DELMON POST LOGO

الشاعرة فاطمة التيتون تدشن ديوانها الاخير " كتاب الهوى "

دشنت الشاعرة فاطمة التيتون ديوانها الاخير الذي عنونته بــ " كتاب الهوى " والمكون من 140 صفحة ، والمقسم الى عدة اصناف تبعا بالسنوات ، لعام 2021 ، وعام 2022 ، والصنف الثالث 2023.

جميع الاشعار التي بالكتاب متعلقة بالحب والهوى والاشتياق ، في اسلوب جديد ولكنه لا يخلو من الحزن ، او الحب الحزين .

اتم اختيار عدد من القصائد في هذا الفصل .

(1)

لا تجعْلني أبكِ مرةً ثانية،

لا تقتلْ الروحَ، لا تبددْ الفرح،

لا تسلبْ المُنى، لا تحرقْ البحرَ الذي يشتاقُ لك،

لا تنهرْ السُفْن، لا تُعطِ الألم. لا تجعْلني أبكِ مرةً ثانية.

في اغترابي بكيتُ السنينَ، وسكنتُ الشجن.

لا تتركْ الشمسَ تذوي، والطيرَ يئنُّ، لا تتركْ الأشجارَ تهوي.

لا تتركْ الريحَ تئنُّ، لا تُسقني الردى مرةً ثانية.

(2)

تركتني في النحيبِ، على قارعةِ الوقتِ أبكي،

تركتني يمامةً تئنُّ في البردِ،

وتركتني فراشةً في المغيبِ تضيع.

(3)

ولو هجرتَ، ولو أخذتكَ الريحُ بعيداً،

تذكّرْ أني أحبكَ، ثم أحبكَ،

وكنتَ أم لم تكنْ، أتيتَ أم لم تأتِ، يُحبُّكَ وقتي.

(4)

لا تنسَ الشمسَ، لا تقتلْ اللهفة،

لا تضيّعْ آخرَ العطرِ، آخرَ الوردِ، وآخرَ نجمة،

لا تتركْ السُّحُبَ تنتحب.

أولُ الكلماتِ كانتْ إليكَ، أولُ الشروقِ كان لعينيكَ،

وآخرُ العشقِ كان، وكان إليك.

(5)

اتفقنا على الحُبِّ ولم نتفق،

سألنا الزمانَ ولم نسألْ، كتبنا الحروفَ ولم نكتب.

عطِشنا ولم نشربْ، وجاعَ القلبُ ولم، بدأنا ولم نبدأ.

افترقنا ولم نفترقْ، التقينا ولم نلتقِ.

عرفنا الذي لم نعرفْ،

ابتلينا بالعشقِ ولم .... احترقنا ولم نحترق.

لم ندركْ، لم نعرفْ، حسرةٌ في الشرايين كانتْ، وحسرةٌ في الشُّهب.

(6)

في غيابكَ يكبرُ حزني، في غيابكَ أمرض،

أغرقُ في ضجرٍ، ويزدادُ همّي، أمشي وراءَ جنازتي.

لا تبتعدْ، لا تتركْ الوقتَ يمضي دون وعدٍ،

دونَ وردٍ، دونَ أُهزوجةِ حُبٍّ.

(7)

ولربما النارُ التي تأججتْ لم تشتعل،

ولربما النورُ الذي ملأ الدجى لم ينتشر، ولربما قلبي الذي..

ولربما الشمسُ التي جُنّتْ بنا لم تكتمل!!

(8)

وُلِدَ الحُبُّ ميتاً، واللهفةُ وُلدتْ ميتة.

وعادَ النخيلُ وحيداً، عادَ يبكي ...

عادَ غريباً يُجرجرُ أذيالَ حُزنٍ، يرتلُ لحنَ الأسى.

والمزاميرُ عادتْ لصمتٍ يؤدي لصمت.

(9)

لم يبقَ لي إلا الردى.

ضاعتْ جميعُ ملامحي، ضاعت حكاياتُ المُنى.

أصبحتُ غُصناً يابساً، أصبحتُ عطراً هائماً، أصبحتُ ورداً باهتاً.

ليلي تهاوى والنهار، والصمتُ دار، وتبددتْ قصصُ الهوى.

حتى الجثث، صرخت، وضجّتْ نارُها بين التراب.

والسُّحبُ ملّتْ من حكاياتِ السما،

ضجرَ الغريبُ من الدُّنا، ضجرَ اللهيبُ من اللهب.

والطيرُ ضيّعَ عُشه، نسيَ الشفق.

(10)

يأتي الأحبةُ في آخر العمرِ، يبتسمونَ ولا يبتسمون،

يتململون في الشوقِ، في العشقِ لا ينتحبون،

يرحلون سريعاً، وسريعاً يذبلون.

يندمون قبل الندم، تأكلهم حيتانُ البحرِ، ويختفون.

لا يتركون حتى الذكرى، وغير مأسوفٍ عليهم يموتون.

(11)

عرفتُ العويلَ، الأنينَ، النشيج،

عرفتُ الأسى، ولبستُ الشجن، سمعتُ الندبَ، أدركتُ سرَّ السأم،

رأيتُ النحيبَ منذ البدء، وتعلمتُ الندم.

(12)

ليلٌ يُحاصرُني، ويجرحُ الفرح،

أملٌ يغيب، شجرٌ يضيع، أسفٌ عليه ولا أسف.

وشككتُ في سمعي وفي بصري،

وشككتُ في كُلي وبَعضي، وفي نارِالأسف.

(13)

بعد أسبوعٍ ستفرح، وتنالُ الوردَ من كفِّ حبيبة،

وتعيشُ الصفوَ ساعاتٍ مديدة،

وتذوقُ الماءَ عذباً، والهدايا تتبسم، سوفَ تفرح،

وتغني للمرايا، للمسافاتِ الطويلة، ويعودُ الشوقُ، واللهفةُ تكبر.

سوف تغفو بين أحضانِ الضحى،

في بساتين الأماني في الأساطير تغيب، ثم تصحو، وترى الحُلمَ حقيقة.

                          سوف تفرح، في ثنايا القلبِ يوماً تتبسم، وتنادي الكونَ، والكونُ يناديكَ وتفخر،

إنه العطرُ الذي ناديتُه منذ آلاف السنين، إنه ماءُ الحنين للسَمَا، لأقاصيصِ الشجر.

سوف تفرح، وتناديكَ الليالي،

ويناديكَ السُّها والجبال، وتناديها، وتشتاقُ السؤال،

ويعودُ العُودُ للعزفِ، ويهتزُّ الوتر.

قصصُ الأمسِ انتهت، بعد أسبوعٍ ستبدأ، قصصٌ أحلى وأنقى،

كالرواياتِ التي ما رأتها الشمسُ يوماً.

يا عزيزي بعد أسبوعٍ ستفرح،

إنه وعدُ الثريا، وعدُ آلاءِ المطر، وعدُ آلافِ الطيورِ سوف تفرح،

وستنسى كلَّ مُرٍّ مَرَّ من خلفِ البيوت، وستنسى جوعَ آلافِ السنينِ السالفة،

وجروحَ الصوتِ والصمتِ وآثارَ الصدى.

سوف تفرح، ويعودُ الزنبقُ المهزومُ يضحك،

في بساتين الهوى سوف يرقص، ويكونُ الشهدُ لك، وتناديكَ التلال،

كلُّ نهرٍ سوف يروي، كلُّ نجمٍ سوف يأتي.

في الرواياتِ تكون، في أقاصيصِ الدُّنا، في عناوينِ الكتب، في الصحف.

                                    سوف تُعطي كلَّ ما تُعطى، ستصفق. كالأغاني سيكونُ العمرُ،

والشوقُ سيكبر، بعد أسبوعٍ يهلُّ النورُ في الأرجاءِ، والأغصانُ تفرح.

(14)

كيف أنسى، كيف ينسى الوردُ أوهامَ الندى!؟

كيف تنسى الشمسُ لونَ الاحتضار؟ كيف أنسى وجعَ الألحانِ والناي؟

ولكنْ بعد يومين سأنسى عادياتِ الدهرِ،

واللحنَ الحزين، والمرايا الساكتة.

يا فؤادي سوف تنسى عندما يأتي الربيع،

ستزولُ الذكرياتُ القاسية، ويُعزّيكَ القمر.

بعد يومين ستنسى إبرَّ الحُزنِ، وتنسى عَلقمَ الماءِ،

وآثارَ الجروح، وتغني للذي يأتي بأزهارِ الهوى،

سوف تنسى وتنام، بعد يومين تنام.

سوف تمضي كلُّ آثارِ الأسى، والليالي القاسية،

بعد يومٍ واحدٍ تتكسّر، ذكرياتُ الهمِّ،

سوف يأفل، ذلك السهمُ الذي كان يجرح،

كان يأتي، كان يسخر، بعد يومٍ سوف يأفل.

بعد يومٍ ألفُ شمسٍ سوف تأتي،

ألفُ ميلادٍ سيضحك، والبساتينُ تغني في مواعيدِ المحبة،

وسنتلو كلَّ أنواعِ النشيد.

هو عيدٌ للمساكين الذين انتظروا، هو عيدُ العارفين،

وهو عيدٌ للزمن، مرةً في الدهر يأتي، ثم لا يمضي،

إنه يمكثُ في الروحِ، ويُعطى للورى، إنه عيدُ الهوى، وهو عيدُ الياسمين.

(15)

وانتهينا عند بابِ الصُبحِ ضيّعنا المُنى،

وانتهى العطرُ الجميل، ضاعت اللهفةُ منا والقلائد،

ثم ضاعَ الوجدُ، والماسُ تبدد، والذي كُنا جمعناهُ تبخّر.

صارت الشمسُ غريبة، والعصافيرُ كئيبة،

وافترقنا، لم نودعْ بعضنا، كان في الكفينِ أكفانٌ وكنا.

في ظلامِ الصبحِ نارٌ أحرقتنا، وافترقنا.

(16)

لعلنا لا نحملُ الكفن، لعلنا لا نجرعُ المُرَّ في ليلِ الأسى،

لعلنا لا ننتهي، لا يسرقُ الدهرُ بقايا الوقتِ منا.

لعلنا نضحكُ في الضحى، وتضحكُ الدنيا لنا،

لعلنا- يا قمري- نرسمُ ميعادَ الهَنا.

(17)

لو نرى عددَ السنينِ الباقية.

عددَ السهامِ القاتلة؟ عددَ القلوبِ الحانية.

(18)

بكاؤنا ضِحكٌ، وضِحكُنا بكاء،

ماتَ العاشقُ والمعشوقُ، وهاجرَ الوطن،

معنى النهارِ ضاعَ، وصارتْ الطيورُ للخرس،

صارَ الكفن، يحضنُ هذا البدن.

(19)

الأحبة كانوا ثلاثة،

الأولُ وهماً، والثاني محواً، والثالثُ يسقطُ سهواً.

(20)

اغرورقتْ عيناي بالدمعِ، لم يدرِ، مَسّني العويلُ، لم يسمع،

عاودني النشيجُ، لم يترفق، لم يأسف.

كان صخرة، كان ماءً يابساً، كان شوكة،

لم يعتذرْ، أخذته الريحُ، لم يلتفت، والشمسُ لم تنكسر.

(21)

ارتأيتُ أن ألبسَ اللُّججَ، وأغني مع الأشرعة،

أن أضحكَ، أن أحملَ البحورَ،

ارتأيتُ ألا أعودَ إلى اليابسة، أن أعشقَ المدى.

أن أرحلَ في الريحِ، في العصفِ أغيب،

وخلفَ الرعودِ، وخلفَ المطر، تأخذني ألفُ سحابةٍ، ولا أعود.

أحرقني الضجر، قضَّ مضجعي الأسى، السكاكينُ مزقتني.

ارتأيتُ ألا أمكثَ في اليابسة.

(22)

أشهدُ أنكَ الشهدُ، وهدى الروحِ، وقيثارُ الهوى.

لكنكَ تهوي، ويضيعُ الهوى.

(23)

قهوتي كانت من حُلمٍ، من وعدٍ، من رضا،

من روايةِ حُبٍّ أكتبُها، وأكتبُ الهوى.

(24)

وأرجو أن يجمعَ الصبحُ وردَ الأحبةِ،

أن تعزفَ الطيورُ الأغنيات، أن تأتي من كل حدبٍ الأشجار.

وأن تصل الآن أكاليلُ الزنبق،

أن يضحكَ الرذاذ، أن تبتسمَ العناقيدُ، وأن نلتقي.

أترجّى أن يضجَّ القلبُ بالأفراح،

أن تترنمَ الضلوعُ، أن تضحكَ الشرايينُ والأوردة، أن تهشَّ الخلايا.

أرجو- يا بهجةَ العين- أن تأتي، أن تفي بالوعدِ،

أن أراكَ في الصمتِ في الجهرِ، أن تبددَ حُزني أن تُشفي.

أترجّى المطرَ أن يبعثَ الشجر، أن يُحي البساتينَ، ألا يترددَ في العشقِ،

أن يُرممَ الرميمَ، أن يزرعَ الأشواقَ،

أن يؤججَ المرايا، أن يضحكَ، ألا يترهل.

أرجو أن أكونَ في الصمتِ الجميلِ في الكلامِ الثمين،

في ثنايا المدى، في حريرِ العشقِ، وأن تأخذني النجوم.

أرجو أن تعودَ مع الريحِ، أن تغني لأجلي قبلَ موتي.

(25)

في آخر العُمرِ نحسدُ الكلابَ،

تجدُ المأوى ولا نجد، ترتوي بالحُبِّ ولا نرتوي،

ترى الرأفة، تسمعُ النجوى، ولا نسمع،

تتنزّهُ تحت المطر، لها الوصلُ وليس لنا،

في آخرِ العمرِ كما في أولهِ، صارَ الحظُّ صديقاً لها وعدواً لنا.