DELMON POST LOGO

الفقيد الكبير، المرحوم محمد يوسف الجودر.. كان شعلة نشاط اينما حل

بقلم: عبد النبي العكري

انتشر الخبر صباح يوم الثلثاء الثالث عشر من فبراير في وسائل التواصل الاجتماعي وكان له وقع الصاعقه عليّ، وفاة المرحوم محمد يوسف الجودر، وفي البدايه لم نصدق الخبر وعللّنا النفس اتها قد  تكون تشابه أسماء. لكن الخبر الصادم حقيقة مرة قد تاكد. واضاف ذلك حزنا إلى احزاننا ونحن نتابع لاكثر من أربعة اشهر، ويوما تلو الآخر مآسي وبطولات الشعب الفلسطيني في غزة، ولا عجب فالحزن واحد حيث فقيدنا أبو يوسف عاشق فلسطين التي سكنت جوارحه .

من الصعب لمن عرف المرحوم أبو يوسف ان ينساه أو ينسى ابتسامته المشرقة والتي تطرد الهموم وتشيع التفاؤل. عرفت أبو يوسف لأول مرة في بيروت في منتصف السبعينات من القرن الماضي حيث كان أبو يوسف يدرس في الجامعه الأميركية  في بيروت عندما كنت حينها اتردد على بيروت.

كان الصديق أبو يوسف حينها عضو الهيئة التنفيذيه للاتحاد الوطني لطلبة البحرين  مسؤؤلا عن الثقافه والاعلام وإصدار مجله المسيره الناطقه باسم الاتحاد وعلينا ان نتصور عبىء ومشاق هذه المهمه في ظل ظروف الحرب الأهلية  في لبنان، وافتقار الاتحاد للموارد الماليه وغيرها.  كما تعرفت على الأخت العزيزة د.فاطمة السيد يوسف الرفاعي، عندما كانت تدرس التمريض في الجامعة الاميركية في بيروت والتي  اقترن بها لاحقا.

كنت مقيما حينها في سوريا ولكن لأجل متطلبات العمل فقد كنت اتردد  على بيروت وأقيم مع طلبه البحرين في شقتهم في عين المريسه حيث يقيم أبو يوسف أيضا وهكذا توثقت عرى الصداقه التي توثقت مع الزمن .

في ظل أجواء الحرب الأهليه اللبنانيه التي اندلعت في 1975 والتي خلقت أجواء غير طبيعيه من الخوف والقلق  وعدم الاستقرار، لم يغادر العزيز أبو يوسف بيروت فيما اضطر العديد من الطلبه الجامعيين لذلك، لكنه  صمد وبقي يدرس  في بيروت واحة الحرية والثقافة والتعليم رغم ظروف الحرب. لكنه الى جانب دراسته فقد كان ينهض بمسؤؤليتة النقابية الكبيرة في الاتحاد الوطني لطلبه البحرين وسط ظروف معقده وقسريه خصوصا في ظل التضييق على الاتحاد من قبل النظام حينها  ومصادرة جوازات العشرات من أعضاء الاتحاد  ومنع سفر الكثيرين منهم .

اضافه لذلك فقد كان مسؤؤلا في فرع الاتحاد في بيروت ومقره في شارع مكحل في راس بيروت  وهو مقر الاتحاد أيضا.

كما ان العديد من طلبة البحرين الملتحقين بالانتساب الى جامعه بيروت العربيه حيث ياتون لتقديم الامتحانات في شهر يونيو من كل عام  كما اعتقد ويتطلب الامر القدوم قبلها للمراجعه والاستعداد لتقديم الامتحانات. لقد صادف انني اقمت في بيروت خلال تلك الفتره وعايشت الجهد الكبير الذي كان يبذله أبو يوسف في ترتيب السكن لهم وترتيب دروس التقويه وهو ما فصله العزيز رضي الموسوي ( أبو محمد ) في مقالته الجميله  عن أبو يوسف.

 ومع اقتراب انعقاد المؤتمر الثالث للاتحاد في فبراير 1979 في بغداد والتي كان أبو يوسف في خضمها فقد كانت  هناك مهام اكبر تنتظره لكنه ظل كعادته منظما ومحافظا على هدؤه  وابتسامته المشرقه  والاهتمام باصدقائه. كنت من بين المتابعين من الحركه الوطنيه البحرينيه للمؤتمر الثالث للاتحاد الوطني لطلبه البحرين والذي انعقد في بغداد في فبراير 1979، فيما كان حدث انتصار الثوره الايرانيه يحدث تفاعلات في المنطقه برمتها ويلقي بظلاله على أجواء المؤتمر الى جانب التباينات في أوساط الحركة الوطنية البحرينية.

استغرق المؤتمر فتره أياما طويلة  بسبب هذه التباينات في نقاش وإقرار الوثائق الرئيسية. لقد عايشت بنفسي الدورالايجابي المهم والجهد االمضني  الذي  بذله  أبو يوسف  في تقريب وجهات النظر والوصول الى صيغه متفق عليها للوثائق الرئيسية، ثم في التفاوض على تشكيلة الهيئة التنفيذية، حيث حاز ابو يوسف على ثقه أعضاء المؤتمر من مختلف الانتماءات والمشارب كرئيس للاتحاد للفترة مابين فبراير 1979 حتى المؤتمر الرابع في فبراير 1981 والذي انعقد في دمشق. وشهدت رئاسته إنجازا كبيرا لطلبه البحرين  بإلغاء مصادرة الجوازات والمنع من السفر بحق الكثيرين كثمرة لنضال الاتحاد واستجابة كريمة من قبل حاكم البلاد حينها المرحوم الشيخ عيسى بن سلمان ال خليفه في 1979.

بعد استقراره للعمل في  شركة ادنوك  للنفط في ابوظبي بالامارات العربية المتحدة  وزواجه من السيدة الفاضله د.فاطمه السيد عبد الله الرفاعي واستقراره هناك انقطعت اللقاءات ولكن لم ينقطع التواصل. ففي زياره خاطفه لي للامارات في 1984 تسنى لي اللقاء معه وعائلته. وبعد رجوعنا من المنفى الى الوطن في فبراير 2001 كانت لي زيارات قليله الى ابوظبي وكنت احرص على زيارته وعائلته حيث تشعر بالود الحميم. ولا انسى انه في احدى زياراتي الى دبي ولعدم امكانيه السفر منها الى ابوظبي،  فلم يتردد أبو يوسف من ان يلتقيني في دبي بصحبة عائلته. كما انني كنت التقيه اثناء بعض زياراته الى البحرين.

اخر لقاء بيننا هو عندما ذهبنا الى تعزيته بوفاة المرحومه اخته. لم اعرف انه سيكون اللقاء الأخير. وفي سياق الحديث ذكرت له ما اعانيه  من مرض وعدم وجود الدواء بجرعته المطلوبه في البحرين. وسرعان ماطلب مني الوصفة الطبية وحال رجوعه من البحرين الى ابوظبي هاتفني بانه وجد الدواء بجرعات مختلفه حيث الافضل رجوعي الى الطبيب لاختيار الجرعة المناسبة  ليشتريها من ابوظبي ويرسلها لي في البحرين.

لانستطيع الا ان نسلم بقضاء الله وقدره، لكن فقد الأحبة مؤلم،  ومثل أبو يوسف لاينسى وسيظل حاضرا في قلوب محبيه ولنا في رفيقة دربه ام يوسف والأولاد أحبه تتواصل معهم علاقات المحبه والود.