DELMON POST LOGO

يتبددُ البحرُ، ولا يتبددُ الحُبُّ، ولا يغفو المطر

أيها العاشقُ أخبروكَ عن الصحائفِ،عن القواعدِ والحُبِّ والبغضِ، لا تصدقْ،

كنْ جمرةَ الهوى أو لا تكن. أيها العاشقُ لا تترددْ، خطايا العشقِ ليست خطايا، وذنوبُ العشقِ هدايا

بقلم : الشاعرة فاطمة التيتون

(1)

يتكلمُ العشقُ بعدَ المطر، بعدَ الأنين،

ويأتي الأحبةُ من شوقٍ من جوعٍ، يستريحون في الروحِ،

يأتون بعد المطر، يبتسمون، لهم العِطرُ، والجنون.

الصمتُ هو المكانُ، والعشقُ هو الزمن.

(2)

يفرقنا الليلُ، يضيّعُنا العُمرُ، ولا أسف.

تتلاشى البهجةُ منا،

ما يزولُ هباءٌ، ما يترسبُ في النفسِ هباء.

إن سرقوا الضيا منكَ لا تأسف،

إن تخلى الدربُ عنكَ، وإن نسيتكَ الزهورُ لا تأسف.

ليستْ الأسماءُ لك، ولا التماثيلَ الحزينةَ تسألك، ولا الهِلالَ كان لك،

ولا الكلامَ أخبرك، عن وردةٍ تشتاقُ لك.

(3)

سمعتُكَ تسرقُ وردَ المكان، وتحتلُّ وجهَ المدى،

تنشرُ عطراً سخيَّ الحضور، وتبكي،

كأنكَ تسلبُ ظني، وتكتبُ ماءَ اليقين.

تهيمنُ كالسِحرِ حين يداوي، تعطي المنايا وتأخذ.

صارَ وقتكَ الأزل، وعمرُكَ في الدم صارَ، وصرتَ الهدايا.

(4)

في كل يومٍ وردة تروي، وأخرى تخافُ، وثالثة تعشق.

وتأتي الشمسُ بما نشتهي، يأتي الوعدُ، وتأتي الرسالة،

في الفجرِ كانت علامة، كانت غصناً، وكانت حكاية.

(5)

قهوتي والصمتُ والشوقُ والكلماتُ إليك،

هل ترنو السماءُ إليكَ، ويهتدي الشُّحرور؟

هل ينتهي الطريقُ إليك؟

(6)

يتململُ وجهُ الحزنِ، ووجهُ الآمالِ يُعربد،

كان الوقتُ مراقاً بين الساعةِ والوهم،

كان يُدمدمُ في الفجر، أتبعُهُ يتبعُني في الضوء.

قلقٌ في القلب، لا أعرفُ كيف يهلُّ؟

قلقٌ يكتبُ باقي العُمرِ، يأتي، يمضي، يتهدجُ، يعبثُ، يخنقُ كلَّ الزنبق.

لا أعرفُ كيف أضيع؟ لا أكتبُ إلا الصمت،

يأخذني أسفُ الليل، تعصفُ بي أسرارُ الصُبح.

لا أعرفُ مَنْ أنتَ؟ تأتي مِن تعبٍ أم مِن حزن؟ أم من أسئلة الورد؟!!

(7)

شجرٌ لا يُثمرُ؟ أم عنقودٌ أخرس؟

تعبٌ يستلقي أرضاً، يكبرُ، يصغرُ، يتوارى، لا يهدأ،

لا أعرفُ من أين أبدأ؟

(8)

حين سمعتُ بكائي،

سمعتُ احتضارَ الأغاني، سمعتُ الورى يجهشون.

(9)

أبحرتُ في النهارِ، فتحتُ بابَ الهوى،

وأرخيتُ العِنان للدمع!

(10)

كتبتُ أني أموتُ ليلاً،

والفجرُ يقرعُ بابي.

(11)

يتحدثُ عني المطر، وكأنني ابنته الوحيدة.

كان يغني لأجلي، لأجل البراعم.

(12)

اقتربنا من زاويةِ الكلام،

لم يتصلْ الحرفُ بالحرف، ولم يكتملْ الأنين.

(13)

كأنني أبكي،

كنتُ بجانبِ الردى، كنتُ بجانبِ الوردِ.

(14)

يتبددُ البحرُ، ولا يتبددُ الحُبُّ،

ولا يغفو المطر.

(15)

الشمعةُ ترقصُ، لا تبكي،

لا تعرفُ إلا النورَ، ولا تبكي. والكونُ يكون.

(16)

أغرقُ في النحيب،

أغرقُ في البهجةِ أياماً، وأعرفُ الهوى.

(17)

يا شغفَ الروحِ لا تتأخر،

لا تتركَ الياسمينَ للأنين.

(18)

أنادي النهارَ، لعل النهارَ يُبددُ صمتي،

لعل الشمسَ تدري.

(19)

النحيبُ في آخرِ العمرِ حبيبٌ،

والوردُ أجملُ، والعطرُ أوفى.

(20)

أيتها السُحُبُ لا تخذليني،

لا تهملي الوعدَ، لا ترحلي دون أغنية،

قلبي إليكِ، وكلُّ الشرفات، والبساتين.

(21)

الشاعرُ من شوقٍ يبكي،

يتنزهُ في الحقولِ، لا يرى، ولا يُرى،

يبكي عند غيابِ الشمس، لا يعرفُ الوقت،

لا يسألُ الرمالَ ولا البحرَ حين يبكي.

(22)

عرفتكَ حين مررتَ سريعاً، حين أجهشتَ ولم تتكلم،

سمعتكَ حينَ تركتَ الغصنَ يتألم!

(23)

كالعصافيرِ، قلبي يبكي حين يغني،

وإلى آخرِ الدهرِ يبكي.

العصافيرُ حين تعشقُ تبكي!

(24)

لا شيءَ يجمعُنا، لا وقتَ يفرقنا، لكننا نلتقي.

إليكَ أم عنكَ أمضي؟ أغادرُ الليلَ أم النهار؟

أتوسلُ الماءَ أم الشمسَ؟ لا أدري.

(25)

كانت الشمسُ تنأى،

كان الغيمُ يغلي قبلَ البدءِ، قبلَ وقتِ الشجر!!

(26)

أراكَ تجمعُ المطر،

تأتي مهموماً بالعطرِ، وتمضي، تتركُ موعداً وقصةً ووتر.

أيُّ سؤالٍ يرقصُ في الليلِ؟ أيُّ غصنٍ يلتفت؟

أين أراكَ؟ وأيُّ بابٍ ينكشف؟

(27)

أسكنُ وحدتي، أرسلُ الشوقَ إليكَ،

أسألُ النجمةَ عن هواكَ، عن كلامكَ في الصحو.

(28)

لم يغادروا، لكنهم في الحضور.

أحبةٌ ولا يلتقون، كان الليلُ عقاباً لهم،

والصبحُ كان انتظاراتٍ، ولا يلتقون.

(29)

لم أتمهلْ في حقلِ الوردِ، لم يتمهلْ العبير،

كنا نكتبُ الوقتَ، والسُندسُ كان الصديق.

(30)

عندما بدأ الرقصُ لم أنتظر، وأجنحةُ الروحِ لم تنتظر.

لم أسمعْ أيَّ وعدٍ ولا أيَّ همسة، حملتُ الشمسَ على كتفيَّ وبدأتُ.

والرفاقُ يضحكون كالزنبقِ يرقصون.

(31)

يأتي كالبحرِ الخائفِ،

كالصمتِ الجارحِ، كالوقتِ المكنون، يتلو آياتِ العشقِ،

يستجدي الماءَ ولا يستجدي، من عطشٍ يأتي.

كالعصافيرِ في الصُبحِ، كبرعمٍ، كروايةٍ يأتي.

في عينيهِ صمتي، ابتسامي، حكاياتي، وعشقي.

يأتي، ويغيبُ طويلاً، يكتبُ أوراقَ الورد.

كالبحرِ الخائفِ لا يدري، لا ينبسُ في الجهرِ،

لا يتطرقُ للعشقِ، في الجوعِ يبكي، ودائماً يأتي.

(33)

كان الجليدُ يحرقنا،

يخطفُ الوجدَ، يسرقُ الوعدَ منا، يقتلُ فينا الهوى.

أخطأنا حين انتظرنا، العشقُ ليس لنا، مُتنا من ظمأ، وماتت حكايتنا.

(34)

خلفَ البابِ عناكب، والأقفالُ بالية،

الكلامُ ليس لنا، والخطى غائبة.

شغفٌ يحومُ في الزمن، يتسللُ هارباً، تاركاً الأسف.

(35)

أبكي في الوجدِ، وتبكي الطواويس معي،

وندركُ سرَّ النفس.

(36)

هذا الغدير، بالأمسِ كان عذباً،

واليومَ صارَ صمتاً.

والقرنفلُ يسألُ، ويئنّ، ثم لا يكترث.

(37)

كنتُ أسألُ عن زمني، الآن يسألُ عني الزمن.

قرأتُ الأقاصيصَ النبيلةَ، ولم أخترْ إلا قصتي.

(38)

الشعراءُ وقتهم مشنقة،

مكانهم مقبرة، ويعشقون!!

(39)

أراكَ في العطرِ، في سرَّ اللغةِ، في التكوين،

تميلُ للعشقِ ولا تميل.

تتهدجُ في الليلِ، يميلُ لكَ الوردُ، ولا تلتفت،

العطرُ يدورُ، ولا تكترث.

وأصمتُ كالشجر، أتلاشى في دائرةِ الليلِ، والفجرُ لا يصل.

(40)

لن أسألك، والوردُ لن يسألك،

أرتلُ شوقي، أكتبُ وقتي، أخفي احتضاري وناري،

أحرقُ الحِبرَ والورق، ولن أسألك.

(41)

أيها الراحلون لا ترجِعوا،

البساتينُ لا تنتظر، الشمسُ لا تلتفت، والقناديلُ لا تتذكر.

(42)

هل نحنُ في العشقِ أسئلةٌ؟ هل بوحُنا أخطاء؟

هل قصصُ الشوقِ تمنعنا؟ هل نموتُ دون عناق؟

يا ساحرَ العينين هل نذوي؟

هل يجرحُنا الوقتُ؟ هل البحرُ ....؟

(43)

ولا ننتهي، تعبرُ الفصولُ ولا ننتهي،

وتدورُ الزنابقُ فينا، تجتاحنا البحارُ.

نحنُ أقلُّ المتكلمين، والأكثرُ عشقاً، والوردُ رسولٌ يتنفس.

(44)

في الزمنِ الأخير نتبع الطريق، نتبعُ الظلَّ والشمس،

حيثما يكون العشقُ نكون، حيثما يتفتحُ الوردُ نمكثُ،

لا نعبأ بالشكِّ، واليقينُ لا يعبأ.

تتجولُ الأحلامُ فينا، تندسُ في القلبِ، وتغمرُ الخلايا.

(45)

أيها العاشقُ لا تتركْ الشمس،

لا تخالفْ الزمن، لا ترتدِ الصمتَ ولا الغياب، لا تتبع الليلَ ولا الذئاب.

كنْ مزماراً لا يتوقف، وأسطورةً لا تتلاشى.

كنْ الوردَ الذي لا ينتهي والعناقيد والأمنية.

أيها العاشقُ كن سما، ترفّعْ عن الشكِّ كن أنجما.

كن زنبقة، كن آياتِ الشمسِ، وناي الرضا.

كُنْ في الوجدِ أولاً وأخيراً، كُنْ الماءَ والنار، كُنْ الألم.

أيها العاشقُ لا تتأخر، لا تتركْ الليلَ ينامُ وحيداً،

لا تتركْ الضحى غريباً، كُنْ رقصةَ الماءِ، كُنْ الألق.

أيها العاشقُ لا تبتعدْ، لا تبددْ الفرح،

لا تقتنِ إلا البنفسج، لا تقطفْ إلا البهجة، كن عيداً للربيعِ وعودة.

أيها العاشقُ أخبروكَ عن الصحائفِ،

عن القواعدِ والحُبِّ والبغضِ، لا تصدقْ،

كنْ جمرةَ الهوى أو لا تكن. أيها العاشقُ لا تترددْ،

خطايا العشقِ ليست خطايا، وذنوبُ العشقِ هدايا.

                                                                    (46)

أسألُ عنكَ البراكينَ ولا تنبس،

أسألُ العصفَ ولا يتفوّه، وأسألُ بائعَ الوردِ ولا يفهم.

وأعودُ لصمتِ الدُّجى، لزاويةٍ مهملةٍ، لدمعة.

وتشهدُ كلُّ الشموعِ أن السطورَ صدى،

أن الحنينَ سراب، ولم نكن إلا تراب.

(47)

أشهدُ أن العمرَ هباء، أن الكونَ غبار،

وأن الذي بيني وبيني صدى،

وأن القمرَ بعضُ ورق، أن الأقلامَ ماء، أن النورَ بعضُ ظلام.

أشهدُ أن الشهدَ غواية، وأن الحنينَ رواية،

والبحرَ رمادٌ، والأرضَ دماءٌ، وأن الأغاني للصمتِ،

أشهدُ أنكَ وهمٌ، ودربكَ بعضُ سراب، وأهزوجةٌ ميتة.

(48)

وقفلتُ راجعةً، لملمتُ حزني دونَ وعدٍ،

دون حُلمٍ، دونَ حرف.

كنتُ وحدي، أسألُ النسيمَ والطيرَ،

اسألُ دودَ الأرضِ أن يُحي الرُّفاةَ، أسألُ النجاة.

راجعةً وكُلي أسف، لبستُ الفقاعاتِ،

اعتقدتُ أنني اهتديتُ، وأن الوردةَ أينعت،

أن الشحرورَ منهكٌ في الغناء، وأن النجمَ لي.

اعتقدتُ، لكنني راجعةٌ لهمٍّ يؤدي لموتٍ،

يؤدي لوعدٍ جديدٍ، يؤدي لماءِ الثمر.

(49)

ما العُمرُ؟

هو الحبُّ، هو النهرُ، هو الرضا،

والزنابقُ المعّذبة، هو الضيا، هو المرايا الخائفة.

(50)

في الصمتِ يكبرُ الوردُ، وتصغرُ الأسئلة،

البحرُ يعشقُ في الصمتِ، والسُفنُ تحضنُ المدى،

في الصمتِ تحيا الآلهة، وتموتُ الخفافيش.