د. هاني منصور المزيدي*
من حق المستهلك أن يعرف، ويتم عمداً جعل المستهلك لا يعرف. بهذه العبارة نبدأ إستعراضنا حول التحديات التي تواجه تحقيق الحلال الحقيقي The Real Halal.
يتناول هذا العرض بعض التحديات التي تثبت، بطريقة أو بأخرى، أن الأنشطة الدولية الحالية في الحلال لا تحقق متطلبات الحلال الحقيقي.
تقريبا في جميع البلدان، يعتبر موضوع الحلال قضية دينية. وبالتالي، فإن أي دولة لن تتدخل بشكل عملي. وفي أحسن الأحوال، يتم تقنين موضوع الحلال من خلال ملصق العبوة. وبالتالي، فإن شهادات الحلال يقوم بها العديد من الهيئات/الجمعيات/ المجالس/ الإتحادات، وما إلى ذلك؛ وحتى الآن لا يوجد معيار حلال أو شعار حلال موحد.
سوق الحلال هو عالمي، ولكن الحلال يفسر بشكل مختلف في كل بلد مختلف. وهناك تصور سلبي للحلال/ وتخوف من الإسلام في البلدان غير الإسلامية، يجعل من تحقيق الحلال الحقيق تحدي آخر.
والتحدي الأكبر نحو تحقيق الحلال الحقيقي هو أن عامة الناس، وصناع القرار، وهيئات الإفتاء، وعلماء تكنولوجيا الأغذية لا يتوفر فيهم الحس الكافي حول المسائل المتعلقة بالحلال.
التحديات التي تقلل من فعالية الحلال الحقيقي:
أولاً- غياب الوعي بثقافة الحلال:
إن فهم «الحلال" أو "ما هو الحلال" أو "معنى الحلال" مربك بين العديد من المستهلكين المسلمين، مما سبب سوء الفهم وحتى الاحتيال من قبل بعض الأفراد والجمعيات الوهمية الذين «يبيعون" شهادات الحلال.
أين الخلل؟ غياب الوعي بثقافة الحلال على نطاق واسع بين المستهلكين، والمفتيين، وهيئات الرقابة المصدرين لشهادات الحلال، ووجود فتاوى دينية مختلفة حول موضوع الحلال، مع مناورة أصحاب المصلحة في الحلال حول القضايا الدينية المختلف فيها على الحلال، وإستغلال أصحاب المصلحة في الحلال جهل المستهلكين لموضوع الحلال.
كيفية التصدي لهذا الخلل؟
يجب توحيد تعريف الحلال، وتصبح واضحة جدا، وصريحة، وتمارس بقوة من قبل أصحاب المصلحة في الحلال. وتعد أهمية وجود مبادرات حكومية مكرسة لنشر ثقافة الحلال من أهم عوامل التصدي لهذا الخلل وذلك في جميع مؤسساتها، كما يجب تثقيف المفتيين في مواضيع الحلال وجعلهم يتكلمون بصوت واحد ما هو الحلال الحقيقي.
يجب أن تكون الفتاوى الدينية المتعلقة بالحلال موحدة بما يتماشى مع ما يحدث حاليا في المسالخ ومعامل التجهيز بحيث تقرأ بهذه الطريقة: خالية من الصعق، خالية من الذبح الميكانيكي، خالية من الكحول، خالية من ذباحين غير مسلمين، خالية من مكونات محرمة نجسة، أو مكونات مستحيلة كوسيلة للنظر في المكونات المحرمة النجسة كالجيلاتين الحيواني من مصدر خنزيري أو بقري غير مذبوح حسب الشريعة الإسلامية على أنها حلال على أساس إفتراض التحول أو في المضافات الغذائية على أساس نظرية الاستهلاك.
ثانياً- شكوك في معايير الحلال:
والمعايير الدولية للحلال، أو ما تسمى بمعايير الحلال، فكثير منها تعاني من المزالق، أي تسمح بممارسات غير حلال، والسماح بإضافة مكونات غير حلال وتخترق الأسواق في إطار قانوني.
أين الخلل؟ أداء الذبح الحلال أفضل بدون صعق، ولكن إذا لزم الأمر، يمكن استخدام الصعق! والصعق غير مقبول ولكن الذبح الميكانيكي مسموح به! كيف يمكن ذلك؟ لأنه لا يوجد ذبح آلي بدون صعق مسبق، ولا يسمح باستعمال الكحول الإيثيلي المنتج بطرق التخمير، ولكن إذا أنتج صناعيا فلا بأس باستعماله! ما الفرق بين الإثنين؟ وأخيرا، لا يسمح بوجود مواد نجسة، ولكن إذا كانت موجودة بكميات قليلة جداً، مثل الإنزيمات، فهذا يسمى شكل من أشكال التحول أو تخضع لنظرية الاستهلاك، أي الإستحالة، مما يعني أن وجودها مسموح به!
كيفية التصدي لهذا الخلل؟
يجب أن ينظر إلى معايير الحلال على أنها مبادئ توجيهية بدلا من فتوى! بهذه الطريقة سيتم التقليل من القضايا الدينية المختلف عليها. كما يجب أن نتمسك بفتاوى دينية مجمع عليها بين جمهور علماء الأمة البارزين حول قضايا الحلال بدلا من النظرة الاستثنائية لعالم واحد بارز.
ثالثاً- عدم وجود مختبرات الحلال:
يشكل عدم وجود مختبرات حلال تحديا عالميا للحلال الحقيقي. وتكمن أهمية هذه المختبرات في تقديم الدعم الفني اللازم لتعزيز خدمات شهادة الحلال.
أين الخلل؟
يعتبر ندرة مختبرات الحلال معتمدة تحد كبير أمام الحلال الحقيقي خاصة ندرة الفنيين من المسلمين المؤهلين لأداء تحاليل الحلال. ومما يزيد الأمر تعقيداً هو عدم وجود بروتوكولات تحليل حلال معتمدة، وهذا مهم لتوحيد نتائج تحليل الحلال.
كيفية التصدي لهذا الخلل؟
اعتماد مختبرات حلال، وتأهيل فنيين مسلمين للعمل في مختبرات حلال، وجعل طرق تحليل الحلال والمسجلة كبراءات إختراع والمحتكرة من قبل رواد مراكز حلال البحث العلمي والتطوير، مثل جامعة بوترا الماليزية، موفرة مجاناً لاستخدامها من قبل جميع المختبرات في العالم، لا سيما مختبرات الدول الإسلامية.
رابعاً- صعوبة الحصول مكونات حلال بديلة:
سيؤدي صعوبة توفر مكونات حلال بديلة إلى عدم وجود منتجات حلال. من أمثلة مكونات الحلال البديلة: الدهون، والغليسرين، وأملاح الأحماض الدهنية من مصادر حلال أو نباتية. البروتينات، مصل اللبن واللحوم والجيلاتين من مصادر حلال أو نباتية. الانزيمات من مصادر حلال. الكحول للاستخدام الخارجي الآيسوبروبيل.
لا يوجد طلب أو تشجيع لإنتاج مكونات حلال خام بديلة. ولا يوجد سوق قوي للمكونات الحلال الخام البديلة. ولا تهتم الحكومات بطلب المكونات الحلال الخام البديلة في المنتجات المستوردة أو المنتجة محلياً. والمستوردين والمستهلكين لا يبدون إهتمام بطلب مكونات الحلال الخام البديلة.
كيفية التصدي لهذا الخلل؟
• تعزيز ثقافة الحلال ووعي بأهمية الحلال بين الشركات المصنعة، والجهات الرقابية الحكومية، وكذلك بين المستهلكين بطلب مكونات الحلال الخام البديلة.
• وينبغي للحكومات أن تشجع وتتدخل لفرض إستخدام مكونات الحلال الخام البديلة في المنتجات الغذائية وغير الغذائية.
خامساً- شعارات الحلال في بعض الأحيان ليست في موضع ترحيب:
شعارات الحلال في بعض الأحيان ليست موضع ترحيب على بعض المنتجات مثل مستحضرات التجميل! وذلك بسبب الاعتقاد بأن وجود شعار الحلال على هذه المنتجات سوف يقلل من قيمها. الكثيرون لا يعرفون أن شعار الحلال ليس مجرد رمز يضمن للمسلمين أن ما يشترونه مسموح به من قبل دينهم، ولكن أيضا للشركات التي تسعى للتوسع للوصول إلى البلدان الإسلامية وخارجها. ولا يعرفون أيضاً أنه أصبح شعار الحلال الآن رمزا للجودة والالتزام الديني وهذا يجعلها تبدو كما هو الأخضر الجديد.
وجود هيئات إصدار شهادات حلال غير جديرة بالثقة، وغياب لوائح حلال تتطلب وجود شعارات حلال على المواد الغذائية وغير الغذائية المستوردة إلى الدول الإسلامية، وعدم وجود وعي حول الحلال وقيمة وجود شعار حلال على المنتجات الحلال.
كيفية التصدي لهذا الخلل؟
نشر ثقافة الحلال، وتقديم نتائج دراسات تقنية إقتصادية سليمة حول النتائج الربحية إذا وجد شعار الحلال على المنتجات، ووضع لائحة تنظم إستخدام شعارات الحلال على منتجات الحلال.
سادساً- يمتلك سوق الحلال شركات غير مسلمة:
معظم ما يسمى بمنتجات الحلال يتم إنتاجها من قبل شركات يمتلكها غير مسلمين. في عام 2009، شهدت ماكدونالدز في سنغافورة تدفق ثمانية ملايين زبون في السنة بعد حصولها على شهادة الحلال. ومنذ أن حصلت على شهادة الحلال، شهدت كنتاكي فرايد تشيكن وبرغر كينغ وتاكو بيل جميعا زيادة بنسبة 20% من الزبائن.
كيف يمكن لأي فرد التأكد 100% وبدون أي شك، في بلد غير ماليزيا، أن منتجات الحلال بالعلامات التجارية الشهيرة المملوكة من غير المسلمين أنها متوافقة مع متطلبات الحلال الحقيقي؟ وما هو تعريف تلك الشركات للحلال؟ وكيف يتم السيطرة على الحلال من قبل هذه الشركات؟ ومن قبل من؟ إن معظم هذه الشركات الغذائية وغير الغذائية تستخدم الصعق، أو الكحول، أو حتى مواد نجسة موجودة بكميات دقيقة في منتجاتها. وأعلنوها صراحة على مواقعهم الإلكترونية، ولكن من يقرأ؟
كيفية التصدي لهذا الخلل؟
يجب نشر الوعي بين المستهلكين المسلمين حول مفهوم الحلال لدى غير المسلمين المنتجين لمنتجات حلال وكذلك مفهوم الحلال في اللوائح الحكومية، ويجب على الحكومات الإسلامية التدخل في طلب الحلال الحقيقي على المنتجات المستوردة، كما يجب أن يكون إصدار شهادات حلال على المنتجات الحلال الدولية فقط من قبل هيئات حلال معتمدة.
.. يتبع
------------------------------------------------
** الجمعية الكويتية للتوعية بمنتجات الحلال
