DELMON POST LOGO

تأبين جواد العكري بنادي العروبة .. ترك وراءه سمعه طيبه واثارا واضحه في قريته ووطنه في اوساط واهله وجيرانه واصدقائه وابناء شعبه

 عرفت البحرين منذ ما قبل التاريخ ملجأ آمنا للمضطهدين والمطاردين والفارين خوفا على أرواحهم وأديانهم وأفكارهم وعقائدهم فلماذا تضيق وهي الجنة المفتوحة على الفضاءات بأبنائها؟

وقد بدأ برنامج الحفل بعرض فلم وثائقي عن المرحوم ، ومن ثم مقطوعة مسيفية عزفها الفنان احمد الغانم ، ومن ثم بدأت الكلمات التي بدأت بكلمة العائلة لاخيه عبد النبي العكري قال " كما يعرف الجميع فان حياه المرحوم جواد هي مسيرة كفاح في سبيل العلم والعمل والجمع بينهما احيانا .هو من اوائل الرواد من  ابناء قريه الديه ممن واصلو دراساتهم الجامعيه ونجح بتفوق من جامعه دمشق ونيل بكالريوس المحاسبه في اربع سنوات . كما يعرف الجميع تفانيه في اداره رابطه طلبه البحرين في دمشق ودوره الرائد في تاسيس الاتحاد الوطني لطلبه البحرين كعضو في اللجنه التحضيريه وعضو في هيئه المؤنمر التاسيسي وعضو في الهيئه التنفيذيه للاتحاد واسهامه في التغلب على الكثير من العقبات والخلافات حيث كان الموفق دائما والمضحي لصالح المشروع الحلم الاتحاد الوطني لطلبه البحرين.
عاد ابو الجود الى وطنه وهو يحلم بخدمه وطنه وشعبه بما لديه من كفاءات علميه ولكن للاسف ووجه بالجحود والصد الرسمي .لم ينكسر وعمل في القطاع الخاص.كما انخرط في العمل التطوعي من خلال نادي الديه وتجمع انديه الريف . لكن المؤلم انه جرى الانتقام منه لدوره الوطني النقابي باعتقاله وسجنه  اثر هجمه اغسطس9175   ومره اخرى في 1976 اثر حادثه المدني المؤلمه وظل سجينا  حتى ديسمبر 1983 دون محاكمه ليقضي ما مجموعه ثمان سنوات من احلى سنوات الشباب مع العديدين من الوطنيين خلال حقبه سوداء من تاريخ وطننا البحرين . ورغم ذلك لم ينكسر. فبعد نيله الحريه عمل لدى شركه ك.بي. ام . جي. فخرو للمحاسبه فشكرا لهم على خير صنيعهم . وبعدها التحق بموسسه الخليج للاستشارات الصناعيه في الدوحه العاصمه القطريه  , واخيرا ومع العهد الجديد عاد الى الوطن ليلتحق بوزارالاشغال والمواصلات  كمدير للدائره الماليه ثم كمستشار لوكيل الوزاره للاشغال حتى تقاعده.
لكنه ومنذ نيله الحريه في 1983 فانه ظل نشطا في الحياه العامه وخصوصا في العهد الجديد  منفتحا على مختلف الاتجاهات الوطنيه وحاضرا في فعاليات الجمعيات السياسيه والمجتمعيه  متواصلا مع الوطنيين من مختلف الاتجاهات والانتماءات .
هذه المسيره التعليميه والنقابيه و المهنيه والوطنيه وتجربه السجن والصمود سيتحدث عنها من رافقوه في مختلف المواقع والمؤسسات والمراحل وهو مايعكس غنى وعطاء شخصيه فقيدنا الكبير.
طوال عام من الغياب يتبين لنا من خلال ماتركه من اثار وبصمات في حياتنا ان ابو الجود حاضر رغم الغياب وانه يتوجب ان نستذكر ونستحضر روحه ونستلهم سيرته في حياتنا  وهو رد لجميل لما قدمه لكل واحد منا ولشعب البحرين كافه
لكن عزاءنا انه ترك وراءه سمعه طيبه واثارا واضحه في قريته ووطنه في اوساط واهله وجيرانه واصدقائه  وابناء شعبه.
من جانبه قدم ولد قرية الديه الشاعر الكبير يوسف حسن كلمة بعنوان " جواد الذي رحل عميقا في الوجدان " وهي قطعة ادبية اكثر منها رثاء ، حيث بدأ الكلمة بقول الشاعر المتنبي :
يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم
ربط المتنبي الوجود بمن نحبهم، من نحبهم هم الوجود، وإن رحلوا فل وجود، وليس إلا العدم.
أما الشاعر الجاهلي دريد بن الصمة، لانه الفارس المقاتل الجلد، فيصف حاله بعد رحيل أحبائه أنه بقي بعد رحيلهم وحيدا "فردا" كالسيف، الذي ل سيوف تعضده أو تؤازره، في
قوله:
ذهب الذين أحبهم ... وبقيت مثل السيف فردا
خرج ابن القرية جواد إلى دمشق مهاجرا، طلبا للدراسات العليا في مطلع السبعينات، وعاد مجللا بمريول التخرج والقبعة الجامعية، عاد مخفورا بالمعرفة والتحصيل العلمي، لم يعد الشاب جواد من دمشق بالشهادة العليا فحسب، بل عاد محتقبا الوطن ببحره وعيونه ونخيله
وناسه، جاء ممتلئا بالطموحات والتطلعات والحلم وطاقات الشباب وحيويته وحركيته وحراكه.
عاد جواد متمثل الشاعر السعودي عبدا الصيخان في قوله:
لو جئت يا وطني هل فيك متسع أن نستريح ويهمي فوقنا مطر
وهل لصدرك أن يحنو فيمنحني وسادة حلما في صيفه شجــــر
عاد جواد ليكون يدا تبني وعقل يفكر وحلما يتحقق.......
غير أن الرياح كما رآها شاعر العرب المتنبي وبالخص في هذه البقعة من العالم تجري بما لا تشتهي السفن العابرة ، الرياح هنا تطيح بالطموحات والحلم وتلقي بالشرعة، والصواري وتجرف المسارات عن مسارها، وهكذا دفع جواد الحالم ضريبة الحلم والطموح .
حبيسا بين الجدران وهو لم يزل بعد في ريعان الشباب وزهرة العطاء، أسوة بغيره من الحالمين.......
عرفت البحرين منذ ما قبل وما بعد التاريخ ملجأ آمنا للمضطهدين والمطاردين والفارين خوفا على أرواحهم وأديانهم وأفكارهم وعقائدهم، كما عرفت "ميناء حرا مفتوحا للعالم وعلى العالم" وملتقى للمكتشفين والطامحين والمغامرين عبر خلجان وبحار العالم، فلماذا تضيق وهي الجنة المفتوحة على الفضاءات بأبنائها؟، كمن يقلع عينيه بيديه، ويهرب من جنة الحياة إلى عماء الضياع.
عمل جواد في مؤسسة فخرو فأبدع أيما ابداع، وفتح له ثقب في الجدار المصمت، فكان العقل المفكر والمستشار.. لكن ... ونستعيذ بال من هذه اللكن.
كان جواد في حال تشبه في جانب ما حال زرقاء اليمامة "والتي كانت ترى أبعد مما يراه الاخرون، لذلك، والتعبير للشاعر الجنوبي "أمل دنقل" "سملوا عيني الزرقاء ، فلم يجدوا
فيها غير ماء أسود".
ضاق جواد بكونه موظفا مع وقف النتفيذ، ومستشارا ل يستشار، فأكرم نفسه، بالحالة المبكرة على المعاش.!!
غادرنا الفقيد جواد بذات السرعة والعجالة التي أحيل فيها إلى المعاش، جواد بن المعلم الاول في القرية الاستاذ الحاج حسن العكري يغادر دنيانا إلى رحاب ربه.
وهل أكرم من الله لمن يفد عليه، ويلتمس المغفرة والرحمة والمنزل الكريم إلى جواره؟.
وعزاؤنا كل عزائنا في أشقاء وشقيقات الفقيد جواد، وفي طليعتهم صاحب القلب الكبير أبو منصور، ومثل أبي منصور لا يو صى بأخيه الشقيق، "وإنما يكرم المرء في أبنائه"
فكن لهم يا أبا منصور عمهم وأباهم بعد أبيهم.
ولنا أن نحزن على فقيدنا الغالي جواد ولنا أن نبكي،
لنا أن نحزن كما حزن الرسول الكريم "ص" على ولده إبراهيم " وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون"
نعم لنا نحزن ولنا نبكي لكن نقول  "إنا لله وإنا إليه رجعون."
كلمة قرية الديه ، أمير قاسم المزعل قال فيها ، هذه كلمة تعزية في حق الفقيد الغالي جواد حسن العكري . رحمك الله أيها الجواد ؤأسكن روحك فسيح الجنان ومنازل الرضوان
هذه هي الدنيا لا يؤمن جانبها تضحك لك فتظن أنك في نعيم مقيم وما تلبث أن تصدمك فتوقظك من غفلتك وتفتح عينك المغمضة، تفتحها على الواقع الأليم
ليس أمر على المرء من الفقد . الفقد أبكى أصمد الخلق وأكثرهم صبرا وجلدا وإيمانا ، لنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة . كلنا راحلون ، نعم لكن لكل منا يومه وساعته ومن يقيض له عمر جديد يبقى عرضة للمزيد من الآلام والأوجاع ، فهو يواجه الفقد  ، فقد الحبيب وفقد القريب ومصاعب الحياة وأزماتها التط لا تنتهي ، لكن الله جلت قدرته وقانا من النظر بسوداوية إلى الأحوال فدوام الحال من المحال فهو أمدنا بالإيمان والأمل وأوردنا موارد الحقيقة والواقع فجعلنا نحمده ونشكره في اللين والشدة وفي اليسر والعسر ، وهو القاهر فوق عباده
أبو البقاء الرندي في مرثية الأندلس يقول :
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الأمور اذا شاهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد
ولا يدوم على حال لها شان
انه لتقدير كبير أن يضعني إخوة الم حوم جواد حسن العكري وعلى رأسهم (  أبو منصور) ضمن قائمة المتحدثين المعزين في ذكرى تأبين أخيهم جواد رحمه الله رحمة واسعة
ما ذا عساني أن أذكر في شخسية جواد هذا الإنسان السمح النبيل لم تصدر منه إساءة  لأحد ولم ينشغل بالتدخل في شئون الآخرين أو يتعرض  بالقدح أو الذم لأي شخص عرفه أو احتك به عن قرب أو بعد ولعل َا شغله حقيقة هو اهتمامه بالصالح العام والسعي الدءوب لإنجاز مهمته الاجتماعية والإنسانية رغم كل ما تعرض له من صعاب وعقبات كان لها تأثير مباشر على حياته وعلى كيانه
كان بإمكان جواد أن ينشغل بنفسه وأن يسعى لتطوير ذاته علميا  عمليا ليحقق لنفسه أعلى الدرجات ، فهذا الإنسان دم ينقصه الطموح ولم تنقصه الإمكانات ولا المؤهلات ولكنه حاول أن يجير كل ذلك في خدمة ناسه الذين قابلوه بالاحترام والتقدير  والود
لقد أعطى جواد مثلا في الإيثار وحسن المعاملة والعشرة الطيبة والسلوك الراقي
لقد تحاشى جواد سلوكات وأخلاقيات كانت ستغير مو شخصيته ومن خلقه ، فهو لم يسخر من أحد ولم يتهكم على أحد ولم يلبس أحدا ما ليس فيه ، لم يغظ جواد أحدا ولم يتجرأ على أحد ، لم يتكبر ولم يتفاخر بتفوقه وبوضعه ومكانته . لم ينزع عنه ثوب التواضع في المواقف التي تعرض لها سهلت هذه المواقف أم صعبت
هو تصدى لكل المواقف بأريحية وصبر وثقة . جواد أحب الناس فأحبوه وبذل جهده دون كلل أو ملل ليكون واحدا من أبناء المجتمع ، يشاركهم أفراحه وأتراحه دون أن يتميز عليهم
جواد خلفك ( محمد وأخواته) سيحمل الراية من بعدك راية الحب والعطاء والوفاء
أخلد للراحة الأبدية ياواد فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين
أمناك من لا تضيع ودائعه . الفاتحة تنير مضجعك وتحلق بروحك في فضاءات السلام والسعادة.
زميل عمله احمد قاسم في تابين جواد قال هذه الكلمة : هذه مشاركة قصيرة لما أتذكره من 40 ' أربعين ' سنة مضت وأنا الآن على مشارف الثمانين .
يمر عام على رحيل حبيبنا المناضل جواد العكري أبو (الجود) أبا محـمد ... نترحم على روحه الطاهرة وندعو له بالمغفرة والرضوان .
في الذكرى السنوية لرحيله يلتقي هذا المساء لأجله محبيه وأصدقاءه ومعارفه ليستذكروا ميراث ما قدمه في حياته لأسرته وأهله وقريته ووطنه ..
كما نستذكر اصدقاءً واحبّة لنا رحلوا من دنيانا ولم يكملوا بعد ما كانوا  يحلمون به من آمال ، وتركوا لنا نحن الأحياء ميراث ماقدموه في حياتهم للناس ولمجتمعهم ووطنهم .
التقيت جواد العكري بعد خروجه من السجن في الثمانينات بعد أن اطلق سراحه في ديسمبر 1983، التقيت به وكان بمعية شخص آخر لا أتذكره في مكتب المحامي الرفيق والأخ العزيز عوض اليماني (أبو عبيد) في عام 1984 .. وكنت في ذلك الوقت أشغل مديراً للشئون الادارية والمالية في مؤسسة كي بي ام جي فخرو وأقوم بعمل شئون العلاقات العامة ومسئولية تسجيل الأسهم للشركات المساهمة العامة وذلك بعد التحاقي بالعمل مجدداً عام 1982 حين رجوعي من إنجلترا.
إلتحق المرحوم جواد للعمل بمؤسسة كي بي ام جي فخرو عام 1984 في مهنة المحاسبة والتدقيق وإنضم الى مجموعة المدققين للتدقيق المحاسبي باللغة العربية للإتحادات الرياضية والأندية الوطنية والصناديق الخيرية والحراسات القضائية وبعض الشركات العائلية والفردية في ذلك الوقت ، وتصادف توظيفه في المؤسسة مع وجود عدد آخر قبله من الناشطين الوطنيين والمناضلين والنقابيين خريجي المحاسبة في الجامعات العربية والذين فرضت ظروف إعتقالهم وسجنهم إلى حرمانهم من التوظيف والعمل فكانت سياسة المؤسسة إحتواءهم وتوظيفهم فيها بقرار ومبادرة من الإخوة المرحوم جاسم فخرو والأخ حسين قاسم والاخ جمال فخرو من دون الحاجة إلى الالتزام بأخد موافقة وزارة الداخلية ممثلة في جهاز أمن الدولة وإخضاعهم بأخذ البصمات في دائرة التحقيقات الجنائية .. ومن أمثال هؤلاء الناشطين والمعتقلين الإخوة شرف الموسوي وعباس مرهون وجعفر القبيطي وأنور الدرازي وابو بشرى شوقي العلوي، علي النشابه وجميل حسين وعدد اخر.
أن توظيف هؤلاء الأصدقاء اتاحت الفرصة لهم كما لغيرهم من الشباب البحرينيين خريجي الجامعات بأخذ الخبرة الكافية أثناء عملهم والانتقال بعد ذلك للعمل في الوزارات والمؤسسات الحكومية والشركات والبنوك ومنهم من أصبح شريك في المؤسسة ومنهم من فتح له شركة خاصة للمحاسبة والتدقيق ومؤسسة للإستشارات.
كان جواد العكري أحد هؤلاء الشباب الطموحين ، وكان من خيرة الموظفين المجتهدين مهنياً وذي علاقة طيبة مع زملائه في العمل كما طيبة قلبه ودماثة أخلاقه.. كما إرتبط أيضا بعلاقات طيبة مع أصحاب الأعمال .
وبالرغم من الفترة القصيرة التي لا تتعدى الثلاث إلى أربع سنوات من عمله ، تمت تزكيته وترشيحه من قبل الشركاء في كي بي ام جي فخرو للعمل في قطر في منظمة الخليج للإستشارات الصناعية (جويك) مقرها الدوحة حيث تم تعيينه في مركز المراقب المالي للمنظمة بفضل أدائه وإجتهاده وكفائته وهي منظمة إقليمية تتمتع بالشخصية القانونية تأسست عام 1976 م من قبل الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لغرض تحقيق التعاون والتنسيق الصناعي بين الدول الأعضاء .. ومكث يعمل في المنظمة لعدة سنوات حتى نهاية التسعينات ، وبعد دخول الالفية إلتحق للعمل في البحرين بوزارة الاشغال متقلداً عدة مناصب حتى تقاعده .
يشهد لجواد العكري تمتعه بالنزاهة والإستقامة والشجاعة وقدراته القيادية وتميزه في صفوف الحركة النقابية والشبابية والطلابية واسهاماته الكثيرة في خدمة قريته ومجتمعه.
رحمك الله ايها الصديق العزيز المناضل جواد العكري أبا مـحمد وستظل سيرتك العطرة حاضرة في وجداننا .  لروحك الطمأنينة والسلام ،،
الناشط السياسي وزميل جواد في دمشق إبراهيم كمال الدين قال في كلمته ان له مع المرحوم عدة محطات :
المحطة الأولى:
‏‏من أصعب ما مر بي أن أكتب مقالاً لتأبين صديق عزيز على قلبي تأُثرت كثيراً لرحيله وها أنذا اكتب ويتقطع قلبي وتتزاحم الذكريات حلوها ومرها في الذاكرة وأسرد بعضها إن استطعت.
‏عندما عدت إلى دمشق الحبيبة بتاريخ 26-4-1970 بعد الإفراج عني من السجن وإعادة جوازي المحتجز لأجد الطلبة مشغولون بالاستعداد لامتحانات الفصل الأول وانخرطت في المذاكرة المكثفة لتعويض ما فاتني، وفي هذه الأجواء تعرفت على طلبة البحرين المستجدين ومن بينهم الأخ جواد العكري والذي قدمه لي المرحوم المهندس جعفر شبر والذي أفاض في مدح هذا الطالب واستعداده للعطاء مما أهله لاستلام منصب أمين سر رابطة طلبة البحرين بدمشق فوجدت فيه الذكاء المميز وطيب السريرة والإخلاص والتفاني في العمل التطوعي وخدمة الطلبة المستجدين ورعايتهم وبعد الإمتحانات بدأنا العمل سوية في وضع برنامجنا الطموح لعقد المؤتمر التأسيسي لاتحادنا الطلابي بعد فشل الكثير من المحاولات لعقده.
‏وبدأنا الاتصالات بالروابط الطلابية بدءاً برابطة بيروت وتوجهت إلى بغداد والكويت لأعود بموافقة هذه الروابط على خطوة ومبادرة رابطة دمشق لعقد المؤتمر. كانت دمشق مزدحمة بالمهرجانات والمؤتمرات الطلابية وحضرنا أنا وجواد المؤتمر السادس للاتحاد الوطني لطلبة سوريا ومؤتمر الاتحاد العام لطلبة فلسطين وبهذا الحضور زادت خبراتنا النقابية وتعلمنا الكثير.
‏ورغم انشغال الأخ جواد بإدارة الكونفدرالية بين طلبة عمان والبحرين التي يرأسها صالح الكيومي إلا أنه لم يمانع من القيام بمهمة إعداد دستور الاتحاد الموعود هو والأخ عزيز أبل ومن بيروت الأخت صالحة عيسان ومن بغداد الأخ جليل العرادي والأستاذ سلمان الموسوي، وكانت هذه اللجنة تواصل ليلها بنهارها لإنجاز هذه المهمة التي استعنا بمجموعة من دساتير الاتحادات الطلابية العريقة من عربية ودولية.
‏أما تقرير العلاقات الخارجية فكنت قد صغته قبل سفري للبحرين وبعد تأكيد كل الروابط الطلابية حضور المؤتمر، عقدنا مؤتمر رابطة طلبة البحرين بدمشق لاختيار مندوب الرابطة للمؤتمر وتوزيع التكليفات، انتخبت للعلاقات العامة وللحصول على ما اعده الاتحاد الوطني لطلبة سوريا لإنجاح هذا المؤتمر وأقر مندوبي الرابطة للمؤتمر. وقرار بأن يرشح عن رابطة دمشق ابراهيم كمال الدين رئيساً للاتحاد وجواد العكري أميناً للسر وأن تكون مدينة دمشق مقراً مؤقتاً للاتحاد - وباشرنا أول الاتصالات أنا والأخ جواد مع الاتحاد الوطني لطلبة سوريا فأبدى استعداده لعقد المؤتمر بقاعة اتحاد العمال وأعطانا رسالة للطيران السوري للحصول على تذاكر مجانية للوفود من خارج سورية وتبرعت الخطوط السورية بالتذاكر للوفود بعد أن أعطيناهم الأسماء والدول - كما أبدى مكتب الطلاب القومي برئاسة المناضل حاكم الفايز عزمه بتذليل كل العقبات التي تعترض قيام الاتحاد وكانت رابطة دمشق كخلية نحل من الوفود الطلابية من كافة الروابط وكانت مهمة الأخ جواد الاستقبال والتوديع وتوفير السكن لهم في منزلنا وبيوت الطلبة.
‏ذللنا كل العقبات التي واجهتنا بالإصرار وبالروح المتفانية والمرحة لأبو الجود وكنا في قمة السعادة رغم الإجهاد والسهر الذي به كنا نسابق الزمن وتحقيق حلمنا الكبير.
‏عقد المؤتمر في الفترة بين 15-25 فبراير 1972 واتخذ القرارات التالية: اسم الاتحاد - الاتحاد الوطني لطلبة البحرين - أن تكون بيروت مقراً مؤقتاً للاتحاد واعتبر يوم 25 فبراير يوماً للطالب البحريني.
‏‏ المحطة الثانية:
‏في الزنازن المظلمة والمشبعة بالرطوبة القاتلة برائحتها النتنة يبحث المعتقل عن ثقب في الأبواب الحديدية الموصدة ولا بد له من أن يحصل على ثقب يصله بالعالم الخارجي ليرصد الحركة في السجن - في هذه الأجواء (السجون الانفرادية) يأتي صوت أبا الجود مجلجلاً فرحاً بأنه تعرف على من في الزنزانة المجاورة ليكون بعدها الطرق على الجدار.
‏وكل طرقة لها معنى، أما زنازن جزيرة جده - وبعد اعتقالنا المبكر قبل تنفيذ خططهم في نشر وتطبيق قانون أمن الدولة سيئ الصيت وتعطيل الدستور والحياة النيابية قامت الشرطة باعتقال العديد من النشطاء السياسيين خشية من تحريك الشارع. ففي مساء يوم الجمعة 23-8-1975 وقبل حل المجلس وتعطيل العمل بالدستور توجهت سيارات الشرطة لمنازل العديد من الوطنيين لاعتقالهم.
‏طرق باب منزلنا طرقاً متتالياً - توجهت لغرفة شقيقي سلمان لأوقظه، إلا أنهم تجاوزوا الطرق وخلعوا الباب وأشهروا سلاحهم في وجهي وطلبوا مني رفع اليدين وعدم الحركة وانقسموا لفريقين فريقاً لغرفة أخي سلمان وفريق لغرفتي لتفتيشها. لم يطل مكوثهم للتفتيش لخلو الغرف من أي شيء يطلبونه، واقتادونا مكبلين لسجن القلعة ووضِعنا في زنزانتين متقابلتين. وكانت سيارات الشرطة تتتالى في إحضار المعتقلين .
‏لم يحقق معنا ولم توجه لنا أي تهمة والمرة الوحيدة التي نودي بها علينا كانت لنقلنا من سجن القلعة لسجن جزيرة جده حيث كانت سيارات على شكل زنازن متحركة، وكل معتقل يوضع في زنزانة وتحرس هذا السيارات (السجن) مجموعة من السيارات المسلحة لحراستها. وصلنا مركز شرطة البديع وأخذتنا سفينة جرادة - إلى سجن جده لنتوزع على مجموعة من الزنازن المحاطة بسياج وهي خاصة بالمعتقلين.
‏كان في بعض هذه الزنازن رفاق سبقونا وهم أحمد الذوادي ويوسف العجاجي وعباس عواجي، كل الزنازن كانت منضبطة عدا زنزانة الأخوة عبدالرحيم السيد ومحمد جكنم وجواد العكري، حاولنا أن نعرف سبب اعتقال محمد الجودر فوجدنا أن لا سبب في ذلك عدا تشابه الأسماء، فقام الأخوة في هذه الزنزانة بتخفيف وطأة الاعتقال عليه إلا أنهم لم يفلحوا، وطلبنا لقاء مسؤول السجن الضابط الانجليزي سميث وطلبنا منه إخبار جهاز الأمن عن خطأهم في اعتقال هذا الإنسان وبيان وضعه النفسي الخطير - وبالفعل اتصل الضابط بالقيادة الأمنية وأرسلوا له طائرة هيلوكبتر لترحيله لسجن القلعة ومن ثم إطلاق سراحه بعد أن سلم المناضل محمد الجودر نفسه. هذه الزنزانة كانت مصدر للمشاغبة والنداءات العالية النبرة والحديث مع كل الزنازن المغلقة - فكان صوت جواد العكري وعباس هلال هو الأعلى وما يقدمانه من برامج متنوعة لتبثها إذاعتهم على باقي الزنازن وبعض الأوقات يستعينون بالأخ سلمان كمال الدين لذاكرته الحافظة لقصائد نزار قباني ومظفر النواب ومحمود درويش ورغم وجودنا في زنازن مغلقة إلا أن زنزانتهم المتوسطة تتكفل بتوصيل الأحاديث والأغاني والقصائد والذكريات لكل الزنازن، أما يوم الجمعة فنقضي ساعة مشي حول الجزيرة مخفورين بالشرطة وبحكم علاقتنا ومعرفتنا لبعض الشرطة المتعاونين فقد قمنا بعمل الأفخاخ لنصطاد بها بعض الطيور المهاجرة، وأحلى وجبة أكلناها في السجن هي طبخة الطيور المهاجرة التي هيأها وأوصلها لنا المناضلين ابراهيم سند وعبدالله جابر، وكنا نستعير كتبنا من مكتبة السجن التي أنشأها كل من المناضلين عوض اليماني وأحمد قاسم وابراهيم سند وأسسوا مدرسة لمحو الأمية للمساجين الجنائيين.
‏ونحن في السجن والصحافة المحلية تكيل الأكاذيب بحقنا وتنشر بأن لنج الأسلحة حقيقة وليست إشاعة وأن القوى الأمنية ألقت القبض عليها - وفي الصفحات الخارجية تنشر صور لبعض المعتقلين الذين مر على اعتقالهم الزمني 6 أشهر ولا علم ولا معرفة لهم بهذه الأكذوبة، وفي هذه الأثناء بدأت موجة من الإفراجات فأفرج عن الأخ جواد العكري بتاريخ 16 يونيو 1976 لنفتقد صوتاً ملأ السجن بمرحه وحبه للجميع. ‏وبقيت مجموعة ليست بالقليلة بسجن جدة حتى تتالت الأنباء  في نوفمبر 1976 عن حملة أعتقالات جديدة طالت ناشطين من الحركة الوطنية، وكان جواد العكري واحداً منهم، حيث أعتقل في 10 ديسمبر 1976.
نقلت مجموعة من المعتقلين في جزيرة جدة إلى سجن سافرة حتى جاء نداء الشرطي المكلف بنقلنا إلى السجن المبني على عجل في منطقة سافرة (مركز للشرطة والتدريب على مكافحة الشغب) وطلب منا أخذ ثيابنا لنُنقل إلى هذه الزنازن التي تفنن مصممها في تعذيبنا وقتلنا قتلاً بطيئاً حيث حشرنا كل اثنين في زنزانة مساحتها 6 قدم في 6 قدم معمولة من الخشب وتطل على ميدان تنفيذ الإعدامات التي شاهدناها من ثقوب خشب الزنازن وهم ثمان زنازن في كل زنزانة إثنان من المعتقلين والحياة في هذه الزنازن لا توصف حيث ننام القرفصاء لضيقها ولا نستطيع الحركة - مما اضطرنا للإضراب عن الطعام والطرق على خشب الزنازن حتى حضور فرقة كاملة لمكافحة الشغب للتعامل معنا إلا أن الضابط كان حليماً وسألنا عن مطالبنا التي تمثلت في رفضنا لهذا الوضع المزري وطالبنا بنقلنا من هذه الزنازن وطلب منا مهلة للإتصال بالقيادة الأمنية وجاءه الجواب بالاستجابة لطلبنا ونقلنا للجهة المقابلة للزنازن وهي قلعة سافرة القديمة التي ليس بها كهرباء ومتهالكة. حتى نقلنا إلى السجن الجديد في جو وبعدها إلى سجن القلعة وكان عددنا 16 معتقلاً يرافقنا الأخوين جواد العكري وعباس هلال وأحمد الشملان ووضعنا في زنازن مقابلة لمعتقلي الجبهة الإسلامية حتى بدأت الإفراجات عن المعتقلين ليطلق سراح الأخ جواد في ديسمبر 1983.
‏ورحلت أيها الرفيق الحبيب مبكراً ولكن ذكراك في السراء وتشييد حلم من أحلامنا الجميلة التي نفخر بها وما قدمناه لهذا الوطن الذي يستحق هذه التضحية والعطاء.
‏ففي تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين كان عطاءك مميزاً .. وفي الزنازن المظلمة مواقفك لا تنسى لتطل علينا كل صباح بتفاؤلك لتملأ السجن مرحاً وأملاً في مستقبل مشرق.
‏رحمك الله وألهم عائلتك وأهلك ومحبيك الصبر والسلوان، والمناضلين
لا يموتون.
 جواد البسمة و الالم و اللمة
الدكتور احمد ضيف ، زميله في الدوحة القى كلمة قال فيها " جواد العكري الذي حين يبتسم تغيب جوارح وجهه و تغيب عينيه
وتبقى فقط وفقط البسمة على محياه، فالزائر لن يرى الا البسمه قد غطت محياه والزائر لن يتفوه في حضرة جواد ومحياه مبتسم ذلك هو عنوان جواد لمن يبحث عنه.
جواد، حين يتألم، حين يستمع لألم الاخرين وكثير هم الاخرون وكثير هو الالم وكثير هو جواد حينما يجود بدمعه محبوس في مقلتيه، وعيناه مفتوحتان وتلمعان على الم الاخرين وكأنما جواد جود الالم وحبسه في سجونه القديمة القديمة القديمة، فتعساً للحبس والسجان.
هكذا ينسكب الالم مع دمع جواد.
جواد الترحاب جواد اللمة جواد القعده الانس والفرح الذي يكبر
ويكبر فيملأ القعدة بعبق ودخون الفرح. القعدات والفرح واللمة هي لمة جواد.
ذاك من ريح الجنة.
جواد والسيارة الحمراء المميزة، سيارة البحراني التي تخطر شوارع الدوحة –  قطر والتي تشع الفرح في الشارع والسلامات والتحيات لجواد.
هكذا المحبون حين يسيرون
جواد المال العام الذي يراقبه ويراقبه بين الحفاظ والفساد،
وحين يؤشر بالاحمر فالحفاظ الحفاظ و لا شيء غير الحفاظ.
الحركة الشبابية الحركة الوطنية الحركة الطلابية التقدم التغيير والافضل الناس العلم والنور والتنوير تجد هنالك جواد تجد جواد بوقته وروحه وأعز ما يملك روحه والبسمة. تجده في جواد القلق والخوف يراه ويحدث ويتحدث عنه تصريحاً او تلميحاً، يقفز في محضرك و يسرك ويحذرك بمخاوفه وقلقه كي لا ينالك اذى.
أصدق الكلمات تخرج من القلب وتعبر عن العاطفة فلا أصدق من اللحظات التي تبني العواطف فتدوم وتضل ولا تبلى ونسطرها ونسطر الذكرى.
رحم الجواد جواد .
اللهم جد عليه بجودك وكرمك واجمعه مع محمد وال بيته الطيبين الطاهرين."
ثم القى  الرفيق والصديق في النضال والزنازن  الدكتور عباس هلال كلمة عرض فيها صفات المرحوم ونضالاته ودوره في العمل السياسي والاجتماعي في البحرين .
وكان عريف الحفل الشاعر احمد العجمي
جانب من الحضور
الدكتور عباس هلال اثناء التابين
ابراهيم كمال الدين اثناء القاء كلمته
وقفة حداد على روحه