيأتي هذا التعليق على التطلعات الوطنية.
ج) التصريح الخامس والأخير: وقال الدكتور عبدالجبار أحمد الطيب، أستاذ اقتصاديات القانون بجامعة البحرين وعضو مجلس المفوضين بالمؤسسة الوطنية لحقوق الانسان سابقًا، بأن جلالة الملك حفظه الله قد استن سنة حميدة وهي توالي اصدار العفو على نزلاء مركز الإصلاح والتأهيل في مناسبات الأعياد، وهو سمتٌ ملكي يعكس حرص جلالته على لمّ الشمل بين نزلاء مركز الإصلاح وأهاليهم في المناسبات السعيدة بما يعزز من الوئام المجتمعي ويؤكد بأن سياسة الدولة هي الإصلاح والعدالة والرحمة.
وأضاف الدكتور الطيب بأن العفو هذه المرة تعلق بمن ارتكبوا جرائم الشغب والقضايا الجنائية وبعدد كبير، بما يبرز بشكل واضح رغبة جلالته في فسح المجال للمعفو عنهم ليفتحوا صفحة جديدة بحيث يكونوا أدوات تدعيم للتنمية والإصلاح وليسوا معاول هدم، وأن يتعلموا من تجربتهم السابقة بأن المطالب لها قنواتها الدستورية والقانونية لتحصيلها ولا يعد مقبولا في دولة ديمقراطية أنْ يتم استهداف الاستقرار والأمن بطرق ووسائل غير سلمية، تصريح طبيعي وفاهم نص مرسوم العفو فلذلك يعتبر في نفسه ردٌّ على بيان الحكومة الموقرة في مجلس النواب، وعلى رئيس مجلس النواب المحترم.
ولم يتأخر بيان سماحة العلامة عبد الله الغريفي وبادر بتثمين خطوة الافراجات الواسعة وصدور المرسوم الملكي، وبعده صدرت مواقف عدد من شخصيات المعارضة تثمن وتقدر وتطالب بضرورة اطلاق سراح بقية السجناء السياسيين.
كما للعفو ردود فعل الدولية في الصحافة العالمية:
أ) دبي 8 أبريل نيسان (رويترز) - أفرجت البحرين اليوم الاثنين عن 1584 سجينا، بعضهم يقضي أحكاما بالسجن المؤبد وآخرون أدينوا بتهم تتعلق بالاحتجاجات التي اندلعت عام 2011.
وتم العفو عن السجناء، كما أفرجت البحرين عن السجناء بشكل مشروط بموجب قانون "الأحكام البديلة" لعام 2017، والذي بموجبه يُسمح للسجناء الذين قضوا نصف مدة عقوبتهم على الأقل في السجن بإكمال فترة سجنهم في الخارج من خلال إجراءات تشمل خدمة المجتمع ودورات إعادة التأهيل والمراقبة الإلكترونية. وقال مكتب الاتصالات الحكومي في بيان "العديد من المفرج عنهم أدينوا في الأصل بجرائم عنف أو جرائم تتعلق بالإخلال بالنظام العام. وتم التنازل عن جميع الكفالة والرسوم ذات الصلة".
وقال متحدث باسم الحكومة لرويترز إن نحو 65% من المفرج عنهم أدينوا بتهم تتعلق بأعمال الشغب،
ب) الغارديان البريطانية في 9 إبريل 2024: أفرجت البحرين دون قيد أو شرط عن أكثر من 1500 سجين، بينهم معتقلون سياسيون، في أكبر عفو ملكي منذ انتفاضة الربيع العربي عام 2011.
وجاء العفو بعد سنوات من الحملات داخل البلاد ومن قبل جماعات حقوق الإنسان الدولية، لكنه جاء بمثابة مفاجأة كاملة للناشطين، وقال فرع منظمة العفو الدولية في البحرين: "هذه خطوة مرحب بها. العديد من [السجناء] لم يكن ينبغي أن يُسجنوا في المقام الأول".
وصدرت أوامر بالإفراج عنهم من قبل الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تزامنا مع العيد واليوبيل الفضي لتولي الملك السلطة، ورحبت سفارة الولايات المتحدة في البحرين بهذه الخطوة وأعربت عن أملها في أن يتم لم شمل جميع المفرج عنهم مع عائلاتهم. حيث قال الناشطون إن أكثر من 600 سجين سياسي ما زالوا موجودين، بما في ذلك البعض الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة. وقد أدت أعمال الشغب الأخيرة داخل السجون إلى جعل تكلفة إبقاء الكثيرين خلف القضبان عبئًا على الدولة (فلذلك لجأت الدولة لتكنيك العقوبات البديلة والسجون المفتوحة)، ما لا يقل عن 500 سجين بحريني يضربون عن الطعام بسبب الأوضاع، وتمثل التغييرات أيضًا فرصة للبحرين لتحسين صورتها العالمية وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتشجيع السياحة (قبل حصولي على هذا التصريح كنت قد كتبت عن إيجابية الإفراجات في تأثيرها الاستثمار ولم أكن على قناعة كبيرة بذلك إلا بعدما قرأت ذلك في الغارديان أيضًا)، وجاء ذلك في أعقاب زيارة قام بها ولي عهد البحرين إلى المملكة العربية السعودية، وهي الزيارة التي ربما أدت إلى موافقة السعودية على هذه الخطوة.
ت) وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ناصر كنعاني العفو الصادر عن الملك البحريني والذي قضى بالإفراج عن معتقلين سياسيين بـ"الخطوة الإيجابية والتحرّك في الاتجاه الصحيح".
وفي تصريح صحفي (الخميس 11 أبريل 2024) أعرب كنعاني عن أمله بأن "يُستكمل هذا الإجراء بالإفراج عن سائر السجناء السياسيين واتخاذ خطوات لاحقة مناسبة".
ث) في موقع الخارجية الايرانية ما يلي: معالي وزير الخارجية أمير عبداللهيان في كلمته اليوم بالمؤتمر "الدورة الثالثة للحوار الايراني العربي من أجل التعاون والتفاعل":
"إضافة إلى تنمية العلاقات مع كل من السعودي و الإمارات وقطر وعمان والكويت الذي نحن الآن مقبلين على طي مرحلة جديدة من التعاون المشترك بيننا، نرحب بخطوة دولة البحرين في البدء بالإفراج عن السجناء السياسيين ونعتبرها ايجابياً، الطرفان نفکر في المزيد من الخطوات وعودة العلاقات (الدبلوماسية) الى وضعها الطبيعي" ١٢ مايو الساعة ١٠:٢١م، (تصريح إيجابي من وزير الخارجية الايراني من خلال سلوك إيجابي من البحرين، ونحن مع تبادل الرسائل الايجابية مع الطرفين ومع علاقة ايجابية بينهما على المستوى الاقليمي كما حدثت مع الشقيقة الكبرى).
وقبل نهاية الندوة سرد ميلاد تاريخ الانتفاضات التي مرت بها البحرين منذ 1922 حتى 2011 :
أولًا: انتفاضة 1922 واستمرت حتى 1924
الأسباب: 1) عزم بريطانيا على إدخال إصلاحات. 2) زيادة الظلم ضد الشيعة 3) مناهضة الاستعمار.
المطالب:1) توحيد الضرائب والمساواة في فرضها 2) إنشاء قانون مدني موحد 3) إعادة تشكيل القضاء ، من خلال : 1) العرائض 2) الاضراب وغلق السوق 3) الاعتصام أمام المتعمدية البريطانية.. بل وحدثت اعمال كبيرة مثل: 1) اغتيال قيادات سياسية دينية (الشيخ عبدالله العرب ، الشيخ حسن رمضان) 2) محاولة عزل الحاكم عيسى بن علي 3) هجرة الدواسر إلى الدمام.. ونتج عن ذلك : 1) اجراء انتخابات بلدية 2) رفع بعض الظلم عن الشيعة كالسخرة 3) تعيين بعض الشيعة في مجلس البلدية، ويشير بعض المؤرخين إلى أمر غاية في الاهمية وهو ثمة حركة مضادة ضد طلب الاصلاحات.
ثانيًا: في 30 ديسمبر 1934 كتب وجهاء البحارنة عريضة وهذا جزء من مطالبهم فيها: نرجو منكم إنصافنا بإعادة حقوقنا في مجلس التعليم، والتي حرمنا منها لسنوات وعوملنا فيها كأجانب، رغم أن الأجانب لم يحرموا منها، وهذا خلاف العدل والمساواة.
المطالب: 1) اصلاح المحاكم ويجب على القاضي ذكر المصدر القانوني لحكمه.
2) أن يكون ممثلوا الشيعة في مجلس البلدية والعرف مناسبا للنسبة السكانية للشيعة.
3) المطالبة بحقهم في التمثيل في مجلس التعليم الذي حرمه منه لسنوات طويلة.
تقول الباحثة رملة عبدالحميد: لكن الشيعة لم يحصلوا على ردود إيجابية لمطالبهم من قبل الحاكم الذي اكتفى بوعود عابرة عبر اجتماعات خاصة مع أصحاب العريضة.
ثالثًا: حركة الهيئة التنفيذية العليا 1954 – 1956
رابعًا: انتفاضة 1994، كان الشعار الأساسي الذي عبّر عن تطلعات الشارع البحريني: البرلمان هو الحل.
خامسا : حراك 14 فبراير 2011
وقد ادار الندوة حامد خلف
