أمام المستثمر "فرص عديدة" في كل العالم.. وليس مضطرا للمجازفة بأمواله في دول تفتقد العدالة!!
قال المصرفي خالد جناحي أن التطبيق الصحيح للمنظومة القضائية هو أحد أهم المؤشرات التي تجذب الاستثمارات الأجنبية جنبا إلى جنب مع معايير تنافسية السوق والعدالة في تطبيق القوانين والإجراءات على المستثمرين، مشيرا في هذا الصدد إلى أن طمأنة المستثمر بوجود حلول وأحكام قضائية عادلة اذا ما حدث خلاف بينه وبين أي طرف في المنظومة هو أمر في صلب عملية "الجذب الاستثماري"، مؤكداً أن مفهوم "التنافسية" من وجهة نظره يعني بشكل واضح وصريح مفهوم "المساواة في العدالة".
وأضاف الخبير المصرفي والرئيس التنفيذي السابق للعديد من البنوك أن أهم نقاط الجذب لأي بلد من قبل المستثمرين هي سهولة التعامل مع أهالي هذا البلد، حرية تنقل رؤوس الأموال دون قيود، وجود منظومة تقنية معلومات كافية للعمل بشكل إيجابي وفعال داخل البلد، وجود مطار حديث ومتطور، ومنظومة عقارية ملائمة ومتكاملة ، لكن الأهم من كل هذا وذاك هو وجود "نظام قضائي عادل ومنجز" .
وأردف جناحي قائلا " في زمننا هذا المستثمر قلق وحريص على أمواله، الفرص أمامه عديدة ومتنوعة، كل دول العالم ترغبه وتبحث عنه، وهو ليس مضطر بالمرة بأن "يجازف" بأمواله لذلك فإن فكرة "تحقق العدالة" ووجود نظام قضائي ذو سمعة نزيهة في حال التخاصصم أو الاختلاف بين الشركاء أو مع الدولة ذاتها يأتي على أولويات الاختيار عند المقارنة بين الفرص الاستثمارية والأخرى".
حكاية القضاء النزيه والاستثمار ..
وضرب جناحي مثلا بأن أحد المستثمرين "في دولة ما" كسب قضية في خلاف مع أطراف اخرى في الدرجة الأولى ثم استأنف هؤلاء الأطراف وخسروا الاستئناف أيضا، وعندما ذهبت القضية إلى التمييز كمرحلة أخيرة للتقاضي، خسر "المستثمر الشاكي" القضية بسبب رسالة "مجردة" دون أي أدلة تثبت صحة مضمونها وفحواها من فرع مكتب محاماة أجنبي تشير إلى أن (المدعي) في القضية - الذي كسبها في درجتين تقاضي في نفس الدولة - يعتبر مساهما في نفس الشركة، وبناء على هذه الرسالة حكمت محكمة التمييز في "الدولة ما" لغير صالحه، دون الاخذ في الاعتبار بمدى مصداقية تلك الرسالة من عدمه، حتى أن محكمة التمييز وهي أعلى درجات التقاضي لم تكلف نفسها عبء الاستفسار عن أدلة تؤكد ما جاء في مضمون رسالة مكتب المحاماة الأجنبي!!! ولا حتى أرسلت في طلب قائمة بأسماء حملة الأسهم والمستثمرين قبل أن تتخذ قرارا يهدم حكمين سابقين من قضاة أجلاء في "جرة قلم"، هذه النوعية من الأحكام مثل تلك التي ذكرتها في "الدولة ما" لا تجذب استثمارا ولا مستثمرين، بل تجذب أصنافا أخرى من البشر لا ترقى للعمل التجاري والاستثماري الصحيح، بل لأعمال أخرى لا ترقى لمجرد الذكر.
وتابع جناحي قائلا "الطريف أنه بعد مرور عامين كاملين من البحث في سجلات الشركات ثبت في "الدولة ما" التي مسجلة فيها الشركة محل النزاع أن المدعي ليس بمساهم لا من قريب أو بعيد، بما يعني ان الرسالة التي حكمت بها محكمة التمييز كانت غير صحيحة جملة وتفصيلا، بل وضللت العدالة!!، وهذا يعني أن هناك نقطة ضعف واضحة في بعض إجراءات التقاضي في مثل هذه النوعية من الدول، التي اعتمدت أعلى محكمة فيها على "رسالة مجهولة" من "مكتب أجنبي" ثبت لاحقا كذبها وافترائها !!".
أما الأكثر طرافة وكوميديا "لكنها كوميديا سوداء طبعا" أن المستثمر في "الدولة ما" جمع كل ما في مقدوره من أدلة "رسمية" وبراهين "معتمدة" من جهات حكومية تثبت أنه ليس مستثمرا ولا شريكا ولا حاملا لأسهم في هذه الشركة محل النزاع، وتقدم بها جميعا للنيابة العامة شاكيا لاسترداد حقوقه إداريا والطعن في المكتب الأجنبي "جنائيا"، لكن القضية لم تتحرك قيد أنملة
محاور الرؤية الاقتصادية ..
وقال جناحي مردفا "في البحرين الرؤية الاقتصادية 2030 تعتمد على ثلاث محاور الأول منها هو الاستدامة، ويصب التوجه بحلول عام 2030، لتحقيق الاستدامة في القطاع الخاص الذي يتعين عليه أن يكون قادراً على إدارة النشاط الاقتصادي بشكل يضمن استدامة الازدهار، وتعتمد رؤية البحرين الاقتصادية على تثبيت ازدهار المملكة على أسس صلبة، عبر اتباع سياسة التمويل الحكومي لتحقيق مبدأ الاستدامة الذي تقوم عليه التطلعات المستقبلية، وستقوم البحرين باستخدام مواردها في المستقبل لتطوير رأس المال البشري، التعليم والتدريب، وعلى الأخص في مجالات العلوم التطبيقية، وتشجيع الريادة والابتكار لتأمين الاستدامة لقطاع خاص مزدهر، في عالم تؤدي فيه التقنيات الحديثة وزيادة المنافسة على الإنتاج إلى تقصير عمر المنتج، ويسهم الابتكار في النجاح المتواصل للاقتصاد، غير أن النمو الاقتصادي يجب ألا يتحقق على حساب البيئة وسلامة المواطنين على المدى الطويل، مما يستوجب بذل الجهد في سبيل حماية البيئة وحفظ التراث الثقافي".
العنصر الثاني.. التنافسية ..
وأضاف الخبير المصرفي خالد جناحي قائلا "العنصر الثاني هو التنافسية، ومضمونه أن تحقق البحرين قدرة تنافسية عالية في الاقتصاد العالمي، وتحقق زيادة الإنتاجية بشكل طبيعي أكثر في ظل مناخ تنافسي يدفع عجلة التنمية الاقتصادية، ويضاعف الأرباح، ويرفع مستويات الأجور، فالمعدل المرتفع للإنتاجية يجعل السلع والخدمات أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمي، وتحقق دخلاً أكبر، مما يملي على الشركات تقديم أفضل الخدمات، والبحث الدائم عن أفضل الطرق للإنتاج. ومن أجل زيادة الإنتاجية، تتجلى الحاجة إلى مواطنين يمتلكون المهارات والإمكانيات المناسبة لكل وظيفة يعملون فيها، ولذلك لابد من السعي للحفاظ على العاملين المهرة، بالإضافة إلى تطوير وإعادة تدريب القوى العاملة البحرينية، ودعمها بالمهارات الأجنبية اللازمة.
وتابع قائلا "تضافرت عوامل كثيرة للشركات المحلية والأجنبية على حد سواء، منها الخدمات الحكومية ذات النوعية العالية والبنية التحتية المتطورة والمناخ الاستثماري الجذاب، لتكون عناصر أساسية وحيوية تحولت بفضلها المملكة إلى مكان متميز لممارسة الأنشطة الاقتصادية، وبلد جذاب للصناعات والخدمات ذات القيمة المضافة العالية التي تستهدفها المملكة".
المحور الأخير.. العدالة ..
وتابع السيد جناحي قائلا "سيؤثر النجاح الاقتصادي المستقبلي للمملكة على المجتمع بشكل أوسع، ويؤدي إلى إيجاد قاعدة عريضة للازدهار، إيماناً بأن كل فرد يستطيع أن يقدم إسهاما قيماً للمجتمع إذا توافرت له الوسائل وأتيحت له الفرصة المناسبة. ولتحفيز وتعزيز العدالة، يلتزم القطاعان العام والخاص بالشفافية، وتوفير أجواء التنافس الحر العادل في كافة المعاملات، سواء أكان ذلك مرتبطا بالتوظيف أم بمزاد عام لبيع أراض أو ترسية مناقصة، ويكمن دور الحكومة في توفير الإطار القانوني والتنظيمي الذي يضمن حماية المستهلكين والمعاملة العادلة لأصحاب الأعمال بمن فيهم المستثمرون الأجانب، وتطبق المملكة العدالة في المجتمع عبر معاملة الجميع بالتساوي بموجب القانون وتطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان وإعطاء الفرصة المتكافئة للحصول على التعليم، والرعاية الصحية، وتقديم الدعم للمحتاجين من خلال توفير التدريب المناسب على الوظائف وتوفير الضمان الاجتماعي".
واعتقد أن هذه المحاور الثلاث لو تحققت فعلا سيكون للبحرين شأن آخر بحلول العام 2030م.