DELMON POST LOGO

في ندوة جمعية "النهضة" عن سيناريوهات ما بعد العدوان على غزة..الموسوي: (4 -4)..صمود المقاومة الفلسطينية الأسطوري فرض معادلات جديدة على المنطقة برمتها

- سيناريو يتناغم مع رغبة نتنياهو ويقضي بإعادة تشكيل الإدارة المدنية كما كانت أيام الاحتلال قبل 1994.

-السيناريو الذي يفترض هزيمة المقاومة وتشكيل قوات اقليمية دولية بقيادة أمريكا لا مكان له.

-سيناريو عودة مصر لإدارة غزة مغريا لجهة عوائد غاز البحر وإعادة الإعمار والسيطرة الامنية.

-السيناريوهات التي تُطبخ في الدوائر الغربية والصهيونية لا مكان لها في جدول أعمال المقاومة.

أكد الكاتب الصحفي والناشط السياسي رضي الموسوي على أن أجهزة الإعلام الصهيونية والعالمية لفقت وأساءت وشوهت سمعة المقاومة الفلسطينية التي قامت بعملية السابع من أكتوبر2023، بترويجها معلومات كاذبة عن المقاومة، لكن جيش الكيان ارتكب ولا يزال يرتكب جرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني في غزة فقتل وجرح عشرات آلاف الاطفال والنساء والشيوخ، ليدرك العالم حقيقة هذا الكيان.

وقدم الموسوي ورقة عمل بعنوان "طوفان الأقصى وسيناريوهات ما بعد العدوان على غزة، في الندوة التي نظمتها اللجنة الثقافية بجمعية نهضة فتاة البحرين الثلثاء (25 يونيو2024)..وهنا الحلقة الرابعة والأخيرة، والتي تتحدث عن السيناريوهات الثلاثة المتبقية المطروحة لليوم التالي على العدوان، وسيناريو المقاومة في تأكيدها على عملية التحرير وكنس الاحتلال وتحقيق المنجز الوطني الذي يبنى عليه.

السيناريو الثالث: إشراف دولي إقليمي محلي بقيادة امريكية، ووفق هذا السيناريو فأن فراغا سيحصل ولا بد من ملئه بقوات حفظ سلام عربية ودولية وفعاليات غزية تحت إدارة الولايات المتحدة. مهمة هذه الهيئة الحفاظ على الأمن وترتيب الوضع الجديد في غزة الناجم عن فرضية هزيمة المقاومة، وبالتالي استلام الملفات الرئيسية مثل إعادة الاعمار والتعليم والصحة ووضعها في أيدي القوات المتعددة الجنسيات بقيادة البنتاغون. وفي هذا الصدد اعلنت بعض الدول العربية استعدادها للمشاركة في مثل هذه القوة، لكن فصائل المقاومة رفضت سيناريو كهذا باعتباره يذّوب القضية ويحول القطاع إلى مرتع لقوات عسكرية أجنبية محتلة حتى وإن كانت عربية، إذا دخلت رغما عن إرادة الشعب الفلسطيني.

السيناريو الرابع: عودة الإدارة المدنية الصهيونية، ويقوم على أساس بقاء الجيش الصهيوني في غزة وخصوصا في الشمال ومدينة غزة ووسط القطاع، وتبقى منطقة الجنوب مثل دير البلح ورفح وخان يونس، وهذا يعني إعادة تشكيل الادارة المدنية على الطريقة التي كانت أيام الاحتلال قبل 1994، وانسحاب الصهاينة بعد اتفاق أوسلو من القطاع مع بقاء المستوطنات حتى العام 2005. ووفق هذا السناريو تكون السيطرة والإدارة والمخابرات لقوات الاحتلال، أي عودة الاحتلال مرة أخرى. وحيث أن أغلب أراضي الضفة قد تمت السيطرة عليها فأن هذا السيناريو ينهي ما تبقى من شكليات لاتفاق أوسلو، وهو هدف صهيوني ينهي حل الدولتين الموؤود أصلا.

السيناريو الخامس: إدارة مصر للقطاع، وهو إعادة نفس الوضع الذي كان قائما ما بين النكبة في 1948 والنكسة في 1967، حيث كانت مصر تدير القطاع ومسؤولة عنه، إذ يشكل القطاع خاصرة لمصر وعمقا استراتيجيا لها، وفي حال الفراغ قد تقوم القاهرة بهذا الدور لمنع أي قوى "متطرفة" من السيطرة عليه. تدخل قضية الأمن القومي المصري في جوهر هذا السيناريو، كما أن الإستفادة من حقول الغاز في بحر غزة تشكل فرصة لمصر، فضلا عن رغبة القاهرة في ادارة عملية إعادة الإعمار والإستفادة من عقود إعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة.

ماذا بعد؟

كل هذه السيناريوهات ترتكز على فرضية واحدة هي أن قوات الإحتلال وداعميها سوف تسحق المقاومة الفلسطينية في غزة وسوف تسيطر على القطاع وتتحكم في نتائج الحرب، وذلك على أرضية أن المنتصر يفرض شروطه على المهزوم. لكن الميدان لم يقل كلمته النهائية بعد، فالصمود الأسطوري قد فرض معادلات جديدة على المنطقة برمتها، وليس في قطاع غزة فقط، وفعل فعلته داخل مكونات المجتمع الصهيوني، وأجبر الناطق بأسم جيش الاحتلال على معارضة رئيس وزراءه بنيامين نتنياهو في نظرته لحركة حماس التي أعلن انه سيسحقها، بينما جاء لسان حال الجيش ليصدمه بتصريح مفاده أن حماس فكرة ولا يمكن القضاء عليها، وأن نتياهو يبيع الوهم للجمهور. هذا الحدث كان تراكميا لأحداث أخرى أهمها المظاهرات والاحتجاجات التي تطالب نتنياهو بالاستقالة وبوقف الحرب وإعادة الأسرى الصهاينة. وعلى مستوى الأقليم كشف الطوفان معادن الدول التي وقفت مع العدوان الصهيوني وساندته وتصدت للصواريخ التي أطلقت عليه، كما كشف الطوفان معادن الدول ورجالات المقاومة الذين واجهو الاحتلال وفتحوا جبهات المساندة لغزة فخففت عنها تزاحم الجند وتساقط الحمم وانهكت الجيش الذي لا يقهر وشاغلته، فكانت جبهتا لبنان واليمن خير معين للشعب الفلسطيني، حيث قامت جبهة الشمال بمهمة سحب جزء مهم من قوات الإحتلال من غزة إلى الشمال الفلسطيني لمواجهة الموقف، بينما قامت جبهة اليمن بفرض حصار بحري ضد السفن المتجهة للكيان، وساندت هذا الموقف جبهة العراق التي نفذت مقاومتها عمليات في العمق الصهيوني.

كما أن هذه السناريوهات التي جلها مصدره الحكومات الغربية والصهيونية ومراكز الابحاث فيها، لم يتطرقوا إلى خيارات الشعب الفلسطيني في إقامة دولة ديمقراطية مستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس. فالدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تتبنى الموقف الصهيوني في استمرار الانقسام الفلسطيني وعزل قطاع غزة عن الضفة الغربية. لم يطرح سينارية اللجوء لصناديق الاقتراع في انتخابات تشريعية نزيهة تنهي الفراغ التشريعي وتضع جميع الفصائل أمام مسؤولياتهم الوطنية، وليقل الشعب الفلسطيني كلمته وينتخب قيادته. هذا السيناريو يتم طمره تحت الركام، وكأن الشعب الفلسطيني لا يحق له اختيار قيادته، إلا ما تريدة واشنطن والعواصم الغربية والرعبية السائرة ورائها.

إن أصل الأزمة هي في الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه وداعميه، وفي الحصار المفروض عليه، وفي مصادرة الأراضي وتهويد القدس والضفة، وفي حرب الابادة الجماعية والتطهير العرقي. والحل يبدأ من طرد الاحتلال وترك الشعب الفلسطيني يقرر مصيره لتحرير أرضه، ويمارس حقوقه الطبيعية التي كفلتها المواثيق والمعاهدات الدولية. ويتوجب على الحريصين على حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني أن يمارسوا ضغوطاتهم المقابلة والتي تقتضي العمل على وقف العدوان ورفع الحصار وفتح المعابر وإعادة الإعمار التي تقدرها الأمم المتحدة بنحو 40 مليار دولار، على أن تتحمل الدول العربية الغنية النسبة الأكبر منها. وعلى النظام الرسمي العربي وخصوصا الدول المطبعة مع الكيان مغادرة المواقع التي هي فيها والوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ ووقف اندفاعتها في تشكيل أحلاف مشبوهة تحت يافطة معطوبة عنوانها مواجهة الخطر الايراني، بينما الخطر الحقيقي واضح كشمس الظهيرة في الصيف الحارق، ويتمثل في الكيان الصهيوني ومن وراءه الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية السائرة في ركبها.

وحيث أن الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجودي، فأن وحدة الساحة الفلسطينية لم يعد ترفا بل هو ضرورة تفرضها التحديات الضاغطة على الشعب الفلسطيني والقوى الحية في الوطن العربي. كما يتطلب الأمر استمرار ومضاعفة الدعم والتضامن من قبل الشعوب العربية واحرار العالم والبناء على التطورات الحاصلة في الرأي العام العالمي الذي بدأ يتبنى السردية الفلسطينية وينظر للاحتلال الصهيوني بأنه نظام تطهير عرقي يرتكب جرائم الحرب والابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.