انخفاض البطالة وزيادة الناتج القومي السعودي وتنويع مصادر الدخل وتمكين الشباب اهم الإنجازات للرؤية السعودية
بدأ رجل الاعمال الدكتور عبد اللطيف الخاجة ندوته التي بعنوان " رؤية المملكة السعودية 2030 واثرها على الاقتصاد والثقافة والوضع الاجتماعي " في مجلس بن رجب مساء امس ، بالقول بان راعي الرؤية هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ومنفذه صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان مدعومين بفريق شاب مؤهل عمر أكبرهم 43 سنة
الملك سلمان ليس ليس كبقية ملوك ومعظم أمراء السعودية من جيله وعمره ، فهو جليس نخبة من المثقفين والمبدعين العرب والخليجيين بصفته مالكاً لأكبر دار صحافة ونشر في الوطن العربي مما أضاف لشخصه التنوع وقبول الآخر بشكل أكبر عن أسلافه وبعداً أعمق للسلوك الإجتماعي ومفهوماً مختلفا عن تميز الفرد (الإنسان).
قصة الرؤية وفلسفتها:
أول يوم جلس الأمير محمد بن سلمان على كرسي إتخاذ القرار إجتمع مع مساعديه وطلب منهم تزويده بأربعة تقارير خلال 30 يوما من تاريخه :
أولا : الخصائص الديموغرافية للسكان في المملكة العربية السعوية ثانيا : نظرة العالم وإحترام الدول للسياسة الخارجية السعودية ولماذا يشعر الحكام السعوديون بأنهم محاصرون
ثالثا : التحديات الإقتصادية التي تواجه السعودية
رابعا : التنمية المستدامة وأهدافه
والهدف من تقديم هذه التقارير هو رصد بيانات حديثة من خلال جمع معلومات مدعمة بإحصائيات متنوعة وحقائق عن الوضع في المملكة بهدف تحقيق فهم أفضل يستفيد منها صانع القرار في مختلف مناحي وأرجاء الدولة
في الموعد أي يعد 30 يوماً إجتمع الفريق بحضور ولي العهد لإطلاع سموه على الدراسة ومناقشة المخرجات وإتخاذ القرار المناسب لكل حالة ...
فوجد بأن المملكة تجلس على بركان أو قنبلة مع إحتمالية الفوران أو الإنفجار في أية لحظة فالشباب في التركيبة السكانية يشكلون 63% نسبة البطالة بين هذه الفئة 17.3% في الدولة الأهم والأكبر تصديراً لخام النفط ؛ وأشار التقرير يقيناً بأنه حسب الموروث الإجتماعي في القبيلة الزواج المبكر أصبح الحل للفراغ والبطالة مما يشرع للمزيد في خلل التركيبة السكانية مما له أثرًا سلبيًا على قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة وتطوير الخدمات المقدمة للمواطن .
ثم عرج التقرير إلى نظرة بعض الدول للسياسة الخارجية تجاه السعودية وشعور السعوديون بأنهم محاصرون .. فلو ركزنا على تحركات الحزب الديمقراطي في المنطقة العربية وتعليقات المرشح الجمهوري دونالد ترامب المهينة للسعودية وقيادتها ورموزها إبان حملته الإنتخابية مدى عدم الإحترام وعدم الإكتراث للحليف الأهم للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بعد إسرائيل... موجة الحملات والتشكيك أصبح يهدد الوجود الخليجي الموالي أساساً للغرب ... إستثبت المجتمعون ومنهم إستراتجيون بأن دولارات البترول والدعم غير فعالة لدرء المخاطر .. وأُستُخلص أيضاً بأن المملكة العربية السعودية تعاني من مشاكل وتحديات عديدة في ظل انعدام إستراتيجية وطنية واضحة وتردي الأوضاع الاقتصادية مثل انتشار البطالة وغيرها من جراء عدم إستقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية .....بعد الإستماع ومناقشة مخرجات التقارير ... في الآن ... أي حالاً .. أُلزم المعنيون توجيهاً وحكماً بتقوية الإقتصاد عماداً للمواطن ودعماً للسياسة وفرض الإحترام لسيادة الدولة وهيبته ..
من هنا ومن ذات القاعة تبلورت فكرة صياغة وتنفيذ خطة تنمية إستراتيجية عشرية مقسمة إلى حزمتين من خمس سنوات، أساسه أن السعودية جزء من هذا العالم، تعيش مشاكله وتحدياته وتشترك في مواجهته وتحمل مسئولياته .. والمشاركة في وضع الحلول لتلك التحديات .. ومن ذلك .. قضايا البيئة وتعزيز التنمية المستدامة .. وعليه تم إنشاء نظام حوكمة متكامل يتألف من عدد من البنى المؤسسية التي تشمل مجموعة
تضم الأطراف الفاعلة من القطاعين العام والخاص والجمعيات والمؤسسات الأهلية واعتماد الخطة العشرية كمرجعية للقرارات المهمة التي تُتخذ للتأكد من مواءمة المشاريع المستقبلية مع ما تضمنته محاور الخطة .. ولأن الخطة العشرية ليس مقدساً أو دستوراً .. قبل إعلانه رسمياً تغير إلى رؤية أشمل وطموح مثل عمق الأفق وسميت بــ الرؤية 2030 .. حيث حددت ووضعت حجر الأساس بتحديد ثلاث محاور رئيسية تتفرع الى 96 هدف إستراتيجي يتم تحقيقها عن طريق برامج الرؤية .. المحاور الرئيسية هي:
مجتمع حيوي .. هذا المحور يُعدّ للوصول إلى مجتمع يعيش فيه كل مواطن حياة سعيدة ومُرضية يوفر التعليم والرعاية الصحية بمستوى عالمي. إلى جانب ذلك، تشجع الرؤية المواطنين بأن يعتزوا بهويتهم الوطنية وتراثهم الثقافي، وفق منهج الوسطية والاعتدال.
إقتصاد مزدهر .. ويطمح لتوفير الفرص للجميع من خلال بناء نظام تعليمي منسجم مع احتياجات السوق، ويجهّز الشباب من الجنسين بالمهارات اللازمة لوظائف المستقبل، إلى جانب توفير فرص اقتصادية لرواد الأعمال والمشاريع الصغيرة بالإضافة إلى الشركات الكبيرة.
وطن طموح ... بحيث يسعى لتطبيق مبادئ الكفاءة والمساءلة على جميع المستويات من أجل تحقيق الرؤية، بما في ذلك بناء حكومة فاعلة وشفافة وخاضعة للمساءلة وعالية الأداء تضمن التمكين للجميع (فكرة الأمير محمد الذاتية وطلب شخصياً إضافته لأهداف الرؤية) و عندما عُرضت خطط الرؤية على خادم الحرمين لمباركته طلب أن يكون الهدف الأول للرؤية أن تكون السعودية نموذجا ناجحاً رائدأ في العالم على كافة الأصعدة، وتسخير كل مقومات الدولة لذلك
رؤية بهذا الزخم والعمق والطرح حتماً يواجهه تصدي من المتضرر ومن هنا كان لا بد من مجموعة قرارات صعبة وشجاعة وحزم للبدء في خطوات التنفيذ .. أولها محاربة الفساد بكل اشكاله وألوانه (الوزراء الأمراء والمتنفذين) والتصدي لمن كان عائقاً لعقود لكل محاولة للتطور ومن أوجد الأرض الخصبة لنشأة وزرع الفساد (الشرطة الدينية التكفيريين هيئة المعروف والنهي عن المنكر) ورأيتم وسمعتم ماذا حصل ورد الفعل الإقليمي والعالمي
رؤية بهذا الزخم والعمق بحاجة الى عنوان وأيقونة ..
العنوان هو: بناء وطن مزدهر يجد فيه المواطن كل مايتمناه
والأيقونه هي: نيوم مدينة عملاقة شمال غرب المملكة يقوده صندوق الاستثمارات العامة السعودي بهدف جعل نيوم مركزا للابتكار والتكنولوجيا لجذب الاستثمارات والمواهب من جميع أنحاء العالم، بالإضافة الى مدينة ذا لاين وهي المدينة السكنية الرئيسية في نيوم الذي يعتبر جزءاً أساسياً في خطة التحول الوطني للمملكة لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط
الرؤية وماذا يحدث الآن:
منذ إنطلاق برنامج الرؤية مجموع المشاريع الجاري العمل فيها 2.8 تريليون دولار.
وهناك مشاريع قيد الترسية بقيمة 1.1 تريليون دولار بالإضافة الى عدد من مشاريع قيد الدراسة والتحليل (ما عدا مشاريع القطاع الخاص) ..
الرؤية ماذا تحقق لتاريخه :
الحد من الفساد .. الرقابة الصارمة على المال العام .. سعودة الكثير من الوظائف بحكم القانون. إزالة الفوارق وإدماج المرأة في سوق العمل فأصبحت المرأة السعودية اليوم رائدة فضاء، سائقة، قطارات، قبطان طائرة ومساعدة ربان سفن الإرشاد .. إلخ مما أضاف للإقتصاد من خلال تجارة التجزئة بما يعادل 41 مليار ريال .. التحسن الملحوظ في الشأن الإجتماعي والنظرة الى السعودي من إتكالي الى مشارك في التنمية .. إنخفاض البطالة من 17.3 % الى 6.4% ... زيادة غير مسبوقة في الناتج القومي والدخل العام بالرغم من سعر النفط المتدني وتخفيض الإنتاج الى أقل من 8 مليون برميل في اليوم بدل 10.7 مليون برميل وأصبحت السعودية الإقتصاد رقم 15 في العالم وعضواً في مجموعة العشرين والمستهدف رقم 12
بحلول عام 2026 .. التواجد السعودي المميز والمؤثر في المحافل الدولية .. الإنفتاح على الثقافات الأخرى والمرونة المحسوسة الواضحة في الإجراءات الحكومية (تأشيرات + السجل وغيره) والكلام يطول ..
التنمية والتطور لم تعد مقصورة على العقار ومشاريع النفط والغاز وإنما باتت تلامس كل جانب من جوانب الحياة (ترون ما يحدث في الشأن الرياضي والترفيه الذي كان خطاً أحمر والسياحة والتسويق للمملكة في الخارج .. الحج)
تأثير الرؤية على الإقليم وخاصة البحرين
لا يُمكن حصر ما ستؤول إليه التعبئة العامة التي تحصل اليوم في المملكة العربية السعودية لتنفيذ خارطة طريق لرؤية 2030 بنطاق حدود الدولة ... إنما ستكون تداعياتها وارتداداتها من الصين شرقاً إلى الولايات المتحدة غرباً .. وكلنا نعي بأن كل برميل نفط يخرج من باطن الأرض لا يمكن تعويضه .. وإننا نتجه الى نهاية عهد الدولة الريعية .. فعصر الإقتصاد الذي يعتمد بشكل أساسي على الإنفاق الحكومي لإدارة عجلته في الإنتاج والاستهلاك سواء بالنسبة للقطاع العام أو بالنسبة للقطاع الخاص يجب أن يغادر دفاترنا وخططنا المستقبلية... للأسف في دولنا الخليجية الكل بلا استثناء عينه على ميزانية الدولة .. والكل يشرب من هذا الينبوع الحكومي بشكل مباشر أو غير مباشر .. وهذا الينبوع مصدره بئر بترول ستجف يوماً .. البحرين سيكون لها الأفضلية والسبق إن إتخذت القرار ليكون لها دور ونصيب في ديمومة التنمية السعودية فـ للبحرين معنىً خاصاً في إستراتيجية القرار السعودي ..
الخاتمة
الدولة التي تعبر من استراتيجية إلى أخرى تكون عرضة لتحديات كبيرة... فكيف بدولة بنت نفسها على استراتيجية الاقتصاد النفطي، أغدقت عيش الناس ورفعت مستوى معيشتهم وبنت المدن .. والطرقات والبنى التحتية المتقدمة .. وفتحت أبوابها للعاملين القادمين من الخارج .. لتنتقل إلى الاعتماد على الاقتصاد اللا نفطي .. هذه ليست فلسفة حدسية وإنما تحدي له حساباته .. فالأمل ليس إستراتيجية عند صاحب القرار في السعودية .. وإنما التحول المبني على مبادىء وقواعد راسخة.. سخرت مواردها وأهدافها للوصول للقمة .. للهدف .. للطموح.. والمحافظة عليها ... النجاح قرار وإرادة وتغيير وإلتزام ..