شعر : محمود درويش
إنني أنهضُ من قاع الأساطير
وأصطاد على السطوح النائمة
خطوات الأهل والأحباب.. أصطاد نجومي القاتمة
إنني أمشي على مهلي، وقلبي مثل نصف البرتقالة
وأنا أعجب للقلب الذي يحمل حارة
وجبالاً، كيف لا يسأمُ حاله !
وأنا أمشي على مهلي .. وعيني تقرأ الأسماء
والغيمَ على كل الحجارة
وعلى جيدك يا ذات العيون السود
يا سيفي المذهَّبْ
ها أنا أنهض من قاع الأساطير .. وألعبْ
مثل دوريِّ على الأرض... وأشرب
من سحاب عالق في ذيل زيتون ونخلِ
ها أنا أشتمُّ أحبابي وأهلي
فيكِ، يا ذاتَ العيون السود.. يا ثوبي المُقصَّب
لم تزل كفّاك تليّن من الخضرة ، والقمح المذهَّبْ
وعلى عينيك ما زال بساطُ الصحو
بالوشم الحريريِّ... مُكَوكب !
إنني أقرأ في عينيك ميلاد النهارْ
إنني أقرأ أسرار العواصف
لم تشيخي .. لم تخوني .. لم تموتي
إنما غيَّرتِ ألوان المعاطف
عندما انهار الأحبّاءُ الكبار
وامشقنا، لملاقاة البنادق
باقةٍ من أغنيات وزنابق !
آه .. يا ذات العيون السود ، والوجه المعفَّرْ
يشرب الشارعُ والملحُ دمي
كلما مرت على باليَ أقمارُ الطفولة
خلف أسوارك يا سجن المواويل الطويلة
خلف أسوارك، ربَّت عصافيري
ونحلي ، ونبيذي ، وخميلهْ