DELMON POST LOGO

سراب لمنيرة .. 3- 5

ترجمة: مهدي عبدالله

نتابع اليوم المقال الذي كتبته روز نايكرك، عضو الإرسالية الأمريكية في البحرين في الخمسينات، ونشر في العدد 224 المؤرخ صيف 1951 من مجلة اريبيا كولنج Arabia Calling التي كانت تصدرها الإرسالية آنذاك.

في الساعة العاشرة والنصف مساء بدأت النساء المنتظرات في الفناء بعمل أهازيج غناء بألسنتهن وعرفت أن العريس قادم إلى العروس. كان يصحبه جمهور كبير من الأقارب والأصدقاء والكثير منهم جاءوا معه من السعودية لحضور الزواج ودخلوا إلى غرفة العرس. كانت الغرفة مجهزة بكراسٍ منجدة كبيرة على طول جانبي الغرفة الطويلة الضيقة وكانت هناك مرايا مصفوفة على كلا الجانبين حتى السقف وكان السقف مغطى بقماش احمر وأبيض. وانتصبت مزهريات من الأزهار الصناعية على طاولات الوسط الصغيرة بالإضافة إلى سرير مرتفع مع لحاف مطرز على الجدار البعيد وانتصب راديو (مذياع ) مستعار على منضدة قرب الباب.

كانت الغرفة مكتظة بأكثر من طاقتها بالضيوف الذكور وحينما وقفت عند باب الفناء المظلم سمعت شخصا يقرا شعرا عربيا بترنيمة غنائية. وبعد تقديم القهوة طاف أحد الرجال بالمبخرة على الحضور وتم رش ماء الورد على الجميع وأخذ الضيوف يودعون العريس وينصرفون وتركوا الشاب جالسا على أحد الكراسي الكبيرة في الغرفة. سوف يعودون  في اليوم التالي لتناول وليمة الزواج التي اشتملت على ذبح تسعة خرفان!

طلبت السماح لي بالدخول والتحدث مع العريس والتقاط صورته. أردت صورة هذا الشاب لإرسالها إلى السيدة هاريسون والسيدة لودنز والآنسة جانيت بورسما في أمريكا والى الآخرين الذين احبوا بشدة البنت التي ستصبح زوجته. أنا أيضا أردت أن أراه وأتحدث إليه لكي آخذ فكرة عن نوعية هذا الزوج الذي سيدفع به إلى صديقتنا الجميلة. كان شابا، وليس لديه زوجات أخرى، كان جميل المنظر وكان لطيفا. سمح لي بالتقاط صورته بدون اعتراض وشكرته بسرعة حيث أنني سمعت صوت النساء يحضرن من غرفتها الصغيرة المظلمة إلى هذه الغرفة، غرفة العرس المضاءة بشدة والمزينة على نحو كبير لعروس.

كانت البنت شبه محمولة لكن أمها لم تكن من النساء اللواتي أحضروها. وكان وجهها مغطى بحجابها الأسود وكانت ملفوفة بالكامل في عباءتها السوداء وتم إجلاس البنت على واحد من الكراسي مقابل العريس الشاب. التقطت صورة لها حينما جلست هناك لكن الصورة كانت فقط للآخرين. غصت في ذلك الكرسي الكبير، مختلفة جدا عن تلميذتي الحبيبة في الأيام الأخرى. ودعتها وداعا سريعا ولاحظت أنها ترتعش بالكامل من الخوف والتوتر. كذلك لم يكن الشاب يشعر بمستقبله أيضا، فقد اعتمد على نوع الفتاة التي احضروها إليه . لكن بالنسبة إليه فان مسار الطلاق هو طريقة سهلة للخروج إذا لم تعجبه صفقته الرابحة بالكامل.