DELMON POST LOGO

مجلس صيانة الدستور يستبعد الرئيس السابق روحاني من سباق الاحتفاظ بمقعده في انتخابات مجلس خبراء القيادة.. استبعاده عن خلافة المرشد

بقلم : على آلفونه *

نشر الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني في 24 يناير/كانون الثاني خطابًا مفتوحًا كشف فيه أن مجلس صيانة الدستور—الهيئة رقابية المكلفة بفحص أهلية المرشحين— قام باستبعاده من سباق الاحتفاظ بمقعده في انتخابات مجلس خبراء القيادة، المقرر إجراؤها في الأول من مارس/آذار. يتألف هذا المجلس من ثمانية وثمانين عضوًا، وهو مكلف دستوريًا بانتخاب المرشد الأعلى أو قائد الثورة الاسلامية. ولا يُستبعد أبدًا أن يقوم المجلس، خلال فترة ولايته المقبلة البالغة ثماني سنوات، بانتخاب خليفة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي البالغ من العمر أربعة وثمانين عامًا. وقد خاطب روحاني، الذي تم استبعاده من المشاركة في عملية انتقال الحكم بسبب عدم أهليته، من مجلس صيانة الدستور قائلًا، “لماذا لا تطلعون الشعب على الأسباب؟” علمًا بأنه لا يتوقع ردًا، لأن روحاني وجيله من القادة الإيرانيين هم من أسسوا نظام هندسة الانتخابات باعتبارها طريقتهم المفضلة للقضاء على منافسيهم السياسيين. ولم يعارض روحاني مثل هذا التلاعب لطالما كان يستفيد منه، وهو الآن يشكو فقط بعد أن وجد نفسه ضحية لنظام ساعد في إنشائه.

وبغض النظر عن هذه المفارقة، من المرجح أن يكون لاستبعاد روحاني ثلاث عواقب سياسية. أولًا، إزالة روحاني عمليًا كمرشح محتمل لخلافة خامنئي. ثانيًا، بإقصاء روحاني، فإن النظام يجازف بإبعاد النخب التكنوقراطية المتحالفة معه. ثالثًا، باستبعاد روحاني الذي خدم النظام في المناصب العليا بإخلاص، فإن النظام في الواقع يستبعد نفسه أيضًا. فكيف يسمح النظام لشخص غير مؤهل أن يعتلي منصب الرئاسة لفترتين متتاليتين، ناهيك عن جميع المناصب القيادية الأخرى التي شغلها روحاني منذ ثورة 1979.

إن استبعاد روحاني لا يبدو منطقيًا إلا في سياق فهم الصراع الداخلي المستمر حول مسألة الخلافة بعد خامنئي. وقد حذرت صحيفة “أرمان ملي” اليومية الموالية لروحاني، قبل إعلان استبعاده، من مؤامرات خبيثة ضد الرئيس السابق، واختتمت إحدى مقالاتها بالسؤال التالي، “هل من المعقول أن يتم استبعاد مَن مثّل قائد الثورة الإسلامية لسنوات طويلة في المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو شخص على دراية كبيرة بمطبخ السياسة الإيرانية؟” هذا كان ممكنًا جدًا كما توضح. وقد اقتفت صحيفة خبر أونلاين، وهى منصة إعلامية أخرى مؤيدة لروحاني، أثر “المؤامرة” ضد روحاني إلى “شارع باستور”، في إشارة إلى مكتب الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي كثيرًا ما يتردد اسمه كخليفة محتمل لخامنئي. إن استبعاد روحاني سيزيله عمليًا من لائحة المرشحين ليعزز احتمالات فوز الطامحين الآخرين في القيادة أيًا كانوا.

وفي رسالته المفتوحة إلى الشعب الإيراني، تعهد روحاني بالولاء المستمر للجمهورية الإسلامية، مع أنه والنخب التكنوقراطية التي احتشدت ذات مرة وراء الرئيس علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ونقلت ولاءها إلى روحاني بعد وفاة رفسنجاني المشبوهة في عام 2017، يشعرون بالتهميش بشكل متزايد. لماذا عليهم أن يظلوا موالين لنظام لا يمثلهم أو يضمن مصالحهم؟ ومن المرجح أن يشكل ابتعاد النخب التكنوقراطية ضربة كبيرة للنظام. ففي الواقع، هؤلاء التكنوقراط هم من أبقوا إيران صامدة أثناء الثورة والحرب مع العراق، التي دامت ثماني سنوات، وساعدوا في إعادة الإعمار وازدهار البلاد بعد الحرب، وفي تحمل العقوبات الدولية القاسية المتزايدة. فهل يستطيع النظام في إيران تكبد خسارة هذه الكفاءات؟

فالنظام، باستبعاده روحاني يستبعد نفسه في الواقع، ويُفقد شرعيته. فخامنئي هو الوحيد الذي تمكن، من بين الرجال الثمانية الذين شغلوا منصب رئيس الجمهورية منذ عام 1979، من الوصول إلى مرتبة قائد الثورة. وكان المصير السياسي للبقية أقل مجدًا. فالرئيس أبو الحسن بني صدر هرب من إيران إلى فرنسا ليعيش في المنفى بعد تنحيته من منصبه، وخليفته، محمد علي رجائي، خدم في منصبه لمدة 28 يومًا فقط قبل أن يتم اغتياله — على يد المعارضة وليس النظام. ورفسنجاني، الذي دعا إلى التحرير الاقتصادي بدون الدمقرطة السياسية، تم تهميشه بشكل متزايد منذ أن ترك منصبه في عام 1997، كما استبعده مجلس صيانة الدستور عندما حاول الترشح للرئاسة في عام 2013. وأما الرئيس السابق محمد خاتمي، الذي دافع عن الحريات السياسية، فقد مُنع عمليًا من الظهور على التلفاز أو الإذاعة الحكوميين منذ أن ترك منصبه في عام 2001. ولطالما بدا الرئيس الشعبوي السابق محمود أحمدي نجاد الرئيس المفضل لدى خامنئي، وبالرغم من ذلك تم تهميشه هو أيضًا، وسُجن أصدقاؤه وحلفاؤه بتهم سياسية بعد أن تحدى أحمدي نجاد سلطة المرشد. ماذا يقول كل هذا عن جمهورية حولت، منذ عام 1979، مجمل رؤسائها تقريبًا إلى شخصيات محظورة سياسياً ومنبوذين؟

وفي حين لا يعاني النظام من تهديد مباشر لقدرته على الصمود والاستمرار، إلا أن هذا الانكماش التدريجي للنخب الحاكمة، وتضائل قدرته على التمثيل السياسي لا يبشران بالخير للجمهورية الإسلامية.

........................

علي آلفونه هو كبير باحثين في معهد دول الخليج العربية في واشنطن.