قراءة في الحق في الانتخاب والترشيح لمجلس النواب في قانون مباشرة الحقوق السياسية
هاشم : مطالب نواب الشعب في برلمان 1973 سرعت من حله بعد تقديم مطالب مرتفعة السقف مثل اغلاق القاعدة الامريكية
"عبر العامة من المواطنين عن استياءهم من إداء مجلس النواب أو المجلس الوطني بغرفتيه وعلى وجه الخصوص في فصله التشريعي الخامس المنصرم خاصة الفئات الشعبية ذات الدخل المحدود التي تضررت بموافقة المجلسين على فرض الضريبة وزيادة نسبتها وما ترتب على ذلك من غلاء، فضلا عن موافقة المجلسين على تعديلات الحكومة لقانون التأمين الاجتماعي، وقد وصل بالكثير بالمواطنين إلى القول بأن المجلس المنتخب أصبح عاجزاً مكبلا غير قادر على القيام بدوره التشريعي والرقابي، بل يدعو إلى حله وتوزيع مكافأة أعضاءه على للمال العام؟ " بهذه الجملة بدأ المحامي حسن اسماعيل الندوة التي نظمتها جمعية المحامي بنادي العروبة امس .
يتسائل ما هو سبب هذا العجز الذي لحق بمجلس النواب، هل يعود إلى عوار في النظام الانتخابي ومن بينها قانون مباشرة الحقوق السياسية بما نص عليه من شروط أو معايير التي تحدد أهلية المرشح لمجلس النواب؟ أم يعود إلى القيود التي وضعت على اختصاصات مجلس النواب في وسائل الرقابة البرلمانية وفي إصدار التشريعات اللازمة لتحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين في العمل والصحة والتعليم والسكن والتأمين الاجتماعي؟
وقال اصدر عاهل البلاد مرسوم قانون مباشرة الحقوق السياسية ينظم عمليتي الاستفتاء وانتخاب أعضاء مجلس النواب. ويتكون قانون مباشرة الحقوق السياسية من سبعة وثلاثين مادة، موزعه على خمسة فصول، تناولت تباعاً الحقوق السياسية ومباشرتها، وجداول الناخبين، وتنظيم عمليتي الاستفتاء والانتخاب، وجرائم الاستفتاء والانتخاب، وأحكام ختامية.
القانون لا ينظم ولا ينص على الحق السياسي في الترشيح لمجلس النواب بل يتعلق فقط بالحق السياسي في انتخاب أعضاء مجلس النواب، والحق السياسي في إبداء الرأي في كل استفتاء يجرى طبقاً لأحكام الدستور.
وشرح اسماعيل التعديلات الخمسة على هذا القانون منذ صدوره 2002 الاول عام 2006 ، عندما عدلت المادة من (يحرم من مباشرة الحقوق السياسية المحكوم عليه في جناية أو جنحة بعقوبة سالبة للحرية أثناء تنفيذه للعقوبة المحكوم بها).
الى من يحرم من مباشرة حق الانتخاب كل من :
1. المحكوم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة حتى يرد إليه اعتباره.
2. المحكوم عليه بالحبس في إحدى الجرائم الانتخابية المنصوص عليها في هذا القانون، وذلك ما لم يكن الحكم موقوفاً تنفيذه أو كان المحكوم عليه قد ردَّ إليه اعتباره.
ومنع من الترشيح لمجلس النواب في الفقرة الثانية كل من:
1. المحكوم عليه بعقوبة جناية حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص عن العقوبة أو ردَّ إليه اعتباره.
2. المحكوم عليه بعقوبة الحبس في الجرائم العمدية لمدة تزيد على ستة أشهر حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص عن العقوبة، وذلك لمدة عشر سنوات تبدأ من اليوم التالي لتاريخ تنفيذ العقوبة أو سقوطها أو من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم نهائياً إذا كان مشمولاً بوقف التنفيذ.
والتعديل الاخير في هذا الجانب في2018 اضيف بندين لنفس المادة وهي
1. قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلَّة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أيِّ قانون من قوانينها.
2. كل مَن تعمَّد الإضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية، وذلك بإنهاء أو ترْك العمل النيابي بالمجلس، أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب."
وقال ان هذه التعديلات غير دستورية ، وسرد عشرة اسباب لذلك :
أولاً: ما كان يجب على المشرع أن يضع قيوداً أو شروطاً على الحق في الترشيح لمجلس النواب في قانون مباشرة الحقوق السياسية لأنه كما سبق أن هذا القانون قد نظم وحدد حصرا الحقوق السياسية في ابداء الرأي في الاستفتاء وفي انتخاب أعضاء مجلس النواب وليس من بينها الحق في الترشيح لمجلس النواب .
ثانياً: أن التعديلات التي أجراها المشرع قد قيدت حق المواطنين في الانتخاب والترشيح واضعفت هذا الحق ونالت منه ،والتي حرمت جُمُوعا من المواطنين من ممارسة حقوقهم السياسية وفرقت فيما بين المواطنين في هذه الممارسة ؛ فمست هذه التعديلات بحقهم في المساواة .
ثالثاً: من غير المعقول ومن غير المقبول من منظور دستوري وقانوني ومواثيق دولية وحقوق انسان وحقوق المواطنة أن ينص هذا التعديل على حرمان المحكوم عليه في جناية وأن رد إليه الاعتبار أو حصل على عفو خاص أو المحكوم عليه بعقوبة الحبس في الجرائم العمْدية لمدة تزيد على ستة أشهر من حق الترشيح لمجلس النواب حتى وأن حصل على عفو خاص، أو حرمان قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلَّة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أيِّ قانون من قوانينها.
أوكل مَن تعمَّد الإضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية، وذلك بإنهاء أو ترْك العمل النيابي بالمجلس، أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب."
فهذا الحرمان يمتد إلى النيل من حقوق المواطنة، إذ يلاحق المواطن طوال حياته حتى وأن رد إليه اعتبار، أو حصل على عفو خاص، فلا يفتك منها إلا بوفاته، كما أن هذا القيد يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة ومع المعايير الدولية والاثار المترتبة على رد الاعتبار والعفو الخاص من العقوبة!! كل ذلك سنشير إليه بشيء من التفصيل كما يلي كما يلي:
وللأسف امتد أثر هذه التعديلات إلى قانون الجمعيات الأهلية بحيث منعت كل قيادي أو عضو كان في الجمعيات السياسية المنحلة من أن يكون عضوا في مجلس إدارات الجمعيات النسائية والخيرية والحقوقية بما فيها جمعية المحامين وكذلك الأندية الرياضية والثقافية إذ اشترط القانون أن يكون متمتعاً بكافة حقوقه السياسية رغم أن هذه الجمعيات هي مدنية وحظر القانون عليها الاشتغال بالسياسية.
رابعاً: ومن الناحية القانونية: في العفو الخاص
أن التعديل الذي اجراه المشرع على قانون مباشرة الحقوق السياسية بحرمان المواطن المحكوم عليه بعقوبة جناية أو المحكوم عليه بعقوبة الحبس في الجرائم العمْدية لمدة تزيد على ستة أشهر من الترشح لمجلس النواب حتى وأن حصل على عفو خاص إلى الابد لا ينسجم ولا يتفق مع احكام قانون العقوبات.
لاسيما أن الحرمان من هذا الحق ليس ابديا لا نهاية له بل ينتهي بانتهاء تنفيذ العقوبة أو انقضائها بأي سبب آخر، وقد نص قانون العقوبات بوضوح في المادة – 91 – على أن سقوط العقوبة بالعفو الخاص يعتبر في حكم تنفيذها.
خامساً: في رد الاعتبار:
(يترتب على رد الاعتبار محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة إلى المستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية)
فكيف يكون جائزا ومقبولا التعديل الذي اجراه المشرع العادي على قانون مباشرة الحقوق السياسية بحرمان المواطن المحكوم عليه بعقوبة جناية من الترشح لمجلس النواب حتى وأن رد إليه اعتباره إلى الابد.
سادساً: لعل من ابرز ما يعيب التعديلات التي أجراها المشرع العادي عام 2018 على المادة الثالثة بحرمان ومنع قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلَّة من الترشح لمجلس النواب، لكنه في ذات الوقت يجيز لهم الحق في الانتخاب والمشاركة في العملية الانتخابية، وهو ما يتعارض مع ما هو مقرر في الفقه والقضاء الدستوري على أن حقي الانتخاب و الترشيح هما حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما و لا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا ما هما أفرغا من المضمون الذي يكفل ممارستها ممارسة جدية و فعالة ، ومن ثم كان هذان الحقان لازمين لزوماً حتمياً لإعمال الديمقراطية في محتواها المقرر دستورياً و لضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية و معبرة تعبيراً صادقاً عنها.
سابعاً: أن هذه التعديلات تخلط ما بين الجمعية السياسية التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وما بين قيادات وأعضاءه الجمعية اللذين لهم شخصيتهم الطبيعية المستقلة عن الجمعية التي ينتمون إليها. بل وتعتدي على ما نص عليه الدستور في المادة 20 الفقرة ب- بأن العقوبة شخصية. ، بمعنى أنها لا تلحق إلا شخص الجاني، ولا تنال أحداً غيره.
فالحك الصادر في مواجهة جمعية وعد فقد قضى بعقوبة حل الجمعية وإعادة أموالها إلى خزينة الدولة بصفتها الاعتبارية استنادا لما سماه الحكم مخالفات جسيمة لقانون الجمعيات السياسية ، ولم يقضي الحكم ولم يشتمل مطلقا على أية عقوبة ضد أي من قيادة واعضاء الجمعية.
هنا التأكيد على أنه لا يجوز حرمان احد من حق الترشيح لمجلس النواب دون عقوبة تصدر في مواجهته هو شخصيا، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها. حسب نص المادة (20) البند أ من الدستور، أن حرمان قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة بحكم نهائي من الترشح لمجلس النواب لا يشكل فقط خرقا لمبدأ شخصية العقوبة الذي نص عليه، بل أن الأخذ به يعني امتداد عقاب حل الجمعية إلى أولئك الاعضاء الذين لا شأن لهم به. ويعد ذلك عزلا بسبب الرأي السياسي.
ثامناً: أما بالنسبة للقيد الذي يمنع من حق الترشيح لمجلس النواب (كل من تعمد الأضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية وذلك بإنهاء أو ترك العمل النيابي بالمجلس أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب) فلم نجد في قانون العقوبات وتعديلاته أو في أي قانون أخر جريمة أو عقوبة على من تعمد الأضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية وذلك بإنهاء أو ترك العمل النيابي بالمجلس، والمقرر في الدستور وفي الفقه الجنائي بأنه (لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون.
و إذا افترضا وجود جريمة بتعمد الأضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية فأن هذا يسلب سلطة القضاء الذي يختص بالحكم بوجودها ويفرض العقاب على من يرتكبها .. والدستور اعطى النائب حق الاستقالة من عضوية مجلس النوب في المادة 63 والمادة 59 .
فضلا عن ذلك فان النص حين أشتمل على عبارة (كل من تعمد) جاء مطاطاً يتصف بالعمومية لدرجة تجعله واجب التطبيق على كل مواطن فشابه عيب في الصياغة القانونية.
تاسعاً: أما بالنسبة لمنع من أسقطت عضويته من المجلس من الترشيح لمجلس النواب فانه يكفينا القول بانه يتعارض بصورة واضحة مع ما نصت عليه المادة ( 57 الفقرة د) من الدستور التي اشترطت في عضو مجلس النواب ( ألا تكون عضويته بمجلس الشورى أو مجلس النواب قد أُسقطت بقرار من المجلس الذي ينتمي إليه بسبب فقد الثقة والاعتبار أو بسبب الإخلال بواجبات العضوية ) .
ومع ذلك أجازت له الترشيح إذا انقضى الفصل التشريعي الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية، أو صدر قرار من المجلس الذي كان عضوا فيه بإلغاء الأثر المانع من الترشيح المترتب على إسقاط العضوية بعد انقضاء دور الانعقاد الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية.
عاشراً: أن النظام الانتخابي وخاصة تقسيم وتحديد دوائر الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب هو الذي اسقط الكفاءات أو جعلها تمتنع عن المشاركة في التجربة البرلمانية، كفاءات وطنية تجمع بين القانون والسياسية ، تجمع بين السياسية والاقتصاد ، تجمع بين السياسية والثقافة، يعج بها مجتمع البحرين يشهد بها الداني والقاصي داخل وخارج البحرين .
هذا النظام الانتخابي جعل من الإقامة العادية سيفا مسلطاً على الكثير من المترشحين أصحاب الكفاءة وجعل من الشرطة رقبياً على المرشح لمعرفة أين ينام في مسقط رأسه أم في مكان أقامته العادية.
هذا النظام الانتخابي الذي يقسم مناطق البحرين إلى أربعين دائرة انتخابية ساهم إلى حد كبير وعزز من دور العلاقات الاسرية والطائفية في اختيار المرشح.كل ذلك جاء بالمخالفة لإحكام الدستور .
خلاصة القول إن أي شروط أو قيود تم وضعها أوسيتم وضعها تتجاوز الشروط التي وضعها الدستور لحق الترشيح لمجلس النواب، لا تنال فقط من مبدأ السيادة الشعبية والاقتراع العام ومن حقوق المواطنة التي نص عليها الدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية بل ينال من مصداقية ونزاهة العملية الانتخابية، ويحد من المشاركة فيها.
من جانبه سرد المحامي عبد الله هاشم تاريخ التشريع الدستوري في البحرين بدءا من الاستقلال حتى اخر تعديل هذا العام موضحا العديد من المراسيم التي اصدرت في تلك الفترة لاسيما .
وقال ، بعد فراغ دستور دام 27 عاما ، تدار البحرين بمراسيم غير دستورية رغم انها باسم الدستور ، وبعد تسنم السلطة الى عاهل البلاد في 1999 ، جاء التعديل الدستوري ، الذي وضع نقلة نوعية على القوانين والتشريعات اولها منح المرأة الحقوق السياسية ، ونظام المجلسين ، بعد عودة الحياة البرلمانية وسن عدد من القوانين في مجال الحقوق السياسية ،واعتبر تلك التعديلات جوهرية ترتقي بان يكون دستور جديد منحة بدلا من الدستور العقدي لعام 1973 .
وانتقد هاشم دور نواب المعارضة في البرلمان عام 1973 ، القادمين من حركات سياسية سرية ( كتلة الشعب ) وقدموا مطالب خلافية فوق السقف المسموح به مثل اغلاقا القاعدة الامريكية وراتب الامير ، جعلت من عمر المجلس قصير ( كان عليها تجنب الصدام ).
مؤكدا بان التعديلات على قانون الحقوق السياسية لها جذور سياسية اكثر منها قانونية ،،، ونحن نبحث في مكان اخر .