العالي في ندوة "قراءة في تقرير ديوان الرقابة " : الحكومة اقترضت 800 مليون دينار خلال النصف الأول أي ضعف العجز المسجل !
الحكومة اقترضت 800 مليون دينار خلال النصف الأول، أي أكثر بمقدار الضعف من العجز المسجل
نسبة نجاح الطلبة في الامتحانات الوطنية للسنوات 2017 – 2019 لم تتجاوز 15% في حل المشكلات و30% في اللغة الإنجليزية
سجلت خسائر 115 مليون دينار عام 2022 نتيجة ارتفاع صافي المخصصات من 19 مليون دينار إلى 194 مليون دينار أي عشرة أضعاف
خسائر طيران الخليج 77 مليون دينار عام 2021 ولم تفصح عن خسائر عام 2022 وتقدر مجموع خسائر الشركة خلال السنوات العشر الماضية فاقت المليار دينار
نظم مجلس الدوي السب الماضي ندوة بعنوان "قراءة في تقرير ديوان الرقابة المالية” قدمها الدكتور حسن العالي، حيث قسم الحديث في ندوته إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول تناول أهم القضايا التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية 2022، والقسم الثاني تناول القضايا المهمة التي لم يتطرق لها التقرير، والقسم الثالث رؤيته ومقترحاته لتطوير البيئة التشريعية والرقابية للرقابة على المال العام ووقف الهدر والفساد.
فيما يخص القسم الأول، أوضح الدكتور العالي في البداية أن هناك أنواع من الرقابة يقوم بها الديوان، أهمها الرقابة المالية ورقابة الأداء. وسوف أتطرق لبعض القضايا المهمة التي وردت تحت هذين النوعين من الرقابة.
فيما يخص الرقابة المالية، تطرق تقرير ديوان الرقابة المالية أولا إلى ميزانية الدولة للعام 2022، حيث أوضح إن إجمالي الإيرادات ارتفعت من 2.6 مليار دينار عام 2021 إلى 3.5 مليار دينار عام 2022 بارتفاع نسبته 36%، وذلك بسبب تحسن أسعار النفط، حيث ارتفعت الإيرادات النفطية بنفس النسبة لتبلغ 2.4 مليار دينار. كما يلاحظ ارتفاع المصروفات المتكررة بنسبة 4% عام 2022 لتبلغ 3.5 مليار دينار. وبالتالي، انخفض العجز الفعلي بنسبة 81% ليبلغ 186 مليون دينار.
وهما تساق جملة من الملاحظات، حيث لا يبين التقرير الأساس الذي بني عليه الارتفاع في الإيرادات النفطية، حيث إن أسعار النفط في عام 2022 كانت أعلى بنسبة 50 – 60% من السعر المقرر في الميزانية، وبالتالي كان يفترض أن تكون الزيادة في الإيرادات أكبر من ذلك. كما لا يوضح التقرير أين ذهبت الزيادة في الإيرادات النفطية والوجوه التي انفقت فيها وهل تم ذلك بالتشاور مع مجلس النواب.
كما يلاحظ أيضا إنه بالرغم من الجهود لتنويع الإيرادات النفطية، حيث تم رفع رسوم القيمة المضافة إلى 10% إلا أن الإيرادات النفطية لا تزال تمثل نحو 70% من مجموع الإيرادات، وهذا يفرض البحث عن مصادر اخرى لتنويع الإيرادات مثل فرض الضرائب على إيرادات الشركات الكبيرة وعلى الثروة وغيرها.
أيضا يلاحظ إن المصروفات المتكررة ارتفعت بنسبة 4% بالرغم من تعهد الحكومة بترشيد النفقات اتساقا مع تنفيذ برنامج التوازن المالية.
وأوضح الدكتور حسن إن وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز أصدرت تقييم ائتماني قبل أيام خفضت النظرة المستقبلية للبحرين من إيجابية إلى مستقرة، حيث ذكرت إن الحكومة لن تتمكن من تحقيق برنامج التوازن المالي عام 2024 نتيجة المؤشرات الأولية لأداء النصف الأول من العام 2023، حيث ارتفع العجز إلى 340 مليون دينار في حين كان المقدر لكامل العام 2023 ما قيمته 540 مليون دينار، وبالرغم من سعر النفط كان يحوم حول 80 دولار خلال الفترة الماضية من العام بالمقارنة مع 60 دولار السعر المقدر في الميزانية. وما يثير علامات التساؤل إن الحكومة اقترضت 800 مليون دينار خلال النصف الأول، أي أكثر بمقدار الضعف من العجز المسجل.
كان يفترض أن تكون هناك توضيحات في التقرير حول هذه النقاط.
أما فيما يخص الدين العام، فقد بلغ 16.7 مليار دينار بينما بلغت الفوائد 736 مليون دينار وهي تستحوذ على أكثر من 30% من الإيرادات النفطية وهي نسبة عالية جدا وخطيرة.
كما كشف التقرير إن مصرف البحرين المركزي يحتفظ بحساب مع وزارة المالية بقيمة 2.8 مليار دينار يعتبر بمثابة دين على الحكومة أيضا، وهذا ما أشار له تقرير صندوق النقد الدولي بخصوص البحرين، حيث دعا إلى تخفيضه.
وفيما يخص احتياطي الأجيال الذي سجل خسارة بنحو 71 مليون دولار، فأنه كان يفترض بتقرير ديوان الرقابة المالية يوضح أسباب هذه الخسائر وتوصياته لتجنبها مستقبلا، لكنه اكتفى بإيراد الخسارة دون أي توضيح.
ثم انتقل الدكتور حسن للحديث عن رقابة الأداء حيث تناول ما ورد في التقرير حول الرقابة على العمليات المتعلقة بربط مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، حيث وصف ما ورد في التقرير بأنه خطير جدا وله ارتباط وثيق بحاضر ومستقبل الوطن.
فقد تناول التقرير عدم كفاية الإجراءات التطويرية من قبل وزارة التربية لتحسين أداء المدارس حيث أن نسبة 57% من المدارس الثانوية الحكومية أداءها بين مرضي وغير ملائم. كما أن نسبة نجاح الطلبة في الامتحانات الوطنية للسنوات 2017 – 2019 لم تتجاوز 15% في حل المشكلات و30% في اللغة الانجليزية.
كما تبين من خلال تتبع نوعية الوظائف التي شعلها خريجي المرحلة الثانوية المسار الفني إن 74% منهم توظف في تخصصات ليست ذات علاقة بتخصصهم المهني.
كما أشار إلى شغل العمالة غير الوطنية الوظائف التي يوفرها الاقتصاد، حيث تشير دراسة أن 76% من الوظائف التي خلقها الاقتصاد عام 2020 ذهبت للعمالة غير الوطنية، مما يعني استمرار وجود هوة واسعة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وعدم تنفيذ شعار البحريني أولا كما نصت رؤية البحرين 2030. وهنا كان يتوجب على تقرير ديوان الرقابة المالية التوصية بقيام الحكومة بتطبيق سياسات الزامية للبحرنة وخاصة في بعض الوظائف ذات الرواتب الجيدة للمواطنين وعدم الاكتفاء بالتوجيهات العامة.
ومؤشر خطير اخر ذكره التقرير ومن خلال المعلومات التي توفرها وزارة العمل بأن 60% من الوظائف المعروضة قد استهدف خريجي الثانوية العامة في حيث يمثل الجامعيون نسبة 71% من الباحثين عن العمل، وهذا يكشف أحد أهم أسباب استمرار البطالة في البحرين، والأخطر من ذلك إن خريجي الجامعات يتوظفون في وظائف ليس لها علاقة بتخصصاتهم تضيع معها أحلامهم وطموحاتهم، ويمثل هدر كبير للإنتاجية على مستوى الاقتصاد الوطني.
ثم انتقل الدكتور حسن العالي للقسم الثاني من الندوة، حيث تناول القضايا الهامة الي لم يتطرق لها تقرير ديوان الرقابة المالية:
ففيما يخص الرقابة المالية
1. العجز الاكتواري في صناديق التأمين الاجتماعي، ومصير صناديق التقاعد، حيث تعتبر هذه القضية خطيرة للغاية وكان يفترض بالديوان التدقيق ليها وهل صحيح أن العجز الاكتواري بلغ 14 مليار دينار وأن الصناديق عاجزة عن صرف زيادات سنوية للمتقاعدين.
2. شركة ممتلكات: سجلت خسائر 115 مليون دينار عام 2022 نتيجة ارتفاع صافي المخصصات من 19 مليون دينار إلى 194 مليون دينار أي عشرة أضعاف. وممتلكات هي الصندوق السيادي للبحرين، وكان يفترض التدقيق في محفظتها الاستثمارية والتعرف على أسباب الخسارة، خاصة إن بيانات الشركة غير معلنة ولا أحد يعرف أسباب هذه الخسارة.
3. طيران الخليج: بلغت خسائر الشركة 77 مليون دينار عام 2021 ولم تفصح عن خسائر عام 2022، لكن تقدر مجموع خسائر الشركة خلال السنوات العشر الماضية فاقت المليار دينار. ما مصير هذه الشركة وإلى متى سوف تظل تستنزف ميزانية الدولة؟
وفيما يخص رقابة الأداء، نكتفي هنا بالتطرق للمنظومة المسئولة عن العمل وتوفير الوظائف والتي تجاهلها تقرير ديوان الرقابة المالية مع أنها تمثل أخطر قضية تمس البحرينيين هذه الأيام وهذه المنظومة تتكون من وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل وتمكين، والملاحظات كثيرة كان يفترض من تقرير ديوان الرقابة المالية التدقيق فيها والخروج بملاحظاته حولها، وأهم هذه الملاحظات:
• حقيقة الأرقام التي يعلن عنها وزير العمل عن التوظيف (أكثر من 20 ألف سنويا)
• حقيقة أرقام البطالة التي يعلن عن وزارة العمل وكيفية احتساب معدلات البطالة، وهي طريق خاطئة بنظرنا كونا تأخذ أرقام العاطلين المسجلين لدى وزارة العمل فقط وليس مجموع العاطلين الباحثين عن العمل، ومعروف إن الوزارة ترفض تسجيل العاطلين الذين تركوا وظائفهم أو أجبروا على تركها.
• ما هو الحد الأدنى للمستوى المعيشي اللائق للعائلة البحرينية مع وجوب التوصية بضرورة الإسراع في إعداد مثل هذه الدراسة لقطع الجدل حول الموضوع
• أين هو مسح العمل ومسح التكلفة المعيشية
• كيف ستتم معالجة الخلل في جانب العرض والطلب في الوظائف؟
• كيف سيتم الزام مؤسسات القطاع الخاص بالاستجابة لمبادرة دعم البحرينيين الجديدة التي تم بموجبها تحويل 200 مليون دينار من صندوق التعطل إلى تمكين لتمول الزيادات في رواتب البحرينيين في شركات القطاع الخاص لمدة سنتين، مقابل أن تتعهد هذه الشركات بمواصلة دفع الرواتب بعد سنتين. وهل سوف توافق الشركات على الاستجابة لذلك.
• أين الشفافية في الأموال التي تصرف من قبل تمكين
• لماذا تحولت هيئة تنظيم سوق العمل إلى تاجر يجبي الأموال من العمالة الأجنبية من خلال الفيزا المرنة وتحويل نحو 80 ألف فيزا الزيارة إلى فيزا عمل وإعطاء التسهيلات للعمالة الأجنبية
وغيرها الكثير الذي يتوجب على ديوان الرقابة المالية تفحصها وتسجيل ملاحظاته عليها لأنها كما أقلنا من هي من أهم القضايا التي تهم البحرينيين.
القسم الثالث من الندوة تناول رؤية مقدم الندوة للخطوات المطلوب اتخاذها لمكافحة الفساد وهدر الأموال، والعبء الأول يجب أن يقع على الحكومة حيث يتوجب عليها تحصين أجهزتها من كافة الفاسدين والمفسدين، وأن تبدأ بالقيادات العليا وأن لا تستثني أحد كما يتم الآن في المملكة العربية السعودية حيث تتخذ المملكة عقوبات قاسية بحق قضايا الفساد دون أن تستثني إمراء أو قيادات عسكرية أو أمنية أو قضاة أو موظفين كبار.
كما على الحكومة الاعتراف بوجود هذه المشكلة في أجهزنها، ولكون برنامج الحكومة يخلو من أي ذكر لهدر الأموال أو الفساد يعني إن الحكومة لا تعترف بوجود مشكلة يتوجب معالجتها وهذا بحد ذاته مشكلة. وللأسف، فأن مجلس النواب لم يتطرق لهذه المشكلة ولم يطلب من الحكومة الاعتراف بها عند مناقشة وإقرار برنامج الحكومة في أول دورة له العام الماضي.
كما يتوجب أن يكون للنواب دور حقيقي في تجفيف منابع الفساد هو غائب عنه, ابتداء يجب أن يشرع لتأسيس هيئة لمكافحة الفساد ويسن تشريعات حماية المال العام ومكافحة الفساد والنزاهة وحماية مبلغي قضايا الفساد والحق في الوصول إلى المعلومات.
ووجود هيئة لمكافحة الفساد خطوة ضرورية، حيث يفترض أن تتولى الهيئة العديد من المهام؛ منها: إعداد وتنفيذ السياسات العامة الهادفة إلى مكافحة الفساد، وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد، وإعداد وتنفيذ الآليات والخطط والبرامج المنفذة لها، اتخاذ التدابير الكفيلة بالتعريف بمخاطر الفساد وآثاره على المجتمع، توسيع دور المجتمع في الأنشطة المناهضة للفساد ومكافحته؛ وذلك بمشاركة منظمات المجتمع المدني.
كما أنه من المهم أن يبسط مجلس النواب ولايته على ديوان الرقابة المالية كما هو حاصل في الكويت، حينها سوف يتمكن المجلس من التحكم في نطاق المحتوى والقضايا التي يتم معالجتها في تقرير الديوان وطريقة العرض والمحتوى وذلك لتسهيل وتقوية المساءلة وملاحقة الفاسدين. كذلك يطلب منه إعداد التقارير الدورية والموسمية، علاوة على التقارير الخاصة بقضايا مهمة مثل طيران الخليج وممتلكات والبطالة. كما يتوجب توسيع صلاحياته لتشمل الرقابة المسبقة وتوسيع نطاق التدقيق لكي يشمل مجلس الوزراء وكافة أجهزة وأراضي الدولة وممتلكاتها.
ومن الوسائل الهامة في وقف الهدر في أموال الدولة هو الالتزام بالتوظيف وفقا لمعايير الكفاءة والخبرة ورفض أشكال التمييز والمحسوبية كونها تعتبر سبب رئيسي للهدر والفساد. كذلك الشفافية في نشر المعلومات المتعلقة بالميزانية وإيرادات البترول والصناديق السيادية وفك ربط حسابات بابكو عن وزارة المالية وحوكمة أداء الحكومة.
كذلك تمكين مؤسسات المجتمع المدني والصحافة والإعلام من أداء دورها في الرقابة على قضايا هدر الأموال العامة والفساد والمفسدين وتقديم الدعم والحماية لها.