ساهمت عائلة كانو في جهود البحث عن آبار الماء الارتوازية واستيراد الاسمنت إلى البحرين وتعزيز التجارة وصناعة النفط
تحت رعاية الشيخ خالد بن عبدالله بن خالد آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، وبحضور الوجيه الدكتور عبداللطيف بن جاسم كانو، مؤسس بيت القرآن والرئيس الفخري لمركز عبدالرحمن كانو الثقافي، وعدد من أفراد عائلة كانو، ورئيس مجلس وأعضاء إدارة مركز كانو عبدالرحمن الثقافي، وحشد من الوجهاء والمسؤولين والجمهور؛ تم الإحتفاء بمركز عبدالرحمن كانو الثقافي، بتكريم الكدتور عبداللطيف بن جاسم كانو، الرئيس الفخري لمركز عبدالرحمن كانو الثقافي يوم الأثنين 28 مارس الجاري 2022م
وبالمناسة قدم الدكتور محمد حميد السلمان موجز بل " إضاءات على بعض مفاصل تاريخ عائلة كانو في البحرين " وقال " ونحن نحتفي بتكريم د. عبدالطيف بن جاسم كانو اليوم؛ سنقف في سبع محطات تاريخية ملونة لتلسيط شئ من الأضواء على بعض المفاصل المهمة لعائلة كانو بين القرنين التاسع عشر والعشرين في البحرين.
وبما اننا نحتفي بتكريم الوجيه عبد اللطيف كانو ، لابد ونحن نقف اليوم تحية وتقديراً للرئيس الفخري لمركز عبدالرحمن كانو الثقافي؛ وأن نٌشير فقط إلى نوع آخر من مساهمات عائلة كانو، حين سعى جاهداً عاشق المخطوطات النادرة وأبرز الخبراء في المخطوطات، منذ عام 1984، لإضافة صرح ثقافي ديني لمشاريع العائلة وهو بيت القرآن لخدمة المجتمع البحريني والخليجي والعربي. إذ أن هذ البيت لهو مجمع متعدد وشامل للقرآن الكريم والفنون الإسلامية، تأسس عام 1990 في العاصمة المنامة. وهو مَقصد الدارسين والباحثين، ومؤسسة ثقافية رائدة لها كيانها المستقل. واعتقد أن بيت القرآن؛ يُعدُّ أحد أشهر المتاحف الإسلامية في العالم.
وليس هنا مجال في هذه الكلمات البسيطة، لنتحدث عن هذا الصرح الثقافي المميز، فقط نُشير إلى أن بيت القرآن، يضم مدرسة باسم يوسف بن أحمد كانو، بها ثمانية فصول لتحفيظ القرآن، مجهزة بأحدث التقنيات المتطورة من أجهزة كمبيوتر ووسائل سمعية وبصرية.
والأهم ضمن مسيرة عطاء عائلة كانو المعروف؛ قام الدكتور عبداللطيف بن جاسم كانو، بتقديم ما يخصه من مخطوطات ومصاحف نادرة إلى بيت القرآن، وبذلك أعتقد أنه غدا أول عربي يقوم بالتنازل عن مجموعته القيمة من المصاحف والمخطوطات لصالح مثل هذه المشاريع العامة لخدمة الناس.
وعن المحطات الاخرى قال انها كالتالي :
محطة 1: عائلة كانو في القرن التاسع عشر
بطموحه ثبَّت يوسف بن أحمد كانو أعمال العائلة منذ بداية عام 1890م، إذ كان يتميز ببصيرة تجارية نافذة نتيجة اهتمامه بما يدور حوله، وليس مجرد بصر لرؤية ما يحدث، وإلا لما استمرت شركته والعائلة بنجاحاتها.
وكان ليوسف كانو في حقبة التأسيس الأولى التي استمرت بين القرنين 19 و20، وحتى وفاته في ديسمبر عام 1945؛ العديد من الاتصالات مع الوكلاء والمعتمدين البريطانيين في البحرين، كما عَمل في الوكالة الوطنية أو المحلية كما كانت تُسمى حينها، في أعمال السكرتارية، بمعاونة الحاج عباس بن فضل، و عبد العزيز خرجي أو كرجي، من "كَرج" ذات التاريخ المعروف، وكان هذا بين أعوام 1893-1900.
محطة 2: عائلة كانو والوكلاء الإنجليز في القرن العشرين:
عثرت مؤخراً على وثيقة بتوقيع يوسف بن أحمد كانو بن أحمد كانو، بخط يده، بتاريخ 30 سبتمبر عام 1908م؛ تدل على دخوله مجال مشاريع البناء التي احتاجت لها الدولة في سنوات الازدهار مطلع القرن العشرين. وذلك في خلال علاقة الحاج يوسف بن أحمد كانو، بأول شخصية بريطانية تحمل لقب الوكيل السياسي البريطاني في البحرين، أي ممثل بريطانيا، وهو الرائد (فرانسيس بيفيل بريدو(، وكان أساس تلك العلاقة تجارية، إذ كانت الوكالة، تعتمد على عائلة كانو في انجاز مشاريعها البنائية والخدمية كما ورد في الرسالة: " استلمنا من الرائد أف. بريدو، الوكيل السياسي في البحرين، مبلغ 802،12 روبية، لحساب أجور النجارين الذي عملوا في تركيب 15 بابًا للوكالة، وشرفات (بلكونات) الطابق".
وللعلم فقط، فقد عاصر يوسف بن أحمد كانو حوالى 35 من الوكلاء السياسيين البريطانيين في البحرين بين أعوام 1900-1945، منهم اسماء معروفة في تاريخ البحرين. وحصل على لقب "خان صاحب"، عام 1917/ وهو لقب كانت تمنحه السلطات البريطانية في الخليج بالتوافق بالطبع مع السلطات البريطانية الحاكمة في الهند. وكذلك على وسام الإمبراطورية البريطانية.
محطة 3: متفرقات
- يُعتقد بأن الحاج يوسف بن أحمد كانو، كما يذكر كتاب (بيت كانو)، ونتيجة تعامله مع شركة البواخر العربية المحدودة؛ هو أول من استورد آلة كاتبة إلى البحرين عام 1912م، ولا نعلم أكانت باللغة الإنجليزية أم العربية. مع أن وجود آلة كاتبة عربي أمرٌ صعب في تلك الحقبة من القرن العشرين.
- عند قيام الحرب العالمية الأولى 1914م، كان الحاج يوسف كانو قد حصل على عدة وكالات ملاحية مهمة.
- كما أن هناك وثيقة انجليزية تعود لعام 1937، بعد اكتشاف وتصدير النفط البحريني عالمياً؛ تُصنف الحاج يوسف بن أحمد كانو في البحرين كأول المستوردين لمواد البناء، والعاملين في مجال النفط والبترول، و من أهم التُجار المصدرين للأصداف البحرينية المرغوبة عالمياً آنذاك.
- أول مقر لبلدية المنامة كان في عمارة الحاج يوسف بن أحمد كانو في شارع التجار بالمنامة.
- دعماً للعملية الديمقراطية في البلاد في العقد الثاني من القرن العشرين؛ دخل أفراد، لهم ثقل كبير في المجتمع البحريني من بيت كانو، في انتخابات بلدية المنامة على مدى أعوام: 1924 - 1928- 1936- -باسم الحاج خليل بن إبراهيم كانو. وللعلم، فقد حصل في انتخابات بلدية عام 1926 على أعلى رقم من الأصوات وهو 148 صوتًا. أما في انتخابات بلدية عام 1940-1944؛ فقد دخلت العائلة بكل من: خليل بن إبراهيم كانو، وعلي بن أحمد كانو. وعام 1948 بخليل بن إبراهيم كانو، وعامي 1952، وعام 1956، بثلاثة من أفراد عائلة كانو هم: وعلي بن أحمد كانو، و خليل بن إبراهيم كانو، و إبراهيم بن خليل كانو.
- في عام 1932، تم تعيين يوسف بن أحمد كانو ضمن أعضاء المجلس بلدية المنامة
- في عام 1958 فاز السيد أحمد بن علي كانو في انتخابات بلدية المنامة بـ 62 صوتاً، ثم بعده السيد محمد قاسم كانو بـ 32 صوتاً، وكلاهما عن منطقة كانو والفاضل والسوق. وإبراهيم خليل كانو وخليل إبراهيم كانو عن منطقة أبوصرة والنعيم.
محطة 4: بيت كانو وإحدى المشاركات الدولية
هناك وثيقة انجليزية تذكر أكبر تجار البحرين عام 1934، وبها دعوة بيت كانو لحضور معرض الصناعات البريطاني (BIF) في لندن، كُتب فيها اسم الحاج يوسف بن أحمد كانو في مقدمة المدعوين، ومعها دعوة أخرى لخليل بن إبراهيم كانو. وذلك لحضور معارض متتالية: 1935، 1936، 1937، 1938. والطريف أن دعوة دعوة عام 1934 جاءت بهذه العبارة: "من الكولونيل لاخ باليوز دولة بريطانيا في البحرين، إلى حضرة الأكرم الأفخم حميد الشيم المُحب خان صاحب الحاج يوسف بن أحمد كانو سي. آي. إي. إم .بي. إي المحترم". والحروف الأولى تعني (Companion of the Order of the Indian Empire) أو رفيق وسام الإمبراطورية الهندية. أما الـ (M.B.E) فتعني أن يوسف بن أحمد كانو حصل على إحدى منح الإمبراطورية البريطانية. وهو أنه: عضو في وسام الإمبراطورية البريطانية. كما تم دعوة أفراد من العائلة لمعرض التشغيل الميكانيكي عام 1948، ومعرض الهندسة البحرية عام 1949، ومعارض أخرى كثيرة.
أما خليل بن إبراهيم كانو فقد كانت أوراقه التجارية الرسمية عليها هذه العبارة في الثلاثينيات من القرت العشرين (الوكيل لشركة فورد في البحرين ومسقط وعُمان وتوابعها).
محطة 5: عشرة قروش على كل حاج
تمكن يوسف بن أحمد كانو من الحصول على وكيل سفر للحجاج الذين يُبحرون من البحرين إلى جدة على البحر الأحمر، عن طريق وكلات الشحن في البصرة و"بوشهر" ومسقط و"كراتشي". وكانت السلطات العثمانية حينها من باب الضرائب لدعم أعمال الدولة في مكة المكرمة؛ تأخذ عشرة قروش على كل حاج يصل إلى الحجاز.
كانت عائلة كانو، أول التجار الذين حصلوا على توكيلات نفطية في البحرين قبل اكتشاف النِفط بها، والتوكيل كان لشركة النِفط الإنجليزية- الإيرانية (APOC) التي تأسست عام 1909م. وكان كل من الحاج يوسف بن أحمد كانو وكيل لشركة النفط ( آبوك) منذ عام 1913م، وابن عمه الحاج خليل إبراهيم كانو، في مقدمة من دخلوا في هذه التجارة. ومن هذه الشركة جاء "الكاز" أو الكيروسين للطبخ في منازل البحرين، وكذلك وقود السيارات الذي حمل علامة الأسد، منذ مطلع العشرينيات.
محطة 6: بصمات تجارية تاريخية
- أول تجار المنامة الذي أحضر سيارة إلى البحرين واستخدمها الوكيلين (ديكسون) و(ديلي)، في العشرينيات من القرن الماضي؛ ؛ هو أيضاً يوسف بن أحمد كانو في يونيو عام 1920م. كما قام خليل بن إبراهيم كانو في عام 1924 باستيراد شحنة من سيارات (فورد). ثم بدأت عائلة كانو باستيراد سيارات من نوع (ستود أو ستوديو بيكر) إلى البحرين، خلال عام 1928.
وتذكر الوثائق الإنجليزية الخاصة بالبحرين؛ أنه تم التكالب على طلب السيارات الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية من داخل وخارج البحرين، مع عودة المصانع للعمل من جديد بعد الحرب العالمية الثانية؛ فكانت أنواع عام 1948هي السائدة آنذاك، وهذا الأمر يدل على مكانة تجار البحرين في الاستيراد وإعادة التصدير للخليج منذ عام 1947م وعلى رأسهم عائلة كانو.
- ساهمت عائلة كانو في جهود البحث عن آبار الماء الارتوازية، وذلك باستيراد معدات الحفر في ذلك العصر، أي في سنوات العشرينيات من القرن العشرين. وفي دخول عالم استيراد الاسمنت عندما بدأت صناعته عالمياً، ويأتي اسم مُجدد تاريخ شركة يوسف بن أحمد كانو، وهو الحاج جاسم محمد كانو، الذي طور أعماله بشكل مربح في عالم استيراد الاسمنت إلى البحرين لعدم وجود مصانع بها في منتصف القرن العشرين. ثم قام علي محمد كانو بتوسيع أعمال الشركة لتشتمل على مجالات السفر والآلات والنفط والغاز والطاقة والمشاريع الصناعية، بالإضافة إلى خدمات البريد السريع والخدمات اللوجستية والمراكز التجارية والكيميائية المتخصصة. وكذلك كان عبد العزيز بن جاسم كانو من ابرز الوجوه الاقتصادية في العائلة.
- من منا لا يتذكر هذا الاسم جيداً "وكالة كانو للسفريات". ففي عام 1937 تأسست شركة (كانو للسفريات)، وأصبحت في عام 1947 أول وكالة سفر خليجية تحصل على اعتماد اتحاد النقل الجوي الدولي.
- حتى عام 1949، أي في غضون حوالى 50 سنة فقط، أصبحت عائلة كانو في البحرين والخليج لديها 22 توكيل من خطوط شحن بحري دولية، ووكالة ست خطوط طيران، بخلاف بقية الأعمال.
وختاماً بعد هذا المرور السريع على جزء من مفاصل تاريخ عائلة كانو ومشاريعها وانجازاتها؛ ندوّن هذه السطور عن العائلة وأفرادها:
- تعاضد العائلة في العمل التجاري، ومواجهة التحديات الاقتصادية الكبرى بنجاح.
- وجود عدة أجيال متنوعة في العائلة تملك التجديد والتطور الدائم في مجال الاهتمامات الثقافية والتربوية والاجتماعية، خارج نطاق العمل الاقتصادي.
- ارتباط العائلة ومعظم أفرادها بالدراسات الجامعية الأكاديمية العليا.
- متابعة النهضة الصناعية والإدارية والتقنية التي شهدتها المنطقة الخليجية والعالم من حولنا ومحاولة اللحاق بكل جديد فيها.