DELMON POST LOGO

40 يوم مرت على وفاة رجل الاعمال محمد عبد الله المناعي .. كان له قصة نجاح مؤثرة

سنوات العناء والعائد المجزي... لا شيئ ياتي بسهولة!! .. واهم ما يملك التاجر سمعته

غادر رجل الاعمال محمد عبد الله المناعي قبل اربعين يوما ( في 17.02.2024 ) ، هذا العالم ، تاركا ارثا جميلا وسمعة طيبة وخبر طويلة في مجالات عدة  اهمها تجارة اللؤلؤ والمجوهرات ، وكان تجارا ، وخبيرا في اللؤلؤ ، وسياسيا كعضو في مجلس الشورى ، وفي غرفة تجارة وصناعة البحرين.

مجلة "101 السياحية " اجرت معه قبل ربع قرن مقابلة ( قصة نجاح ) ، ولاهمية هذه المقابلة التي تسرد قصة حياة رجل عصامي بنى نفسه رغم انه وريث عائلة كبيرة ومؤثرة في المجتمع البحريني .. دلمون بوست تعيد نشر هذه المقابة .

"تتغير المخاوف بتغير العمر" هكذا بدأ رجل الاعمال محمد عبد الله المناعي لقاءه معنا حول " قصة نجاح " وقال عندما كنت في السابعة من عمري ، عاملان اساسيان يخيفان السفن والبحارة وتجار اللؤلؤ، العواصف القوية وتهديد القراصنة بالخلي ، وبعمر الحادية عشر استطاع ادارة ، ادارة الميزانية والصرف لعائلته في غياب والده اثناء رحلات التجارة والتي تدوم عدة اشهر ، وبعمر الخامسة عشر ، قد خط دربه في اول خطواته كمصمم للمجوهرات في البحرين ،واصبح فن التصميم احد ابرز اعماله والذي امتد طويلا.

اليوم اصبح محمد المناعي من المع رجالات الاعمال في مجال تصميم الهدايا والمجوهرات التي للدولة وللعائلة الحاكمة من خلال مجموعة المناعي والتي تعتبر من اكبر المجموعات التجارية شهرة وسمعة في البحرين بل في الخليج.

عائلة المناعي كانت تمارس الاعمال التجارية منذ اكثر من 50 سنة ، لكن جذور المجموعة التجارية نفسها لها عمق التاريخ ، منذ فترة طويلة خلت.

بدأت العائلة الاعمال التجارية قبل خمسة اجيال ، في مجال تسويق وشحن التمر من مزارع العائلة بالمملكة العربية السعودية الى شبه القارة الهندية ، لكن الاسم التجاري لمجموعة المناعي بدأ في عام 1824 عندما تدخلت العائلة بتجارة اللؤلؤ في البحرين.

وقال المناعي " ان لؤلؤ البحرين يمتاز بنقاوته وجماله ولمعانه عن باقي اللؤلؤ في العالم" ،ويعود سر هذا الجمال للؤلؤ البحريني عن باقي اللؤلؤ في الدول المجاورة الى سبب بسيط هو ان امواج البحر في شواطئ البحرين اكثر هدءا  واقل ارتفاعا عن باقي منطقة الخليج ، مما يجعل نمو المحار اكثر اتساقا وتطور ويجعل اللؤلؤ اكثر لمعانا واكثر كثافة واكثر سمكا عن باقي اللؤلؤ في منطقة الخليج والعالم.

المناعي الذي يقابلنا اليوم ترعرع في منطقة قلالي بالمحرق يعرف المحار واللؤلؤ اكثر من غيره، حيث لازم والده وجده منذ سن السابعة من عمره وتعلم اصول المهنة منهما.

عاصر المناعي فترات صعبة وخطرة في تلك الايام حيث يواجه الغاصة والتجار العواصف المرعبة والمخيفة والخطرة التي تحطم المراكب مهما بلغت قوتها ،بالاضافة الى القراصنة في عمق الخليج ، والبحر لدى المناعي حالة خاصة يحترمه ويقدره لانه معطاة ويعلم الصبر والحكمة.

لقد كان محمد المناعي في المدرسة عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية ، ويتذكر ذهابه الى المدرسة بالمحرق مشيا قاطعا 2 كيلومتر يوميا ذهابا وايابا من قريته قلالي .

وقال " كانت العائلة تملك سيارة ولكن بسبب الحرب وصعوبة الحصول على قطع غيار ، تعطلت السيارة ، مما اضطررنا للذهاب للمدرسة مشيا"

وباعتباره الاخ الاكبر لثمانية اخوه ، مارس المناعي مسؤوليته  العائلية وهو صغر السن، واصبح مسؤول عن ميزانية العائلة وهو في سن الحادية عشر اثناء غياب ابوه في التجارة الى الهند والتي تستمر اكثر من اربعة اشهر سنويا،  والذي بدوره عين الابن الاكبر بهذه المسؤولية الجسيمة مقارنة بسنه.

ويقول " والدي يترك لي مسؤولية تامين احتياجات العائلة منذ غيابه حتى عو دته للبحرين ، هذه المسؤولية الكبيرة ساهمت في تشكيل شخصيتي ، والاعتماد على النفس وساهمت في صقل مهاراتي وخططي الاستراتيجية"

الان يدير المناعي عدد من الشركات الكبيرة بمختلف التخصصات والاعمال من ذهب،والتصميم والصناعة والمال.

وقال " ما اتذكره الان ، اني احببت مشاهدت الفنانين والمهرة في الصنعة وهم يصنعون التحف، واعشق النظر الى البناء كيف يبني، والنجار كيف ينجر،وصانع السفينة كيف يصنعها قطعة قطعة" هذه الامور تستهويني في السابق والان كذلك ،خلق وتصميم شيئ جديد يستهويني واعتبره فن لا صنعة بل اعتبره اكثر من ذلك انه سحر، ويبدو هذا ما كون شخصيته في عالم التصميم.

انتبه والد محمد المناعي ، الى شغف ابنه ومهارته في مجال تصميم الذهب في بداية عمره ، فقرر ارساله الى تعلم تلك المهنة بحرفية في احد مصانع الذهب في بونا بالهند وهو في الخامسة عشر من عمره ، وحصل الشهادة الاحترافية في فن التصميم بعد سنتين  من الدراسة المتواصلة في احد المصانع ونال شهادة "صائغ مجوهرات" ، وقد ساعد المناعي في سفره احد وكلاء المناعي بالقارة الهندية.

واضاف "عملت بجهد اثناء الدراسة، وكنت ادرس واعمل 10 ساعات يوميا وبشكل متواصل حتى تخرجي ، وكان للمعلمين وصاحب المصنع دور في هذا المجال الذي جعل مني "صائغ" ماهر".

وبعد عودتي للبحرين ، شعر والدي اهمية العمل في مؤسسة اخرى غير المناعي لاكتساب مهارات مختلفة في فن الادارة والمشاريع وبشكل مهني صرف، وحينها كان عمري 18 عاما عندما عملت مع مؤسسة الزياني التجارية في فرع بالمملكة العربية السعودية، وبسبب مهارتي الادارية والعمل الجاد الصبور تمت ترقيتي الى مدير المعارض بالشركة خلال اربعة اشهر فقط ، وهي فرصة سانحة لي كيف ادير العمل لاشق طريقي في هذا المجال ،لقد كانت تلك التجربة قيمة بالنسبة لي ، وعلمتني الكثير، قبل عودتي الى صميم عملي في تصميم المجوهرات.

وانضم محمد المناعي بالعمل مرة اخرى الى جانب والده في "مجموعة المناعي " عام 1952 واسس بها قسم خاص باسم "تصميم وصناعة المجوهرات".

وقال " كنت فخورا وسعيدا لاني انضممت الى والدي في العمل ، والذي وافق بدوره توظيف احد زملاء الدراسة اثناء تواجدي في الهند ، حيث كلانا عملنا فريق عمل لصناعة تصميم المجوهرات لعدد من سنين تلت".

منذ البداية محمد المناعي صنع له اسما مميزا في صناعة وتصميم المجوهرات الى يومنا هذا، وهو اليوم يصنع ويزود تلك النماذج من التصاميم والمجوهرات الحكومة والعائلة الحاكمة، صناعة يدوية فريدة جميلة زاهية تستخدم كهدايا تقدمها الحكومة لضيوفها وللمناسبات السعيدة التي تحتضنها البحرين.

بالاضافة الى ذلك، كانت "مجوهرات المناعي" الصائغ " والمجوهرات الرسمية للجيش البريطاني في فترة الستينات، وتصنع الشركة حاليا عدد من النماذج المجوهرات لا نظير لها في البحرين، انواع  ونماذج من الهدايا مرصعة باللؤلؤ والذهب والجواهر وتعتبر من اشهر المصنعات البحرينية من المجوهرات واشهرها.

اصبح محمد المناعي شخص مشغول كثيرا بسبب تعدد مهام ومشاريع الشركة منذ انضمامه الى شركة العائلة ، وقد تم انشاء ثلاثة اقسام للشركة بالاضافة الى مجوهرات المناعي، مشاريع يونيفيرسال والمناعي للتجارة والاستثمار المحدودة والمناعي للسيارات، وتضم المجموعة اكثر من 350 موظف حاليا.

ومحمد المناعي نفسه يرأس ويدير ست شركات بقطاعات مختلفة بما فيها احد البنوك الكبيرة في البحرين واحدى شركات التامين،وساهم في اعداد وتطوير القانون التجاري البحريني وساهم في تاسيس اكثر من 35 شركة مساهمة عامة في البحرين.

خدم المناعي لاكثر من 17 سنة كمستشار خاص لحل مشاكل التجارة والغوص، ومساعد لحل مسائل التوظيف والعمالة بين التجار والغواصين ، وساهم في تاسيس جمعية الذهب والمجوهرات وتراسها لفترة من الزمن وعين في عام 1975 رئيس لجمعية التخطيط الاسري وعين رئيسا لها لمدى الحياة.

وللمناعي حياة اسرية سعيدة، رغم حياته المزدحمة بالشغل،اسس عائلة وانجب خمسة اطفال من زوجته ورفيقة دربه شريفة ، واصبح جدا لخمسة عشر طفلا من ابناءه وبناته.

ويقول " ان سعادتي ونجاحي يكمن في مشاهدة ابنائي يكبرون بصحة وعافية ويحصلون على شهادات عليا ، وعمل مرموق، وسمعة جيدة ومؤهلين بما فيه الكفاية " واني اشجعهم بل استدرجهم للمستقبل والتحدث الى العامة والمساهمة في المشاريع الخيرية والاجتماعية وخدمة الناس والمجتمع، ثلاث من بناته وابنان له يعملون معه في نفس المؤسسة.

وقال "ان الموازنة بين العمل والاهتمام بالعائلة ليس سهلا ولكني استطعت التوفيق بينهما على ما اظن"، والنقطة الاخرى التي يهتم بها محمد المناعي في حياته العملية والمهنية والعائلية وهي مهارة حسب رايه  " اعطاء اهتماماتي والتزاماتي بنسبة 100% للذين اعمل معهم  اي كان" ، وضرب مثلا ، بان اهتمامه اثناء ترأسه مجلس ادارة اي مؤسسة ، بالعمل اولا ، واذا ما دخل البيت ، نسى كل شيئ عن العمل واهتم بالعائلة ولا شيئ غير العائلة".

يرى المناعة ان البحرين مقبلة على مستقبل باهر وقال " الحكومة والقيادة الحكيمة تواجه جميع المشاكل بشجاعة واعتراف وتعمل على حل جميع تلك العقبات وتهتم بتطوير التعليم والتدريب للشباب ، واني متفائل بان الجيل المقبل للبحرين سوف يحقق المعجزات".

وقدم المناعي نصيحة للجميع وخصوصا رجال الاعمال الجدد هي " اعمل بجهد وحب العمل الذي تقوم به سوف تنجح"،و"كن عادل وامين في معاملاتك ، لان خسارة سمعتك هو خسارة لراسمالك".

كان رجل عظيم فعلا .. له الرحمة والمغفرة وبوفادة رب كريم .