DELMON POST LOGO

بيان نقابات عمال البحرين : مباعث قلق كثيرة

تحل علينا في كل عام مناسبة الأول من مايو وهي مناسبة أثيرة على نفوس القوى العاملة في جميع أنحاء المعمورة، فتزدهي نفوسنا بالأمنيات والتفاؤل بمستقبل أفضل للبشر كافة وليس لعمال العالم حصراً لما تحمله هذه المناسبة من مضامين عميقة للبشرية جمعاء تندرج جميعها تحت عنوان العمل.
واشار بيان صادر عن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بمناسبة الاول من مايو " عيد العمال " بان بالعمل ترتقي الأمم وتزدهر المجتمعات الانسانية ويسعد البشر، ويرفع الانسان البسيط من مستواه المعيشي سعياً لحياة أفضل ومعيشةٍ كريمةٍ له ولأسرته ولمجتمعه، ويتطلع نحو غدٍ أجمل يعيشه في ظل العدالة الاجتماعية بحيث تسود المساواة بين البشر ويتحقق التوزيع العادل للثروات بين أفراد المجتمع وينال كل فرد حقه بعدالة وانصاف، ولا يشعر فيه بالغبن أو التعدي على حقوقه المشروعة، فهو قبل كل شيء انسان مكافح وهو أيضا مشروعُ تنمية وتطوير للحياة البشرية.
ويتزامن مرور هذه المناسبة الأممية مع اكتمال العقد الثاني من عمر اتحادنا العمالي الذي أكمل عشرين سنة منذ انطلاقته في عام 2002، إلا أنه لا تمر هذه المناسبة الجليلة إلا ويساور العمال في بلادنا كما هو الحال في كل مكان من العالم المعاصر مباعث للقلق والخشية مما هو جارٍ على المستوى الوطني من تراجعات حقيقية على ساحة المكاسب الاجتماعية التي حققتها القوى العاملة البحرينية بكفاحها الدؤوب وجهدها المضني على مدى عقود عديدة.

أولاً: التأمينات الاجتماعية:

تابع الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الجدل الواسع الذي رافق تصويت أعضاء مجلسي النواب والشورى حول وقف الزيادة السنوية (3%) عن معاشات المتقاعدين بالإضافة إلى تغيير بعض المواد التي تمس المكتسبات العمالية للمتقاعدين، ويرى الاتحاد العام بأن هذه التغييرات بمثابة تراجعات في منظومة الحقوق والمكتسبات التي يتمتع بها العمال والمتقاعدون.
إن الاتحاد العام إذ يشاطر العمال والمتقاعدين القلق من التراجعات الحاصلة في نظام التأمينات الاجتماعية ومنها وقف الزيادة السنوية للمتقاعدين فإن هذا القلق يزدادُ حدةً على أوضاع الصناديق التقاعدية ومآلاتها، ولا يرى الاتحاد العام أن هناك معالجة جدية لما تمر بها هذه الصناديق من أزمة حقيقية تكاد أن تؤدي إلى افلاسها، فالحلول لا تكمن في اللجوء إلى الانتقاص من حقوق المتقاعدين والمشتركين والمساس بها وإنما بمعالجة علمية اقتصادية حصيفة تنتشل الصناديق من أزمتها القائمة.

ثانيا: زيادة الضريبة المضافة إلى 10%:

إن غلاء أسعار المواد الأساسية لا يتوقف عن الارتفاع تبعاً لتطورات الأوضاع الاقتصادية العالمية وموجات التضخم والأزمات الاقتصادية التي تجتاح العالم وهو ما يضعف بشكل مؤثر من القدرة الشرائية للعمال ويجعلهم غير قادرين على تلبية متطلبات المعيشة اليومية وسد احتياجاتهم الحياتية، ويترافق هذا التراجع المؤسف مع زيادة الضريبة المضافة على أسعار المواد الاستهلاكية لتصل الى 10% فترتفع الأسعار ويتفاقم سوء الأحوال المعيشية للفئات الاجتماعية الضعيفة وهي الغالبية العظمى من فئات مجتمعنا في ظل وقف الزيادة السنوية للمتقاعدين وتجميد مزمن لأجور العاملين في القطاعين الخاص والعام، لذا يرى الاتحاد أن الأمر يستدعي وبإلحاح انشاء مجلس أعلى للأجور يقوم بالمراجعة الدورية للأجور حسب المستجدات الاقتصادية والاجتماعية وحسب موجات التضخم والغلاء.

ثالثا: البطالة والبحرنة:

يتابع الاتحاد العام عن كثب استمرار تفشي البطالة في البلاد وارتفاع معدلات العاطلين عن العمل، فكلما زاد معدل المتعطلين كلما كان ذلك مؤشراً على فشل السياسات المتبعة في سوق العمل وعجزها عن مواجهة تردي أوضاع هذا السوق، الأمر الذي يقودنا إلى اعادة التذكير بالجدل الدائم والذي لا يتوقف عن فرض نفسه وهو ضرورة مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل البحريني، كما يقودنا إلى مراجعة الفكرة الاساسية التي تقوم عليها سياسة سوق العمل من جعل البحريني خياراً مفضلا للتوظيف، ومن ضمن الخيارات الكثيرة التي أُدخلت على سوق العمل البحريني ومنها تصريح العمل المرن وبرنامج البحرنة الموازي والذي أغرق سوق العمل البحريني بالعمالة غير الوطنية بالإضافة إلى العمالة غير النظامية تحت مسميات جديدة، ويرى الاتحاد العام بأنه آن الأوان بأن تكون البحرنة والعامل البحريني قراراً تلتزم به منظومة سوق العمل مكتسبا هذا الالتزام والأحقية من دستور مملكة البحرين، فلا يصح أن يكون البحريني خياراً من ضمن الخيارات الكثيرة والمتعددة لمنظومة السوق التي لا توجد بها معايير العمل اللائق ولا توجد بها أنظمة تسن الحد الأدنى للأجر كما لا توجد بها منظومة تكفل تكافئ الفرص في الحصول على فرص العمل.

رابعا: الخصخصة لبعض القطاعات الخدمية:

إن من مباعث القلق الاخرى للاتحاد العام هو التردي الحاصل في أوضاع قطاعي التعليم والصحة، فالتوجه القائم خلال السنوات القليلة الماضية هو خصخصة هذين القطاعين، وذلك توخياً لتحسين مستويات التعليم والخدمات الطبية لكن النتائج جاءت معاكسة تماماً لهذه التوقعات، فالجائحة الصحية التي اجتاحت العالم خلال السنتين الماضيتين أثبتت فشل سياسة خصخصة القطاع الصحي، اذ فشل القطاع الصحي الخاص بما فيه من مستشفيات خاصة وعيادات ومختبرات خاصة من مواجهة جائحة كورونا ووقف عاجزا أمامها، وبدأت دول غربية مشهود لها بالتقدم في هذين القطاعين بمراجعة سياسة خصخصة قطاع الصحة، فالتجربة تثبت بأنه لا يمكن الاعتماد على هذا القطاع للتصدي للأزمات الصحية الكبرى، وحده القطاع الصحي العام هو القادر على هذه المواجهة والحد من انتشار وتفشي الأوبئة والأمراض المعدية الخطيرة، لذا ندعو الى اعادة النظر في توجه الخصخصة في القطاعين الصحي والتعليمي، والعمل على التطوير المستمر والإرتقاء بالتعليم العام والصحة العامة.

خامسا: الحوار الاجتماعي:

إن الحوار الاجتماعي هو الدعامة الأساسية التي يقوم عليها العمل النقابي كما أنه الوسيلة الأكثر تحضراً وتطوراً للوصول إلى الحلول التي تُبنى على توافق الأطراف المتحاورة، لذا يبدي الاتحاد العام قلقة الشديد من تعثر منظومة المفاوضات الجماعية بين النقابات وإدارات العمل في العديد من المنشآت الاقتصادية وتجاهل آلية التفاوض بينها، فيما طبيعة العمل في كل منشأة تقتضي حواراً اجتماعيا متواصلاً ومتصلاً بين إدارات المنشآت وإدارات النقابات لتحسين ظروف العمل وتحسين مستويات الانتاجية، وتحسين جودة الانتاج والخدمات، وزيادة مداخيل المنشأة وتحقيق معدلات عالية من السلامة والصحة المهنية وتفادي اصابات وحوادث العمل، وتطوير خطوط الانتاج بشكل عام، وهذه جميعا لا تتحقق الا بمفاوضات جماعية تجري على مستوى كل منشأة بين إدارة العمل والنقابة الممثلة لعمال المنشأة.
وفي هذه المناسبة الغالية يهنئ الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين جميع القوى العمالية المنتجة والفاعلة اقتصادياً، ويؤكد لهم أنه لن يألو جهداً ودون كلل في معالجة جميع مباعث القلق التي تنتابهم، والعمل على خلق ظروف عمل افضل واكثر مواءمة لتطلعاتهم وطموحاتهم كقوة عمل وانتاج.