اكثر القضايا غير السياسية أهمية في المجتمعات الخليجية هذه الأيام هما أدوات التواصل الاجتماعي ، ومرض السكري المرتبط بالعجز الجنسي ، وهم اكثر قصتين نالتا اعجاب القراء في كتاب الكاتب الاديب المسرحي حسن بوحسن المعنون " تمر وجمر " ، والذي يستعرض فيه عشر قصص محلية تلامس مشاكل المجتمع البحريني وعلاقة الانسان ببيئته .
أولى تلك القصص القصيرة هي " سلامة وسعود الطيب " ، فهي مكان إبراز هموم ومعاناة كبار السن ومنها اعتلال الصحة والضعف البدني والفراغ الكبير والجوع الجنسي.
تحكي القصة : «صارت غرفة بيته صغيرة وكئيبة، وأضحى حوش داره الفسيح الذي كانت تسرح فيه الطيور الجميلة وتحوم فيه الحيوانات الأليفة مثل زنزانة صغيرة بجدران خانقة وصامتة. إلا من هجمات سلّامة المفاجئة وصوت رفساتها على الباب الخشبيّ بقوة والدخول من دون استئذان ولا حرج والارتماء في حضنه مثل بجعة تنط في بركة ماء متلذّذة بدفئه وحنيته، والذي يصوّر لها شيئًا من حنان والدها المتوفى قبل عامين في حادث عمل، ولا من الطرقات الخجولة ليد جارته أم سلاّمة، التي اعتادت هي الأخرى على دفع الباب والانسلال إلى داخل البيت كعادتها في وقت الظهيرة، لتذيقه شيئًا من طبيخها الشهيّ، واعتاد هو السير إليها متخفيًا في أوقات متفاوتة من الليل متى اشتاق إليها أو متنكرًا في الصباح متى اشتهى الالتقاء بها».
سلامة ، ذو 14 ربيعا ، التي تدخل بيت جارها المسن الطيب دون استئدان لتؤنس وحدته وتلاطفه بكلمات رقيقة جميلة ابوية حنونة وتسمع منه الأكثر ، يستقبلها استقبال الاب الحان على ابنته ، وتنام بين ذراعيه نومة البنت في حضن ابيها .
كل شيئ طبيعي لولا ذلك الصبي المتسلح بهاتفه ذو العدسة الكيمرا المتخصصة لنقل كل صورة يلتقطها لنشرها على " سناب شات " مع هاش تاق ، والنشر كذلك على موقع تويتر ، وهو ينتظر البنت الخروج من بيت جارها ،،، بهدف فضح الطيب عما عمله ( اتهاما ) وتنتشر القصة بالحي ، وياتي الناس مهرولين ، كاشفي الرؤس وفي أيديهم عصى وقطع خشبية تسبقهم ام سلامة التي استدعت الحاج جاسم المطوع ليساعدها في محنتها ويصد عنها الناس ويمتص غضبهم ، والحاج سعود مختبئ داخل بيته ويترعش مثل السعفة في مهب الريح .
يبدو ان الصبي ( البلوغرز ) نجح في اشعال الفتنة المتربص للبرياء المعروف بشيطنته وخبثه في الحي ، وعندما وجدوه بينهم لاموه كثيرا على فعلته ،،، لان هدفه قصة ، ولكنه شوف سمعة رجل طيب.
الأهالي طالبوا السلطات المحلية بقطع جميع خدمات التواصل الالكتروني عن حيهم .
والقصة الثانية هي مثال على اعتلال الصحة والضعف الجنسي بسبب داء السكر وهو اكثر الامراض انتشارا بالخليج ، وهي أيضا مكان اهتمام القراء " كمال وصرخة دلال " .. (توسعت دائرة المحن منذ ان قضى داء السكري على فحولته وقضم نصف جولته ، وبعد ان سطى البلاء المزمن على كل عافيته وترهلت خصيتاه ، وتجمدت عواطفه التي كانت تندفع منه بحرارة الشوق مثل النسمات الملتهبة .
تغير مزاجهما ( كمال ودلال ) ، وتكسرت مرايا الشوق في بينهما الصغير منذ اللحظات الأولى التي سلب فيها هذا الداء اللعين بياضشحمه وسواد عينه .
عندما سحب كمال اللحاف القطني الثقيل بساعديه اليابستين والقاه بصعوبة فوق جسمه النحيف عله يهجع قليلا ويطرد الأوهام المتزاحمة في راسه ويقضي على كومة الوساس التي تعتريه كل صباح ، شعر جزء من شبابه ذابل وملتصق بالسرير ولا يعمل.
شعر كمال انسلالها من تحت اللحاف وتركه وحيدا مثل جثة هامدة كما تفعل كل صباح ، بالابتعاد عن والالتصاق بالنافدة وتوزع نظراتها عليه وعلى المارة من الطريق.
افترسه الشك عندما تجاهلته واهملته في عزلته ، رجل لم يعد صالح للعشرة والفراش الزوجي ، نهض فجأة على غير عادته واقترب منها دون ان تشعر ومسك يدها التي تولح بها لرجل مسن بالشارع ، وضربها بألة ومزق راسها ،،، وما ان شعر بالضربة حتى رددت بقوة ، ابي الحقني ،،، كان المسن بالشارع التي تلوح له ابيها .)
تضم المجموعة "تمر وجمر" والتي صدرت عن دار فراديس عشر قصص هي "سلاّمة وسعود الطيب، أبو عماد والخيمة، سلمان وباخرة جبل سورا، سِرداحة ميسى ورونالدو، المحسّن وصَفصاف أوجي، كمال وصرخة دلال، الحاج كاظم ومليون نملة، أمّ الزّرانيق وريح الصّرصر، حسّون الكنّون والسّنونو والجوديّ وسام خوير".
علما بان الأديب حسن بوحسن صدت له مجموعته القصصية (تمر وجمر) الأخيرة وهي المجموعة الثالثة له بعد (عواطف في أحضان الغول) الصادرة عام 1999 و(خاتون والنسوة وما يشتهون) الصادرة عام 2010.